يبدو ان جماعة الإخوان المسلمون – بعد وصول رئيس حزبهم الى السلطة ورئاسة الجمهورية الثانية بعد ثورة 25 يناير التى رفعت شعارات لم يكن من بينها على الإطلاق شعار الإخوان التقليدى مثل «الاسلام هو الحل»، - لم تتوان منذ اللحظة الاولى على استبدال هذا الشعار بآخر عنوانه «العند هو الحل».. مستندين الى صناديق الانتخاب التى أتت ببرلمان نوفمبر المنحل بأغلبية تنتمى الى تيار الاسلام السياسى.. وبعدها الى الانتخابات الرئاسية التى تفوق مرشحهم على منافسه بأغلبية ضئيلة للغاية.. ثم اخيرا الاستفتاء على الدستور الذى انقض على هوية مصر الحضارية. وتمارس جماعة الإخوان وحزبها ومكتب إرشادها بل والرئيس ذاته سياسات تؤكد ان العند هو الوسيلة الوحيدة للاستئثار بالسلطة وإقصاء كافة القوى السياسية وعدم الإنصات الى آية اصوات مغايرة لأهدافهم المعلنة والمبطنة.. ولعل ما يتم طهيه الآن.. فى مجلس الشورى الذى آلت اليه سلطة التشريع لحين الانتخابات البرلمانية القادمة طبقا للدستور الاعوجاجى.. سواء على صعيد قوانين الانتخابات أو المعلومات وحرية التعبير والصحافة والاعلام وغير ذلك، يؤكد ان «العند» مازال هو الحل لدى هذه الجماعة. والسؤال الذى نطرحه على الجماعة.. هل أصبحت صناديق الاقتراع وحق الانتخاب هو الأصل فى مجتمعات تتناحرها المصالح والانقضاض على مكتسبات الامم والشعوب؟ هل صارت الانتخابات هى المعيار الوحيد للديمقراطية وحق تقرير الشعوب لمصيرها؟ هل خروج مواطنين يعيشون تحت خط الفقر وسط اكوام الهدم والخراب ليختاروا من يعدهم بالحياة الآخرة ذات النعيم وجنات الخلد هى عين الديمقراطية؟ هل مرطبات الكلام صالحة لاطفاء النيران؟ هل صوت «الوعد الصادق» لجماعة لا تؤمن سوى بالقوة عبر الجلباب ولحى التمرد والسعى الى السلطة هى القادرة على خلق دولة القانون والمساواة؟ ألم يفز الحزب اليمينى المتطرف «النازى» فى النمسا قبل عدة سنوات ورفضت أوروبا كلها التعامل مع النمسا فما كان من رئيس ذلك الحزب إلا أن يتنحى من أجل مصالح بلاده وشعبه ولم يعاند لا شعبه ولا أوروبا بذريعة فوزه فى الانتخابات.. ولم يجد الشعب النمساوى الذى ذهب لصناديق الاقتراع لاختياره إلا أن يحتكم لصوت العقل والمصلحة القومية ويعليها عن انتماءاته الحزبية.. ألم ينجح شارل ديجول فى الانتخابات الفرنسية بأقل من 70% فشعر انه لا يعبر عن الإجماع فاستقال.. هذه هى صناديق الاقتراع التى وأن تصادمت مع الحقوق الكبرى للشعوب فلتذهب الى الجحيم. ليس هذا معناه أن يتنحى الرئيس أو يتنازل عن شرعيته الانتخابية .. ولكننا على العكس ندعوه وجماعته ان يتنازلوا عن نظرية الحرب الاختطافية وفقا لمبادئهم الإخوانية.. فإن من يفكر فى كسب حرب سريعة تغير معالم الوطن وتنقض على هويته ويمارس سياسات تقسم الوطن وهو ما حدث بالفعل سواء على شاشات الفضائيات أو فى الشارع السياسى أو فى المؤسسات العريقة.. وايضا من يخطط لتفويض احد وكلاء الفتنة والطائفية .. ومتعهدى السياسات الانقلابية بأيديولوجية دينية مع سطحية سياسية واستراتيجية ويضع الوطن كله بتاريخه وماضيه وحاضره ومستقبله على حافة الهاوية.. فإن كل ذلك لن يستفيد منه أحد وسيدفع الوطن بكامله ثمن هذا النمط من التفكير وهذه الرؤية فى الاستئثار بالسلطة والظمأ اليه ومحاولة الانتقام بكافة الوسائل ممن يخالفونهم الرأى. لذا نقول ونؤكد أن ما قاله رفاعة رافع الطهطاوى لابد وأن يكون قانون المرحلة القادمة عندما قال «ليكن الوطن مكان سعادتنا أجمعين نبنيه بالحرية والفكر».. وللحديث بقية. Email: