الكلمة الآن للدكتور محمد مرسى، رئيس كل المصريين، فعليه أن يتدخل بكل ثقله لإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وتمثيل كافة فئات المجتمع فيها تمثيلاً متوازناً دون إقصاء لأحد، للإعداد لدستور يليق بمصر، ويحفظ حقوق شعبها، ويحمى فئات المجتمع التى تحتاج إلي حماية، وأقترح أن تكون مسودة الدستور الحالية أساساً للمناقشات الجديدة اختصاراً للوقت والجهد الذى تم بذله فى الفترة الماضية. انسحاب القوى المدنية والكنيسة من المناقشات الحالية احتجاجاً على محاولات سلق الدستور، لابد أن يكون محل تقدير الرئيس وقوى الأكثرية، فلا يمكن أن يصدر دستور لايرضى عنه الأقباط ولا الأحزاب المدنية، فالقوى المدنية الممثلة فى الجمعية التأسيسية، رفضت أن تتحول إلى ديكور، أو أن تستخدم كستار من القوى المسيطرة على التأسيسية لتمرير مشروع دستور يمثل خطراً على مستقبل الشعب، واتخذت القوى المدنية قرارها بالانسحاب بعد التجاهل التام لمقترحاتها، وقيام القوى المسيطرة على التأسيسية بالإعلان عن جدول زمنى للانتهاء من الدستور دون التشاور معها. الخلاف بين القوى المدنية والتيار الدينى المسيطر على الدستور ليس على تطبيق الشريعة الإسلامية الذى تروج له هذه القوى للقيام بعملية تنويم مغناطيسى للمواطنين لإقناعهم بالدستور المسلوق، لا خلاف على الشريعة الإسلامية التى هى مطبقة حالياً وفى جميع الدساتير السابقة، كما أن القوى المدنية لم تنسحب بسبب الشريعة الإسلامية، وهى تعلن احترامها لها، وتم الاتفاق عليها مبدئياً، الخلاف الذى يجب أن يعرفه المواطنون قبل أن ينساقوا وراء هذه الجماعات هو أن هذه الجماعات حاولت منح أفراد رخصة تتيح لهم الاعتداء على المواطنين فى الشارع بحجة حماية الأخلاق والدين من خلال مادة فى الدستور تمنح للمجتمع الحق فى حماية الأخلاق والآداب والتقاليد والقيم الدينية. لا أحد يعادى الشريعة، لكن ما يحدث هو محاولات لفرض أفكار متخلفة لا تتفق مع التطور طبيعة العصر، ولا مع الإسلام الذى يساير الحضارة والرقى والتقدم. إن مثل هؤلاء المشايخ الذين يسبون الناس بألفاظ يعاقب عليها الدين والشرع والقانون ليسوا أهلاً لتطبيق الشريعة الإسلامية. الذى يزعم أنه داعية هل يليق به أن يصف مخالفيه فى الرأى بأنهم «أنجاس» و«رقاصين» و«مطبلاتية» و«كلاب»، وهل يجوز أن يهلل هذا الداعية لإقصاء القوى المدنية من مناقشات الدستور ويعتبر انسحابهم تطهيراً للجنة من «الانجاس»، وهل يجوز لداعية آخر أن يهدد الأقباط بإلغاء المادة التى تجعلهم يحتكمون إلى شريعتهم إذا أصروا على الانسحاب من الجمعية؟! لا يوجد دستور يفرض بالقوة، الدساتير تصدر بالتوافق لتعبر عن جميع فئات المجتمع، إن المحاولات التى تتم لسلق الدستور من خلال القوى المسيطرة على التأسيسية لابد أن تتوقف، الدساتير تأخذ وقتاً لاعدادها، وهذا الوقت الذى تجرى فيه عملية السلق ليس مناسباً لإصدار الدستور، الوضع من حولنا يموج بالتوتر فى وسط البلد، وفى سيناء، وغزة، وتبعات كارثة قطار أسيوط، أن محاولات خطف الدستور يجب أن تنتهى بالفشل، ونطالب الرئيس محمد مرسى بأن يجمع القوى الوطنية للتشاور حول عملية انقاذ القانون الأعلى من عملية السطو التى يتعرض لها من فصيل واحد.