انه يوم جديد..بتلك الجملة المثيرة للتفاؤل لخصت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية التوجه الجديد لبلادها فيما يتعلق بالعلاقة مع باكستان. وذلك عقب لقاء مهم جمعها بنظيرها الباكستاني شاه محمود قريشي.وفي واقع الأمر فإن الوزيرة وجميع المحيطين بها يدركون ان نجاح الباكستانيين في القضاء علي طالبان يعني اشراق شمس الأمل امام القوات الأمريكية والدولية العاملة في افغانستان.. اما الهزيمة فتعني الكارثة التي تلوح اشباحها من وقت لآخر,كما ادركوا ان وضع خطط امريكية جديدة للتعامل مع منطقة جنوب اسيا بأسرها امر لا مفر منه. ومنذ تولي ادارة اوباما الديمقراطية مقاليد الأمور في البيت الأبيض نجحت واشنطن في تدعيم علاقاتها مع الهند القوة الإقليمية الرئيسية في المنطقة. واليوم جاء الدور علي باكستان حيث اصبح القضاء علي حالة انعدام الثقة بين الطرفين اولوية لدي واشنطن من اجل تحقيق اهداف سياستها تجاه باكستان علي وجه الخصوص والمنطقة بوجه عام.ولتحقيق هذا الغرض قررت هيلاري كلينتون اتباع استراتيجية جديدة رسمت ملامحها في وثيقة مهمة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية. فقد جاءت الإستراتيجية الجديدة في وثيقة شاملة وردت في30 صفحة تقريبا تتعلق بما ستفعله وزارة الخارجية الأمريكية لتحقيق الإستقرار(من وجهة النظر الأمريكية)في كل من افغانستانوباكستان وذلك في اطار الجهد الأوسع والأشمل الذي تبذله واشنطن في تلك المنطقة. وفيما يتعلق بالشق الذي تناول الشأن الباكستاني بتلك الوثيقة تمت الإشارة في البداية الي ايمان ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما بأن الإستقرار في باكستان هو الدعامة الرئيسية للإستقرار الإقليمي في تلك المنطقة بل هو احد الدعامات الأساسية لتحقيق الأمن القومي ومصالح السياسة الخارجية الأمريكية. الوثيقة اشارت الي استمرار قدرمن عدم الثقة بين الدولتين الا ان ذلك لم يحل دون تزايد التقارب والتعاون الواضح بين باكستان والولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة. ومن خلال قراءة ما جاء بالوثيقة يمكن ملاحظة ان إستراتيجية وزيرة الخارجية الامريكية الرامية لتحقيق الإستقرار في باكستان تهدف الي تكوين تحالف دولي للتعامل بدرجات مختلفة مع الشأن الباكستاني الداخلي تحت شعار مساعدة باكستان علي تخطي التحديات السياسية والإقتصادية والأمنية التي تهدد امنها كما تسعي لإقامة مشاركة طويلة الأمد بين واشنطن وإسلام آباد ترتكز علي المصالح المشتركة. وبالإطلاع علي العناصر الرئيسية للإستراتيجية بشأن باكستان يمكن ملاحظة انها انقسمت الي6 عناصر بارزة هي:تدشين برنامج جديد للمساعدات ذات الطابع الإقتصادي المدني بقيمة تقريبية7.5 مليار دولار لمدة5 سنوات, وتقديم المزيد من الدعم الأمني لباكستان, وتنشيط الإتصالات البينية, وتقوية العلاقات البينية علي المستوي الشعبي وخاصة فيما يتعلق ببناء علاقات مع العديد من جمعيات المجتمع المدني في باكستان,وتعزيز العلاقات الثنائية علي مستوي التشاور الدبلوماسي,واخيرا تعبئة المجتمع الدولي لتحقيق الأهداف الأمريكية من تلك الإستراتيجية. وقد تطرقت الوثيقة كذلك الي المبادراتالتي ستخرج تلك الإستراتيجية من الأوراق والدوسيهات والكلمات المكتوبة( الإطار النظري)الي الواقع العملي الملموس. فهناك مبادرة تتعلق بتوفير الموارد المادية و المالية والفنية اللازمة وخاصة للقانون الذي تبناه كيري لوجار برمان لإقامة مشروعات تتسم بقوة التأثيروتهدف الي مواجهة ماتعتقد واشنطنانه يندرج تحت بند التحديات التي تواجه الشعب الباكستاني مثل مشاكل الطاقة والمياه.ووفق تلك المبادرة ستتم زيادة المساعدات المباشرة التي سيتم ضخها عبر المؤسسات الباكستانية بهدف دعم قدراتها وتوفير دفعة اصلاحية علي المستويين السياسي والاقتصادي. وهناك حزمة اخري من المبادرات التي ستتعلق بالتعزيز والتوسع في تقديم المساعدات المتعلقة بمواجهة من تصفهم واشنطن بالمتمردين(ويقصد بهم طالبان افغانستان او عناصر تنظيم القاعدة).وستوجه تلك المساعدات لدعم الجيش والشرطة في باكستان بالإضافة لدعم العمليات المخابراتية التي ستوجهها باكستان ضد الجماعات المتطرفة, وعلي المستوي الدبلوماسي فهناك مبادرة لتكثيف الإستعانة بالدبلوماسية الشعبية في محاولة لإيجاد المزيد من الإتصال علي المستوي الشعبي الشعبي اي بين المواطنين والجمعيات الأمريكية ونظيراتها في باكستان, بالإضافة لتحقيق قدر اكبر من الكفاءة في توصيل السياسة الأمريكية والمواجهة الفعالة للخطاب والدعاية التي تتبناها القوي التي تصنفها واشنطن كقوي متطرفةداخل باكستان. ..وهكذا وضعت هيلاري خطتها لإستيعاب باكستان وكسب ود القيادة السياسية بها في محاولة لتدعيم موقف واشنطن في المنطقة انتظارا للنصر في افغانستان وتكوين جبهة مستقبلية فعالة قوية تمتد بطول شرق وجنوب شرق ايران.