"من المؤسسات إلى الاستقلال".. الشارقة تقود حراكاً عالمياً لدمج ذوي الإعاقة الذهنية    جهاز مدينة سفنكس الجديدة ينفذ حملات أمنية لإزالة التعديات والمخالفات بالمدينة    حملات نظافة موسعة استعدادا لانطلاق العام الدراسي الجديد فى جنوب سيناء    قادة الدول العربية والاسلامية: عدوان إسرائيل على قطر يقوّض فرص تحقيق السلام    وزير الدفاع الإيطالي: لسنا مستعدين لهجوم من روسيا أو أي دولة أخرى    ترامب يلمح إلى التوصل لاتفاق مع الصين بشأن حظر تيك توك    غرفة عمليات فى الأهلى استعدادًا لاجتماع الجمعية العمومية    رابطة الأندية تخاطب اتحاد الكرة لاستقدام طاقم حكام أجنبي لمباراة القمة    وزير الرياضة يكرم المشاركين فى مسابقة "30" يوم تحدي    مانشستر يونايتد يحسم مصير أموريم بعد الخسارة من السيتي    حريق يلتهم 7 منازل وحظائر مواشى بقرية الحريدية فى المراغة سوهاج    محافظ الدقهلية: 570 حملة و4613 مخالفة تموينية خلال شهر ونصف    أصداء لقاء ريهام عبد الغفور فى صاحبة السعادة مستمر.. اعرف أبرز تصريحاتها    نهال عنبر ومحمد رضوان يحضران حفل ختام مهرجان بردية السينمائى    "سلسلة نمبر وان وإطلالات غريبة".. محمد رمضان ينشر 15 صورة في أمريكا    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    احذر هذه المشروبات .. أضرار بالغة تصيب الجهاز الهضمى    وزير الري: المياه عصب الحياة للمشروعات التنموية والعمرانية    جريمة تهز الوراق.. شقيقان ينهيان حياة شقيقتهما والسبب صادم    تسمم 3 شقيقات بسبب وجبة كشري في بني سويف    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    موفد مشيخة الأزهر ورئيس منطقة الإسماعيلية يتابعان برامج التدريب وتنمية مهارات شيوخ المعاهد    حماس: شعبنا ومقاومته ماضون في الدفاع عن أرضهم    مونشنجلادباخ الألماني ينافس الأهلي على التعاقد مع مدير فني .. مالقصة؟    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    خالد الجندي يرد على شبهة "فترة ال 183 سنة المفقودة" في نقل الحديث    في هذه الحالة.. ترامب سيعلن حالة الطوارئ في واشنطن (تفاصيل)    "مدبولي" يعلن بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالمنيا    تكريم حفظة القرآن الكريم في مركزي كوم أمبو و إدفو ب محافظة أسوان    بسنت النبراوي: أرفض الإغراء .. وصديقتي عايرتني لأني مش بخلف    ضبط طن لبن غير صالح للاستهلاك الآدمي خلال حملة رقابية بأسيوط    رئيس مجلس الوزراء يقرر مد فترة توفيق أوضاع وتقنين إقامة الأجانب لمدة عام    بكين تحقق مع نيفيديا وسط تصاعد التوتر التكنولوجي مع واشنطن    مصدر أمني ينفي ادعاء شخص بتسبب مركز شرطة في وفاة شقيقه    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    بتكلفة 15 مليون جنيه.. افتتاح توسعات طبية بمستشفى فيديمين المركزي في الفيوم    الفجر بالإسكندرية 5.16.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    أبرزها مواجهة الزمالك والإسماعيلي، مواعيد مباريات الجولة السابعة من الدوري المصري    البنك المركزى يستضيف الاجتماع الأول لمجموعة عمل "تقرير الاستقرار المالي الإفريقي"    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    الاحتلال يكثف إجراءاته بالضفة.. مئات الحواجز والبوابات الحديدية    قوات الاحتلال تتوغل كيلومترًا في الجنوب اللبناني وتفجر منزلًا.. التفاصيل الكاملة    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    حاكم يوتا الأمريكية يكشف أسرارًا عن المتهم بقتل تشارلي كيرك.. ما هي؟    طبيب نفسي في ندوة ب«القومي للمرأة»: «لو زوجك قالك عاوزك نانسي عجرم قوليله عاوزاك توم كروز»    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    الحكومة تستعد لطرح فرصًا استثمارية في قطاع إنشاء وتشغيل المستشفيات    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    صوفيا فيرجارا تغيب عن تقديم حفل جوائز إيمي 2025.. ما السبب؟    بفرمان النحاس .. برنامج بدنى مكثف لتجهيز أحمد عبد القادر فى الأهلى    رياضة ½ الليل| سر إصابة زيزو.. الأهلي في الفخ.. شكوى جديدة لفيفا.. ودرجات مصر ب «تشيلي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة و.. حانوتى تحت الطلب
نشر في الوفد يوم 02 - 05 - 2011

قام الرئيس حسنى مبارك بإنجازات عظيمة ورائعة منذ توليه مهام الرئاسة، فقد اهتم بالطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل، توسع فى الخدمات الاجتماعية للمحتاجين، توسع فى العلاج المجانى للفقرء ، توسع فى معاش الضمان الاجتماعى ودعم السلع والخدمات لمحدودى الدخل .
