يسري الجندي صاحب رؤية سياسية واضحة، تناول الإخوان في مسلسل «ناصر» بأنهم جماعة عنيفة همجية، لم يتعمد فقط تناول الموقف السياسي للزعيم الراحل جمال عبدالناصر تجاههم، لكنه تناول تفاصيل توضح طبيعة هؤلاء ورغبتهم في امتلاك الحكم، ورغبتهم في إسقاط هيبة الدولة، الجندي كاتب يملك تحليلات واضحة لمواقف خلال أعماله «سقوط الخلافة» و«الطارق» و«السيرة الهلالية» و«خيبر»، ويغوص دائما في فصول التاريخ العربي الإسلامي والمصري قارئا ومنقَّبا ومتمعّنا، يحول المادة التاريخية إلي بناء درامي به إسقاطات سياسية واجتماعية ويبحر في التراث ليؤسس تجربة فنية جديدة في كل عمل يقدمه. ناقشت في مسلسل ناصر أن الإخوان كاذبون ومخادعون.. كيف تري الوضع الآن بعد مرور كل هذه السنوات؟ - للأسف كما ذكرت في المسلسل كل أساليبهم تنطوي علي الكذب والتدليس والخداع والانتهازية، فهم تخلوا عن الصورة التي حاولوا رسمها لنفسهم، وكتبوا نهاية حلمهم في الحصول علي السلطة بأيديهم، وانسعروا وبدأوا يكشفون أنفسهم، حول حلم التمكين وإقامة الإمارة الإسلامية، وهذا ما حاولوا تقديمه وقت تولي جمال عبدالناصر، وأنا حزين لعامة الناس الذين تم الضحك عليهم باسم الدين وقادتهم الجماعة إلي العنف تحت راية الدفاع عن الإسلام، فهم شريحة من الشعب المصري خرجت من إطار الشخصية المصرية، والآن خرجت من التاريخ وأثبتوا أن تاريخهم الحقيقي يتسق مع النتيجة التي وصلوا إليها. وماذا عن تصريحات صفوت حجازي؟ - عندما وجدت صفوت حجازي وهو يمارس الكذب علانية شعرت أنها حقيقته فهم أثبتوا أنهم لا علاقة لهم بالدين، ولا الإسلام فهم يريدون السيطرة علي كل منطقة في مصر منذ بدأ يقودهم حسن البنا في اتجاه السياسة، فالبنا بدأها باعتبارها جماعة دعوية وبمجرد انتقاله إلي القاهرة بدأ يشارك في لعبة السياسة، ونمت داخلهم الرغبة في الوصول إلي الحكم، تحت شعارات دينية كتبها البنا في عدد من الكراسات بفكرة بعيدة عن الفكر الإسلامي، وبناء عليه انطبق هذا القصور الديني علي السذج والعامة من الناس الذين كانوا ضحية لهم. هل تؤيد المطالب التي تنادي بالمصالحة الوطنية؟ - من الصعب التصالح مع جماعة ضمن تنظيم دولي يتآمر علي مصر مع الدول الكبري، رغم ان جنسيتهم مصرية إلا انهم شخصيات ترفض فكرة الوطن وهمهم الأساسي إقامة الإمارة، والمؤامرة كان هدفها تكوين إمارة بسيناء وبحري والصعيد، ولو كنا تأخرنا أياما قليلة عن بيان السيسي لكان الإخوان قد جمعوا المثقفين والمفكرين والثوريين في السجن، مثلما فعلها السادات من قبل وأدخل مصر السجن لكنهم كانوا أشد ضراوة وهذا ما ظهر في أقسام كرداسة وأسوان وحريق الكنائس وغيرها، فماذا لو كانوا ظلوا في الحكم. كيف تقرأ موقف الدول العربية مع مصر؟ - بيان العاهل السعودي وظهوره بنفسه لم يقصد به الإعلان عن موقفه مع مصر فقط، لكنه يعلن تحديه لجماعة الإخوان المسلمين، لأنها هجمة دولية، فهي مؤامرة كبيرة تم ترتيبها بالفعل، فالخطر لم يهدد مصر فقط لكنه هدد المنطقة العربية، ولو ان هذا المخطط نجح في مصر لكان بداية لإمارة إسلامية في المنطقة العربية. ما الشخصيات التي مثلت صدمة في مواقفها السياسية بالنسبة لك؟ - صدمت في وجوه كثيرة، أولهم القرضاوي الذي كشف عن قناعه عندما أصابه سعار لبيان حقيقة الإخوان، أيضا من كانوا يدعون الوسطية مثل أبوالعلا ماضي وعصام سلطان يرفضون العنف لكنهم أصبحوا حزمة واحدة تضم الجهاديين، وتنظيم القاعدة، فهم يحاربون كل من يريد الحياة، فهم أعداء للبلاد الآمنة. تولي محمود عزت لمنصب الإخوان في دقائق بعد القبض علي بديع أمر مثير للتساؤل، كيف تفسره؟ - محمود عزت هو الأقوي بين الجماعة والأكثر دموية، ولكن علي أية حال انفرط عقد الإخوان في مصر، والتخوف الآن من التنظيم الدولي، لكن موقف مصر الآن جيد، ولابد من الاعتراف ان ما حدث كان له فائدة كبيرة وهي القدرة علي توحيد الشعب المصري بشكل حقيقي، فلأول مرة منذ وفاة جمال عبدالناصر ان يكون هناك التفاف حول هدف واحد في وجود السيسي وهو بالنسبة للشعب رمز حقيقي نصدقه ونحترمه، أيضا الفائدة الثانية هي انتباه الأمة العربية للخطر، فاعتمدت ان تضغط بثقلها الاقتصادي الرهيب في الغرب، لهذا نحن في موقف جيد وعلينا ان نتماسك ونصبر. ما التحديات التي يجب التعامل معها في ظل الأيام القادمة؟ - يجب ألا ننسي معركتين مهمتين وهما الدستور حيث إعلان دستور حقيقي مدني متفق عليه من أغلب الجهات، والانتخابات التشريعية ويهددها تخوفات، التسامح مع التيارات الإسلامية فمن الممكن ان يدخلوا إلي الانتخابات، لذا لابد ان يضم الدستور بند عدم قيام أي حزب علي أساس ديني، والجدل الآن ما بين الانتخابات الفردية والقوائم. كيف تري موقف البرادعي؟ - لم أصدم في موقف البرادعي وتوقعته، ووجود البرادعي في جبهة الإنقاذ أضرهم جميعا، وأسقط العديد من الرموز من عيون الشعب لأنهم كانوا يتبعون لهم. كيف تقرأ موقف الولاياتالمتحدة من مصر وتركيا؟ - أوباما يحلم ان يكون الوحيد الذي حل أزمة اليهود في فلسطين، وكانت خطته ترحيل كل الفلسطينيين في إسرائيل إلي مكان في سيناء، وبالفعل أقام الاتفاق مع مرسي ولذلك أصابته اللوثة كما أصابت القيادات الإخوانية، أما أردوغان فلابد ان نعترف بخديعتنا به عندما جاء إلي مصر فهو يحلم بالعثمانية الجديدة، وبالفعل بعد ضرب التيار الإسلامي بدأ يتخذ مرونة كافية للوصول إلي الحكم، لذلك كان نجاح الإخوان في تحقيق المخطط الأمريكي من تقسيم البلد لدويلات دينية سيضعف من الكيان العربي لتصبح الدولة الموجودة هي تركيا. هل تري ان إخلاء سبيل «مبارك» يثير تخوفات؟ - لسنا في مرحلة مناقشة مثل هذه الأمور ولا يجب الانشغال بمبارك ونحن نملك أزمة أكبر وهي الإخوان.