تحت هذا العنوان ظهر «رأي الوفد» في أعقاب استشهاد جنودنا بأيادي الغدر علي الحدود المصرية في رفح في رمضان قبل الماضي، وتوجهت الاتهامات صوب غزة لما تضمه من فصائل تقودها منظمة حماس، لها صلات و»مصالح» في مثل هذا العمل الجبان، تمثل خطوة مرحلية في إستراتيجية الحكم الإخواني البائد، فكانت حمايتهم واجبة. وقد كانت رؤية «رأي الوفد» حينئذ، ضرورة إعلاء شأن القضية الفلسطينية، بما يرتفع بالقضية عن متناول أيدي الصغار، ممن «حملوا الخير» للشعب الفلسطيني، تماماً مثلما حمله «أساتذتهم» في مصر للشعب المصري، فأتي «الخير» غامراً... انقساماً وخراباً ودماراً وحرقاً. واليوم... وقد رأت منظمة حماس أن تواصل نضالها الوطني، وترد علي إرادة الشعب المصري الذي لفظ أساتذتهم، فرعت مؤتمراً يدعو للجهاد ضد الجيش المصري، الجيش الذي روى بدماء شهدائه قضيتهم، بل قضيتنا، حتى لا تموت أمام الأجيال القادمة من الشعب الفلسطيني، وكافة الشعوب. الجيش المصري الذي لم يعد باقياً غيره أمام المخططات الصهيونية لتنفرد بالشعوب العربية، فتعيد تشكيلها الجغرافي والسياسي، بما يسمح بإدراج إسرائيل جسماً «طبيعياً» في المنطقة، بعد أن تختفي ملامحها العربية، في إطار شرق أوسط جديد، هو منتهي طموحات المخططات الهادفة إلي الهيمنة علي مقدرات الشعوب العربية. نعم... ستظل القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، ما بقيت مصر التعبير الأصدق عن الضمير العربي الحر، ولن تفلح حماقات الصغار، هنا وهناك، في حمل مصر علي التخفف من مسئولياتها القومية، ومشاركة الصغار «ألعابهم» التي طالما عبثت بمقدرات الشعب الفلسطيني المناضل، وبعثرت أبناءه، وبددت طموحاته المشروعة في إزالة الاحتلال الوحيد الباقي علي الساحة الدولية. غير أن الأمر لا ينبغي أن يمر، كما مر غيره، وقد صححت مصر مسار ثورتها، دون أن يتعلم الصغار أن حكم الشعوب لا يكون عبر إدارة عمليات التهريب من خلال الأنفاق السرية، رغم ما تدره عليهم من ثروات هائلة، لطالما كانت حائلاً دون نجاح محاولات عديدة لرأب الصدع الفلسطيني، ودون أن يعي «المناضلون» وقد ناضلوا طويلاً من خلال رفاهية العيش في أوروبا، وشعبهم يعاني تحت وطأة الاحتلال، أن التطاول علي الكبيرة مصر لن يتيح لهم وجوداً علي الساحة الدولية، سوى في خانة المنظمات الإرهابية. إن حزب الوفد، يدرك أن المرحلة الراهنة، في ظل خطورة السياقات المحلية والإقليمية، تقتضي من الصغار التنحي جانباً بمصالحهم، فقد كان للوفد من المساعي شتى في سبيل لم الشمل الفلسطيني، إلا أن الأمر بالفعل مُلتبس لدى قادة حماس بين «منظمة» سرية تعبر عن فئة من شعب في ظرف زمني ومكاني محدد، احتكرت واحترفت لقب «الحكومة المقالة»، وبين «جيش وطني» هو ملك لشعبه.. وأمته العربية، وهو الامتداد الطبيعي لدولة راسخة تدرك بمسئوليتها التاريخية... ضرورة أن تظل «فلسطين في القلب».