اما على المستوى الاقتصادى، فقد عمل على زيادة الصادرات وفتح اسواق بالخارج، كما طور وسائل النقل، استصلح مزيدا من الارضى الصحراوية، ومن انجازاته العظيمة مشروع توشكى، كما توسع فى انشاء المدارس والجامعات، وأنشأ مكتبة الاسكندرية وشجع العلم والعلماء .
وفى السياسة الخارجية، قوى علاقات مصر مع جميع دول العالم الخارجى، وحقق التضامن العربى لاسترجاع الارض المحتلة، وعمل على اقامة الدولة الفلسطينة ...
كفاية كده ولا عايزين كمان، لانه توجد انجازات اخرى عظيمة لا تكفى لها صفحات .
عفوا عزيزى القارئ، هذا ليس بتقرير اخبارى او تقييم شخصى منى لمبارك وعهده، حتى لا تظلمونى وتدعون على، بل هو نص ومقتطفات من كتاب التاريخ الذى يدرس بمصر للصف السادس الابتدائى، والذى كان مقررا فى الامتحانات التى تهل على المدارس خلال ايام .
ولكن عندما قامت ثورة يناير ونجحت فى اسقاط نظام مبارك، وامتدت انوار الثورة لتخرج من الظلمات وكواليس السلطة بؤر الفساد، وتفجرمنابعها الخفية، صارت وزارة التعليم فى حرج شديد، فكيف يمكنها تدريس تلك المعلومات بكتاب التاريخ للنشء الذى يعايش فى نفس الوقت القبض على مبارك واسرته وحاشيته، وتقديمهم للمحكمات بتهم الفساد والتربح، واهدار اموال الوطن بل خرابه اجمالا .
فما كان من الوزارة الا ان اصدرت فيما اصدرت من قرارات لتقليص المناهج مراعاة لأيام الغياب إبان احداث الثورة والفوضى التى لاحقتها، حذف الدروس التى تضم تاريخ مبارك وانجازاته الرائعة العظيمة، لانها تكشفت انها لا رائعة ولا عظيمة، بل كانت نقمة على مصر والمصريين، وحذفت بجانبها دروس اخرى إنقاذا لماء الوجه .
وانا لا ألوم وزارة التعليم لانها تفضلت وحشت مناهج التاريخ بتاريخ مبارك وانجازاته العظيمة، لان وزارة التعليم هى مجرد جزء من عزبة الرئيس السابق، ولكنى ألوم من وضعوا هذا التاريخ على هذا النحو وفى الوقت الذى لا يزال فيه مبارك بالسلطة قابعا على انفاس الشعب المصرى، فى نفاق ودجل تاريخى عظيم ستحاسبهم عليه الاجيال .
لا اجد عذرا لكتاب التاريخ فى عهد تواجد صاحب التاريخ وتدريسه مدعما بزفة الانجازات الوهمية، لا اجد تسميه الا النفاق والسعى للتكسب ونيل رضا الحاكم، ولا ترضينى وغيرى علة قد يسوقونها، بأن اعمارهم لن تسعفهم للانتظار اعواما قادمة اخرى، كان يمكن ان يتفضل علينا مبارك خلالها بالتنحى او الرحيل، او ان يأتى الحل إلهيًا بموته، حتى يتمكنوا من كتابة تاريخ مبارك وفترة حكمه بحياد تاريخى مفترض، لذا تعجلوا فى كتابة التاريخ، ومن ثم دسه كالسم الزعاف فى كتب الاولاد وقصص الاطفال، ليربوهم على الاكاذيب والقصص الملفقة التى لا يمكن ان تصنع اى تاريخ حقيقى لأى شعوب .
وما يحدث فى مصر من كتابة تاريخ الروساء او الزعماء ابان تواجدهم، لا يحدث فى اى بلد يحترم تاريخه ويحترم عقلية الشعوب، وعقلية النشء الذى يستقبل هذا التاريخ ويحفظه عن ظهر قلب، فالدول التى تحترم تاريخها، تبادر بكتابة التاريخ بعد التاريخ، اى بعد انتهاء الحدث تماما بمن صنعوه من ساسة او رجال سلطة او جيش، ولا يعتبر التاريخ تاريخا إبان وقوع الحدث او عدم انتهائه والتأكد من نتائجه .
لذلك اضع يدى على قلبى خوفا على تاريخ الثورة والحقبة التى وقعت بها وما ستفرزه من نتائج، أخشى تزوير تاريخ الثورة اذا ما بادر المترقبون بكتابة تاريخها على عجالة، وأطالب هؤلاء الواقفون فى الصف من المسترزقين او المنافقين وكذلك المحايدين والشرفاء من كتبة التاريخ بألا يتعجلوا تاريخ الثورة ليفاجئونا به فى كتب الدراسة العام القادم .
