يقع مسجد الإمام البوصيري بمدينة الإسكندرية على شاطيء البحر بحي الأنفوشي في منطقة ميدان المساجد وفي مواجهة مسجد أبي العباس المرسى ويأخذ نفس الشكل المعماري تقريباً .. وقد كان المسجد قديماً زاوية صغيرة حتى شيد المسجد الحالي عام 1274ه ( 1858م ) ويتكون من مربعين منفصلين : المربع الأول : يشمل صحن المسجد وتتوسطه نافورة وتحيط به الأروقة من جميع الجهات. المربع الثاني : وبه إيوان القبلة ويؤدي إلي ضريح الإمام البوصيري تعلوه قبة من الصاج والمسجد ومئذنته التي في شكل مسلة يمثلان الطراز التركي في القرن التاسع عشر .. وقد شهد المسجد في الآونة الأخيرة تجديدات وتطويرات شملت الجزأين معاً وأيضاً مبني المسجد من الخارج. ولم يشتهر أحد في مجال مدح خير البرية صلي الله عليه وسلم مثلما أشتهر الإمام شرف الدين البوصيري صاحب ” البردة ” الشهيرة… التي فاقت شهرتها شهرة صاحبها والتي تعتبر من الفرائد في مدح رسول الله( صلي الله عليه وسلم).. وسار على نهجها الكثيرون من الشعراء الذين جاءوا بعد وقد أخذ البوصيري ينظم الشعر في مدح النبي صلي الله عليه وسلم وعُدَّ من خيرة شعراء المدائح النبوية . وللبوصيري ديوان من الشعر المنظوم المختلف الأغراض ” وبه الكثير من المدائح النبوية وأشهرها قصيدتاه ” الميمية ” أو ” البردة “.. وقصيدة ” الهمزية ” وهي القصيدة المسماة.. ” أم القرى في مدح خير الورى ” . وهذا الديوان قد تم طبعه أكثر من مرة وفي طبعات شتي في عصرنا هذا والقصيدة الهمزية المسماة ” أم القرى في مدح خير الورى” تقع في أكثر من أربعمائة وخمسين بيتاً .. ومطلعها .. كيف ترقى رقيك الأنبياء ….. يا سماء ما طاولتها سماءً ومنها هذا البيت أنت مصباح كل فضل ما تصدر ….. إلا من ضوئك الأضواء
من هو البوصيري ؟ هو الشاعر الأديب والإمام الصوفي – شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد حماد بن محسن – الملقب بالبوصيري نسبة إلي مدينة بوصير بصعيد مصر والذي عاش في الفترة من ( 1213م – 1295م ). وينتمي أسلافه إلي فرع من قبيلة صنهاجه ببلاد المغرب والذين نزح بعضهم إلي مصر واستقروا بها . وقد ولد الإمام البوصيري في أول شوال سنة 608ه ( 1213م ) ببلدة دلاص حيث نشأت أمه وشب في بوصير – وهي قرية قديمة بين الفيوم وبني سويف – وكان منها أبوه ولذلك أنتسب إليها فسار ُيعرف ” البوصيري “. وبعد ذلك نزح منها في صباه واستقر في القاهرة ، وتلقي في أحد مساجدها الصغيرة بعض العلوم الشرعية واللغوية وقد كان البوصيري فقيراً ولكنه كان يحسن الكتابة وله خط جميل فاشتعل فترة في كتابة شواهد القبور .. ثم التحق بوظيفة كاتب للحسابات بمدينة بلبيس بالشرقية وهناك أمضي بضع سنوات في الوظيفة لكنه لاقي منها الكثير من المتاعب .. فصور ما رآه فيها من انحرافات ووشايات واستغلال للسلطة في بعض أشعاره . وغادر الشرقية عائداً إلي القاهرة وافتتح كتّاباً لتعليم الأطفال ولكنه عاني أيضاً في هذا الكتّاب وسطر هذا في شعره أيضاً وأخيراً جاء إلي الإسكندرية واستوطنها حتى آخر حياته وعاصر في حياته عدداً من سلاطين المماليك ومنهم الظاهر بيبرس .. وفي الإسكندرية عرف الإمام البوصيري شيخ الإسكندرية وعالمها الجليل أبا العباس المرسى ولازمه وأقبل على طريقه الصوفي وتتلمذ على يديه. توفي البوصيري بالإسكندرية عام 694ه (1295م)