"الوعي" يشكل لجنة لتلقي طلبات مرشحي مجلس النواب    27 دولة ومسؤولون أوروبيون يشيدون بجهود مصر وقطر وأمريكا ويدعون لوقف إطلاق النار في غزة    محاضرة فنية وتدريبات لحراس المرمى.. الزمالك يواصل استعداداته لمباراة المقاولون العرب    مباراتان وديتان للمنتخب أمام تونس يومي 6و 9 سبتمبر استعدادا لبطولة كأس العرب    إحالة 3 متهمين للمفتي بتهمة قتل شخص وإلقاء جثته بمجرى مائي بالقليوبية    كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية: يجب إعداد الشباب والنشء لعالم الذكاء الاصطناعي    «المركزي» يلزم البنوك بتسوية مدفوعات نقاط البيع بالجنيه المصري    "الوطنية للانتخابات": 516 ألفا و818 صوتا باطلا بنظام الفردي في انتخابات الشيوخ    رحيل الدكتور علي المصيلحي وزير التموين السابق بعد مسيرة حافلة بالعطاء(بروفايل)    وزير الخارجية: 15 شخصية فلسطينية ستدير غزة ل 6 أشهر    مفتي القدس: مصر سند دائم للقضية الفلسطينية منذ النكبة.. والذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز الفتوى الرشيدة    تصاعد الصراع وكشف الأسرار في الحلقة الرابعة من "فلاش باك".. أول ظهور ل خالد أنور    نجوى كرم: أتمنى تقديم دويتو مع صابر الرباعي (فيديو)    غدا.. الفرقة القومية للفنون الشعبية تقدم عرضا بمدينة المهدية ضمن فعاليات مهرجان قرطاج بتونس    «اعرف دماغ شريكك».. كيف يتعامل برج الميزان عند تعرضه للتجاهل؟    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ سوهاج فى جولة مفاجئة للمستشفى التعليمى للاطمئنان على الخدمات الطبية    سيدة تضع 4 توائم فى ولادة حرجة بمستشفى أشمون العام بالمنوفية    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    ديمبلي: التتويج بدوري أبطال أوروبا كان أمرًا جنونيًا    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    برلماني: توجيهات الرئيس لبناء إعلام وطني ضمانة للحفاظ على الهوية ومواكبة التطورات العالمية    «100 يوم صحة» بسيناء قدمت 314 ألف 438 خدمة طبية مجانية منذ انطلاقها    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية العادية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    12 أغسطس 2025.. ارتفاع طفيف للبورصة المصرية خلال التعاملات اليوم    الرئيس السيسي يستقبل اليوم نظيره الأوغندي لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    وزير الصحة يبحث مع مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب تعزيز البرامج التدريبية    انتشال جثمان طفل غرق في بحر شبين الكوم بالمنوفية    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدأها المصريون القدماء ب»يُحكي أن« حكاية »كان ياما كان«
نشر في آخر ساعة يوم 21 - 05 - 2019

»كان ياما كان»‬.. تكاد تكون أشهر عبارة في الميراث الشفهي المصري بل والعربي عموماً. كان يطلقها شخص يُسمي الحكواتي مع بداية قصة أو حكاية. قد يكون لها أصل وربما تكون من وحي الخيال الشعبي المتوارث عبر الأجيال. في السطور التالية نتعرف علي أصل الحكاية، وكيف ظهرت البداية في زمن القدماء المصريين بعبارة »‬يحكي أن».
في زمن الإنترنت الذي نعيشه الآن، فإن الأجيال الحالية ربما لا تعرف المقصود ب»‬الحكواتي». لكن بالتأكيد أن أبناء جيلي الذين تجاوزا سن الأربعين، ترددت علي مسامعهم في الصغر هذه العبارة الآسرة: »‬كان ياما كان، يا سعد يا إكرام، وما يحلي الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام»، ومن بعدها كانت الجدة أو أحد الأبوين يحكي لنا قصة أو ما كنا نعرفه باسم »‬الحدوتة».
