ما كان لنا ونحن نحتفل بذكري مولد سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - وايضا بذكري ثورة يناير التي اسقطت نظاما بائدا فاسدا مفسدا أن تكون الدماء والاحجار والسيوف والطلقات النارية هي عنوان هذين الاحتفالين العظيمين. مددت بصري نحو ابنتي والدموع تسألني لماذا هذا المشهد المروع الذي أطفأ بهجة الاحتفالات وأدماها حزنا.. احسست اني اب مكلوم لكل ابن روع وقتل في مشهد بورسعيد المأساوي. اب يسأل لماذا اصبح القتل مثل المادة السهلة التي يجيب عنها اي تلميذ وهو مغمض العينين فيخرج سعيدا بما ارتكبه في حق نفسه واخيه ووطنه؟! لماذا زادت مساحة الكراهية الي الحد الذي يشبه بالزلزال تزيد درجاته يوما بعد يوم؟! لماذا تم خلع رداء الحب عن انفسنا فانطلقت الحمم البركانية تحرق قلوبنا علي كل عزيز لدينا؟! سامحنا يا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لقد انكر عليك اعرابي عندما وجدك تقبل احفادك وقال لدي من الاولاد عشر ولم اقبل احدا منهم فرد عليه سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم- وماذا أملك لك بعد ان نزع الله الرحمة من قلبك.. وها نحن في ذكري ميلادك الكريم - عام الفيل - الذي نصر الله فيه عباده الصالحين علي الظالمين واهلكهم بطير ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول - نمسك الحجر لنقذف بعضنا بعضا ونهلك انفسنا بالسيوف والسلاح فنزعنا الحب والرحمة من قلوبنا وصرنا اشد قسوة من أعراب الجاهلية. سبحان الله كاد الحجر الأسود أن يتسبب في إحداث فتنة عظيمة بين القبائل التي كان كل منها يريد أن يحظي بالشرف العظيم لحمل هذا الحجر ووضعه في مكانه بالكعبة المشرفة ورغم شدة التعصب بينهم إلا أنهم رأوا بعقولهم أن يحتكموا لأول شخص يدخل عليهم. أين نحن من هذا الاحتكام لنبذ الفرقة فيما بيننا - وقد كنت يا سيدي يا رسول الله أنت الحكم فوضعته وسط رداء وأمرت كل قبيلة ان تمسك بطرف منه فعصمت الناس من الفتنة والقتل ووضعته بيدك الشريفة في مكانه.. اما نحن فنمسك الحجر لا لنبني ولكن ليدمي بعضنا بعضا ولتمتد أيدي الكراهية لتهزم الحب وتودي به علي أيدينا حتي وصل الأمر إلي المطالبة بالعصيان المدني. يا ويلتنا مما نحن فيه نزج بأنفسنا وبوطننا نحو الهلاك.. نقتل أجمل ما فينا من تسامح وحب ورضا نفس.. نتعصب لمواقف يظن كل طرف انه الاصوب فيها ويرفض سماع الاخرين ونبعد أميالا وأميالا عما هو مشترك بيننا في أفكارنا لنضع الخلافات في مقدمة اهتماماتنا حتي نصل الي النهاية المؤسفة قتلي هنا وقتلي هناك احزان تلف الوطن في جميع ارجائه لتخبرنا باعداد ضحايانا. المصاب جلل ولقد فقدت الناس الثقة في بعضهم البعض وفي القائمين علي الأمر حتي صارت الجدران الاسمنتية والبشرية هي لغة الفصل بين أبناء الوطن الواحد لحقن مزيد من إراقة الدماء وكأننا نعيش علامات نشوب حرب أهلية كبيرة. الجميع يشعر أن مصر تضيع من بين أيدينا من أجل حفنة من الاعتراضات والمجادلات السياسية التي تشق الصف وتعصف بالحب وتكرس للكراهية وليس لنا منجي من هذا المنحني الخطير سوي أن نعود إلي الله وننحي خلافاتنا جانبا وننقذ مصر من براثن الفتنة الكبري التي ألمت بها بعد ثورتها العظيمة.. فهل نشهد ميلادا جديدا لمصر وكفانا دماء! هل سنجد من يحمل الحجر للحب والبناء وليس للهدم والعداء؟! هل سنجد حكيم هذا الزمان بعيدا عن من هم علي الساحة السياسية الحالية سواء افراد أو مؤسسات ليخطو بمصر نحو الأمان كما فعل سيدنا يوسف في سنوات العجاف، أم سننتظر ثورة الجياع قريبا!