فساد.. رشوة.. محسوبية.... ثالوث الخطر الذي يواجه عقارات مصر المخالفة سواء المقامة علي الأرض الزراعية أو السكنية، فانهيارات العقارات تزداد يوماً بعد الآخر.. وتسقط السيدات والأرامل والرجال والأطفال قتلي ومصابين.. وتضيع معهم تحويشة العمر تحت الأنقاض.. والأجهزة الرقابية «تتفرج» علي فوضي الانهيارات المتواصلة لنستيقظ يومياً علي رائحة دماء الضحايا من قاطني العقارات التي أغلبها حديثة الإنشاء، ومع هذا لم تحاول أجهزة الدولة وقف البناء السرطاني المخالف أو تنفيذ قرارات الإزالة للعقارات القديمة والآيلة للسقوط، والنتيجة يسقط كل يوم ضحايا جدد وتسيل الدماء بلا ثمن.. ومن ينجو يصبح مشردا بلا مأوي.. ويكفي أن نشير إلي أن 70 % من سكان مصر قاطني العقارات العشوائية، وثمة توقعات بتضاعف هذا الرقم عام 2050 في ظل توقعات بتضاعف عدد السكان إلي 180 مليون نسمة. ظاهرة مخالفات البناء.. قديمة ومتراكمة منذ عهد نظام المخلوع «مبارك»، وخصوصًا بالنسبة للعقارات.. لكنها تفاقمت كثيراً في مرحلة ما بعد ثورة يناير 2011؛ نظراً لغياب الأجهزة الرقابية وفساد المحليات وعدم تطبيق القانون واستغلال حالة الانفلات الأمني وتوصيل المرافق للمباني المخالفة سواء كانت في حالة التعدي على الأراضي الزراعية أو بناء أدوار سكنية مخالفة، ومن ثم أصبحت أغلب قرارات الإزالة حبراً علي ورق. وقد أكد المتخصصون ضرورة وضع آلية جديدة وواضحة تضمن التطبيق الصارم لشروط بناء وإنشاء العقارات والمباني على أسس علمية سليمة، حفاظاً على سلامة الأرواح والممتلكات، مع الالتزام ببنود تشريعات البناء الخاصة بتحديد ارتفاعات المباني والمنشآت وعرضها بمختلف أحياء وشوارع مصر المحروسة. ويكشف رصد كوارث انهيارات العقارات عن تضاعفها في الأسابيع الأخيرة، حيث أودت بحياة الكثيرين تحت الأنقاض، مثلما حدث في 2 نوفمبر 2013، جراء انهيار جزء من العقار القديم رقم (7) بشارع الحجاز بالإسكندرية «بناء قديم - مشغول بالسكان» المكون من أربعة طوابق علي مساحة 100 متر تقريباً، فوق رؤوس قاطنيه.. ولم نعلم عن ضحاياها شيئاً حتي الآن.. وهذه هي آخر حادثة شهدتها محافظة الإسكندرية التي لها النصيب الأكبر من تلك الحوادث. وقبل هذا الحادث، انهار العقار الموجود بحارة حمودة في منطقة الدخيلة محافظة الإسكندرية الذي أسفر عن مقتل عامل وأصابة آخر بكسور طفيفة، وذلك بتاريخ 21 سبتمبر الحالي. ولم تهدأ عاصفة هذه الانهيارات المستمرة إلا وينهار العقار المكون من 4 طوابق بشارع الخليج المصري في منطقة حدائق القبة في 13 سبتمبر الحالي، ولم يتم الكشف عن ضحاياه حتي الآن. وتكرر الحادث نفسه في 25 أغسطس الحالي، جراء انهيار العقار رقم (15) المكون من 7 طوابق بشارع الطلائع خلف شارع المشير بمنطقة سيدي جابر بالإسكندرية، مما أسفر عن وفاة ضابط جيش متقاعد وزوجته بسبب تصدعات بالمبني السكني، رغم صدور قرار بالإخلاء من الحي. وكذلك انهيار عقار قديم آيل للسقوط بحي مصر القديمة في 22 يناير الحالي؛ أسفر عن مصرع 3 أشخاص وإصابة 2 آخرين. وأيضاً انهيار عقار بمنطقة محرم بك بالإسكندرية في 17 فبراير 2013. كشف تقرير رسمي صادر عن الإدارة المركزية لحماية أراضي الدولة بوزارة الزراعة عن إجمالي حالات التعديات على الأراضى الزراعية، خلال الفترة ما بين 25 يناير 2011 و 21 أكتوبر 2013، والتي قدرها التقرير بنحو 886 ألفاً و437 حالة تعد على مساحة 37388 