تحت عنوان " بالنسبة لأوباما، الساحة الدولية تبدو مختلفة كثيرا عما كان يتصور"، نشرت صحيفة " اوتاوا سيتزن" الكندية مقالا حول الأزمة التى يعانى منها الرئيس الامريكى "باراك اوباما" فيما يخص السياسة الخارجية. وقالت الصحيفة إنه بعد ما يقرب من خمس سنوات على توليه الرئاسة، يواجه "باراك أوباما" عالما مختلفا كثيرا عما كان يتصور عندما تولى منصبه فى الفترة الرئاسية الأولى. فقد تراجع نفوذ الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط وتصاعد العنف وعدم الاستقرار فى الدول العربية، كما تعثرت وفشلت المحاولة الطموحة لإعادة العلاقات الأميركية مع روسيا، وحتى في أوروبا ذات العلاقة الوطيدة مع أمريكا، هناك شكوك عميقة حول برامج الإنقاذ الأمريكية. ويقول محللو السياسة الخارجية، بما في ذلك بعض الذين عملوا لإدارة أوباما ،أنه في بعض الحالات، كان السبب وراء ذلك ، المناخ الحالي بعوامل خارجة عن سيطرة البيت الأبيض ، ولكن الأخطاء من قبل الرئيس تتحمل جزء من المسؤولية. ومن بين هذه الأخطاء ، خطأ الحسابات من تداعيات انتفاضات الربيع العربي، ووضع توقعات علنية غير واقعية لتحسين العلاقات مع روسيا. وقال "روزا بروكس"، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الذي ترك الإدارة في عام 2011، إنه على الرغم من تقلص نفوذ الولاياتالمتحدة يسبق مجىء الرئيس الحالي الى السلطة ، إلا أن أوباما ضاعف الأزمة واصبح ليس لدينا أي نفوذ تقريبا فى الشرق الاوسط". فقد واجه "أوباما" الأزمات المتصاعدة في مصر وسوريا، وقد دافع عن نهج مدروس، قائلا :" قدرة أميركا على حل مشاكل العالم من تلقاء نفسها أمرا مبالغ فيه". وأضاف :" في بعض الأحيان ما رأيناه حتى الآن هو أن الناس يدعوننا إلى اتخاذ إجراءات فورية، والقفز على الاشياء، التي لا تتحول بشكل جيد، وهو ما يمكن أن يضعنا في وضعية صعبة جدا"، علينا أن نفكر من خلال استراتيجية أن ما يحدث يجب أن يكون في مصالحنا الوطنية على المدى الطويل." وأكدت الصحيفة الكندية أن فلسفة أوباما تواجه حاليا أكبر تحد ، قيما يخص التدخل فى الاضطرابات المتفاقمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد قطع الرئيس وعدا كبيرا في المنطقة عندما تولى الرئاسة فى 2008 وتعهد ببداية جديدة مع العالم العربي عندما سافر إلى القاهرة في عام 2009. لكن الاحتجاجات الديمقراطية التي تنتشر في جميع أنحاء المنطقة بسرعة سبقت جهود أوباما . وفي حين أن الولاياتالمتحدة دعمت باستمرار حقوق الأشخاص الذين يلتمسون الديمقراطية، إلا أن العنف الذي أعقب تلك الاحتجاجات كثيرا ما ترك إدارة أوباما غير متأكدة من خطوتها المقبلة أو اتخاذ خطوات مبدئية أو أن تفعل شيئا يذكر لتغيير الوضع على الأرض. وفي مصر، حيث أطيح به أول رئيس للبلاد منتخب ديمقراطيا في الشهر الماضي، رفضت الولاياتالمتحدة الدعوة للتخلص من محمد مرسي عبر الانقلاب العسكرى. وتجاهل الجيش الحاكم، الذي تدعمه الولاياتالمتحدة ماليا وعسكريا لعدة عقود، الى حد كبير دعوات أوباما لانهاء الاعتداءات على أنصار مرسي، والمسؤولون الأميركيون داخليا على خلاف بشأن ما إذا كان لقطع المساعدات عن الجيش نتائج إيجابية أم لا. وفي سوريا، حيث قتل أكثر من 100 ألف شخص خلال عامين ونصف فى الحرب الأهلية ، فشلت تعهدات "أوباما" بالتخلص من الرئيس "بشار الأسد" . وعلى الرغم من تحذيرات