جماعة الإخوان المسلمين لها تاريخ طويل مع العنف، فقد نشأت تحت الأرض، وعملت لمدة 80 عاما في الظلام، ومن ثم اتخذت من العنف منهجاً وسبيلاً للوصول إلي غايتها، وحتي الآن وبعد وصولها للحكم، لم تستطيع التخلي عن منهجها، بل استمرت تتبعه، حتي ان ميليشياتها أصبحت منتشرة في كل مكان، ترهب كل من يخالفها الرأي، سواء بالتهديد والوعيد أو باستخدام العنف إن لزم الأمر. عرفت جماعة الإخوان المسلمين طوال تاريخها بميلها للعنف الذي قد يصل للقتل، فهي الجماعة المسئولة عن مقتل أحمد باشا الخازندار عام 1948، والذي تم اغتياله علي يد شابين ينتميان للجماعة، هما محمود زينهم وحسن عبدالحافظ، بسبب الأحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة علي بعض المنتمين للجماعة في قضية مقتل ضباط إنجليزي عام 1947. وشهد أواخر عام 1948 اغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء مصر علي يد أحد المنتمين للجماعة يدعي عبدالحميد أحمد حسن. كما قام التنظيم السري للإخوان باغتيال أحمد ماهر باشا عام 1945 وهي جريمة الاغتيال الأولي التي ارتكبها أفراد تابعون للجماعة ضد أحد خصومهم السياسيين بعد عام واحد من تكوين الجماعة، ثم تكرر الأمر كثيرا حتي مع اتباعهم الذين خالفوهم الرأي، وهو ما حدث مع المهندس سيد فايز عضو الجماعة الذي اعترض علي اغتيال النقراشي باشا، وفي كتابه «أحداث صنعت تاريخها» علق محمود عبدالحليم علي هذه الواقعة قائلا سألت الشيخ سابق عن هذه الواقعة فقال ان رئيس النظام هو الذي خططها، ونفذها أحد معاونيه، كما كان للجماعة محاولة شهيرة لاغتيال جمال عبدالناصر عام 1965 ولكنه نجا منها، واليوم ورغم وصول الإخوان للحكم إلا انهم لم يستطيعوا التخلص من عادتهم القديمة، وحبهم للعنف، فكلما عارضهم أحد لجأوا للعنف لإسكاته وهو ما حدث مع المهندس حمدي الفخراني عضو مجلس الشعب المنحل، الذي أقام دعوي قضائية لوقف تنفيذ قرار الدكتور محمد مرسي بعودة مجلس الشعب المنحل، فكان نصيبه علقة ساخنة علي يد ميليشيات الجماعة، والأكثر من ذلك ان معظم معارضي الجماعة تعرضوا للضرب وهو ما حدث مع النائب السابق أبوالعز الحريري وعاطف المغاوري القيادي بحزب التجمع. نفس هذه الميليشيات هي التي حاصرت مجلس الشعب في يناير من العام الماضي لمنع وصول المتظاهرين للمجلس، رغم أنهم كانوا متوجهين للمجلس لتسليمه السلطة، وهي نفسها التي قامت بحصار محكمة القضاء الإداري في شهر يوليو الماضي لإرهاب المحكمة التي كانت تنظر دعوي بطلان التأسيسية، ولكن المحكمة لم ترضخ للإرهاب وأصدرت حكمها التاريخي ببطلان التأسيسية الأولي، بل ازدادت الميليشيات جرأة وقامت بحصار المحكمة الدستورية العليا لمنع قضاتها من عقد جلسة نظر حل مجلس الشوري وتشكيل الجمعية التأسيسية الثانية التي حصنها الدكتور مرسي، وبالفعل نجحت الميليشيات في مهمتها ولم تنعقد المحكمة. ولأن ميليشيات الجماعة ترفض معارضة الرئيس، فإنها لجأت إلي استخدام القوة في فض الاحتجاجات التي تلت إصدار الرئيس لإعلانه الدستوري في شهر ديسمبر الماضي، واتجاه المعارضين للاعتصام أمام قصر الاتحادية، مما أدي لوقوع عدد كبير من الجرحي، بل والأكثر من ذلك ان هذه الميليشيات حلت محل وزارة الداخلية، وقامت باعتقال عدد من المتظاهرين وحبسهم وتعذيبهم حتي قامت النيابة بتسلمهم للتحقيق معهم، وحينما قامت النيابة بالإفراج عنهم ألغي النائب العام المستشار طلعت عبدالله انتداب المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الذي رفض الانصياع لأوامر الجماعة، هذا بالإضافة إلي ما حدث حينما قام الرئيس مرسي بإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وتعيين المستشار طلعت عبدالله بدلا منه، حيث قامت هذه الميليشيات بمحاصرة دار القضاء العالي لمنع المظاهرات الرافضة لقرار الرئيس الذي يعد اعتداء صارخا علي السلطة القضائية، ونظرا لموقف نادي القضاة الرافض لإعلان مرسي الدستوري وقراراته التي امتد أثرها رغم إلغائه، قامت هذه الميليشيات بالاعتداء علي المستشار أحمد الزند رئيس النادي. وبالإضافة لهذه الميليشيات التي تتخذ العنف منهجا لها، هناك أيضا ميليشيات إلكترونية لمواجهة معارضي حكم الجماعة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهناك الميليشيات القانونية التي تلاحق معارضي الرئيس من خلال الدعاوي القضائية، ولو اقتصر الأمر عند هذا الحد لهانت الأمور، ولكن تنامي عنف الإخوان أدي إلي ظهور جماعات أكثر عنفا، حيث خرجت علينا جماعة عبر الإنترنت تدعي «كتائب مسلمون» ظهرت من خلال فيديو تمت إذاعته عبر موقع اليوتيوب، ورغم انهم قالوا في الفيديو إنهم ليسوا تابعين للجماعة أو لحازمون، إلا أنهم وجهوا تهديداتهم للأقباط ولقادة جبهة الانقاذ الوطني وللإعلام الفاسد علي حد زعمهم، ولم تقتصر تهديداتهم علي ذلك بل طالت مؤسستي الجيش والشرطة معا، حيث حذر المتحدث في الفيديو، والذي ظهر ملثما ويحمل في يده سلاحا، الجيش أو الشرطة قائلاً: في حالة محاربتكم لنا والسكوت عما يفعله الظالمون وأعوانهم فسنقاتلكم رغم احترامنا لشرعيتكم. هكذا رفعت جماعة الإخوان المسلمين راية العنف، فمنذ بدايتها لا تعترف بغيره منهجا، وها هي مصر كلها اليوم تحصد ما زرعته الجماعة من عنف، في صورة نيران تأتي علي الأخضر واليابس وتغتال أمن الوطن، فالبداية كانت عند الجماعة ولكن النهاية لا يعلم مداها إلا الله.