فداناً، 22سهما، 11 قراريط؛علي مستوي الجمهورية. وذكر التقرير أن محافظات «المنوفية – البحيرة – القليوبية - الشرقية - المنيا- الغربية – أسيوط – الدقهلية»، تضم أعلى معدلات التعديات على الأراضى الزراعية، بينما تضم محافظات « شمال سيناء - الوادى الجديد - مرسي مطروح – بورسعيد - السويس» أقل معدل تعديات على الأراضى الزراعية. وأوضح التقرير أن وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة الداخلية والقوات المسلحة، بدأت في إزالة التعديات الواقعة علي تلك الأراضي الزراعية في عدد من المحافظات، حيث تمت إزالة عدد 87972 حالة تعد، بإجمالى مساحة 4994 فداناً، و 4 سهم، و 3 قراريط، وتعتبر محافظات «الغربية- الشرقية - قنا» أعلى معدلات الإزالة للتعديات، بينما ما لم تتم إزالته 662 ألفاً و 468 فداناً وكانت أقل معدل للإزالة بمحافظات « دمياط - السويس - بنى سويف – الفيوم – الإسماعيلية – النوبارية». وأكد التقرير أنه يتم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية حيال منع التعديات على الأراضى الزراعية، حيث يتم المرور بشكل دائم على الزمامات بمعرفة مهندسي حماية الأراضى بالمحافظات واتخاذ الإجراءات فوراً، وتم إخطار الوحدات المحلية فوراً بالتعديات فور وقوعها لإيفاد المخالفة والإزالة الفورية تنفيذاً للمادتين (60 و61) من قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، وكذلك إخطار أجهزة الشرطة لتحريك الدعاوى القضائية ضد المخالفين، وللأجهزة المعنية لإزالة التعديات وعدم إدخال مرافق للمبانى المخالفة. وقد رصدت «الوفد» بعض حالات المبانى المخالفة فى شوارع القاهرة.. ففى منطقة دار السلام من طريق كورنيش المعادى تقام الأبراج الشاهقة التى قد تصل إلى 38 و40 طابقاً. وفي أبراج المنيب بشارع البحر الأعظم نجد عقارات كانت عبارة عن 14 طابقا وأصبحت 25 طابقاً في ظل غياب الرقابة والقانون. وفي منطقة المنيب وتحديداً بجوار محطة مترو المنيب شاهدنا أبراجا سكنية مقامة بالمخالفة للقانون. كما رصدنا بنفس المنطقة وحدات سكنية وتجارية علي ارتفاع 10 طوابق بالتعدي علي حرمة نهر النيل. وفي منطقة الشرابية بمساكن المظلوم القديمة شاهدنا بلوكات غارقة في المياه الجوفية بسبب البنايات المرتفعة التي امتدت إلى 12طابقاً بالمخالفة للقانون وتجاور هذه المساكن الشعبية.. وعندما تحدثنا إلي أحد المواطنين المقيمين في بلوك «32» هناك، ويدعي هاني.. قال ل« الوفد»: إن قصور الأجهزة الرقابية وغياب دور المسئولين علي مراقبة أملاك الدولة سمح بالتعدي عليها. وتابع : تقدم أهالى المنطقة بشكاوى عديدة لشركة المياه التابعة لحي الشرابية لكي تأتي لتري ما سببته المياه الجوفية في هذه المساكن الشعبية التي أصبحت تملأها الشروخ والتصدعات الظاهرة بكل جوانبها القديمة وأصبح الوسيلة الوحيدة للمرور هناك هو الطوب والألواح الخشبية.. ومع هذا لم تستجب لتلك الاستغاثات والنداءات العاجلة.. ولكننا خائفون من التسبب في غرق وانهيار هذه المساكن فوق رؤوس قاطنيها. وواصل حديثه.. قائلاً: حاولنا الاستعانة بمقاول عادي،بينما عجزنا عن دفع ثمن شراء وتركيب مواسير للمياه تتكلف إجمالي مبلغ 16 ألف جنيه؛نفس الأمر تعاني منه بلوكات ( 14 و 13 و19). وقد رصدنا مخالفات بالجملة في هذه المنطقة، حيث وجدناها تمتلئ بالمبانى المخالفة التي يتم بناؤها فى الخفاء ليلاً فى ظل غياب الرقابة