حكايات مبكية، وروايات ممزوجة برائحة الدم وطعم الموت رصدتها «الوفد» مع مصابي أحداث بورسعيد الراقدين بمستشفى جامعة قناة السويسبالاسماعيلية.. آلام المرض أعجزت البعض عن الحديث لكن الدموع التي تساقطت من اعينهم عبرت عما يجول بقلوبهم المكلومة على مقتل اصدقائهم، وعلى نزيف الدماء الذي غطى شوارع المدينة الباسلة. «حسبنا الله ونعم الوكيل» عبارة رددتها والدة المصاب محمد أحمد مسعود «33 عاما» اكتفت الأم بهذه العبارة أما «محمد» عامل المراكب والمصاب بطلقة فى الرئة اليسرى وقريبة من القلب. فقال: فور علمي بالحكم وبأحداث العنف في الشوارع خرجت مهرولا للبحث عن شقيقي وسمعت طلقات الرصاص الكثيفة بالقرب من سجن بورسعيد ولم أشعر بنفسى إلا بعد يوم كامل فى المستشفى. ويضيف: علمت أنه أجريت لى عملية لإخراج الرصاصة فى مستشفى بورسعيد وجئت فى اسعاف مجهز إلى المستشفى الجامعى للمتابعة الطبية. وفي الغرفة المجاورة لمحمد مسعود كان يرقد محمد كامل 21 عاما العامل بميناء بورسعيد ويقول: كنت متوجها إلى عملى وعند نزولى من التاكسى بشارع محمد على القريب من الأحداث فوجئت بأصوات الأعيرة النارية، ولم أعلم بمصدرها وقبل أن ألتفت لأرى من يطلق الرصاص تلقيت رصاصة فى قدمى وحملنى المارة إلى مستشفى بورسعيد العام وبعدها تم نقلي للاسماعيلية بسيارة اسعاف. ويقول أحد أقارب المصاب: إن إدارة المستشفى أخذت مبلغ 1250 جنيها نظير شراء مسامير وشرائح لإجراء العملية الجراحية له ولعدم وجود تأمين صحى له، ويؤكد اننا اشترينا الشريحة والمسامير الخاصة بالعملية على نفقتنا الخاصة بالرغم من القرار بعلاج مصابى أحداث بورسعيد على نفقة الدولة إلا أن مسئولى المستشفى أكدوا أن إجراءات انهاء أوراق العلاج ستأخذ عدة أيام فاضطررنا لاجراء العملية على نفقتنا لانقاذ حالة محمد قبل التدهور، ويضيف أن الرعاية والمتابعة الطبية بالمستشفى جيدة ولكن نأمل فى إجراء العملية الثانية لمحمد بعد 3 أشهر على نفقة الدولة لعدم قدرة الأسرة على تحمل المزيد من النفقات. محمد فاروق 23 عاما والمصاب برصاصة اخترقت العمود الفقري كانت حالته الاصعب من بين المصابين ساقه القدر ليتواجد داخل المحل التجاري الذي يعمل به ولصعوبة حالته قال شقيقه كنا نتابع محاكمة المتهمين فى استاد بورسعيد من التليفزيون ونصحت محمد بعدم الذهاب للمحل لقرب عمله من السجن ولكنه رفض وقال «خليها على الله» وبعد خروجه فوجئت باتصال من شخص يقول لى «أخوك مات برصاصة جنب السجن» فخرجت للمكان وبحثت عنه ووجدته مصابا وينزف بشدة وبالرغم من شدة الإصابة، لكنى حمدت الله أنه لايزال حيا وانتقل لمستشفى الجامعة بالإسماعيلية فى اسعاف مجهز ونقل له عدة أكياس من الدم أثناء الطريق الذى كان شبه متوقف بسبب الأحداث، ثم أجريت له عملية استمرت 7 ساعات متواصلة. ويقول احمد الغانم - قبطان أعالي بحار - من أهالي الاسماعيلية وأحد المتطوعين لرعاية المصابين وأسرهم من ابناء بورسعيد: «فور علمنا بوصول عدد من المصابين الى مستشفى جامعة قناة السويس هرعت الى المستشفى لأستطلع الأمر وهناك وجدت أعداداً كبيرة من المصابين باصابات حرجة وقاتلة داخل المستشفى وبدون شعور بدأت أتواصل وعدد من شباب الاسماعيلية مع أسر المصابين وشكلنا فريق عمل تطوعيا لاغاثة أسر المصابين واطلقنا حملة للتبرع بالدم لصالح المصابين وقمنا بتوفير الأطعمة والعصائر للجرحى وأسرهم الذين انهكهم هول المشهد والقلق على أبنائهم. وأكد الغانم أن أبسط ما يمكن ان تقدمه الحكومة لهؤلاء المصابين العلاج المجاني. وقال الدكتور محمد محمدين رئيس جامعة قناة السويس ان مستشفيات جامعة قناة السويس تعمل بكامل طاقتها وفى حالة استعداد قصوى لاستقبال المصابين من جراء الاشتباكات والتظاهرات التى اجتاحت مدن القناة مؤخرا.. وأكد «محمدين» أن المستشفيات الجامعية تستقبل جميع الحالات ويتم العلاج بالمجان حتى تستقر الحالة تماما ومغادرة المستشفى. كان المستشفى الجامعى بالاسماعيلية قد استقبل حتى الاثنين الماضى 11 حالة من مصابى الأحداث التى وقعت فى بورسعيد على خلفية الحكم فى القضية الشهيرة بمذبحة بورسعيد والتى راح ضحيتها 76 من شباب ألتراس أهلاوى وقد خرج مصاب بعد تحسن حالته وبقى 10 أفراد يخضعون للعلاج بالمستشفى منهم حالة تصل الى مرحلة الخطورة والباقى حالتهم مستقرة.