رئيس جامعة بنها يناقش خطة العمل المستقبلية لمركز إبداع مصر الرقمية كريتيفا    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    وزير الاتصالات: حيادية البيانات وتوافر الكفاءات الرقمية ضرورة لجذب الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي    مسؤول عسكري إسرائيلي: مستعدون لاجتياح رفح فور الحصول على ضوء أخضر من نتنياهو    تقرير للأمم المتحدة: 281.6 مليون شخص حول العالم يواجهون جوعًا حادًا    جوارديولا: خسارة كل شيء أمر وارد.. وأستمتع بهذه المرحلة من المسابقة    حفل ختام برنامج «دوى» و«نتشارك» بمجمع إعلام الغردقة    أزمة الضمير الرياضى    مونفيس يودع بطولة مدريد للتنس مبكرا    "اتزنق بين طابقين".. تفاصيل مصرع موظف داخل أسانسير بالمرج    «سعيد بوجودى في هذا الصرح العظيم».. الملك السابق أحمد فؤاد يزور مكتبة الإسكندرية صور    ب" إطلالة جريئة".. إيمان العاصي تبهر جمهورها في أحدث ظهور لها    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    الرقابة الصحية: نجاح 5 وحدات طب أسرة جديدة بالسويس وأسوان في الحصول على اعتماد GAHAR    متحدث "الصحة" ينصح: هذه الفئات ممنوعة من الخروج للشارع في الموجة الحارة    وزارة الزراعة: مباردة «خير مزارعنا لأهالينا» تنشر المحبة بالكاتدرائية لليوم الثاني    البورصة تقر قيد أسهم زيادة رأسمال المهندس للتأمين عبر أسهم مجانية إلى 350 مليون جنيه    تشكيل البنك الأهلى لمواجهة بيراميدز    تريزيجيه ينافس مبابي ووالكر في قائمة مميزة حول العالم    عاجل.. تنبيه مهم من البنوك لملايين العملاء بشأن الخدمات المصرفية    تحرير سيناء.. «قصة كفاح نحو البناء والتنمية» ندوة بمجمع إعلام قنا    سيناء من التحرير للتعمير    خبير سياسات دولية: اللوبي الإسرائيلي ما زال يضغط على الولايات المتحدة (فيديو)    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    تراجع سوق الأسهم السعودية بختام جلسة الأربعاء    ارتفع صادرات الصناعات الهندسية ل1.2 مليار دولار بالربع الأول من 2024    عناوين مكاتب تطعيمات الحج والعمرة بمحافظة كفر الشيخ ومواعيد العمل    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    طلاب كولومبيا: لن ندخل في مفاوضات مع إدارة الجامعة    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انهيارات المنازل.. فساد ضمائر وقانون غائب ورقابة نائمة!
نشر في الجمهورية يوم 02 - 12 - 2010

لا يكاد يمر أسبوع الا ونشهد انهيار منزل هنا أو هناك مخلفاً تحته عشرات الضحايا. حتي وصل الحال إلي مرحلة "التعود" علي تلك الاخبار التي تتناولها الصحف عن تلك الحوادث.. أن نحن امام ظاهرة تستحق التوقف أمامها!
ولما كانت العقارات المنهارة لا تحمل جميعها لقب "آيلة للسقوط" بل هي حديثة الانشاء بعمر المباني كان لابد من البحث عن أسباب الانهيارات المتتالية من خلال هذا التحقيق ل "الجمهوية الاسبوعي".
يقول محمد شتا وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس الشوري: لوحظ في الفترة الاخيرة ارتفاع عدد الوحدات السكنية المهددة بالسقوط داخل القاهرة. وأقرت وزارة التنمية الحلية بوجود 112 الف قرار إزالة علي مستوي 26 محافظة والامر غير مستقر فالأرقام تتفاقم وآلاف العقارات ستكون مهددة بالانهيار. ورغم صدور قرارات إزالة لها الا ان هذه القرارات أو معظمها لا يتم تنفيذها.
وأوضح ان قرارات الازالة الصادرة من الادارات المحلية فهي علي نوعين. الأول عقارات تصدر لها قرارات إزالة لأنها مخالفة للقانون من حيث الارتفاع او التراخيص وغيرها من مخالفات القانون. والثاني قرارات ازالة للعقارات الآيلة للسقوط. مشيراً إلي ان هذه العقارات السبب الاساسي والرئيسي لكل حالات الانهيارات العقارية حيث يكون العقار قديماً ومتهالكاً ولا يجري له الصيانة الدورية بخلاف عمره الافتراضي الذي تعدي مئات السنين لكن المشكلة التي تواجهنا في هذه القرارات بنوعيها هي عدم تنفيذ قرارات الازالة وبقاء الاهالي والاسر في هذه العقارات إلي ان تنهار فوق رءوسهم.