والقانون، وتجاور عشش الصفيح، والبلوكات السكنية ارتفاع 5 طوابق من الناحية الأخري، كما لاحظنا قيام سكان تلك المساكن الشعبية باستغلال الغياب الرقابي وإقامة دور سادس بخلاف غرف متعددة فوق أسطح تلك المباني السكنية، علي الرغم من ضيق عرض الحارات واختناق الحركة المرور، مما لا يسمح بمرور سيارة نجدة أو إسعاف أو مطافئ. وفى اتجاهنا للطريق الزراعى من طريق كورنيش النيل وتحديداً بجوار المجمع الطبي للقوات المسلحة بالمعادي يميناً تقام المبانى المخالفة التي تصل إلي 6 و9 طوابق وتجاور في نفس الشارع عقارات مكونة من 3 و4 طوابق، وذلك بالمخالفة لأكواد المنطقة وعرض الشارع. أما عن حدائق حلوان فحدث ولا حرج عن الأدوار المخالفة التى يتم تشييدها حالياً والمعروضة للتمليك على الهواء بمقدم حجز يقترب من نصف ثمنها؛ تحديداً فى شارع كورنيش النيل بجوار مساكن منتصر بالمنطقة، رغم أن شوارعها لا تزيد علي عرض 6 أمتار. وفي منطقة المعادي امتداداً لشارع كورنيش النيل خلف مستشفي السلام الدولي يمتلئ بالمباني الحديثة التي تصل إلي 8 و12 طابقاً، ولم نجد يافطة واحدة تدل على صاحب العقار أو حتى رقم رخصة البناء أو الجهة المشرفة أو المنفذة له؛ ولكن الفواعلية يستكملون الارتفاعات العلوية. وفي منطقة طرة البلد وجدنا عقارات كنا نراها 4 طوابق لكن سرعان ما أصبح ارتفاعها 12 طابقاً ومع ذلك فى طريقها للارتفاع، وذلك بجوار دار مناسبات طرة. وفي منطقة المعصرة في طريق كنيسة الأقباط الأرثوذكسية بالمنطقة شاهدنا بنايات ضخمة تمتد إلي 8 طوابق، وفي طريقها للعلو. وفي طريق العودة من مطلع كوبري الدائري من كورنيش المعادي رصدنا العقارات المخالفة التي يصل ارتفاعها إلي 8 و 12 طابقاً والتي تلتحم فعلياً بسور الكوبري، مما يعرض حياة قاطني هذه العقارات المخالفة لأخطار جسيمة. والمخالفات تتكرر عند نزلة الطريق الدائري بمنطقة المنيب بشارع البحر الأعظم، حيث نجد ارتفاعات الأدوار تصل إلي 10 طوابق أقيمت في غيبة الأجهزة الرقابية والأمنية. «الوفد» تفتح ملف انهيار عقارات مصر للتعرف علي مسببات تصدع المباني السكنية للوصول إلي حلول حقيقية لمواجهتها. الدكتور محمد سامح كمال الدين، أستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، يؤكد أن مسألة العقارات الجديدة التي تنهار إما لأخطاء فنية أو عمليات جشع شديدة بسبب انهيارات الاخلاقيات والفساد المستشري في المحليات، بينما هناك مشكلتان تواجهنا أيضاً وهما كثرة المناطق العشوائية التي تزايدت بشكل كبير حتي بلغت 70% من سكان جمهورية مصر العربية قاطني العشوائيات « حسب الإحصائية الحديثة لوزارة الإسكان ».. ويفتقد هذا البناء المخالف للاشتراطات الصحية والبيئية السليمة، وكذلك التوسع بدون تخطيط في المناطق السكنية القديمة. وتابع الدكتور «سامح» : كل صاحب عقار بمجرد توجهه للمحليات للحصول علي رخصة بناء يقابل نفس مهندسي المحليات المرتشين الذين يساعدونهم علي عمل إجراءات غير سليمة، حيث يبدأون الحديث معهم بكلمة «كلك نظر» وذلك في سبيل غض الطرف عن الارتفاع المتجاوز بالمخالفة للقانون؛وأصبحت هذه اللغة مفهومة بين ملاك العقارت المخالفة وهؤلاء المهندسين المرتشين، ومن ثم تستمر عملية ابتزازهم ليجدوا أصحاب تلك العقارات المخالفة أنفسهم يواجهون كابوسا لا ينتهي من دفع الرشاوي المالية ثمن سكوت هؤلاء المهندسين الفنيين في مقابل تيسير كثير من العطاءات