تحقيق - محمود مقلد - محمود يونس: انهيار وفساد وافلاس الشركات الامريكية الاخير وتفاقم الازمة المالية العالمية الحالية كانت بسبب محاولة القائمين عليها تقليل النفقات وتقديم ارقام وهمية عن ارباح خيالية أسهمت في رفع اسعار اسهم هذه الشركات في الاسواق المالية بلا مبررات اقتصادية فعلية بهدف تضليل المستثمرين، ودفعهم الي الاقبال علي شراء اسهم هذه الشركات بصورة كبيرة، مما أسهم في رفع قيمتها بصورة جنونية وبالتالي يستفيد مديرو هذه الشركات نتيجة تضخيم مكافآتهم السنوية ومكافآت نهاية الخدمة بغض النظر عن اي شيء اخر. أي كان المديرون يعتمدون علي اخفاء البيانات الصحيحة واعلان ارقام وهمية ولعل هذا هو الدرس الاهم الذي يجب ان تستفيد منه معظم دول العالم خاصة مصر التي لو لم تسارع فورا في تطبيق معايير الحوكمة والشفافية وقواعد الافصاح بشكل اوسع فستكون ضحية اخري جديدة من ضحايا دول الرأسمالية خاصة ان الفترة الاخيرة شهدت تضاربا كبيرا في معظم ارقام معدل النمو المتوقع، حتي قال رشيد باحتمال ان يتراجع الي 3و4% وقال محيي الدين لن يتعدي ال6% بينما قال وزير المالية انه سيصل الي 2.7%! فمفهوم الحوكمة كما يعرفه الباحثون هو ممارسة سلطات الادارة الرشيدة وهي كما يقول عنها الخبراء العصا السحرية التي سوف تحمي الاقتصاد المصري الذي بات اقتصاد رجال اعمال "العالم اليوم" تناقش اليوم احد اهم الدروس المستفادة من الازمة العالمية وكيفية الاستفادة منها وكيفية معالجة تضارب ارقام الحكومة. في البداية، يقول الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار ان الحوكمة والشفافية اصبحتا من اهم ادوات الادارة الحديثة التي لا يمكن الاستغناء عنهما كما انهما عنصرا الامان لاي اقتصاد، مشيرا الي انه لولا عمليات الاصلاح المصرفي التي قامت بها الحكومة وتطبيق قواعد الافصاح والحوكمة لكننا من اكثر الدول المتضررة من الازمة ، موضحا ان وزارة الاستثمار كانت حريصة علي تفعيل وتطبيق قواعد الحوكمة وتفعيل نظام يساند الشفافية والافصاح، فكان قرار تأسيس مركز المديرين المصري الذي تم التأكيد علي اهمية استفادته من خبرات المؤسسات الدولية المعنية بقواعد الحوكمة مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، والبنك الدولي، ومؤتمر الاممالمتحدة للتجارة والتنمية. فمصر كانت اول دولة عربية تصدر دليلا لقواعد الحوكمة في اكتوبر 2005 معتمدا علي المبادئ الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما اصدرت اول دليل لقواعد الحوكمة للمؤسسات والشركات المملوكة للدولة في العالم العربي في يولية ،2006 وقام المركز بتدريب ما يقرب من 1000 من القيادات التنفيذية في الشركات العامة والخاصة، واستعان ب20 من المدربين الاكفاء. واوضح ان مناقشة قضايا الحوكمة كانت تأتي في اطار لاحق للمخاطر والازمات المالية الطاحنة مثل التي تعرضت لها الدول الاسيوية عام 1997 او بعض المشكلات الاقتصادية التي تعرضت لها بعض الشركات الكبري، لافتا الي ان الامر الان اصبح يتجاوز ذلك حيث تشير التقارير التي صدرت عن بعض المؤسسات الدولية إلي أثر تطبيق الحوكمة علي اداء الشركات ومنها التقرير الصادر عن دويتشه بنك الالماني الذي يظهر ان الشركات الاكثر التزاما بتطبيق قواعد الحوكمة كان اداؤها النسبي افضل لاسهمها بنسبة تتجاوز ال19% ، كما ان الشركات الملتزمة بقواعد الحوكمة محل اهتمام من المستثمرين. ويقول د. عبد المطلب عبدالحميد الخبير الاقتصادي واستاذ الادارة ان الحوكمة اصبحت امرا حتميا علي الاقتصاد المصري وذات اهمية قصوي للشركات المصرية التي تريد الاستمرار والنمو، مضيفا ان الحوكمة اصبحت عنصرا اساسيا من عناصر نجاح وتفادي اي شركة للمخاطر.. ومفهومها للذين لا يعرفونه هو ممارسة سلطات الادارة الرشيدة، وهذا التوجه اصبح يحظي بأهمية كبيرة علي مستوي العالم الان، في ظل ما يشهده العالم من ازمات بسبب التحول الي النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي تلعب فيه الشركات الخاصة دورا كبيرا ومؤثرا مطالبا بضرورة التأكيد علي مبادئ الحوكمة في مصر، نظرا لازدياد دور شركات القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، بما يمثله ذلك من حتمية متابعة اداء تلك الشركات، والوصول بادائها الي افضل مستوي ممكن، مشيرا الي ان الحاجة الي الحوكمة ظهرت في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في اعقاب الانهيارات الاقتصادية والازمات المالية التي شهدها عدد من دول شرق اسيا وامريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينيات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الامريكي مؤخرا من انهيارات مالية ومحاسبية، وتزايدت اهمية الحوكمة نتيجة لاتجاه كثير من دول العالم الي التحول الي النظم الاقتصادية الرأسمالية التي يعتمد فيها بدرجة كبيرة علي الشركات الخاصة لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي.