داخل المستشفى الجامعي بالإسماعيلية، يرقد على أسرة العلاج 13 مصابًا من الحالات الخطرة، في الأحداث التي وقعت أمام سجن بورسعيد مؤخرًا، يعانون من إصاباتهم التي أفقدت بعضهم التواصل مع الحياة، بينما أفقدت آخرون أجزاء من أجسادهم ستقعدهم عاجزين طوال حياتهم، مرضى، يتألمون وأهالي يبكون وأقارب يحيطون بالغرف حزنًا على ذويهم، وانتظارًا للشفاء، والعودة بهم إلى بلدتهم. التقت «الشروق» ببعض المصابين، الذين جمعهم صغر السن وبساطة الحال، وخطورة الحالة، والذين تمكنوا بصعوبة بالغة من الحديث عن قصص إصابتهم.
محمد كامل (21 سنة)، العامل بميناء بورسعيد، يقول خرجت صباحًا متوجهًا إلى عملي، وعند نزولي من التاكسي بشارع محمد علي القريب من الأحداث فوجئت بأصوات الأعيرة النارية، ولم أعلم بمصدرها، وقبل أن ألتفت لأرى وجهة الرصاص، تلقيت أحداها في قدمي وأسعفني سائق التاكسي، وحملني سريعًا إلى مستشفى بورسعيد العام، قبل أن يبلغ أسرتي بالحادث، ولصعوبة حالتي قررت مستشفى بورسعيد نقلي إلى الإسماعيلية، وينفي محمد علاقته بالمظاهرات تمامًا، قائلا: "لم أشارك في تلك المظاهرات أو غيرها من قبل، لأنني عامل باليومية أسعى لرزقي، ولا أجد للمشاركة في المظاهرات وقتًا لطول فترة عملي بالميناء".
ويؤكد خال محمد، أن إدارة المستشفى تلقت مبلغ 1250 جنيهًا نظير إجراء العملية، لعدم وجود تأمين صحي له، ويقول: "اشترينا الشريحة والمسامير الخاصة بالعملية على نفقتنا الخاصة، بالرغم من القرار بعلاج مصابي أحداث بورسعيد على نفقة الدولة، إلا إن مسؤولي المستشفى، أكدوا أن إجراءات إنهاء أوراق العلاج ستأخذ عدة أيام، فاضطررنا لإجراء العملية على نفقتنا، لإنقاذ حالة محمد قبل التدهور، ويضيف بأن "الرعاية والمتابعة الطبية بالمستشفى جيدة، ولكن نأمل في إجراء العملية الثانية لمحمد بعد 3 أشهر على نفقة الدولة؛ لعدم قدرة الأسرة على تحمل المزيد من النفقات".
وفي الغرفة المجاورة يرقد محمد أحمد مسعود (33 سنة)، عامل المراكب المصاب بطلقة في الرئة اليسرى وقريبة من القلب، والذي يؤكد أيضًا عدم علاقته بالمظاهرة وتلقيه الرصاصة؛ أثناء ذهابه للبحث عن شقيقه الأصغر، ويقول" فور علمي بالأحداث شعرت بالقلق على شقيقي، وخرجت من المنزل للبحث عنه، وسمعت طلقات الرصاص الكثيفة بالقرب من سجن بورسعيد، ولم أشعر بنفسي إلا يوم كامل في المستشفى"، ويضيف، "علمت أنه أجريت لي عملية لإخراج الرصاصة في مستشفى بورسعيد، وجئت في إسعاف مجهز إلى المستشفى الجامعي للمتابعة الطبية"، والدة وابن محمد لا يفارقا غرفته منذ الحادث، والأم لم تتوقف عن ترديد كلمة "حسبي الله ونعم الوكيل".
الحال لم يكن أقل للمصاب محمد فاروق (23 سنة)، والذي يعمل في محل تجاري قريب من سجن بورسعيد، وتلقى رصاصة من الظهر خرجت من صدره، ليسقط فاقدا الوعى، يقول المصاب: "عند سماعي لأصوات الرصاص أثناء توجهي للمحل وكان الصوت قريب جدًا حاولت الجري بسرعة، وقبل أن أصل للمحل تلقيت رصاصة، جعلتني أنزف بشدة، وحاول المارة إسعافي ثم اتصلوا بأسرتي لإنقاذي"، ويستكمل شقيق محمد، كنا نتابع محاكمة المتهمين في استاد بورسعيد من التليفزيون، ونصحت محمد بعدم النزول لقرب عمله من السجن، ولكنه رفض وقال: "خليها على الله" وبعد خروجه فوجئت باتصال من شخص يقول لي "أخوك مات برصاصة جنب السجن" فخرجت للمكان وبحثت عنه، ووجدته مصابًا وينزف بشدة، وبالرغم من شدة الإصابة، لكني حمدت الله، أنه لايزال حيًا وانتقل لمستشفى الجامعة بالإسماعيلية في إسعاف مجهز، ونقل له عدة أكياس من الدم؛ أثناء الطريق الذي كان شبه متوقف بسبب الأحداث، ثم أجرى عملية استمرت 7 ساعات متواصلة، ويقول: "في مصابين كتير كان ممكن يعيشوا، لكن مفيش إمكانيات في مستشفيات بورسعيد؛ ومنها رفض استقبال شقيقي لسوء حالته".
ويؤكد الدكتور محمود الشربيني، طبيب القلب والصدر المتابع لحالات المرضى، أن الحالات جميعها مصابة بطلق ناري في الصدر والبطن والظهر، وواضح إطلاقها من مسافات وارتفاعات بعيدة، وجميعهم من الحالات الحرجة، وإن كان البعض قد استقرت حالته بالرغم من خطورتها.
فيما أكد الدكتور سمير الغندور، مدير المستشفى الجامعي، أن الحالات تعالج على نفقة الدولة أو مجانًا، ولكن بعد إنهاء بعض الإجراءات، أما الحالة التي سددت نفقات العملية، فقد رفضت أسرته إنهاء الإجراءات، وأكدوا على موافقتهم سداد نفقات العملية، مضيفًا أن المستشفى استقبلت الحالات الحرجة، وتخضع للملاحظة الطبية الدقيقة.