غير الأخلاقية والمخالفات القاتلة لمصلحة المالك، فتقام المباني السكنية علي أرض من أملاك الدولة وبالاستيلاء علي نصف عرض الشارع وبارتفاعات شاهقة، وبمساعدة مقاولين جشعين فاقدي الخبرة بمجال التشييد والبناء وهم في بعض الأحيان يحلون محل المهندسين وينفذون البناء بالخطأ، الأمر الذي يجعل العقار السكني لا يتحمل ثقل الأحمال وعند حدوث أية تصدعات في المبني أو زلزال بسيط يتسبب في انهيار المبني السكني بأكمله. وأضاف الدكتور «سامح» : رغم وجود قانون البناء الموحد الذي يغلظ العقوبات علي المخالفين وأيضاً علي مهندسي الأحياء المرتشين، إلا أن هذه العقوبات لم يتم تطبيقها علي أرض الواقع ، لذا فالأمر يحتاج إلي تفعيل مهام ودور القوة التنفيذية للأجهزة الأمنية لكي يمكنها تنفيذ قرارات الإزالة بكل صرامة وحسم وذلك للحد من تكرار مخالفات البناء مرة أخري، خاصة مع توقعات بتضاعف عدد السكان لعام 2050 إلي 180 مليون نسمة. الدكتور سامح العلايلي، عميد سابق بكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة، يري أن مشكلة الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة تعد السبب الرئيسي وراء استفحال ظاهرة السكن العشوائي، ومن ثم لابد من وضع خطط تنموية للمناطق الريفية وتحسين الخدمات الفنية والتعليمية والصحية بها والبحث عن طرق مبتكرة للبناء داخل الأحوزة العمرانية وإيجاد فرص عمل لأهالي المناطق النائية وعدم التعدي علي الأراضي الزراعية وتشجيع العمل الزراعي وربطه بما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة، خاصة وأن هناك حوالي 300 ألف فدان تم التعدي عليها تقطع من مساحة الأراضي الزراعية وذلك منذ ثورة يناير وحتي الآن طبقاً لأحدث إحصائيات مركز بحوث الصحراء. وأضاف الدكتور «العلايلي»: أن قانون الإيجارات الجديد نجح في تغيير الوضع بالنسبة للمباني الجديدة التي تم بناؤها بالتزامن مع صدور القانون أو بعده، ولكن المشكلة ما زالت قائمة في الإيجارات القديمة الذي يوضع عليها بعض المحاذير وهنالك عقارات في مصر إيجارها حتي الآن ما زال 4 جنيهات للشقة السكنية. وتابع الدكتور «العلايلي»: أن غياب الأجهزة الأمنية والرقابية والقانون الرادع، كل ذلك أدى إلى ما نحن فيه من أزمات بشأن مخالفات البناء، ولكن الحل الأنسب للحد من تفاقم أزمة مخالفات البناء بعد الثورة هو إلزام الإدارات و الأحياء بالقيام بمهامها، وأيضاً لابد من النظر في تعديل القانون رقم « 119» لسنة 2008 لكونه فشل في الحد من مخالفات البناء، وذلك بوضع ضوابط حقيقية وحازمة تجرم البناء المخالف سواء كان علي أرض زراعية أو سكنية، مع زيادة دوريات التفتيش لرصد وتسجيل المخالفات أولاً بأول، فضلاً عن وضع محددات صارمة على المخالفين، بحيث لا يسمح بحدوث أي تلاعب علي القانون أو اختيار دفع تعويض أو الإبقاء على البناء الغير آمن، ومنع توصيل المرافق للمباني المخالفة، كما وأن يعاقب المهندس المرتشي بالإقالة من نقابة المهندسين، الى جانب عقابه بالسجن، وكذلك صاحب العقار ومقاول البناء، بعقوبة لا تقل عن 10 سنوات. أما بالنسبة للبناء على الأراضي الزراعية فيجب تغليظ العقوبة بالسجن والغرامة الكبيرة بأضعاف أسعار شرائها. المهندس حسين منصور، الاستشاري المدني وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد؛ يقول: هناك إهمال في البناء وعدم اتباع الأساليب الهندسية السليمة.. فمشكلة