اضاف: سكان العقارات ليس أمامهم بديل آخر سوي البقاء في مسكنهم حتي لو كان آيلاً للسقوط وصدر له قرار ازالة. فهم يفضلون المخاطرة بحياتهم وأسرهم علي ان يشردوا في الشوارع ومساكن الايواء. ومع الاسف المحافظة عاجزة عن توفير اماكن بديلة لهؤلاء المواطنين. وبالتالي فإن المشكلة اكبر من المواطن صاحب العقارات الآيلة من المحافظة والحل لابد ان يكون "حل مجتمعي" ويحتاج إلي تدخل تشريعي عاجل لمقاومة هذه الظاهرة مستقبلاً لأن السبب الحقيقي وراء انهيار هذه العقارات للسقوط هو عدم اجراء الصيانة اللازمة لها بصفة دورية.
وأرجع ذلك إلي ان ملاك العقارات لا يقومون بهذه الصيانة منزل العقارات لا تدر دخلاً أو عائداً مادياً محترماً لانفاق جزء منه علي أعمال الصيانة والسكان بدورهم يرفضون اجراء هذه الصيانة ايضاً علي نفقتهم وبالتالي يتآكل المبني يوماً بعد يوم ويصبح آيلاً للسقوط ويشير إلي أن حجر الزاوية لهذه المشكلة هو اعادة النظر في العلاقة بين المالك والمستأجر لانها علاقة ظالمة جداً للملاك او يجب اعادة ولو جزء بسيط من حقوق أصحاب العقارات ذات الايجارات القديمة التي لا تتعدي بعض الجنيهات فالمالك يتمني إزالة عقاره وهدمه حتي يستطيع الاستفادة منه أفضل.
أما فيما يتعلق بالعقارات التي خالفت القانون عند البناء وصدر لها قرارات ازالة فيضيف بالقطع يعود السبب الاساسي فيها إلي فساد الإدارة الهندسية والاحياء وفساد المواطن صاحب الترخيص لأن المواطن بصفة خاصة هو الذي يسعي للحصول علي تراخيص مخالفة وهو بذلك يحصل علي اكثر مما اتاحه له القانون وبعض ذوي النفوس الضعيفة من العاملين في الادارات الهندسية يتواطئون مع بعض اصحاب التراخيص. وبالتالي يحدث تجاوز في الارتفاعات والمساحات والمواصفات ثم تعجيز المحافظات عن تنفيذ قرارات الازالة التي صدرت فهي في الواقع قرارات ورقية ولا يمكن تنفيذها.
ويتابع: الحل يكمن في تعديل تشريعي جديد سبق ان ناديت به منذ أكثر من 15 عاماً وهو مصادرة العقارات المخالفة فتؤول إلي الدولة حتي لو بعد تسكينها وتصير ملكية عامة وبالتالي سيفكر المخالف الف مرة قبل ان يخالف. وأرجو من الحالمين والذين يرددون شعارات من نوعية أن هذه المصادرة "ردة" إلي الفكر الاشتراكي. ان يفكروا في آلية واقعية تستطيع ان تحد من تفاقم ظاهرة مخالفة قوانين البناء ومقاومة هذه الظاهرة التي تتسع يوماً بعد يوم حتي بعد صدور القانون الجديد. ولابد ان نفكر في ضحايا هذه الجريمة التي ترتكب كل يوم في حق المواطنين.
قرارات الإزالة
أما د. فيصل عبدالمقصود. استاذ المدن والاقاليم بكلية الهندسة في المنوفية. فيرجع السبب وراء الانهيارات العقارية وآلاف قرارات الازالة الصادرة سواء للمباني المخالفة او الآيلة للسقوط إلي قدم بعض المباني وتهالكها ووجود بعض المباني التي تم بناؤها في فترة السبعينيات التي اشتهرت فيها مصر باستيراد حديد وأسمنت روماني ومواد بناء غير مطابقة للمواصفات هذه الفترة تم بناء عقارات ووحدات سكنية كثيرة جداً مما أدي إلي وجود بعض العقارات الآن بحالة سيئة وهذه المباني منتشرة في أنحاء الجمهورية.
ويضيف: كذلك من أسباب هذه الانهيارات وسوء أحوال بعض المباني يرجع إلي عدم وجود صيانة دورية لهذه المباني.
