جدل كبير أثاره القرار الروسى بمنح ادوارد سنودن حق اللجوء السياسى بعد أكثر من شهر على وجوده فى مطار موسكو، فما الذى دفع الكرملين لذلك؟ وهل سيشكل هذا القرار ضربة للعلاقات الروسية الأمريكية؟ وكيف سترد الولاياتالمتحدة على الصفعة التى وجهتها لها غريمتها الأولى؟ هذه الأسئلة أخذت وسائل الإعلام العالمية فى طرحها ومحاولة الإجابة عنها منذ إعلان روسيا منح «سنودن» اللجوء السياسى المؤقت لمدة سنة، مما مكنه من الخروج على وجه السرعة من المطار بعيدا عن الإعلام والتوجه إلى موقع سرى داخل روسيا. وبطبيعة الحال، اتسم رد الفعل الأمريكى بالغضب الشديد، حيث أعرب البيت الابيض عن خيبة أمله الشديدة، وقال إنه سيعيد النظر فى خطط عقد القمة الرئاسية الروسية الأمريكية المقررة مطلع سبتمبر القادم، أما السناتور «روبرت منينديز» رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس النواب الأمريكى فوصف قرار روسيا منح اللجوء الموقت لسنودن، ب «النكسة» للعلاقات الثنائية، ومن جهته وجه السناتور الجمهورى جون ماكين انتقادات شديدة للقرار الروسى الذى اعتبره صفعة فى وجه كل الأمريكيين، وقال فى تغريدة على حسابه بموقع «تويتر» إن سنودن يبقى فى أرض الشفافية وحقوق الإنسان.. حان وقت الضغط على زر مراجعة العلاقات مع روسيا، ووصف السيناتور الجمهورى «ليندسى جراهام» القرار الروسى ب«الاستفزازى»، معتبرا أنه إشارة إلى عدم احترام الرئيس الروسى فلاديمير بوتين للرئيس الأمريكى باراك أوباما، داعياً الحكومة الأمريكية إلى الرد بصرامة على هذا القرار. من جانبها سعت موسكو إلى احتواء الأمر، وقال يورى هاريسون مستشار السياسة الخارجية للرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن الوضع يجب ألا يؤثر فى العلاقات مع واشنطن، كما قلل من أهمية التكهنات بأن يدفع الخلاف حول سنودن بالرئيس باراك اوباما إلى إلغاء زيارته المقررة إلى موسكو فى سبتمبر، وأكد أن الوضع غير مهم ويجب ألا يؤثر فى العلاقات السياسية بين روسياوالولاياتالمتحدة. وقد تعددت تحليلات الصحف العالمية بشأن القرار الروسى الأخير بمنح سنودن اللجوء السياسى وتأثير هذا القرار على العلاقات الأمريكية الروسية، فذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن منح روسيا حق اللجوء للهارب الأمريكى سنودن من شأنه جعل الإدارة الأمريكية تفكر مليا قبل إتمام زيارة الرئيس باراك أوباما إلى روسيا، وهى الزيارة المقررة فى الخريف من أجل عقد قمة مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، وأضافت الصحيفة أن قضية سنودن زادت من توتر علاقات موسكو مع واشنطن، موضحة أن علاقة البلدين متوترة أصلا بشأن أزمات وقضايا عالمية متعددة تتعلق بالحرب الأهلية التى تعصف بسوريا وبالأزمة النووية الإيرانية وبالدرع الصاروخى وبتخفيض الأسلحة النووية وأزمة أفغانستان بشكل عام. من جانبها رأت مجلة «تايم» الأمريكية أن الخطوة الروسية تعتبر بمثابة إهانة من جانب بوتين لنظيره الأمريكى أوباما، مشيرة إلى أن مرشح الرئاسة الأمريكى السابق ميت رومنى ربما يكون على صواب عندما أعلن أن روسيا تعتبر العدو الجيوسياسى الأعظم بالنسبة للولايات المتحدة. أما صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» الألمانية، فذكرت فى سياق تعليقها على قرار منح روسيا اللجوء لسنودن أنه تمكن من الحصول على اللجوء بعد تقديم طلب لأكثر من 20 بلدا، واعتبرت الصحيفة أن فلاديمير بوتين يتقمص الآن دور محامى الحريات وحقوق الإنسان لكن لعبته مكشوفة، بينما اعتبرت صحيفة «دى فيلت» الألمانية أن لكل شىء ثمنه، وهذا ينطبق على اللجوء المؤقت الذى منحه بوتين لإدوارد سنودن فى روسيا وذلك من أجل الحصول على شىء ما. على الجانب الآخر قال المحلل السياسى «جيفرى مانكوف» نائب رئيس برامج أوراسيا وروسيا فى مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية لوكالة أنباء موسكو أن قضية سنودن ستولد عاصفة مؤقتة من الانتقادات من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن من المستبعد أن تخلق أزمة كبيرة مع روسيا فى الملفات الاستراتيجية التى تؤثر على العلاقات الثنائية مثل القضية السورية وإيران والحرب على الإرهاب وغيرها.