طالما أن الرئيس محمد مرسى مُصر على عناده وعدم النزول على رغبة الجماهير بوقف الاستفتاء على الدستور المشوه الذى يؤيد مصالح جماعة الإخوان المسلمين على حساب بقية الشعب المصرى، وطالما أن هناك إصراراً بهذا الشكل على إجراء الاستفتاء الباطل على دستور باطل صادر عن جمعية تأسيسية، لم يعد إذن أمام المصريين إلا النزول إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم ضد هذا الباطل كله.. وطالما أن هذا المشهد الرافض بهذا الشكل لم تره جماعة الإخوان وأنصارها من التيارات الدينية، وطالما أن حناجر هؤلاء الرافضين لم تصل بعد إلى آذان الرئيس، وطالما أن الحصار المفروض على قصر الاتحادية لم يره الرئيس، وطالما أن الغلبة لمن هم فى سدة الحكم على حساب هذا الشعب، فإن جماهير مصر العريضة بات عليها لزاماً أن تخرج إلى صناديق الاقتراع وتسود ضد هذا الدستور بالرفض. أما الرهان الذى تراهن به جماعة الإخوان بشأن البسطاء من أهلنا المحتاجين الذين تغرقهم الجماعة بأموالها فهذا حلال لها وعليهم أن يصوتوا بالرفض لهذا الدستور الأعرج الذى لا يعبر عن جميع أطياف الشعب المصرى، صحيح أن حلم العدالة الاجتماعية الغائبة لا يظهر إلا فى المناسبات الانتخابية، إلا أن ذلك لا يمنع أبداً المواطنين الذين سيتم حشدهم لمراكز الاقتراع من التصويت ب«لا» لهذا الدستور المشوه، والتصويت بالرفض سيعطى جماعة الإخوان وأنصارها من التيار الدينى درساً لن ينسوه أبداً، فهو بمثابة تتويج رسمى لحالة الرفض التى تسود المجتمع المصرى. ولا أعتقد أبداً أن أهلنا البسطاء من الأميين وساكنى العشوائيات والأماكن النائية بالبلاد يمكن أن تخيل عليهم كل هذه الألاعيب الإخوانية من أجل كسب أصواتهم.. فأهل مصر جميعاً مدركون حقيقية ما يفعله التيار الدينى من متاجرة بالدين.. والبسطاء لا يمكن أن يقعوا فى شرك هذه الفخاخ المنصوبة لهم!! غداً بدء التصويت ولن تجدى المقاطعة إذن فى ظل هذا العناد الغريب والشاذ من أهل الحكم الذين يراهنون على أصوات البسطاء.. وكلى ثقة ويقين أن الصدمات التى تلقاها هؤلاء لا يمكن أن تمر عليهم مرور الكرام، فلابد أن هؤلاء المتدينين بطبعهم لا يمكن أن يضحك عليهم أحد مهما كان باسم الدين.. ورغم أن جماعة الإخوان تقوم حالياً بحملة شرسة مستغلة الدين فى ذلك قائلة بأن الرافضين للدستور كفرة وزنادقة ويقولون للبسطاء من أهلنا فى الأرياف إن التصويت ب«لا» يعنى إعلان الحرب على الله، ويدخل النار.. فهل هذا منطق يستقيم مع ما أمرنا به الله ونهانا عنه.. بل إن أحد علمائهم راح بخلاف ما يقوله عن سب وقذف قائلاً إنه وجب قتال هؤلاء المعتصمين فى ميادين مصر ضد الدستور المشوه والإعلان الدستورى الأول والثانى الباطل.. ولا أعرف من أين يستمد هؤلاء فتاواهم، رغم أن أئمة المسلمين التابعين ومن سبقوهم من الخلفاء حتى رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، لم يجرؤ أحد منهم على إعلان الحرب على مسلمين، اللهم إلا فى أحداث الفتنة الكبرى وهذه لها ظروف خاصة لا يتسع المجال للحديث عنها.. كما أن الإسلام عندما أتى لأهل الجاهلية الأولى عبدة الأصناف والمحاربين لدين الله، كان سمحاً معهم، ولم يشرع الله القتال إلا لمن قاتل المسلمين.. أما ما نسمعه الآن ممن يتمسحون بالدين ولم يقرأوا القدر الكافى الذى يؤهلهم للفتوى راحوا يطلقون الفتاوى على الجرار بدون وعى، ويخلطون أمور الدنيا بالدين ويقدمون أجمل هدية لأعداء الأمة العربية سواء كان بقصد أو بدون قصد كما قلت يوم الأربعاء الماضى، ثم إن ما علاقة الدين بالدستور؟!.. ولماذا تصر جماعة الإخوان وأتباعها أو من خرجوا من عباءتها على ربط الدين بالدستور؟!.. ولماذا الإصرار على فرض أمر واقع لا يسير مع المصريين؟1.. لا أحد على الاطلاق يرفض الشريعة ولكن الرفض كله هو الاستبداد والمتاجرة باسم الدين..ولذلك تقوم الجماعة باللعب على مشاعر البسطاء من أهلنا، رغم أن هؤلاء الفقراء الذين يحلمون بعدالة اجتماعية لا يمكن أن ينخدعوا وراء هذه الأباطيل، خاصة محاولات ربط التصويت للدستور بدخول الجنة، ورفض الدستور بدخول النار. فى حقيقة الأمور فإن التصويت لصالح الدستور هو دخول نار الاستبداد والطغيان لأنه دستور لا يعبر عن المصريين جميعاً وانما يحقق مصالح الجماعة، ولأنه من غير المقبول أو المعقول أن يقوم تيار أو فصيل واحد باعداد الدستور واستبعاد باقى التيارات الأخرى الوطنية التى لا تبغى سوى تحقيق المصلحة العليا للوطن والمواطن، أما اللعب بمشاعر الناس وإقحام الدين بهذا الشكل فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً.. وسيكسب شعب مصر الرافض لهذا الدستور الرهان الذى يخول عليه كل المتاجرين والمزايدين بالدين.. وعيب كل العيب أن نسوق لدستور مشوه بالجنة والنار.