ويري د. فيصل أن دور المحليات هو متابعة اتحاد الشاغلين في صيانة العقارات وتجديد ومتابعة المرافق. صرف ومياه وغيرها من الخدمات التي تؤثر سلباً علي حالة العقار إذا تم اهمالها والقانون الجديد قام بعمل نظام جديد اسماه اتحاد الشاغلين وهو غير مفعل إلي الآن وهو نظام نص عليه القانون 103 بحيث ينظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين وهو تطوير لاتحاد الملاك لان اتحاد الملاك لوحظ فيه حدوث مشاكل كثيرة بين الملاك والمستأجرين دون الوصول إلي حلول اما عن عدم تنفيذ قرارات الازالة فالقانون حسبما اضاف مجمد ولا يتم تنفيذه حتي ولو بالقوة.
ويرد د. فيصل علي تحجج بعض المقاولين والملاك أن "تعقيد" تراخيص البناء هو الذي يؤدي إلي مخالفة القانون و عدم تنفيذ القرارات قائلاً: هذا غير صحيح لان الذي ينوي مخالفة القانون لا يبحث عن التراخيص من الاصل ولان الادارات المحلية ينبغي ان تراعي عملها علي اكمل وجه فكان لابد من التأكد من صلاحية الارض للبناء أولاً وغيرها من اجراءات التراخيص وهذا لا يعد تعقيداً بل هو ضمان ومحافظة علي حياة المواطن فالقانون الجديد بدوره يضع مسئولية كبيرة جداً علي عملية التراخيص والمحليات لضبط العملية.
وأشار إلي ان الحل يكمن في زيادة اعداد إسكان الشباب ومحدودي الدخل واعطاء أراض في المدن الجديدة للشباب لاستثمارها واصلاحها لكن مالم يوجد بديل فسيظل الامر كما هو وقد يتفاقم ولا نستطيع السيطرة عليه.
إخلاء إداري
ويري اللواء مجدي غباشي رئيس حي الموسكي ان معظم قرارات الازالة الصادرة من الادارة المحلية او حتي العقارات التي انهارت بالفعل نتيجة لطول عمر الفترة الزمنية لهذه العقارات فالبرهة التوفيتية لهذه الانشاءات والعقارات تعدت ال 200 عام فهذه المنازل والعقارات آيلة للسقوط وصدر لها قرارات إخلاء إداري ولكن مع الاسف تواجهنا مشكلات كثيرة جداً لا حصر لها عند تنفيذ القرارات لان السكان لا يمتثلون لهذه القرارات ويرفضون النزول وترك شققهم وهم لا يعلمون قدر الخطورة التي يتعرضون لها كل دقيقة ببقائهم فيها وعن تعقيدات تراخيص البناء يقول "غباشي" إنها تعد اجراءات للتأكد من سلامة الوضع وللحفاظ علي حياة من سيقطنون هذه العقارات حتينستطيع تفادي حدوث الانهيارات والكوارث فيما بعد مع العلم ان رؤساء الاحياء يصدرون أوامر مباشرة لتسهيل الامرعلي المواطنين وتسهيل عمليات التراخيص في الحدود المتاحة دون تجاوزات او تعقيدات بدون داع.
ويشير إلي أن مهندسي الاحياء قد يضطرون للبقاء بالعمل 24 ساعة ولهذا يجب ان يأخذ حقه مادياً حتي لا يلجأ للطرق غير المشروعة لزيادة دخله من خلال الرشاوي وعمليات الفساد.
ويطالب المهندس أحمد السيد. أحد مهندسي حي الموسكي بزيادة الراتب والحوافز حتي يستطيع مهندس الحي مواكبة الغلاء وحتي لا يضطر اصحاب النفوس الضعيفة والموجودون باللجوء إلي الاعمال غير القانونية والشرعية للحصول علي المال من خلال مناصبهم داخل الاحياء. وفي النهاية الامر يرجع إلي رئيس الحي التابع له الموظف وفي السياسة التي ينهجها لإدارة الحي.
ويشير المهندس علي بيومي الأمين العام لرابطة العقاريين إلي ان اغلب المباني التي انهارت في الفترة الاخيرة مبان قديمة عمرها الافتراضي قد انتهي فهذا هو السبب الاول وراء انهيار العقارات وتعرض المباني للسقوط. أما السبب الثاني فهو يعد ايضاً سبباً رئيسياً وهو عدم تواصل أعمال الصيانة بشكل دوري ومستمر.
