أسطرُ هنا كلامًا من وجع الوطن على هامش المشوار إلى الميادين من جديد وقد ابتلعني الطريق إلى القاهرة وغُصتُ فى الذكريات؛ فهل نحن يا مصر شعبان أم واحد، وهل نحن فِرَق أم فريق؟ من نحن ومن هم وكلانا يا وطن يرفع أعلامك وكلانا يرتدى كوفية الثورة وعلى جسده آثار المحن ومن المنقذ ومن الذى يُوشك على الغرق. لكن فرق كبير بين شعب كسرَ الشرطة فى يناير 2011م بجسده الأعزل، عندما واجهته بالقمع والرصاص، وميليشيات مأجورة اليوم تعتدي على المنشآت وتحرق المؤسسات، تستفز الشرطة فى عقر دارها.. أليس كذلك أم أننا عشنا وهمًا كبيرًا عنوانه السلمية؟ لا.. الفرق كبير بين شباب نقى متجرد، سعى للحرية، وضحى بروحه، مدفوعًا بحبه لوطنه، وآخرين اليوم يسعون لإعادة الاستبداد وهدم مكتسبات الثورة، مدفوعين بأموال ملوثة وأغراض خبيثة ومخطط شرير. فرق كبير بين ميدان كان طوال أيام الثورة يُقيم الصلوات، وينظم حلقات التسبيح والدعاء، وميدان اليوم الذي امتلأ بأدعياء الثورية، ممن يمارسون علانية فعلًا ثوريًا فريدًا لم يشهد تاريخ الثوار له مثيلًا؛ بممارسة الاغتصاب العلني مع زميلاتهم فى الثورة وتنظيم حفلات التحرش الجماعي. فرق كبير؛ فالإسلاميون بالماضي في عهود الاستبداد عندما لجأوا للعنف، إنما لفتح المجال السياسي وانتزاع الحرية، أما هؤلاء اليوم فينتهجون العنف الهجومي لغلق المجال السياسي وهدم الشرعية. نحنُ تعالينا على المحن والجراح، وعندما كانت الشرطة التي آذتنا واعتقلتنا وقتلت شبابنا واقتحمت مساجدنا وبيوتنا فى عز انكسارها فى 2011م ، لم نثأر ولم ننتهز الفرصة للانتقام، وتحلينا بالنبل من أجل الوطن. أما هم، فلما لم تعجبهم نتائج الصندوق، عمدوا للانتقام والتخريب وقرروا التغيير بالقوة، واستحضروا تاريخ الحقد والكراهية وتجارب الثأر والانتقام ورفعوا صورَ رموز العنف والقهر والكبْت والوحشية. آه .. نعم، فمن حمى الثورة من الهدم والسحل تحت أقدام الخيل والحمير ونوق الحزب الوطنى؟ ومن جادَ بنفسه فى جمعة الغضب؟ ومن تنازلَ وخفض جناحه وكظمَ غيظه بعدَ حرق المقرات؟ ومن رفضَ اللجوء للعنف والرد بالمثل عندما تم الاعتداء على مقر اعتصام الشيخ عمر عبد الرحمن؟ ومن تحلى بالحلم واعتصمَ بالسلمية عندما تم الاعتداء على المساجد وعندما حُوصر العلماء؟ فرق كبير بين من يحمى المصريين، ومن يقتلهم ويتآمر على إهلاكهم وسفك دمائهم واغتصاب نسائهم. بين من يُشكل لجانًا لحماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، ومن يهدمها ويحرقها. بين الثائر ومدعى الثورة، بين المناضل والمأجور، بين الوطني الشريف والقاتل الحقير، بين من يضحى من أجل وطنه، ومن يقبض ليحرق ويخرب لحساب هذه الجهة أو ذاك الشخص. فرق بين ملامح ووجه الثائر النبيل الذي يحفظه الميدان لكثرة التصاقه به، ووجه وملامح الحارق الأجير المتواري خلف القناع. وعمر الجدع ما يخاف ويتغطي زي الحريم لكن حريمنا رجال وعمر السواد مهيحجب الشمس اللي طلعت ولا يمنع الضي إنه يوصل للعيون شاف الميدان كل الوشوش حافظ ملامح كل عشاقه فاتحين صدورهم للرصاص والضرب ناس كل يوم للموت بيشتاقوا يا مصر يا ضحكة في قلب دمعاية واقفين هنا وياك ميهمناش لا بلوك ولا حتى ألف بلاك [email protected]