فى ظل سياسة المولد المتبعة فى التعليم والتى تخضع لمزاج وأهواء كل وزير رفعت وزارة التربية والتعليم شعار «إحنا نعمل اللى إحنا عايزينه واللى مش عاجبه يشرب من البحر أو يضرب راسه فى الحيطة».. هكذا تدار العملية التعليمية حالياً ولا تسمع الوزارة إلا صوتها فقط.. فبعد سنوات من عمليات التشويه فى الثانوية العامة على أيدى الوزراء السابقين والحكومات السابقة خرجت علينا وزارة التربية والتعليم فى توقيت غريب ومريب بمشروع يسمى بجديد للثانوية العامة وهو ليس بمشروع ولا بجديد لأنه وضع فى ظل النظام السابق وكان يتبناه أحد الوزراء السابقين وتم السطو عليه مثل غيره من أحداث السطو التى تحدث لأشياء كثيرة فى البلاد ومنها ثورة 25 يناير التى سرقت وزج بالثوريين الفعليين فى السجون.. المدهش فى الموضوع هو أن المشروع القديم جداً يتضمن إلغاء الثانوية العامة نهائياً وهذه تعد كارثة تعليمية ليس لها مثيل فى أى دولة فى العالم ويتم الاكتفاء بإجراء امتحان على المستوى القومى فى مجموعة من المواد الأساسية ويكون معيار الالتحاق بالجامعة هو إجراء اختبار للقدرات فى المواد المؤهلة للالتحاق بكل كلية.. ويعنى هذا النظام أن الوزارة تريد التخلص من المريض بقتله نهائياً بدلاً من البحث عن الدواء والتوصل إلى الحلول المطلوبة لعلاج المريض الذى تم تشخيص حالته وتم وضع تلال من التقارير وعقدت من أجله العديد من المؤتمرات التى خرجت بجبال من التوصيات ولم يتم العمل بها.. الوزارة تريد الخلاص من الصداع المزمن بطريقة مغايرة لأساليب الإصلاح التى تتبعها دول كبرى ومنها الدبلومة الأمريكية والشهادة الإنجليزية.. وقد يقول قائل إن هذه الأنظمة لا تتناسب مع الطبيعة المصرية فيكون الرد أنتم كاذبون وواهمون لأن هذه الشهادت يعمل بها فى المدارس المصرية ويدرسها مصريون ولم تقدم هذه الدول على الخطوة الانتحارية بإلغاء الشهادة والاكتفاء بدخول الجامعة عن طريق اختبارات القدرات.. وتبرر الوزارة الخلاص من وجع دماغ هذه المرحلة وهدمها فوق رؤوسنا بتوفير النفقات التى تصرف على امتحانات الثانوية العامة وكأنها تنفق على رحلة أو نزهة ولا تعتبر أهم استثمار لبناء العقول المصرية وإعدادهم للمرحلة الجامعية.. وهذا المنطق الذى تدار به أهم مرحلة تعليمية فى مختلف دول العالم لا نراه إلا فى الإعلانات التليفزيونية الخاصة بسلع السمن ومساحيق الغسيل والتى تدعو ربات البيوت إلى شراء هذه السلع من أجل التوفير.. ومن يقول إن إلغاء امتحانات الثانوية العامة سيقضى نهائياً على أفة الدروس الخصوصية أقول له فى المشمش الذى اختفى من الأسواق هذا العام وتم القضاء على زراعته فى أهم بلد لإنتاج المحصول وهى العمار لأن أسباب الدروس الخصوصية ترجع إلى تدهور مستوى التعليم فى المدارس وتكدس الطلاب فى الفصول والعمل بنظام الفترات الدراسية ووجود نقص شديد فى الفصول الدراسية وعدم الاهتمام بالعملية التعليمية فى المدارس وغياب الأنشطة التربوية وتحول المدارس إلى بيئات طاردة وليست جاذبة للتلاميذ والمعاملة السيئة للتلاميذ داخل المدار وانتقال العملية التعليمية إلى المنازل وصعوبة المناهج الدراسية وعدم والاستعانة بمرضى نفسيين فى وضع الامتحانات.. ولن يمنع اختبار القدرات الدروس الخصوصية بل سيخلق سوقاً موازية لهذه الدروس من أجل اجتياز الاختبارات ولن يكون هناك ثقة فى القائمين على إجراء هذه الاختبارات لأن ما يحدث فى أعمال الامتحانات من تسريب وبيع الامتحانات الجامعية يجعل أى إنسان عاقل فاقداً للثقة فى أى امتحانات تجرى من أجل دخول الجامعة.. نرجو أن تراجع الوزارة موقفها فى هذا النظام ولا تتعجل فى إقرار من أجل تحقيق مجد شخصى أو العمل بنظرية المهم السيستم وتظبيط الشغل.