طالبت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية إدارة أوباما باستغلال الظروف الراهنة التي تمر بها الصين لإقناعها بالتعاون مع الولاياتالمتحدة على تحسين الأوضاع في باكستان من خلال تقديم المساعدات وزيادة المشروعات المشتركة، لكي تقضي على خطر تواجد الجماعات الإرهابية على أراضيها. وأوضحت الصحيفة الصادرة الاثنين أن الحسابات الاستراتيجية الأمريكية في جنوب آسيا تشهد حالة من السيولة، وأن الظروف الحالية هي الفرصة المثلى أمام واشنطن لاستخدام الأوضاع المتغيرة هذه في إعادة الاستقرار إلى باكستان، عن طريق الاستعانة بالشريك الصيني. وأضافت الصحيفة أن الجدل داخل دهاليز الحكومة الأمريكية حول السياسة الخارجية تجاه آسيا الوسطى (وتحديداً أفغانستانوباكستان)، سقط في فخ الاستقطاب بين معسكرين قصيري النظر. ففي جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، استخدم كل من الديمقراطيين والجمهوريين موت ابن لادن لتبرير الانسحاب السريع من أفغانستان. بينما طالب أعضاء آخرون بتجديد الضغط على إسلام أباد لإتخاذ عمل مباشر تجاه المقاتلين المعادين للولايات المتحدة والموجودين على الأراضي الباكستانية، مثل قوات الشورى وشبكة حقاني. واستدركت الصحيفة أنه من غير المرجح أن ينجح أي من الأسلوبين. فمغادرة أفغانستان للمرة الثالثة منذ عام 1989 لن يفيد الولاياتالمتحدة، كما أن تكتيك الاستخدام المكثف للقوة العسكرية لن يفلح أيضاً، لأن أية مناورة لاستخدام القوة العسكرية أو المساعدات المدنية لن تجبر باكستان على تغيير حساباتها الاستراتيجية، المتجذرة في عقود طويلة من عدم الثقة في الولاياتالمتحدة. وأكثر من ذلك، بسبب الاعتماد المتواصل من جانب الولاياتالمتحدة على الإمدادات الباكستانيةلأفغانستان، فضلاً عن الدعم الذي تقدمه المخابرات الباكستانية لكشف الإرهابيين. وتابعت بأنه الوقت المناسب لكي تعود الولاياتالمتحدة للأساسيات في سياساتها الخارجية عندما يتعلق الأمر بمصالحها في باكستان. ففي نهاية الأمر، ترغب واشنطن في أن ترى منطقة جنوب آسيا مزدهرة ومستدامة وآمنة لكي لا تظل معقلاً للقاعدة وحليفاتها، أو كنقطة لتبادل المواد النووية. وبفهم الأمور على هذا النحو، نجد أن المصالح الأمريكية مشتركة مع الحليف الأول لباكستان والمستثمر الأكبر في النجاح الاقتصادي للبلاد وهي الصين. وتلك هي نقطة ينبغي على باراك أوباما أن يديرها مع المسئولين الصينيين هذا الأسبوع، حيث تستضيف واشنطن الحوار الاستراتيجي والاقتصادي بين البلدين. وبرغم ذلك، هناك نقطتا التقاء مهمتان بين المصالح طويلة المدى لكل من بكينوواشنطن. الأولى هي أن الصين معنية بمنع الجماعات الإرهابية الإسلامية من إثارة الاضطراب في خطوط إمداداتها بالطاقة، وفي إقليمها الغربي المضطرب، سينكيانج، المجاور لباكستان. والثانية هي أن الصين لها مصلحة في دعم والترويج للازدهار الآسيوي المستدام على المديين المتوسط والطويل لكي يدعم نموها الاقتصادي الوثاب. فالصين سوف تشهد في السنوات المقبلة تنامي الاتجاه نحو زيادة سكان الحضر وقلة الإنتاج الزراعي، ومن ثم ستواجه حاجة ملحة لاستيراد المنتجات الزراعية من باكستان. وبدون الإصلاحات العميقة في باكستان، لن تستطيع الصين الحصول على ما تريده من حليفها الفاشل. ولن تكون بكينوواشنطن قادرتين على إقناع إسلام أباد بالكف عن العبث مع الجماعات الإرهابية في آسيا الجنوبية والوسطى. أما معاً، يمكن لهاتين القوتين العظميين أن تنجحا، فيما تفشل فيه كل منهما على حدة.