والله افتقدت وجهها الأسمر وابتسامتها التى تنفرج عن أسنان لا تقل سمرة، افتقدت مناديلها المعطرة التى كانت تلح على بها بين يوم وآخر عبر الإشارة التى تعلق طويلا على اللون الأحمر، فقد اختفت منذ ثلاثة أسابيع أو أكثر، ولا أعتقد أن مكروها أصابها لما لاحظته من اختفاء مفاجئ لجموع المتسولين ومئات من قاطعى الإشارات من بائعى المناديل ولعب الأطفال التافهة والحلوى الرديئة، لقد اختفوا جميعهم بقدرة قادر، والباحث عن سر هذا الاختفاء لن يقف كثيرا أمام حيرته، فقد تحول المئات من متسولى مصر، تحولوا إلى صحاب حرفة، يتقاضون عنها مبلغا يبدأ من خمسمائة جنيه إلى ألف فى الشهر، بجانب وجبتى الإفطار والسحور مجانا، والحرفة الجديدة اسمها «معتصم»، أى والله معتصم، فقد تحول المتسولون إلى معتصمين بالأجر فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، لهذا خلت شوارع القاهرة منهم، وأصبح المارة وقائدو السيارات يتنفسون الصعداء على حساب «الخناق» الذى يفرضه المعتصمون المأجورون على سكان رابعة وبيوت الجوار لميدان النهضة ، ربنا يفك خناقهم، ويضيقها على من يضيقون عليهم. ولأن فقراء مصر كثر، وأعداد متسوليها ينافسون تعداد كل متسولى العالم جمعا، لذا قد تزداد الأعداد الاعتصامية فى رابعة أو غير رابعة ضمن جموع الإخوان المتمسكين بطرف جلباب المنزوع «محمد مرسى»، وستزداد مخططاتهم شراسة لتعطيل الحراك السياسى والاقتصادى والمجتمعى فى مصر، بقطع الطرق وتعطيل حركة السير وخطوط المواصلات، وبالهجوم الدنيء على قوات الشرطة والجيش، وبإثارة الفزع بعبواتهم الناسفة هنا وهناك «نسفهم الله من مصر»، وكلما شعروا بمزيد من فقدان الأمل، كلما ازدادت ضرباتهم الغادرة الخائنة إيلاما لقلب وجسد الشعب المصرى الحر، لأن ضربة الميت فاقد الأمل موجعة . وسيتمسك الإخوان المنزاحون مع رئيسهم بتطبيق مبدأ المظلومية، وهو المبدأ الذى يعتمد على نسج خيوط «مظلمة» إنسانية واجتماعية، لينوحوا على رأسها، وليبعثوا بوسائل الإعلام بصورها وبأكاذيب نسيجها، وكانت مظلوميتهم فى بداية اعتصام رابعة وإبان هجومهم الخسيس على الحرس الجمهورى، هو إشاعة وجود أطفال بين القتلى، وأن الجيش هاجمهم وهم يصلون الفجر، وعندما لم تنطل هذه الحيلة على المصريين وعلى العالم، فلم يكن هناك أطفال، ولم يكن الوقت وقت صلاة فجر ولم يكونوا يتوجهون أصلا إلى قبلة الصلاة، كما يبدو أنهم لم يجدوا من يضحى بأطفاله مقابل كام ألف جنيه لحبك قصة «المظلومية» لجأو إلى مظلومية أخرى وهى قتل النساء التابعات لجموعهم فى المظاهرات، وفى اعتقادى الشخصى أن نساء المنصورة الشهيدات، لم يقتلن إلا على أيدى عناصر مأجورة تنتمى للإخوان والله أعلم، من أجل إثارة قصة المظلومية أمام العالم وليظهروا بمظهر «الحمل» الوديع المسالم الذى وقع على رأسه الظلم والقهر لدرجة قتل النساء منهم، ومما يؤسف له أن هناك منظمات حقوقية مشبوهة أو مخدوعة، تنساق سوقا وبسرعة وراء تلك الأقاصيص للمظلومية، فتنبرى بسرعة البرق لتوجيه الإدانة واللوم إلى الثوار، حتى دون أن يتم فتح التحقيق، وبدون كشف الملابسات وراء مقتل الأمهات البريئات والأخوات المسكينات من المنصورة، فيما تشير الدلائل الأولى أن سبب الوفاة لواحدة أو أكثر، هى جراء إصابتها بطلقات من «البلى»، الغير مصنع محليا، أى المهرب عبر الحدود، وكلنا يعرف من الذى يقف وراء تهريب الأسلحة النارية وغير النارية عبر الحدود، وكلنا عرف على مدى الأشهر والأسابيع الماضية من هو الطرف الثالث الذى كان يفسد أى مظاهرة سلمية للثوار المدنيين ضد نظام مرسى قبل نزعه من مكانة بإرادة الشعب الغاضب الثائر. خلاصة القول، رسالتى للإخوان المتأسلمين ورسالة كل مصرى وطنى يحب هذا البلد ويخاف عليه، خلاصة قولى هى «فضوها سيرة».. كفاكم عبثا وتلفيقا وترويعا وتهديدا وبكائيات.. كفى، لقد سقط القناع وانزاحت ورقة التوت لتظهر كل سوءاتكم، عرفنا من هو المجهول، ومن هو اللهو الخفى، ومن الذى أثار الإرهاب هنا وهناك، وفجر خطوط الغاز فى العريش، عرفنا من قتل جنودنا الاحرار وهم يفطرون رمضان، ومن اختطف جنودنا ثم اطلق سراحهم فى مسرحية هزلية ، ومن وراء اختفاء الضباط الأربعة والجندى، ومن يقتل الأفراد من بين صفوف خير أجناد الأرض. كفاكم وفضوها سيرة، تقبلوا الواقع، وتقبلوا إرادة غالبية الشعب الذى خرج للميادين فى ثورة سلمية ليطالب باستعادة ما حاولتم سرقته وتشويهه، ثورته، حاولوا أن تكونوا مصريين خالصين ولو لمرة واحدة، وأن تكون تبعيتكم وانتماؤكم للوطن الذى تأكلون وتشربون وتمرحون على أرضه، لا ولاؤكم للتنظيم، حاولوا أن تكونوا مخلصين لوجه الله وعقيدته الإسلامية السمحاء، لا لوجه السلطة والسلطان، حاولوا أن تصدقوا القول مع الشعب ومع من تستقطبونهم إلى الميادين بالمال، أن تعترفوا أن حربكم الزائفة لأجل الكرسى والمنصب، وليس لأجل الدين ولا لنصرة رسوله الكريم كما ترددون فى محافلكم، والله لا أرى فكركم وسلوككم بعيدا عن الفكر والسلوك الماسونى الضال، عودوا للحق، عودوا للواقع، مرسى لن يعود، وأنتم لن تعودوا للسلطة، فقد أثبتم خيبتكم وفشلكم، وحشودكم المؤجرة لن تنفعكم، فتمويلاتكم لهم لن تستمر للابد، والشعب المصرى صابر وقادر على مواجهة كل الاعيبكم ومن خلفة الشرطة والجيش، وإن أردتم العمل السياسى عليكم أن تتوبوا وأن تصلحوا انفسكم، وأن تتطهروا من كل إثم ارتكبتموه فى حق هذا البلد العظيم، وقبل هذا عليكم أن تدفعوا ثمن جرائمكم وإسالتكم للدماء .. بالقانون، حمى الله مصر وحمى جيشها العظيم.