كانوا يرفلون فى جلاليبهم البيضاء ويتمايلون من نشوة النصر أو الحقد الله أعلم بالنوايا!! وهل هى يا ترى الرقصة الأخيرة والتى أتحفونا فيها كعادتهم بكل ما هو مثير للدهشة وغريب عن الوطن وعن التاريخ والجغرافيا. أم أن هذا العرض سيستمر طويلا فى مصر. وهل كانت فعلا مليونية نبذ العنف التى أقيمت عند مسجد رابعة العدوية حقيقة أم إشاعة؟ هل هى من أجل الحب والسلام أم إشاعة البغضاء والكره والتحريض على القتل وسفك الدماء؟ وهل كان فعلا المجتمعون يجتمعون تحت راية الإسلام الدين الحنيف الذى يؤمن بالتعدد وقبول الآخر (لكم دينكم ولى دينى) وهل كانوا فعلا مصريين يعبرون عن مصر ووسطيتها وثقافاتها المتعددة والمتراكمة على مر السنين أم كانوا يعبرون عن ثقافات أخرى جرداء صماء غليظة المشاعر عصية على الفهم تكره الآخر وتريد إبادته من الوجود فلا تعايش مشترك ولاسماحة ولا تسامح أبدا مع الآخر (إما هم أم نحن) وهل كانوا حقيقة أم خيالا أم كابوسا تعيش فيه وفى تبعاته مصر منذ الثورة العظيمة التى ضحى من أجلها شبابها الذى قتلوه أوسجنوه. أغمض عينى وأغفو قليلا لأتصور حالة مغايرة لما شاهدناه لتصبح فعلا اسما على مسمى (نبذ العنف) يا له من اسم جميل وبراق وكانوا جميعا رجالا ونساء وعائلات يملأون ميدان رابعة العدوية وهو معروف أنه ميدان كبير جدا جدا يتسع لملايينهم الغفيرة حتى لو أثبت جوجل بالحسابات والعلم غير ذلك ولكنهم هم الأصدق والأطهر أنهم لا يكذبون أبدا ولتذهب الحسابات العلمية والعلم ذاته إلى الجحيم , جاءوا من كل فج عميق متحملين المشاق والصعاب (لم يتقاضوا بدل سفر ووجبات ولم يشحنوا فى عربات من كل الأنواع والماركات) من أجل نصرة الإسلام ومحاربة أعدائه يرتدون ملابس بيضاء كالحمام رمز السلام ونقية نقاء قلوبهم الطرية كقلوب الخس الأخضر يهتفون ويكبرون ويطيرون من السعادة فى ساحة المسجد كالحمائم التى تطير فتشع الجمال والبهجة حولها ويطير ويحلق معهم كل أبناء الوطن!! وأصحو من إغفاءتى ولا أرى حمائم بل غربانا ترقص على جثة مصر رغم ملابسهم البيضاء تطلق أصواتا وصيحات منكرة تطلب دماء الآخر وتنفى الآخر وتقتل الآخر. كلمات هى فى حقيقتها خناجر وسكاكين وسيوف تغمد فى قلب الشعب وتقطع شرايينه وتشرب دماء المختلف وترقص على جثته. إنه عرض مكتمل الأركان ورشة تأليف جماعى وفورى فوق المنصة الكبيرة يفصح فيها كل منهم عن مكنونات قلبه وأحقاده ومراراته أو فهمه الغبى والمغلوط للدين والحياة والعمل من أجل سبوبته داخل أو خارج البلاد ,أما المخرج فقد وزع الأدوار بعناية واقتدار لتشويه الجميع وقتلهم معنويا، فهذا يقتل القضاء وهذا يقتل الأزهر وهذا يكفر الإعلام ويستحل دمه وهذا ينفث سمومه وأحقاده ضد الجيش المصرى وذاك يكفر كل من يعارض رئيسهم المؤمن. كل الوطن متهم ومذنب وهم فقط الأخيار.. أما جماهير المشاهدين فتتملكهم نشوة النصر تهلل وتكبر وتوعد وتتوعد بالانتقام والقتل والسحل لكل المختلفين. إنها ليست مليونية نبذ العنف بل الدعوة والتحريض على العنف ولم يكونوا حمائم ترفرف من أجل الوطن بل غربان تنعق من أجل خراب الوطن. وليهنأوا لقد أثمرت صيحاتهم أسرع مما تصورنا على الشيعة فى أبو النمرس؟ فمن التالى يا ترى؟