وزير الدفاع والإنتاج الحربي يلتقي نظيره بدولة مدغشقر خلال زيارته الرسمية لمصر    أحمد الطاهري يعتذر عن رئاسة تحرير مجلة روزاليوسف    بالصور.. طرح ستروين C4 فيس ليفت موديل 2026 رسميًا في مصر (أسعار ومواصفات)    المتحف المصري الكبير يستضيف على التوالي النسخة الثانية عشرة من فعالية "RiseUp 2025"    رئيس الوزراء يستعرض جهود تعزيز استدامة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة    "عربي أمريكي".. من هو بشارة بحبح الذي لعب دور الوسيط بين حماس وترامب؟    تشكيل بيراميدز لمواجهة الزمالك في الدوري    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة لمجموعة الهبوط    11 مليون يورو تفصل النصر عن إقالة بيولي    5 مصابين في حريق بأحد محال الحلويات في الفيوم    تفاصيل لقاء "المسلماني" مع رئيس مؤسسة الإنتاج البرامجي لمجلس التعاون الخليجي    31 مايو.. عرض الفيلم السنغالي "ديمبا" في نادي السينما الأفريقية    صاحبة صوت ماوكلي وكابتن ماجد.. وفاة الفنانة فاطمة سعد    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الوزارية لوضع محددات العدالة الاجتماعية لاستحقاق الدعم    مختار عمارة يُعلن انطلاق بطولة أفريقيا للشطرنج ورئيس الاتحاد الدولي يشكر مصر    أبوشقة للمشاركين فى منحة ناصر: انقلو لبلادكم أن مصر واحة الأمن والأمان    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    طرح البوستر التشويقي لبرنامج «فضفضت أوي» ل معتز التوني    تأجيل محاكمة 6 متهمين ب«خلية العجوزة» ل 11 يونيو    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    الصحة العالمية: اليمن يواجه واحدة من أكبر فاشيات الكوليرا في العالم    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    برواتب تصل ل 4000 درهم.. وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية| رابط التقديم    السجن المؤبد لشقيقين لاتهامهما بقتل شخص بمركز دار السلام فى سوهاج    بين زيارتين.. ترامب يعود إلى السعودية دون عائلته لأول مرة منذ 2017 (تقرير)    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    "عبدالغفار" يترأس أول اجتماع للجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    الرئيس الأمريكي يصطحب "الوحش" في جولته الخليجية الحالية.. صور وتفاصيل    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطفاء ملف الأجور المشتعل
نشر في الوفد يوم 25 - 05 - 2011

هل يمكن حل قضية الأجور حلاً عاطفيا أو لنقل حلاً سياسياً، أم يتعين التوصل لحل علي أساس موضوعي علمي سليم؟ ما أسهل ان نتعجل حلاً لاطفاء الملف المشتعل، لكن الحريق يمكن أن يشتعل من جديد.
تتباين أجور العاملين في العديد من مؤسسات الدولة وداخل المؤسسة الواحدة والسبب ببساطة غياب نظام موضوعي للأجور، هذا من ناحية ومن ناحية اخري هناك الغزاة الذين هبطوا علي كثير من المؤسسات من خارجها ليتقاضوا مكافآت مقطوعة بالآلاف حتي لو لم يكن الأداء في حاجة لهم، وأدي ذلك مع ثورة يناير وتطلع الناس للعدالة الي اشتعال ملف الاجور، لكن إطفاء الملف بحلول وقتية او متسرعة سيؤدي لاشتعال الملف لاحقا، إن الحل لا يكمن في مجرد اصلاح القوانين واللوائح الخاصة والاجور او بمجرد تحديد حدود قصوي ودنيا، فعلي أي اساس تكون هذه الحدود؟ كما أن توحيد هياكل الاجور في كافة الوزارات الانتاجية والخدمية لا يضمن موضوعية وعدالة الأجر إذ يتجاهل اختلاف طبائع الوظائف داخل نفس الوزارة أو الهيئة أو الجهاز.. الخ وحجم الجهد العقلي أو البدني المبذول ما تتطلبه كل وظيفة من معارف ومهارات وما يكتنف أداءها من مخاطر أو ظروف عمل مميزة، الأمر الذي يبعدنا عن موضوعية وعدالة الاجور.