اوباما من أن استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية هو "خط أحمر" في سوريا، إلا أنه عندما استخدمت الغازات السامة ، لم يكن الرد الامريكى على القدر المطلوب . وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية اليوم "الاحد" إن هناك مجالا للشك أن الأسلحة الكيميائية استخدمت من قبل النظام السوري ضد المدنيين في حادث أسفر عن مقتل ما لا يقل عن مائة شخص الأسبوع الماضي. وتوقع عدد قليل من خبراء السياسة الخارجية ، أنه من غير المحتمل للولايات المتحدة أن تقوم بأي عمل لمنع الاحتجاجات العربية ، لكن محللين يقولون ان أوباما اخطأ فى حساباته بخصوص الخطوات والمراحل التالية لتلك الانتفاضات ، بما في ذلك قدرة الأسد على التمسك بالسلطة وقوة الأحزاب السياسية الإسلامية في مصر. وقال "فالي نصر"، الذي نصح إدارة أوباما في السياسة الخارجية في الرئاسية الأولى ويشغل الآن منصب عميد كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة :" ان الرئيس لم يكن له رؤية استراتيجية على المدى الطويل ، وانما يتعامل مع كل قضية حسب المستجدات". ويقول مستشارو "أوباما" أن الرئيس محبط من خلال ما ينظر اليه على انه عدم وجود خيارات جيدة للتعامل مع الاضطرابات العربية . ولكن الرئيس نفسه قد دفع إلى الوراء في فكرة أن الولاياتالمتحدة قد فقدت مصداقيتها على الساحة العالمية لأنه لم يتصرف بقوة أكبر. وقال أوباما في مقابلة بثتها شبكة CNN:" "نحن لا نزال أمة لا غنى لأحدعنها". ولكن تصور افتقار الرئيس إلى النفوذ الدولي يمتد إلى أبعد من العالم العربي، ولا سيما إلى روسيا. فمنذ فوزه بقترة رئاسة ثانية العام الماضي، قوض الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" جهود الولاياتالمتحدة لطلب إجراء ضد سوريا في الأممالمتحدة، كما رفض جهود أوباما للحصول على اتفاقات جديدة بشأن الحد من التسلح. وقال "مايكل أوهانلون"، محلل الأمن القومي في معهد بروكينغز،:" لقد أخطأ الرئيس في افتراض أن بضع علامات على تحسن العلاقات سيكون كافيا للتغلب على سنوات من انعدام الثقة مع الروس". والقضية هنا هي أن واحدة من الآمال والتوقعات العالية بشكل غير واقعي لم تتحقق، فقد اعرب "أوباما" عن أمله فى أن سياسة أكثر واقعية منضبطة وأقل تدخلا فى الخارج سوف تسترضى الروس." وتضررت العلاقات في البيت الأبيض مع روسيا هذا الصيف عندما منحت موسكو اللجوء المؤقت ل "إدوارد سنودن"، المتهم بتسريب الوثائق بالتفصيل عن برامج مراقبة أمريكية سرية . ويخطط أوباما لألغاء لقاء مع بوتين في موسكو الشهر المقبل. كما اثارت برامج المراقبة الامريكية للاتصالات فى اوروبا جدلا واسعا فى العواصم الاوروبية الصديقىة لواشنطن . وانتقد بعض القادة علنا برامج المراقبة ، وكان من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى شككت في شرعية البرامج بينما كانت واقفة إلى جانب أوباما خلال زيارته لبرلين في وقت سابق من هذا العام. ورغم تمتع "أوباما" طويلا بشعبيه عالية بين الجمهور الأوروبي، إلا أن هذه الشعبية تراجعت في فترة ولايته الثانية. فقد كشف استطلاع مركز" بيو" للأبحاث في ربيع هذا العام، قبل الكشف عن برامج التجسس والمراقبة، تراجع دعم سياسات أوباما الدولية في معظم الدول التي شملها الاستطلاع، بما في ذلك انخفاض 14 نقطة في بريطانيا وانخفاض 12 نقطة في فرنسا.