فى ختام الكتاب يصر براين ويتاكر على النظر إلى واقع المسلمين عبر تجربة التاريخ الأوروبى، وكأن التاريخ يدور حول مركز عالمى هو أوروبا، وبالتالى فإن ما حدث فى أوروبا سوف يحدث حتمًا فى كل مكان فى العالم بالترتيب نفسه. يرى ويتاكر أن المكانة المتميّزة التى يحظى بها الدّين عربياً اليوم مشابهة تماماً لما كان عليه حال أوروبا، فأفلاطون عندما كان يدعو لعِقاب من «يتكلّمون أو يتصرّفون بوقاحةٍ» عن آلهة اليونان القديمة، لكن أوروبا اتجهت تدريجياً نحو العلمانيّةً وبات الإلحاد أمراً شائعاً جدًّا الآن، فالرحلة الممتدّة من اعتراف توماس مور بعدم جدوى معاقبة غير المؤمنين، إلى تقبّل الحقّ بالإلحاد، لم تحدث بمعزل عن أمور أخرى. فمفهوم الحرية الدينية تطور بالتّوازى مع أفكارٍ سياسيّةٍ (حكومةٍ محدودةٍ وسيادة الشّعب واستقلال الفرد). يقول ستيفن غاي: لم يكن ممكناً الاستمرار بالهجمات الرّسميّة ضدّ الإلحاد بأوروبا مع الجوّ الفلسفيّ الذى خلقه التّنوير، والتّجريبيّة والشّكّ الفكريّ والثورة العلمية المرافقة للتنوير، جعلت الحفاظ على الحماية القانونيّة للسّلطة الدّينيّة صعباً. وإدراك أوروبا التدريجى بأنّ قمع الإلحاد غير قابلٍ للاستمرار يطرح احتمال أن تحذو الدول العربيّة حذوَها فى النهاية!!! ويرى ويتاكر أن الوضع العربى الراهن قد لا يستمرّ طويلاً، فالشّرعيّة الدّينيّة كانت بديلاً عن الشّرعيّة الانتخابيّة، وهذا أقل قبولاً لدى الشعوب اليوم، وقد يتحول لنقطة ضعف مستقبلاً، فالعرب بدأوا يدركون أنّ الحكومات التّقيّة والورعة ليست كالحكومات المؤهلة. انتهى كلام براين ويتاكر، وانتهى تلخيص كتابه الذى أرهقنى إرهاقًا شديدًا لحرصى التام على نقل أفكار بأقصى درجة ممكنة من الدقة. وكم هو مرهق ذهنيًا منع النفس من التعليق (إلا للضرورة القصوى) على كتاب مليء بالألغام! وللحديث بقية