إن الحل يجب أن يكون علمياً وليس اجتهاديا، إن القضية ببساطة لها شقان، أما الأول فهو أهمية أن يفي دخل الموظف بالحد الأدني من احتياجاته المعيشية اضافة لقدر يسير للادخار لتأمين مستقبله ولخدمة الاقتصاد القومي، وأما الشق الثاني فهو ضرورة ربط الأجر بالأداء، ما فائدة اعتماد كادر خاص لفئة أو أكثر من العاملين بينما مستوي الاداء كما هو؟ لماذا نتجاهل ان يرتبط الأجر بكم وجودة الاداء وهو أمر من أبجديات الادارة؟ هل سيؤدي الكادر الخاص لفئة معينة من موظفي الدولة بالضرورة لرفع مستوي الخدمة الحكومية وجودة الاداء؟
إن تشخيصا موجزا للموقف الحالي للأجور في مصر يوضح ما يلي:
1- جدول الوظائف الحالي لا يساعد الموظف العام علي مقابلة أعباء المعيشة في حدها الأدني، وبرغم مسميات مختلفة لحوافز وبدلات ومكافآت فإن اجمالي الدخل الحقيقي للموظف يجعله غير قادر علي تلبية متطلبات الحياة ناهيك عن الادخار.
2- هناك مجلس قومي للأجور لم يسهم بشيء في تهيئة سياسة واقعية للأجور.
3- لا يوجد بمعظم وحدات الجهاز الحكومي معايير للأداء يمكن علي أساسها إجراء تقييم موضوعي للاداء يسفر عن تقرير قدر الحافز المستحق بشكل موضوعي، وهكذا فقد الحافز معناه الأصيل باعتباره مكافأة عن أداء متميز - بغض النظر عن مستوي الأداء الفعلي - وأصبح جزءا ملحقاً بالأجر.
4- لا يوجد وصف محدث وموضوعي للوظائف يوضح المهام والمسئوليات وظروف العمل ومن ثم متطلبات شغل الوظيفة من تعليم وتدريب وخبرة وقدرات وسمات شخصية، بما يصلح اساساً لتقييم الوظائف كمدخل لتحديد القيم الأجرية العادلة لكل وظيفة، وبدون ذلك فالأجر الذي سيتحدد هو أجر جزافي.
5- لا يوجد تقييم للوظائف يمكن علي أساسه تحديد درجة الصعوبة أو المخاطر المقترنة بأداء ومتطلبات شغل الوظيفة من تعليم مكتسب وتدريب يتعين تلقيه وجهد ذهني أو جسمي مبذول، وهذا أساس لتحديد قيمة للوظيفة تترجم بالتالي لنقاط، وتترجم النقاط الي قيم مالية أي اجور بشكل موضوعي.
6- يرتبط الأجر في الحكومة - بشكل عام - بالمؤهل والأقدمية وليس بمستوي القدرة (الخبرة * المعرفة * المهارة) ولا توجد سياسة موضوعية للحوافز تربط الأداء "او الانتاجية" بالحافز.
والمطلوب ببساطة تخطيط سياسة عادلة للأجور تقوم علي:
1- في القطاع الخاص، تحديد حد أدني للأجور 600 جنيه لغير حاملي المؤهلات وعديمي الخبرة وألف جنيه للمؤهل المتوسط و1300 جنيه للمؤهل العالي شهرياً بما يتناسب مع الحد الأدني لمتطلبات المعيشة مع تحديثه دورياً - كل ثلاث سنوات - بما يتناسب ومستويات الأسعار / معدل التضخم.
2- في القطاع الحكومي حيث يعمل حوالي 6.3 مليون موظف يتطلب الأمر وصفاً محدثاً وموضوعياً للوظائف في القطاعات النوعية المختلفة، يبني عليه تقييم لكل وظيفة بترجمة أعباء الوظيفة ومسئولياتها وظروف ومخاطر العمل ومتطلبات شغل الوظيفة الي نقاط، وترجمة النقاط الي قيم أجرية، هذا مع الاسترشاد بمستوي الاسعار واتجاهات التضخم، وبمستوي الاجور السائد في المنظمات متماثلة النشاط إن وجدت.
