للأسف الشديد تابعت الحوار الذى أجرته المذيعة خديجة بن قنة لقناة الجزيرة، وأسفى هنا يعود إلى أننى قد أضعت وقتى فى متابعة حوار تافه شكلا ومضمونا، بن قنة صاغت عناوين عامة تافهة لكى تلمع الرئيس، وإجابات الرئيس ذاتها كانت تافهة لدرجة تجعلك تمتعض وتتأسف ان هذا الرجل الذي يجلس هو رئيس مصر، هو الشخص الذى يمثل شعباً تمتد حضارته إلى ما قبل 7 آلاف سنة قبل الميلاد، ليس هذا فقط بل كلامه يدفعك إلى الندم لأننا قمنا بثورة راح فيها العشرات من الشهداء والمصابين، وأسفرت هذه الثورة للأسف عن تولى هذا الرجل الجالس أمام مذيعة الجزيرة يدافع عن الإخوان والأخونة وعن أعمال البلطجة التى قام بها بعض من ينتسبون إلى التيار الإسلامي ضد الإعلام والقضاء. لا أخفى عليكم أننى شعرت بالخجل والأسي وأنا أستمع إليه، شعرت وربما تيقنت من انه شخص لا يفهم ولن يفهم ولن يأتى من ورائه سوى الخراب والتخلف، كما تأكدت انه شخص مسلوب الإرادة يدار ولا يدير، يحاول ان يظهر فى ثوب الديمقراطي والمؤمن والمثقف، فى الوقت الذى يخطئ في أبسط قواعد اللغة التى يشاع انه من حفظة القرآن الكريم. منذ عدة شهور ناشدت هنا هذا الرجل الريفي محدود الذكاء والثقافة أن يخلع عباءة الدعاة وخطباء المساجد، ونبهته إلى أن خطبه فى المساجد عقب الصلاة لا تليق بمركز رئيس الجمهورية، ونصحته ان يكف عن عادته السيئة هذه وأن يختار بين وظيفته كرئيس ووظيفة الداعى أو الخطيب بالمسجد. الرئيس مرسى فى حواره مع بن قنة ذكرنى بخطبه فى المساجد، رأيته أشبه بخريج المدارس الأزهرية زمان، الذى كان يعرف بالفقى يرتدى الجبة والقفطان ويذهب للولائم والعزاء والمجالس متقمصا شخصية الفقيه العالم ، يقرأ القرآن ويخطب فى الناس مقابل وجبة عشاء ومبلغ مالى، لم أر مرسى بعيدا عن هذه الصورة، كان يتحدث فى كل شيء ولا يقول أى شيء، كما كانت المذيعة تلقنه بالأسئلة التى تعطيه المساحة للرغى والهلفطة. الشيء الوحيد الذى خرجت به من هذا الحوار التافه، أن الرجل يحمل عداوة وكراهية بداخله للقضاة والإعلاميين والمعارضة ولكل من لا يرفع شعار الإسلام هو الحل، يجلس مسلوب الإرادة مقيدا بخطوط حمراء حددت له قبل الحوار عليه ألا يتجاوزها، قل ما شئت فى إطار ما لقناك. قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة التى فاز فيها د. محمد مرسى، كتبت هنا وقلت بالحرف: «غدا أو بعد غد سوف تعلن نتيجة التصويت، وسنعرف اسم الفائز بكرسي الرئاسة، وقد يكون من التيار الإسلامي لا قدر الله ولا شاء، ماذا لو قام الرئيس الإسلامجى بتكليف أحد الإسلاميين بتشكيل حكومة جديدة؟، ماذا لو فاز محمد مرسى وكلف خيرت الشاطر أو صبحى صالح أو ممدوح إسماعيل أو عصام سلطان أو غيرهم من جماعة الإخوان أو من السلفيين بتشكيل الحكومة؟، هل ستصبح مصر في قبضة جماعة الإخوان ومرشدها بجميع مؤسساتها؟، هل سيترك للجماعة مجلس الشعب والشورى والحكومة ومنصب الرئاسة والمحليات فيما بعد؟، هل سنترك مصر لأصحاب الخطاب الدينى المتشدد؟. وقلت كذلك: إن الخطورة فى فوز أحد الإسلامجية لمنصب الرئاسة فى أنهم سوف يحاولون السيطرة على حقائب الدفاع والداخلية والخارجية والثقافة والإعلام والعدل والطيران والتعليم، ومشيخة الأزهر ودار الإفتاء والأوقاف، ورئاسة جهاز المخابرات وأمن الدولة والمخابرات الحربية، والأخطر ان يقوموا بتفصيل الدستور على مقاس خطابهم الديني. وللأسف الشديد يومها وجهت خطابى لمن يسمون بالقوى السياسية وقلت: لا قدر الله ولا شاء فى حالة فوز أحد الإسلامجية وفى حالة تكليفه احد زملائه بتشكيل الحكومة، ما الذي سنفعله؟، هل سنتركهم يستولون على مؤسسات الدولة وحقائبها العسكرية والأمنية والإستراتيجية؟، هل سنسمح لهم بإحباط حلم الدولة المدنية الديمقراطية؟. للأسف جماعة الإخوان نجحت بعد فوز مرسى فى كتابة دستور يخدم على مصالحها، كما نجحت فى أخونة العديد من الوزارات والمحافظات والمؤسسات والهيئات والقوانين، والقوى السياسية مازالت مثل فقهاء المعازى يختلفون على دخول الحمام: بالقدم اليمنى ام باليسرى؟، مازالوا يناقشون: نقاطع البرلمان ونتركهم يفصلون القوانين ويؤخونون ما تبقى من البلاد أم نشارك ويتهموننا بأننا نساعدهم في أخونة البلاد؟.