حواديت الجدات لها سحر خاص. فقديماً لم تكن هناك وسائل تسلية أو ترفيه كالموجودة حالياً مثل الإنترنت وما تعج به مواقع السوشيال ميديا، والتليفزيون، فما نشاهده باستمتاع في مسلسل تليفزيوني الآن، لم يكن سوي قصة شعبية مأثورة تحكيها لنا الجدات في زمن فات، أو حكواتي يمر في الحارات والأزقة ويقدم عرضه وسط عشرات الناس الذين يلتفون من حوله ليعيشوا في أجواء قصة خيالية، مثل حكايات ألف ليلة وليلة، السندباد، الشاطر حسن، عنتر وعبلة، الظاهر بيبرس، حكايات الملوك والأمراء، حكاية قمر الزمان، نوادر هارون الرشيد.. إلي آخر هذه الحكايات الشائقة.
ويقوم الحكواتي بسرد الحكاية كاملة، وفي بعض الأحيان يتوقف بالحكاية عند نقطة شيقة ومثيرة حتي يجبر الجميع علي الإقبال عليها كل يوم لاستكمال الحكاية، ويختتم قصته بعبارة مشهورة أيضاً هي: »‬توتا توتا خلصت الحدوتة، حلوة ولا ملتوتة».
أما أصل عبارة »‬كان ياما كان»، فهو غير معروف، لكن يظل الكل يرددها هكذا علي هيئتها كما تم توارثها سماعياً جيلاً بعد جيل، وإن كان البعض فسرها بأن أصلها يرجع إلي عبارة »‬كان هناك رجل، وربما لم يكن» أي بما يعني أن الحكاية قد تكون حقيقية أو من وحي خيال الراوي أو القصاص الشعبي، وذهب البعض إلي أن أصل العبارة هو »‬كان أو ما كان»، ولكن في اللهجة العامية تتحول »‬أو» إلي »‬يا» لتكون بشكل الحالي »‬كان يا مكان» أو »‬كان ياما كان»، وكلمة »‬ياما» في العامية المصرية تعني »‬الكثير»، أي كان هناك الكثير والكثير من الأحداث، وربما للإشارة إلي أنه كانت هناك العديد من الأيام، حيث غالباً ما كان الراوي يقص جزءاً من الحكاية في يوم ثم يستكمل الحكاية في اليوم التالي، وهكذا إلي أن تنتهي تماماً، ومن ثم يبدأ في قص حكاية جديدة.
يبدو أن تلك العبارة شغلت بال الكثيرين، بمن في ذلك علماء اللغة، وفي هذا الإطار نستعرض فتوي لغوية أصدرها مجمع اللغة العربية علي الشبكة العالمية (في السعودية)، في 25 أبريل 2015، وتحمل رقم (263)، رداً علي سؤال بشأن عبارة »‬كان ياما كان» المتعوّد عليها في سرد القصص، وهل تجمع؟ مثلا: كانوا يا ماكانوا؟
وقد ردت علي هذا السؤال لجنة معنية بالفتوي، مكونة من الدكتور محمد جمال صقر (عضو المجمع)، الدكتور عبدالرحمن بودرع (نائب رئيس المجمع)، والدكتور عبدالعزيز بن علي الحربي (رئيس المجمع)، وجاء الرد علي النحو التالي:
إِنَّ »‬مَا» فِي الْعِبَارة اسم موصول بمعني »‬الذي». و»‬كان» بعده فعل تام بمعني »‬حدث»، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود إلي »‬ما». و»‬كان» قبله فعل تام كذلك بمعني »‬حدث»، وفاعله »‬ما» نفسه، أَو ضمير مستتر يعود إِلي مجهول يثِير الحاضر السامع إِلي معرفته. و»‬يا» الندائية التي بينهما إما لنداء محكِيّ له عام محذوف علي تقدير »‬كان يا أَي حاضر سامع ما كانَ»، وإما لنداء »‬ما» نفسه علي المجاز، وكأَنما يناديه الحاكي ليسعفه بأَحداثه.
ومن ثم لا يجوز تغيير العبارة عما صيغت عليه، بجمعها أَو تثنيتِها من إفرادٍ، أَو تأنيثها من تذكير.
أشهر حكواتية
وعلي الرغم من انزواء مهنة الحكواتي بشكل كبير تدريجياً، منذ ظهور الراديو والتليفزيون والسينما وما قُدم ولايزال يقدم فيها من أفلام ومسلسلات درامية، وصولاً إلي الثورة التكنولوجية التي نعيشها الآن وظهرت معها وسائط حديثة للتواصل مثل مواقع السوشيال ميديا، إلا أن هناك حكائين لايزالون يقدمون حكاياتهم الشائقة، ويجدون من يستمتعون بالاستماع لهم في أجواء خيالية جميلة.