3- علي أساس تقييم الوظيفة يتحدد أجر أساسي يتعين أن يشمل كافة مكملات الاجر الحالية، يضاف له بدل طبيعة عمل - عند الحاجة - يتناسب مع طبيعة الاداء بالوظيفة ودرجة صعوبته والمخاطر المصاحبة للأداء، وكذا حافز اداء يقوم علي تقييم موضوعي لمستوي اداء الموظف وانتاجيته، وهكذا يمكن ربط الأجر بالانتاجية، وهنا من المقبول أن تتفاوت الدخول وفقاً لمستوي الانتاجية.
4- تقييم أداء شاغل الوظيفة وفق معايير أداء موضوعية ضمن نظام متكامل للثواب والعقاب، ومن ثم تتقرر المكافآت والحوافز علي أساس موضوعي، كما يتعين تحديد طريقة مثلي لتقييم الاداء غير الطريقة التقليدية العقيمة الممثلة في التقرير السنوي أو "لاسري"، ومن أهم طرق التقييم التي نوصي بها طريقة التقييم 360 درجة حيث يكون تقييم أداء الموظف محصلة كل من تقييمه هو لنفسه وتقييم رئيسه ومرؤوسه وزميله وعينة من الجمهور الذي يخدمه، علي أن تكون نتيجة التقييم علنية وليست سرية ليعرف الموظف ما قد يكون من نقاط ضعف فيتداركها.
5- جعل الحد الأقصي للأجور عشرين ضعف الحد الأدني، باستثناء الحالات التي تشهد ندرة في المعروض من الكفاءات في مجال محدد.
6- مراجعة الأجور الأساسية دورياً للتأكد من تناسبها مع معدل التضخم.
من الجميل أن يتبني مجلس الوزراء هذه السياسة الاجرية الموضوعية فيطفئ نار ملف الأجور بشكل موضوعي، قد يأخذ هذا وقتا يتراوح بين ستة أشهر وسنة، لكن ملف الاجور سيغلق دون مشاكل اذ سيتلقي الموظف ما يتناسب مع قدر الجهد المبذول ومستوي القدرة والمهارة، وطالما كانت هناك معايير موضوعية للاداء وأسس سليمة لتحديد الأجور والحوافز فلن تتظلم فئة او تشكو اخري، أعلم أن تصميم هذه السياسة الأجرية سيتطلب جهداً من الجهاز المركزي للتنظيم والادارة ووزارات التضامن والقوي العاملة والمالية، وكذا إدارات الموارد البشرية في كل وزارة وهيئة وما يماثلها لكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فإذا أمكن إعداد ذلك نكون قد أرسينا أسسا موضوعية لسياسة الاجور بالدولة، وتتهيأ مستويات أجرية عادلة تتناسب مع خصائص المجموعات النوعية للوظائف وتلبي تطلعات شاغليها، وتنتفي المطالبات والضغوط من آن لآخر بكادر خاص، ونكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، فطالما ارتبط الاجر والحافز بقدر وجودة الأداء نكون قد هيأنا عدالة دخل الموظف من ناحية وجودة الأداء من ناحية اخري.
أما من حيث تكلفة الهياكل الاجرية الجديدة فستتوزع بين الحكومة التي توظف ما يقارب من 6.2 مليون موظف والقطاع الخاص (الذي لم تتحدد حجم العمالة به علي وجه الدقة حتي الآن) أما الحكومة فيمكنها مقابلة الزيادة في الاجور وكذا المعاشات من اجل إعادة هيكلة الانفاق الحكومي وتدارك ما كان يهدر من ملايين كشفتها تحقيقات الفساد الاخيرة فضلاً عن رفع أسعار تصدير الغاز وفرض ضرائب تصاعدية مدروسة وضرائب علي أرباح بيع الاوراق المالية في البورصة مع خفض الضرائب المخصومة من أجور العاملين، ومن مصادر أخري تحددها وزارة المالية مثل إصدار سندات، وأما عن القطاع الخاص فان ربطه للأجر بالانتاجية يساعد علي تخفيف أثر الزيادة في تكلفة الاجور التي ستزيد ليس فقط بزيادة الأجر بل أيضا بنصيب صاحب العمل من التأمينات، والمطلوب هنا مستوي أجري يحقق توازنا بين مصلحة صاحب العمل والعامل معاً، انها دعوة للفكر.
*أستاذ الادارة - جامعة بنها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.