ويضيف: لا اعتقد ان هناك مباني جديدة حدث لها انهيارات ولكن معظم الحالات التي صدر لها قرارات ازالة والتي تعدت 100 وحدة سكنية لو تم اجراء الصيانة الدورية لها لما وصل حالها إلي هذا الحد فمن خلال الصيانة نحافظ علي العقار ونطيل من عمره خاصة الاعمال المتعلقة بصحة المناور والمصاعد أما بالنسبة للمباني المخالفة لقوانين التراخيص والبناء والتلاعب بمواد البناء فأنا أري انها نسبة قليلة وليست السمة الغالبة علي معظم الانهيارات العقارية.
ويؤكد "بيومي" أن قرارات المباني الآيلة للسقوط مسئولية المحافظات واللجان المتخصصة فالمحافظات لا تعطي قراراً للمباني الآيلة للسقوط بسهولة ومع ذلك لا يتم تنفيذ هذه القرارات فالتنفيذ في حاجة إلي تشريع خاص لأن مهندسي الاحياء لا يستطيعون ولا يقدرون علي تنفيذ هذه القرارات بالقوة الجبرية نظراً للاعتراضات التي يواجهونها من اصحاب العقارات والسكان ولهذا يجب الانتباه جيداً لهذه الكارثة والاهتمام بالعقارات من خلال الصيانة والحفاظ علي الثروة العقارية فان اهمال الثروة العقارية قد يؤدي إلي كارثة.
ويري د. محمد ماهر قابيل استاذ تحليل السياسات ان السبب في تفشي ظاهرة الانهيارات العقارية وهذا الكم الهائل من قرارات الازالة للمباني الآيلة للسقوط وتراجع دور الضمير في المجتمع واختلال نظام القيم مضيفاً: نلحظ ان المباني القديمة في مصر تصمد امام الزمن بينما تنهار المباني الاحدث منها وهذا مؤشر قاطع الدلالة علي ان السبب الاساسي في تلك الظاهرة هو اختلال نظام القيم فلقد كان الشرف والكرامة والمبادئ والصدق هي القيم العليا في المجتمع فلما تراجعت تلك القيم لتحل محلها قيمة المال كقيمة عليا في المجتمع. وبالطبع الدولة مسئولة لأنه لا التماس للضرر لاحد في الفساد. فهناك دائماً ما يوجد في الصواب ما يغني عن الخطأ ويوجد في الحلال ما يغني من الحرام ويوجد في الالتزام ما يغني عن الفساد ولكن الرغبة في التظاهر ومحاكاة نماذج الاشرار والمباهاة بالمظاهر والكماليات هي الدافع الحقيقي وراء ظاهرة الفساد في نظام الادارة المحلية في مصر. فالمسألة ليست في ان الذي يرتشي يفعل ذلك لانه جائع ولكنه يريد ان يشتري السيارة الفارهة. والفيلا فالمسألة ليست مسألة ضرورة بقدر ما هي اختلال نظام القيم فالتشريعات موجودة ولكن التحايل موجود معها يداً بيد. والتشريعات وحدها غير كافية لحماية الناس مالم يقم علي تلك التشريعات قضاة ومنفذون من ذوي الضمائر الحية الذين يتوخون المصلحة العليا للمجتمع ويقضون علي المصالح الفردية فالتشريعات في حاجة إلي مراجعة لأن بعضها صدر تعبيراً عن مرجعية تشريعية تجاوزها التطور ولكن مراجعة تلك التشريعات يجب ان تكون من جانب المتخصصين علي اعلي مستوي في التشريع ليقدموا للمجتمع التشريعات الصارمة التي تسيطر علي ذلك الانفلات.
ويضيف د. قابيل اننا نلحظ من خلال التعامل مع العقارات في مصر ان العشوائية هي السائدة وانها تتجاوز حدود مناطقها لتصل إلي أماكن كانت قديماً ابعد ما يكون عن العشوائيات فهي تتنافي مع الحضارة والذوق العام الذي يرفض تلك العشوائية ولكن سعي الناس وراء المادة أدي إلي بناء طوابق فوق المنازل فأدي إلي انهيار العقار واهمال الملاك للصيانة المستمرة واهمال بعض المستأجرين للايجار القديم اعمال الصيانة رغم زهد المبالغ التي يدفعونها للايجار فبعض المالكين للمباني القديمة يحصلون في عشرات الوحدات التي يتضمنها العقار الواحد علي مبالغ هزيلة جداً مع العلم ان كل قواعد العدل والقيم الاسلامية ترفض هذا الظلم البين الواقع علي هؤلاء الملاك.
وشدد علي اهمية الا يكون تدخل الدولة لفض كل هذه المشكلات تدخلاً وهمياً. والا يتم التحيز لأي طرف والا تستجلب الشرعية لظلم بعض الاطراف لصالح اطراف اخري اكثر عدداً لان ذلك يتجاوزه النظام العام وعلينا ان نميز بين التعقيد وبين الضبط ونفي ان تيسر كل الامور والتراخيص لكل الناس لكن دون عشوائية.
