منذ حوالى شهر كتبت فى هذا المكان أن أخطر تهمة تواجه أصحاب الرأى والفكر هى مادة «إهانة الرئيس»، وقلت إن هذه المادة هى سيف مسلط على رقاب كل من يبدى رأياً أو يقول وجهة نظر مخالفة لنظام الحكم.. وهذه المادة هى السيف المسلط على رقاب كل الصحفيين والإعلاميين والنشطاء السياسيين وأصحاب وجهات النظر المخالفة للحاكم.. وفى عهد النظام السابق صدر حكم بالحبس سنتين لموظف فى الصعيد بتهمة إهانة الرئيس السابق مبارك، لأن هذا الموظف تجرأ وقال وجهة نظر ضد النظام، وقبع هذا الموظف فى السجن عامين كاملين!!! وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد تم القبض على ابننا الناشط السياسى المعارض أحمد دومة وتم تقديمه إلى المحاكمة بتهمة إهانة الرئيس، لأنه قال رأياً صريحاً فى الرئيس محمد مرسى وجماعته الحاكمة التى أوصلت البلاد إلى حالة الانهيار التى نحياها الآن.. من حق «دومة» أن يقول رأيه فى صراحة شديدة، وكل المصريين مع دومة فى رأيه، ويبقى على الرئيس وأتباعه أن يسجنوا الشعب ويملأوا به السجون والمعتقلات.. إذا كان «مرسى» يتصور أن حبس «دمة» سيمنع الكلام عن الإدارة الفاشلة للبلاد وفى ظل حكم الإخوان فهو واهم، وإذا كانت «الجماعة» تتصور أن حبس المعارضين لها، سيخرس الألسنة فهى واهمة، فإذا حبس «دومة» وكل المعارضين، فسيخلفهم ملايين «دومة» الرافضون لكل مهازل ومساخر الجماعة التى فاقت كل الحدود والتصرفات. «دومة» رمز لكل ثوار مصر الذين يريد النظام الحاكم أن يقضى عليهم جميعاً مثلما قضت «الجماعة» على ثورة مصر العظيمة.. «دومة» صاحب الخمسة والعشرين عاماً، فعل ما لم نفعله نحن آباءه وأمهاته.. ناضل كثيراً فى زمن المخلوع ولايزال مثل بقية زملائه الذين نعقد عليهم الآمال الواسعة فى تحرير البلاد من قبضة الغزاة الجدد المتاجرين بالدين، الذين يضحكون به على بسطاء الأمة، والذين تصوروا أن المصريين سيستمرون فى حالة الخداع التى تقوم بها الجماعة.. لقد كشف البسطاء من المصريين ألاعيب الجماعة. السؤال المحير فى عملية القبض على أحمد دومة أن النائب العام المعين بقرار من مرسى وينفذ تعليمات الجماعة على أكمل وجه، قد أحال القضية إلى نيابة استئناف طنطا، تلك النيابة التى أصبحت بمثابة نيابة خاصة ضد خصوم «مرسى» وجماعته، و«دومة» لم يعلم بقرار اتهامه بإهانة الرئيس إلا من الفضائيات والصحف، وقام بتسليم نفسه على اعتبار أن هذا الشاب الثورى المناضل، لم يفعل شيئاً سوى أنه قال رأياً فى الرئيس وجماعته، مثل باقى المصريين الذين ينتقدون سياسة الرئيس وفشله الذريع فى حكم الدولة المصرية، وخيبة الأمل التى أصابت مصر فى ظل حكم الجماعة. تهمة إهانة الرئيس من التهم الفضفاضة التى تطول أى مصرى، تستخدم كورقة ضغط على كل المعارضين وأصحاب الفكر والرأى، وبما أن هذا الكلام الذى أكتبه لا يعجب الرئيس وجماعته، فمن السهل جداً أن يقوم محامى «بئر سلم» تابع للجماعة بتحريك بلاغ يتهمنى بإهانة الرئيس!!!.. هذه التهمة هى امتداد لتهمة العيب فى الذات الملكية التى كانت تلاحق كل الوطنيين فى عصر ما قبل ثورة يوليو، وتم تعديلها فيما بعد فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وتم استخدامها ضد كل أصحاب الرأى، ورأينا صحفيين كثيرين دخلوا السجون ومنهم من تم اتهامه بالجنون وتم إيداعهم بمستشفيات الأمراض العقلية، واستخدمها الرئيس السادات ضد معارضيه خاصة فى خريف الغضب «سبتمبر 1981»، وتم استخدامها فى عهد الرئيس المخلوع مبارك وكان أشهر من استخدمت ضدهم موظف التعليم فى الصعيد، وضد زميلنا إبراهيم عيسى وفى عهد «مرسى» يستخدمها بشكل واسع فاق كل الرؤساء السابقين. أحمد دومة لن يكون الأخير الذى تستخدم ضده هذه التهمة طالما أن هذه المادة موجودة فى القانون وستظل تلاحق الصحفيين وأصحاب الرأى والفكر، المناوئين لحكم الجماعة... وطالما أن «مرسى» يواصل حكمه الفاشى ويعتمد على سياسة الإقصاء والاستئثار التى أوصلت البلاد إلى هذا الخراب.. دومة رمز الثورة المصرية كما قال علاء الغطريفى فى الزميلة «الوطن» هو الحر.. ونحن المصريين تحت حكم الجماعة مساجين وعبيد... وهو الشريف والجماعة أهل غدر وخيانة.