إذا ذهبنا نبحث عن أصل تاريخي للظاهرة سيظهر على الفور اسم الحسن الصباح زعيم الطائفة الإسماعيلية الذي تحصن بقلعة "آلَمُوت" بالقرب من بحر قزوين ونشرَ فيها البساتين الفيحاء وأنهار العسل والخمر لتكون جنة الأرض السرية التي يستمتع فيها أتباعه بكل ما لذّ وطاب، وقيلَ إنه كان يستخدم الحشيش فى تخدير الشباب ليصبحوا طوعَ بنانه، فكان يبعث بهم في غارات مفاجئة لاغتيال خصومة من السنة، وبالفعل تمكن بهذه الخطة من اغتيال عدد كبير من زعماء العالم الإسلامي، حتى التصقَ بهم وصف "الحشاشين"، وقيلَ إن الوصف لا يمت للحشيش بصلة، وإنما هو مصطلح لوصف مجموعة من القتلة المأجورين. بمثل هذه الحيل يلعب من يحرقون مصر اليوم؛ لأنه من المستحيل أن يقدم شاب مصري في كامل وعيه على حرق وطنه، وإذا كانت نسبة الإدمان والتعاطي في عهد مبارك بين الشباب قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خاصة في سنوات حكمه الأخيرة، فإن أقراص الترامادول المخدرة قد ضربت رقمًا قياسيًا في الانتشار والتوزيع بين البلطجية وأدوات الثورة المضادة، وأصبحت هي القاسم المشترك في جميع أحداث الحرق والتخريب. إنه حسن الصباح من جديد جالس في مملكته في قلعة آلموت، وما عليه إلا أن يمد جيشه بالترامادول لينفذوا أوامره الخبيثة بابتهاج ونشوة لا تظهر إلا على ملامح من تم تغييبه تمامًا عن الواقع وعن الأحداث والتحديات والمؤامرات، ومن تم سحبه من ساحة إدراك معنى الخوف على الوطن والتضحية من أجله. رأيتُ وأنا أتابع الأحداث وأفتش عن الجديد على اليوتيوب صورًا ومشاهد لشباب يعزفون موسيقى ويغنون وهم في غيبوبة تامة وسط النيران التي أضرموها فى إحدى المؤسسات الحكومية ووسط الدمار الذي صنعوه، رأيتهم يتقافزون فرحًا وهم يحرقون مدرعة شرطة ويرقصون أثناء إحراق ملحق المجمع العلمي، ورأيتُ شابًا مُلثمًا يُقبل فتاة ملثمة وفى خلفيتهما يتصاعد النار والدخان من إحدى المؤسسات التى أضرموا فيها النيران. عندما رأيتُ هذا المشهد – لا أخفيكم سرًا – قلتُ في نفسي إن هذا لا يخرج عن أحد احتمالين اثنين لا ثالث لهما؛ إما أن هذا الشاب الملثم هو محمد البرادعي وقد تخفى بعد أن أُعلن عن انسحابه من المظاهرات لآلام في ركبته، وبالتالي فهذه الفتاة الملثمة التي يقبلها هي "أنجيليا جولى"! وإما أن الفتى والفتاة غارقان في ذروة النشوة الترامادولية. إنه حسن الصباح.. حمزة، يعدُ أتباعه المغيبين عن الوعي بجنته في الأرض ويكافئهم بجوائز وغنائم، وقد أغوى أتباعه من الشباب والفتيات بما يملكه من أموال وكنوز وقصور لا يدخلها ولا ينعم بما فيها إلا من قبل أن يكون فدائيًا، مستعدًا للموت والتضحية في سبيل تنفيذ مشيئته، وهناك يمدهم بالترامادول فيخرجون أشد قناعة باتباع أوامره. الفارق كبير جدًا بين ثوار يناير 2011م وأتباع حسن الصباح.. حمزة، فهناك كانوا أشبه بالحلم والمعجزة، كانوا سادة أنفسهم، أنقياء صالحين وأولاد ناس ووطنيين، أما هنا فأشبه بالكابوس المفزع، وقد فوجئ المصريون بكائنات عجيبة لا هدف لها إلا الهدم والاعتداء والتحرش والاغتصاب والحرق. هناك كانوا مصلين، بعد أن فرغوا من صلاتهم في الجمعة المباركة خرجوا غاضبين يزمجرون دونما سلاح وهزموا قوات الطاغية وهم عزل بإيمانهم ويقينهم وإرادتهم الصلبة. هنا لا يسجدون لله سجدة ولا يعرفون الرأفة مع أية فتاة تقعُ فى أيديهم، أسلحتهم ونيرانهم موجهة للشعب ومصالحه ومؤسساته واستقراره وأمنه. الحسن الصباح كان رجلًا داهية يحكى عنه التاريخ نوادر تدل على ذكائه الخارق، أما حسن الصباح.. حمزة فرجل أخرق، يثير الضحك والشفقة بحركاته البهلوانية. شاهدوا معي.. فبعد أن وزع على أتباعه من جيوش البلطجية الوهم والمخدرات والأموال في الميادين.. طبع ورقة وأسرع لاجتماع جبهة الإنقاذ في حزب الوفد يوزعها، وفيها يعرض رؤيته للحل، وهي من بنود؛ أولها: نقل سلطات الرئيس إلى المحكمة الدستورية فى تشكيلها السابق والعودة إلى دستور 71م مع تشكيل لجنة تساعد المحكمة الدستورية فى الحكم. تلك هي رؤية قائد جيش البلطجية ومموله الأساسي... اِفرحي يا تهاني! [email protected]