أمل المزوري فتاة شابة من المغرب، زارت العديد من الدول العربية وقدمت عروضها كحكواتية مميزة، وتكاد تكون هي أشهر حكواتية في العالم العربي الآن، علي الرغم من صغر سنها، حيث يتابع عروضها الملايين من عشاق هذا الفن عبر موقع »‬فيسبوك» وما تنشره علي موقع الفيديوهات الشهير »‬يوتيوب»، كما حصدت العديد من الجوائز والتكريمات في المغرب وبعض الدول العربية.
تقول أمل ل»‬آخرساعة»: بدأت رحلتي مع فن الحكي في سن مبكرة، بسبب تعلقي بحكايات جدتي »‬ماما حبيبة»، التي لديها عدد لا نهائي من القصص والحكايات الشائقة جداً، وأنا أري أنها فاقت شهرزاد في قدرتها علي الحكي بل في عدد الحكايات التي ترويها بطريقة جميلة وجاذبة فقد فاقت شهرزاد في حكيها، ومع تكرار زياراتي إليها باستمرار، اكتسبت منها هذا الفن، وتعلمت كيف أقص الحكاية بطريقة فيها تشويق وأخذت أقلد طريقتها في الحكي، إذ إن لها صوتا مميزاً.
ولا تكتف أمل بالحكايات التي تستلهمها من التراث، حيث تقول: »‬أحرص علي تقديم عروض أقدم فيها حكايات من التراث، لكنني لا أكتف بها بل في أحيان كثيرة أروي حكايات من الواقع الحالي المعاش، وبما يلامس القضايا الاجتماعية التي نتعرض لها، وهذا يتوقف علي نوع الجمهور، وحسب ما يُطلب مني، فأنا لدي الكثير من القصص، وأقدمها جميعاً بطريقة شائقة، تجذب الكبار والصغار».
وتري الحكواتية الصغيرة أن الحكاء يجب أن يتمتع بعدة صفات: يجب أن يكون له زاد معرفي بما كتب من حكايات، وأن يكون له أسلوب خاص في الأداء، ومتمكن بدرجة كبيرة من جذب انتباه الجمهور المتلقي بحيث يعمل علي تشويقه وجذبه وحثه علي المتابعة طوال العرض، ومن المهم أيضاً أن يكون بمقدوره بعث رسائل مليئة بالقيم دون رتابة أو ملل، كما يجب أن يكون محتكاً بمن سبقوه في هذه التجربة ليستفيد من خبراتهم في المجال ويضيف إليها من عندياته.
المصري القديم
للحكاية جذور تمتد إلي آلاف السنين في مصر، بحسب ما قال ل»‬آخرساعة» الباحث في علم المصريات بسّام الشماع: قصة »‬الأخوين» وهي قصة خيالية من الأدب المصري القديم تبدأ بعبارة »‬يُحكي أن».
ومن فرط عشقة للتراث، خاض الشماع تجربة رائعة لتعليم الصغار ملامح من تاريخنا وموروثنا الحضاري، حيث يقول: أطلقت فكرة في هذا السياق تحت عنوان »‬حدوتة بعد النوم»، قمت فيها بتجميع أطفال في مكتبة مصر بمنطقة الزاوية الحمراء، بحيث يجلسون علي طاولة كبيرة، وأمامهم ورق وألوان، ثم أبدأ في سر حكاية أو قصة مصرية قديمة، وتكون قصة حقيقية من واقع النص التاريخي، وليست أسطورة، ومن القصة نخرج بحكمة أو يتعرف الصغار علي قيمة مهمة، وأثناء سماع القصة يبدأ كل طفل في رسم ما يتخيله معي من وحي القصة، وأفضل الرسومات تمنح جوائز من المكتبة.
