نعم، نتحدث عنه هو، بعينه، وشحمه ولحمه وشعر لحيته، من أهان نفسه وشيبته، ذلك الذى غضب بشدة عندما قال ثوار إن إهانته «واجب وطنى»، ولكى نضع النقاط فوق الحروف سنحاول أن نحدد «متى تكون الإهانة واجباً وطنياً؟». عندما يتورط أهله وعشيرته فى قتل شعبه على باب قصره، حماية ل«شرعية متآكلة»، وبرعاية منه تُحول وزارة الداخلية سجونها ومعسكراتها إلى مسالخ بشرية.. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يعد ويُقسم ويُغلظ القسم، قبل وصوله للسلطة، ويوقع، ويتعهد «هعمل وهعمل وهعمل»، ويتمسكن، وبعدما يتمكن يرفس السلم الذى أوصله إلى «الكرسى»، ويخون عهده، ثم يتفرعن، ويحصن قراراته، و«يدستر» استبداده، ويصم آذانه، ويُفصل له خفافيش الظلام دستورا، يظن أنه يُطيل حكمه، ويرضى إخوانه.. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يحكم، فيظلم، فيخاف، فيخرج من باب خلفى للقصر، ويسمع صوت الغاضبين داخل بيوت الله، فينقر فى صلاته، حتى وهو محاط بحراسه، فيضطروا للجرى «حفاة» لحمايته من شعبه.. فتكون إهانته «واجباً وطنياً». يتخلى عنه مستشاروه، ومساعدوه، ويقول أحدهم إن «الجماعة تتصرف كأنها قبيلة وتوزع المناصب كمكافآت، وهى التى تدير الحكم»، ثم يأتى بجبروته على أحد رجال قصره «الطيبين»، فيتهمه فى عرضه، باستغلال النفوذ، ثم يبرئه، ويعود ليورطه، ثم يبرئه، ويعود ليورطه.. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما تتحول البلاد على يديه إلى «مُسخة»، يتندر عليها «خلق الله»، (gaz and alkohol dont mix)، ولا إيه؟ عندما يتاجر بمقدراتنا وحضارتنا وآثارنا وتراثنا، لحساب «خيمتين ونخلة».. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يبرر له زبانيته، وصحبه، سوء عمله، ويتراقصون معه على جثث الضحايا فى ميادين التظاهر، وسيارات المدارس، وقطارات المجندين، ونقاط حرس الحدود، والعقارات المنهارة، بينما تستجم حرمه على «قفا أم الدولة» التى يترأسها، ويحظى نجله بفرصة عمل معتبرة لا يستحق ربعها، ومن هم أجدر منه قابعون فى طوابير العاطلين.. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يثبت «نائبه العام» أنه «نائب خصوصى» لجماعة سيادته، وأنه مطعون فى شرعيته، بعد افتضاح الضغوط التى مارسها على قاضٍ شريف لحبس متهمين أبرياء سلمتهم الميليشيات إلى النيابة، حتى لا يقع سيده فى حرج، وهو النائب العام «الخصوصى» نفسه الذى رخص دماء الشهداء حتى أضحت لا تساوى فى عهده ثمن أصغر بيادة حارس يحمى حياة فخامته.. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يتقول أصحاب الألسنة الطويلة فى حزبه وجماعته على معارضيه، ويروجون حديثاً أهطل عن العمالة والخيانة والتآمر، وهم غارقون فيها، وعندما يُقسِّم شعبه ووطنه، فيكون للنصف صاحب اللحية حظوة ونصيب ومناصب، أما النصف الآخر فتلاحقه تهمة «التآمر على الرئيس المنتخب»، عندما يوهم نفسه ويوهمنا بمؤامرة «20 ألف بطانية، و20 ألف وجبة، و5 آلاف قطعة سلاح مهربة، وأموال بالملايين»، ثم نكتشف أن المؤامرة «أونطة»، تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يسمح بأن تركع بلاده، وهى «أم الدنيا»، أمام صندوق تجويع وإذعان وإذلال، يتلقى تعليماته من «البيت الأبيض»، انتظاراً لحفنة دولارات مشروطة، وعندما يتعهد بأن يصون أمن العدو، ويتودد إليه على طريقة «صديقى العزيز، اشملنا برعايتك»، ثم يتهكم على «الستينات».. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يصنع من الإعلام شيطاناً، لأنه يكشف عورات حكمه، ويسوق أصحاب الرأى والصحفيين إلى المحاكم كالمجرمين، ويتواطأ على حصار الصحف، فلا نسمع لمن كان يقول: «لن يُقصف قلم ولن تُغلق جريدة» صوتاً.. تكون إهانته «واجباً وطنياً». عندما يُعادى شعباً علّم العالم كيف يقاوم، ويفرض عليه «حظر تجول»، فينزل الشعب العظيم إلى الشوارع، يستعيد مجد المقاومة، ويلقن العالم من جديد درسا فى فنون ترويض الطغاة.. هنا تكون الإهانة «واجباً وطنياً». سيدى.. هل تسمع؟ هل تغضب؟ أعرف أن صدرك يتسع لأكثر من ذلك، فدعنى أخبرك أن صحفيا تجرأ وقال لسلفك: «أشعر بالعار لأنك الرئيس، وأريد أن أتقيأك»، فلا تغضب.