انهيار العقارات ترجع لأسباب عديدة أهمها فساد المحليات المتوارث عبر عشرات السنين وعدم تطبيق الآليات التي تتيح تنفيذ بنود قانون البناء الموحد واختفاء لدولة القانون، وأيضاً غياب صيانة المنشآت السكنية، فضلاً عن عدم التزام أصحاب العقارات المخالفة بالمخططات الموضوعة المحددة لارتفاعات المباني والمنشآت وعرضها لكل حي من الأحياء طبقاً لمخطط عام كل محافظة، وهذا التطور الزمني معلوم للجميع.. ولذا لابد من التزام الأجهزة الرقابية بتنفيذ بنود قانون البناء الموحد رقم «119» لسنة 2008 في مادته رقم «60» التي تنص علي أن الإزالة وجوبية للأعمال المقامة بدون ترخيص وتصدر قرارات الإزالة من الجهة الإدارية. وتابع المهندس «منصور»: مافيا الفساد تخترق كل محافظات مصر، والحكومات لم تحاول وضع مخططات مستقبلية لتلك المحافظات، وبالرجوع إلي الماضي وتحديداً قبل عام 1952 كانت المجالس البلدية صارمة في متابعتها وفي تنفيذها للقانون، ولكن الأمر تغير مع صدور قانون الإدارة المحلية عام 1960، والحقيقة أن المحليات لا تساهم إلا في نشر العشوائيات وفرز كل الآفات التي نراها أمامنا حالياً في مصر بالإضافة إلي ترييف المدن وسيادة أخلاقيات الفوضي العشوائية وخلق الازدحام السكاني في المدن حتي أصبحت هي السلوكيات المسيطرة علي فوضي البناء المخالف ويؤكد المهندس « منصور» : أن الأمر بحاجة إلي ثورة تغيير حقيقية ونقصد بذلك تنفيذ دولة القانون والالتزام بالمخططات المستقبلية الخاصة بكل محافظة. وحول إصدار الحكومة المؤقتة لمشروع قانون جديد للبناء.. قال: من حق الحكومة المصرية أن تصدر كل يوم قانونا خاصا بالبناء ولكن هل نحن نطبق القانون؟!.. فهذا الإسهال التشريعي لن يكون له فائدة أو طائل إلا بالتزام الجميع بدولة القانون. محمد الحلو، مدير الوحدة القانونية بحقوق السكن سابقاً، أكد أن هناك العديد من الحيل القانونية المعروفة التي تلجأ إليها مافيا العقارات المخالفة، ويساعدها في ذلك قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 فهو «حبر علي ورق»، حيث إن بنوده لم تطبق بفاعلية علي أرض الواقع كما يملؤها العديد من الثغرات لهذا القانون، ومن ثم لن يحدث أي تغيير من وقت وجوده. ويضيف «الحلو» أن هيستريا الهدم والبناء والتعلية العشوائية زادت بوضوح بالمخالفة للقانون بعد ثورة 25 يناير في ظل حالة من الانفلات الرقابي والأمني وتفشي الفساد والرشوة والمحسوبية في الإدارات المحلية، خاصة فى أجهزة المحليات ومديريات الإسكان والمرافق، والسلطة التنفيذية «عاجزة» عن تنفيذ القانون، وعند الرصد نجد أن محافظة الإسكندرية مثل باقي محافظات مصر تواجه مخالفات بالجملة من تعليه للأدوار في عقارات قديمة وآيلة للسقوط وأيضاً إقامة عقارات حديثة ومعظمها شيدت بدون تراخيص ولم تلتزم باشتراطات البناء الجيدة. مطالباً بضرورة إجراء التعديلات المطلوبة في تشريعات البناء حتي يمكن حل مشكلة فوضي البناء المزمنة، ويجب عودة دور اتحاد الشاغلين الذي كان مفعلا بشكل هائل قبل الثورة في متابعة أحوال المنشآت السكنية من تجديدات وترميمات وتصليحات أساسية عاجلة في العقارات القديمة والآيلة للسقوط، باعتباره الحل الأمثل للحد من كوارث انهيار العقارات القديمة، كما يمكن دمج مجموعة من اتحادات العقارات من شارع أو منطقة بأكملها لتكوين اتحاد عام، علي أن تعين الجهة الإدارية للحي أو مالك العقار رئيس للاتحاد.