أناشدهم وأناشد ضمائرهم بألا يكتبوا تاريخ الثورة الآن، سواء لتمجيد وتأليه او تشويه وتخويف، يجب ألا يكتب تاريخ الثورة لمنح الاوسمة التاريخية للمجلس الاعلى للقوات المسلحة مع كامل احترامى وتقدير لهذا المجلس، إلا بعد ان يضع هذا التاريخ كل احماله ولن اقول اوزاره، بما له وما عليه لتدريسه للنشء والاجيال القادمة بحيادية شديدة، بموضوعية اى تاريخ حقيقى لدولة حقيقة واحداث حقيقة مجردة، وليس مجرد رص كلمات مزينة، واحداث مجملة محلاة وملفقة، حتى تبدو تلك الحقبة اجمل وافضل ما يكون .
لأن التاريخ شىء ، وخيال الكاتب شىء آخر، تاريخ الشعوب يختلف عن السيناريوهات المختلقة، عن التصورات العبقرية، لانه تاريخ يصنع المستقبل، وعليه تعتمد الاجيال القادمة، ومن خطواته واحداثه تستلهم هذه الاجيال الخبرات لكل القادم، فلا يمكننا ان نسجل تاريخا ونقدمه للاجيال على انه حقيقة وواقع، ثم نعود ونشطبه بجرة قلم، لان الواقع كان شيئا آخر، ولا مخرج من هذا التزييف والتزوير لأى تاريخ الا الصبر والانتظار .
لذلك ارجو من كل من يقفون الآن شاحذين اقلامهم للكتابة والتصفيق والتهليل والتجميل والتزيين او حتى النقض والتهوين، ارجوهم ان يتمهلوا، ارصدوا الاحداث بصدق ودقة، ما فى الواجهة وما خلف الستار بقدر ما تستطيعون، احتفظوا باوراقكم برهة، اشهر، او حتى سنوات، اكتبوا ما ترصدون حتى لا يسقط من الذاكرة، ولكن لا تعتبروه تاريخا الآن، تمهلوا قبل ان تسجلوا تلك الفترة بكتب التاريخ، رحمة بعقول وثقافة ابناء مصر، الذين لا يمكنهم استيعاب دورس تسجل نصرا ونجاحا وشرفا ووطنية لاشخاص بكتب التاريخ، وبعد ايام تسجل لنفس الاشخاص جرائم فساد وخيانة وبيع للتراب الوطن بل لكل الوطن .
يمكنكم ان تصنعوا افلاما سينمائية، وقصص انسانية، ولوحات فنية، لكن ابتعدوا الآن عن كتب التاريخ، فعلى كتبة التاريخ ان يراعوا ضمائرهم، ان يدركوا انهم مسئولون امام الله بما سيدوننه حول ثورة 25 يناير، والا يتحولوا الى حانوتية تحت الطلب، يسجلون تاريخا ايضا " تحت الطلب " .
تاريخ الشعوب يا سادة يجب ألا يخضع لمن يملونه على كاتبى التاريخ، لانه سيخضع حينذ للطرف الاقوى الذى يسيره ويعدله ويفصله كيفما يشاء، ولن يكون تاريخا، بل سيكون تمجيدا لاشخاص واصحاب سلطة ونفوذ، حتى ان كانت صنائع هؤلاء مجللة بالعار .
علينا ان نحمى من الآن تاريخ مصر، بعيدا عن التزوير، بعيدا عن اصطناع انتصارات لاشخاص لم يفعلوها، انتصارات سياسية لا اساس لها، كما فعلنا فى تاريخ حقبة مبارك، لان كتبة التاريخ كتبوها فى عهد مبارك، وهو خطأ تاريخى لا يغتفر يقع فيه معظم المؤرخين فى دولنا العربية، نعم دولنا العربية فقط، فمن يطالع تاريخ اى شعوب اخرى غربية سيدرك الفرق العظيم بين التصفيق التهليل وبين الحيادية والموضوعية البعيدة عن التضليل .
فى الغرب يعكف على كتابة التاريخ مؤرخون باحثون ومتخصصون، يبحثون فيما وراء الاحداث ولا يكتفون بالظواهر او المظاهر الخادعة، لذا يأتى تاريخهم توثيقا حقيقا للاحداث غالبا، حتى ان عمدت بعض الدول الى تجميل تاريخها، فإن آخرين من المؤرخين لا يجدون غضاضة فى كتابة الوجه الآخر وتقديمه للشعب وللعالم دون خوف او وصاية او املاء من احد .
لذا ارجو لتاريخ الثورة ألا يتم تزوير عبر حانوتية التاريخ الذى دوما تحت الطلب ، ارجو ان تقرأ الاجيال القادمه تاريخ الثورة حقيقيا ومجردا بما لها وما عليها، لذا على المؤرخين ان يسجلوا الاحداث الواقعية، ولكن لا تصدروا كتبا لتدريسها فى مدارسنا، فكفى تدجيلا وتغييبا لعقولنا، وارحموا عقول الصغار .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.