يقول قابيل إن هناك بعض الانهيارات حدثت في منطقة مصر الجديدة التي كانت مبانيها حديثة ولم تصمد امام الزلزال الاخير الذي وقع بمصر منذ سنوات بينما ظلت المباني القديمة صامدة وفي النهاية نلخص اسباب هذه الانهيارات والمباني الآيلة للسقوط في هذه النقاط.
أولاً: العشوائية
ثانياً: تراجع دور الضمير في المحليات.
ثالثا: اختلال نظام القيم
رابعا: الحكومة متهمة بهذا القصور فهناك قصور قانوني من حيث التشريع. ثم القصور والتنفيذ من حيث تطبيق القواعد والقوانين ثم القصور في مسألة اجراءات التقاضي لان بعض احكام المحاكم لا تجد طريقها لحيز التنفيذ بالاضافة إلي صعوبة اجراءات التقاضي من طول فترة التقاضي ووجود الثغرات القانونية التي تسهل علي فاقد الضمير ان يتلاعب ويتحايل.
انهيار العقارات الجديدة
ويري د. عبدالمجيد عبدالحفيظ عميد حقوق بني سويف سابقاً واستاذ القانون العام ان هناك آلاف لقرارات الازالة الصادرة للعقارات الآيلة للسقوط لا يتم تنفيذها لسبب أو لآخر. ولكن مع الاسف والذي نلاحظه ان المباني القديمة التي يتجاوز عمرها الستين عاماً لا تتعرض للانهيار علي النقيض وبعض العقارات التي لا يتعدي عمرها العشر سنوات وهذا راجع إلي انعدام ضمائر بعض الملاك والمقاولين وبعض العاملين بالإدارة المحلية. والجهة المختصة لاصدار هذه القرارات هي الادارة الهندسية والمحافظ ولكن فور صدور قرار الازالة لأي عقار يحق قانوناً لمالك هذا العقار التظلم للمحافظ والمطالبة بكشف استشاري لهذا العقار حتي يثبت صحة هذا القرار من عدمه وكذلك المستأجرون من حقهم الطعن علي قرار الازالة لان هناك بعض الملاك يتمنون ازالة عقاراتهم لبناء ابراج عليها والتربح من وراء ذلك.
وعلي العكس هناك بعض الملاك لا يتمنون ذلك لانهم يربحون من وراء هذه العقارات بالفعل وهناك يمكن لصاحب العقار التظلم ويتأكد من ان المبني قد يحتاج فقط التنكيس او ازالة بعض الادوار بدلاً من هدمه فالمالك لديه طرق عديدة للدفاع عن حقه إذا كان القرارظالماً او صدر عن طريق الفساد.
وأضاف: علي وزارة الثقافة والاثار ان تعد فرق بحث وتقص عن المنازل والقصور القديمة والتي تعد جزءاً من تراثنا وعمل الصيانة الدورية لها حتي لا تتعرض مستقبلاً للانهيار وخاصة في الاماكن التراثية مثل الحسين والسيدة زينب والتي يأتي السياح لمشاهدتها والانبهار بها فلما تفرط في هذا التراث بكل بساطة وتستبدله بعلب خرسانية تبني في ايام معدودة وبمواد غير مطابقة للمواصفات حتي تنهدم فوق رءوسنا في النهاية.
أما بالنسبة لقرارات الازالة والمستحقة للازالة بالفعل يجب هنا تطبيق القانون وازالة هذه العقارات حتي ولو بالقوة الجبرية حتي لا تقع الكوارث والضحايا ونلوم انفسنا بعد ذلك والدولة قادرة علي تنفيذ هذه القرارات ولا داعي للتحجج بالسكان والمستأجرين لاننا نستطيع توفير مساكن للايواء المؤقت إلي حين الوصول إلي مساكن دائمة لهم وحتي لا تتكرر مأساة الدويقة مرة أخري.
ويضيف د. عبدالمجيد اننا في حاجة ماسة لتفعيل دور الجهات الرقابية علي البناء خاصة في القطاع العام فيجب توفير مهندسين متخصصين يقومون اقامة دائمة مع المقاول في مواقع البناء لمتابعة سير العمل والالتزام بالمواصفات والتراخيص حتي تكون المباني قادرة علي الصمود وعدم التلاعب بأرواح الناس من اجل التربح كما تفعل الحكومة تماماً في مواقع البناء الخاصة بالمباني الحكومية فهي تكون حريصة جداً علي متابعة سير العمل داخل المواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.