شهر رمضان مدرسة إصلاحية شاملة، يوحّد الأمة فى سياق التعاطف والتراحم والتكافل، ويرشدها الى أهمية قيمة النظام، ويجعلها أكثر صحة عندما تدرك المغزى الحقيقى للصيام، يمنحها القدرة على السمو بالنفس. ولما كان رمضان ظاهرة اجتماعية دينية متفردة بها إلى حد كبير دولنا العربية الإسلامية خاصة فيما يتعلق بعاداته وتقاليده، التى تغيرت، بل وأصبح بعضها أثراً بعد عين! ومنها الحكى والحكواتى والذى يعتبره البعض فناً قصصياً. والحكواتى لغوياً: حكّاء شعبى كما يُعرف فى البلاد العربية كسوريا، كان له دور بارز فى ليالى السمر الرمضانية، يربط بين الماضى والحاضر، يبوح بما حاول البعض إخفاءه ويخلق صورة من الحماس لبث الأمل فى نفوس كادت تتآكل بفعل فاعل، تدور بنا بين طيات التاريخ، نستلهم دروساً مستفادة، نستعرض بطولات من حق أجيالنا الناشئة أن تعرفها ولو من باب العلم بالشىء! الحكواتى قد يكون رجلاً أو مرأة، هواية أو احترافاً، هدفها إضاعة الوقت دون ضرر بالآخرين، وسيلة تلجأ إليها الأم كى ينام طفلها بعد طول سهر أو بكاء. ولعل ما قامت به الجدات فى بلاد الشام وكثير من الدول العربية بحكى قصص وأحاديث تتناول أحوال البلاد والعباد، وحواديت ذات مضامين شعبية ذات عناوين ساذجة لا يصدقها أحد الآن رغم أنها كانت مؤثرة حقاً مثل حكاية أبورجل مسلوخة! إلى جانب ما قام به الرجال وهم يتسامرون فى مجالس تجمع بين أعمار متباينة وثقافات مختلفة للحديث عن التاريخ والجغرافيا واسترجاع أوجاع الناس.