كما كنا نتوقع خلا خطاب الرئيس محمد مرسى من أى جديد، ومازال العناد والكبر يسيطران عليه، وكنت أتمنى أن يخيب ظنى وظن المصريين جميعاً، ويتخلى الرئيس عن الأنانية المفرطة التى تتملكه ويقرر وقف الاستفتاء على الدستور المشوه، والإعلان الدستورى الباطل. خطاب الرئيس زاد الاحتقان بين المصريين ويؤكد أنه فى النزع الأخير من حكمه.. عناد الرئيس هو الذى أسقط عنه الشرعية التى اكتسبها من الصندوق الانتخابى.. والجرائم التى ارتكبت أمام قصر الاتحادية كفيلة، وحدها بأن تسقط عن الرئيس الشرعية فى حكم البلاد.. والدماء التى سالت على أبواب القصر الجمهورى كفيلة بأن يخرج علينا الرئيس فى خطابه الأخير على أبسط تقدير بالاستجابة إلى مطالب الأمة.. لكن يبدو أن الرئيس أعماه «الكرسى» عن أن يرى ما فعله فى حق الوطن من فرقة خطيرة قسمت المصريين، وجعلتهم يتناحرون بهذا الشكل المزرى. الرئيس فى خطابه آلمه فقط إصابة سائق الرئاسة، ولم تؤلمه الدماء التى سالت، الرئيس آلمته الكتابة على جدران القصر الجمهورى، ولم تؤلمه الجراح الغائرة فى قلوب المصريين الذين احترموا شرعية انتخابه حتى قيامه بإصدار الإعلان الدستورى الباطل، وإصراره الشديد على تمرير الدستور والاستفتاء عليه.. ولماذا يصر الرئيس على إجراء الاستفتاء الباطل على الدستور الباطل؟!.. الإجابة باختصار شديد هى أنه يراهن على أن أنصار جماعة الإخوان المسلمين وباقى تيارات الإسلام السياسى الموالية له ستخرج إلى صناديق الاقتراع وستقوم بالتصويت بنعم طبقاً لرغبة الرئيس، بالإضافة إلى أهلنا البسطاء الذين تقوم جماعة الإخوان والتيارات الأخرى التابعة لها، بحشدهم إلى صناديق الاقتراع مقابل علب الصلصة والزيت والسكر.. فى حين أن هؤلاء الأهل البسطاء لا ناقة لهم ولا جمل بالدستور أو غيره، وكل ما يعنيهم هو الحصول على ما يسدون به رمقهم، وجماعة الإخوان لا تكتفى بالتجارة بالدين فحسب، وإنما تتاجر بأحوال هؤلاء الفقراء أيضاً وتستخدمهم فى أية انتخابات تجرى! هناك إصرار غريب من الرئيس أيضاً على ان هناك مؤامرات تحاك ضده وأنه علم بخيوطها ويعرف تفاصيلها، ولم يقم بالإعلان والكشف عن هذه المؤامرات التى كادت تطيح بعرشه.. فهل هذا يعقل أن تكون هناك مؤامرة للإطاحة بعرش الرئيس ويسكت عنها أو يتسامح إلى هذا الحد المفرط من السماحة؟!.. مثل هذه الأمور لا تجوز فيها سماحة ولا رقة بل يجب الكشف عن تفاصيلها، وإحالة المتورطين فيها إلى التحقيق بعد القبض عليهم، وعلى الأقل يجد النائب العام المعين بقرار من مرسى عملاً يستحق القيام به، بدلاً من التحقيق مع رموز العمل الوطنى الذين يناضلون من أجل إسقاط الدستور المشوه والإعلان الدستورى الباطل، أمثال محمد البرادعى والسيد البدوى وعمرو موسى وحمدين صباحى ونجيب ساويرس.. فالأمور عند الرئيس انقلبت والموازين انعكست والحقائق ضاعت، الرئيس يتسامح ياحلاوة مع مرتكبى مؤامرات ضده ويحقق النائب العام مع الرموز المصرية الوطنية!!.. ألم نقل إنه خطاب فارغ من أى مضمون، فبعد المذابح وبعد المظاهرات العارمة التى لاتزال تسود أرجاء البلاد يخرج علينا الرئيس بخطاب هزيل، يستخف فيه بعقول المصريين!!! ما أشبه الليلة بالبارحة، عندما قامت الثورة المصرية العظيمة فى 25 يناير 2011، غاب الرئيس السابق عن المشهد ثم خرج بخطاب استخف فيه بالمصريين، وثبت شعب مصر حتى تم خلع «مبارك».. والتاريخ يعيد نفس المشاهد ونفس السيناريو.. لكن الباقى أن «مرسى» ننتظر منه أن يغادر؟ وبذلك يكتمل المشهد.. أليس الصبح بقريب؟!!.. لكن مصيبة المصريين فى الرئيس مرسى أشد وطأة، لأنه كان واحداً من ثوار التحرير المشاركين بعد 25 يناير، والكارثة الأعظم أنه جاء بشرعية الصندوق الانتخابى!!.. والأفدح من ذلك أن الذين صوتوا له من غير جماعته قد أصيبوا بخيبة أمل فى اختيارهم.. صحيح أنه لم يكن أمامهم ساعتها خيار إما أن يصوتوا له باعتباره مدنياً أو لغيره من المحسوب على المؤسسة العسكرية، لذلك فضلوه على غيره!! ولذلك ما فعله «مرسى» فى حقهم يعد طعنة لهم لا يغفرها سوى أن يغادر الرئاسة حتى يتم تصحيح الأمور.. وخطاب «مرسى» لا أرى فيه سوى كلمات منمقة تسخر من المصريين وتستهزئ بهم، خاصة بعد وعوده التى قطعها على نفسه وعمل عكسها.. فاللهم احفظ مصر، واحفظ شعبها الذى يأبى أن يخضع أو يستكين لأى ضيم أو استبداد، واللهم ثبت اقدام الثوار حتى تتحقق كل المطالب دون نقصان. wagdy.zeineldeen.yahoo.com