قال الدكتور محمود محي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030، و الذي شغل سابقًا منصبي المدير المنتدب للبنك الدولي والنائب الأول لرئيس البنك الدولي خلال الجلسة الأولي من المؤتمر الذي نظمته المجموعة المالية هيرميس للمستثمرين تحت عنوان "الأسواق الناشئة بعد كوفيد – تمويل خطط النمو" أن جائحة كورونا وما تبعها من تأثيرات سلبية علي الاقتصاد العالمي فرضت العديد من التساؤلات بشأن استدامة التحويلات من الخارج وأثرها على مستقبل الاقتصاد والاحتياطي النقدي وحياة المواطنين بشكل عام، مشيراً إلي أن هناك متغيرات عديدة من بينها تلك الناتجة عن أزمة (كوفيد – 19) إلى جانب تحديات أخرى تتعلق برقمنة الخدمات غير القابلة للتسليع. وأضاف إلى ذلك ظهور الأفكار والسياسات الشعبوية والأحزاب اليمينية المتشددة في أوروبا ودورها في عرقلة تدفقات الهجرة. وتابع: علينا أن ندرس التحولات بشكل تدريجي على فترة زمنية ممتدة وليس فقط خلال عام 2020, كما يجب الاستعداد والتعامل مع المؤشرات التي تبعثها الدول المضيفة والتي تسعى إلى التأميم والرقمنة وتقديم مختلف الخدمات آليًا، وهو ما سيؤثر بطبيعة الحال على معدل الهجرة والتحويلات المالية. وأشار ألي انه وعلى الرغم من نمو تحويلات العاملين بالخارج على مدار السنوات العشر الماضية وبشكل يتجاوز الاستثمارات الأجنبية المباشرة في بعض الحالات، إلا أننا يجب علينا دراسة المخاطر وكافة العوامل المؤثرة لمعرفة التوجه السائد فيما يخص تحويلات العاملين بالخارج. شدد علي أهمية تطبيق معايير الإفصاح والحوكمة بشكل فعال لافتاً الي اننا لازلنا بحاجة إلى مزيد من التقدم والعمق في هذا المجال . قال أن الدولة تستهدف لأول مرة تنمية حجم الصادرات إلى 100 مليار دولار، والذي سينعكس تأثيره بشكل واضح على النمو الاقتصادي وحجم الاستثمار، من المفترض أن زيادة حجم الصادرات من 30 إلى 100 مليار دولار سيأتي من القطاعات غير النفطية، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول سبل الاستثمار والإنتاج والتمويل اللازمة لتحقيق هذا الهدف. والواضح أن المسعى هنا هو تنويع الاقتصاد على الرغم من كونه أكثر فعالية وإفادة للدول النامية في الوقت الحالي. وستظل زيادة الصادرات مهمة بالنسبة للدول العربية لأن الأسواق المحلية ليست ضخمة بالشكل الكافي، وهو ما سيساهم في جذب المزيد من الاستثمار وزيادة المعرفة اللازمة شريطة عدم تطبيق النماذج بعينها التي تتبناها الدول المتقدمة. وأضاف في الوقت الحالي هناك معايير قليلة وتكليفات أو دوافع أقل للإفصاح، ولكن نرى أن هناك قناعة بدأت تترسخ لدى الجميع بالدور الحيوي الذي تمثله الأبعاد البيئية والمجتمعية ومعايير الحوكمة في تشجيع المناخ الاقتصادي بشكل عام. لافتا الي أنه لأول مرة نرى "الأربعة الكبار" من مؤسسات المراجعة والتدقيق متفقين بشأن الإطار العام لأعمال التدقيق بناء على معايير الإفصاح عن ممارسات البيئة والمجتمع والحوكمة، كما أن نيوزلندا أصبحت أول دولة تابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تجعل هذا النوع من الإفصاح إلزاميًا. الإفصاح بشفافية أمر جيد للجميع حتى ندرأ ذريعة "التبييض" أو الادعاءات بغير الحقيقة عن الشركات والدول على حد سواء. شأنها شأن المعايير المحاسبية، نحن بحاجة شديدة إلى تطبيق معايير واضحة للإفصاح عن الأبعاد البيئية والمجتمعية ومعايير الحوكمة. وأضاف " محي الدين " أن الملكية في حد ذاتها ليست مقصدًا في النهاية، وهناك معايير أكثر كفاءة ودقة لقياس الأداء الاقتصادي ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، قيم الانضباط ونظم الإدارة وغيرها. ونرى بالتأكيد الكثير من الأمثلة الناجحة لنماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص حول العالم مثل الأصول الفندقية ومشروعات المرافق والمؤسسات المالية وغيرها من الأصول المملوكة للدولةوتخضع إدارتها لمعايير القطاع الخاص. فكلما وجدنا منافسة سوقية والتزام بالمعاييرالتنظيمية، سنجد نماذج ناجحة للأصول المملوكة للدولة. وفيما يتعلق بإمكانية تطبيق آليات الحكم المحلي في دول خاضعة لنظم المركزية قال " محى الدين " أن الأمر بلا شك يزداد سهولة في نظم الحكم الفيدرالي مثل كولومبيا وإسبانيا, ولكن حتى في النظم المركزية، نؤمن أن الانضباط والمرونة في عملية اتخاذ القرار على المستوى المحلي فيما يتعلق بأوجه الإنفاق والموازنة سوف يكشف عن أية فجوات ويتيح بالتالي مخاطبة كل منها على حدة. يعتبر التطور الرقمي سمة العصرفي العالم اليوم، وبالتالي لم يعد الحديث مقتصرًا على المركزية في مواجهة اللامركزية، بل أصبحت الإدارة المحلية وتوطين التنميةأمراً ممكناً وقابلاً للتطبيق في أي مكان من خلال الاستعانة بالنظم الرقمية الحديثة.