يتابع: قدمت قصة بعنوان »‬الملك الذي اعتذر»، وتدور حول ملك مصري قديم اسمه »‬نفر إير كا رع» في الدولة القديمة، وكان هناك طقس سيجر فيه الملك القارب في النيل مع الكهنة، وأثناء هذا الطقس اصطدم صولجان الملك بواحد من كهنته، وهذا دلالته غير جيدة، إذ يعني أن الملك غاضب من هذا الشخص، وعلي الرغم من أن الملك اصطدم بصولجانه بالكاهن بغير قصد، إلا أن هذا الشخص أصابه الحزن لأنه كان مخلصاً للمك، فما كان من الأخير إلا أن قال كلمات تخفف من حزن الكاهن، ويبدو فيها لمحة اعتذار، ففرح الكاهن وطلب من الملك أن يكتب ما حدث علي جدران مقبرته، فرد عليه الملك بالموافقة وقال له: »‬إنك أفضل الرجال لديّ»، وقد وُجد هذا النص في مقبرة الكاهن الموجودة في الجيزة.
القصة الثانية كانت عن »‬أيعاح حتب» من الأسرة ال17، حيث كانت هناك زوجة لملك من ملوك مصر مات في الحرب مع الهكسوس (احتلوا مصر 108 سنوات)، فقدمت ابنها »‬كامس» ليكون ملك مصر ويقود الحروب ضد الهكسوس، ثم قدمت ابنها الثاني »‬أحمس» مؤسس الأسرة ال18، والقصة تتحدث عن الأم، وكيف كتب »‬كامس» مدحاً في أمه من خلال نص غاية في الروعة.
ولفت الشماع إلي أنه قدم هذه القصص بأسلوب شيق، وأن الربط بالتراث والهوية أمر مهم لتعزيز روح الانتماء عند الصغار، وهو الأمر الذي لا يختلف عن الدور الذي يقوم به الحكواتي أو القصاص الشعبي.
الحكاية الشعبية والإبداع
ثمة علاقة قوية بين الحكايات الشعبية والإبداع، حيث يقول الروائي الكبير ممدوح عبدالستار إن كل أمة لها حكاياتها الشعبية، تمتزج بالسلوك البشري لهذه الأمة، فالحكاية هي تاريخ البشر والمكان في زمن ما.
يضيف عبدالستار ل»‬آخرساعة»: التاريخ الرسمي للحكاية له هدف محدد، وهو ترسيخ فكرة ما أرادها الحاكم أو الملك، وكل ما وصلنا من كتب وحكايات قديمة مغرض بشكل ما، لكن التاريخ الشعبي أو الشفهي يملك الحقيقة كاملة، لأنها ببساطة تشكل وعي جماعة بشرية ما، في بقعة أرضية ما، وفق الزمن المتسلسل للجماعة، وهو ما يشكل الوعي الجمعي لجماعة بشرية أو قبيلة أو دولة. وهذا ما نلاحظة من خلال الحكاية الشعبية أو الشفاهية، فكل كتب التاريخ تخلد الأبطال الخارقين والملوك والفتوحات والانتصارات. هذا التاريخ باطل جملة وتفصيلاً لأن المنتصر هو الإنسان العادي الذي باشر بالدفاع عن الفكرة بعدما استحوذت عليه وحققها للملك أو الحاكم، حتي أن البطل الخارق يسانده البسطاء من البشر.
يتابع: هذا المنطق، هو ما جعل الناس يعزفون عن الحكاية الرسمية، وخلقوا حكاياتهم الشعبية الخاصة بهم، ومن ناحيتي الشخصية، استفدت من الحكاية الشعبية والشفاهية في كتاباتي كما في رواية »‬أوراق ميت»، فأنا أحكي تاريخ بلدة »‬الدلجمون» من خلال أسرة مصرية. الأب يؤمن بالملكية، والابن يؤمن بالثورة، وأحكي تاريخ البسطاء من قريتي، وكيف يتعاملون مع القرارات الفوقية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولقد تعلمت من خلال جلسات السمر القروية ومن خلال جدتي ووالدتي ووالدي ومن العجائز، لأنهم يحكون تجربتهم الشخصية، وينطقون بما يؤمنون به من قيم وعادات وسلوك بشري، حتي نصل إلي المثل الشعبي الذي هو جوهر الحكمة والخلاصة في أمر ما، لحكاية ما، تحتاج لحل سريع. بعدها تعلمت من حكايات ألف ليلة وليلة، ودمجت التاريخ المكتوب والتاريخ الشفهي في بوتقة واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.