لم يكن البيان المصري الأخير بشأن السودان مجرد تصريح دبلوماسي رنان، ولا هو واحد من البيانات التي كُتبت لتُنسى في زحمة الأخبار، بل هو إعلان موقف مصيري يحدد للمرة الأولى وبوضوح غير مسبوق الخطوط الحمراء للأمن القومي المصري في الجوار الجنوبي. إنه بيان يعبِّر عن لحظة إدراك حقيقية بأن ما يجري في السودان لم يعد شأنًا داخليًّا سودانيًّا بحتًا، بل تحول إلى تهديد مباشر لبنية الأمن الإقليمي، وتحديدًا للأمن القومي المصري الذي طالما ارتبط تاريخيًّا واستراتيجيًّا بالعمق السوداني. جاء البيان في ست نقاط حاسمة، حملت بين سطورها لغة غير معتادة في الخطاب الرسمي المصري، لغة تُذكِّر بالبيانات الكبرى في لحظات التحولات والحروب، عندما تقف الدول أمام مصيرها فلا تترك مجالًا للالتباس. للمرة الأولى، تعلن القاهرة بهذه الصراحة أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها في الملف السوداني: أولها وحدة السودان وسلامة أراضيه، وثانيها الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية ومنع انهيارها أو تفكيكها، وثالثها رفض إقامة كيانات موازية أو الاعتراف بها، في إشارة واضحة إلى أي محاولة لتقسيم السودان أو شرعنة أمر واقع جديد على الأرض. البيان المصري لم يأتِ مصادفة، بل يعكس تغيرًا نوعيًّا في المزاج السياسي المصري، وتحولًا من سياسة "المراقبة الصامتة" إلى التحذير الصريح وربما الاستعداد للتدخل إن لزم الأمر. منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، تحولت الخرطوم ومدن دارفور إلى ساحات حرب مفتوحة، تتجاوز فيها المذابح حدود الإنسانية، بينما يعيش المدنيون بين رعب القصف ونيران الميليشيات. مدينة الفاشر، التي أشار إليها البيان المصري تحديدًا، تحولت إلى عنوان للكارثة، إذ تشهد منذ أسابيع انتهاكات مروِّعة وجرائم ضد المدنيين، في ظل عجز إقليمي ودولي عن وقف النزيف. وبينما تتصاعد الدعوات الأممية للتدخل الإنساني، تمضي بعض القوى الإقليمية في محاولات لإعادة رسم خريطة السودان على أسس قبلية ومناطقية، وهو ما تعتبره القاهرة تهديدًا وجوديًا للأمن القومي المصري، لأن انهيار السودان يعني فتح الجبهة الجنوبية لمصر على المجهول. لم تكن القاهرة يومًا غائبة عن الملف السوداني، لكنها لاعتبارات السياسة والجوار التزمت طويلًا بنهج الوساطة الهادئة. قادت محادثات الرباعية الدولية (مصر – السعودية – الإمارات – أمريكا)، وسعت لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية، لكنها وجدت أن الواقع الميداني يتدهور يومًا بعد آخر، وأن اللغة الدبلوماسية لم تعد تكفي. من هنا جاء البيان ليقول بصوت واضح: إن مصر لن تقف متفرجة أمام تفكك السودان، ولن تسمح بتحويله إلى ساحة نفوذ لقوى أجنبية أو إقليمية تعبث بجوارها الحيوي.. وللمرة الأولى، يلمِّح البيان إلى حق مصر في اتخاذ إجراءات يقرها القانون الدولي واتفاقية الدفاع المشترك مع السودان. إنها رسالة مزدوجة: تحذير لمن يسعى إلى تقسيم السودان، وتأكيد أن القاهرة لن تسمح بتقسيم السودان وتأسيس المليشيا لدولة على حدودها الجنوبية. يأتي البيان في لحظة إقليمية دقيقة: انشغال العالم بأزمات غزة وأوكرانيا، وتراجع الاهتمام الدولي بالسودان، وتزايد مؤشرات الانفلات في دارفور وكردفان، ما يجعل البلاد على وشك تحول خطير نحو السيناريو الليبي أو الصومالي. ومع كل يوم جديد من الفوضى، يزداد خطر انتقال الموجات المسلحة والنزوح البشري إلى داخل الحدود المصرية.. لذلك يمكن القول إن البيان ليس دفاعًا عن السودان فحسب، بل عن الأمن القومي المصري في ذاته. مدبولي.. ومطالبة الصحافة بالصمت المنضبط! معضلة أحمد الشرع البيان المصري لم يُصدر في فراغ، بل جاء منسجمًا مع رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كما جاء نصًّا لتحقيق السلام والاستقرار في السودان.. وهي إشارة ذكية إلى تنسيق ضمني مع واشنطن، وإلى أن القاهرة تتحرك ضمن إطار دولي مشروع، لكنها تحتفظ في الوقت ذاته بحقها الكامل في الدفاع عن مصالحها متى تهددت. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا