قال وزير الخارجية محمد عمرو إن مسيرة العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى تنطوى على الكثير من الإنجازات والتحديات في آن واحد، مشيراً الي ان البعد الأوروبى يظل أحد الأبعاد المحورية في منظومة السياسة الخارجية المصرية، ومما يوثق هذه المسيرة ويضمن استمراريتها اعتبارات الجوار الجغرافى، والتواصل التاريخى، والمصلحة المشتركة التى جمعت شمال المتوسط بجنوبه، الأمر الذى تجسد في عدد من الأطر الحاكمة للعلاقات بين الطرفين ثنائياً وإقليمياً. واضاف في كلمته امام اجتماع فريق العمل المصري الاوروبي ان تدشين مصر والاتحاد الأوروبى نسقاً جديداً ينظم العلاقة الثنائية بين الجانبين يتمثل في انعقاد الاجتماع الأول لفريق العمل، تنفيذاً للمبادرة المشتركة التى أطلقها رئيس الجمهورية، وكذلك رئيس المفوضية الأوروبية خلال زيارة الرئيس إلى بروكسل في 13 سبتمبر الماضى. واوضح ان هذا النسق لا يقتصر على المستوى الحكومى فحسب، وإنما يمتد ليشمل الأطراف غير الحكومية، والبرلمان والأحزاب السياسية، والقطاع الخاص، ومجتمع رجال الأعمال، ومنظمات المجتمع المدنى، وذلك لتلبية احتياجات مصر على المديين القصير والمتوسط. واكد ان مصر تتطلع إلى أن يسهم فريق العمل في تحقيق نقلة نوعية في العلاقات المصرية- الأوروبية، ترتكز على مبادئ المشاركة الصحيحة، والملكية المشتركة الحقيقية، والتكافؤ والاحترام المتبادل، واحترام الخصوصيات الثقافية، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال تجاوز القوالب التقليدية التى تستند إلى منطق المانح والمتلقى، واستبدالها بمفاهيم جديدة تؤسس على مبادئ تكامل المصالح، وتبادل المنافعً، بما يحقق استقرار مستدام في مصر التى تُعد أكثر دول المنطقة سكاناً، وأكبرها اقتصاداً، الأمر الذى يضمن بالتبعية الأمن والاستقرار للاتحاد الأوروبى. وأضاف أن مصر وإن كانت تقدر مساندة الاتحاد الأوروبى السياسية والمعنوية لثورة 25 يناير، فإنها تتطلع إلى أن يقترن هذا التأييد بدعم مماثل يسهم في استعادة الاقتصاد المصرى لعافيته، ويبرهن على دور الاتحاد الأوروبى كشريك حقيقى يستجيب إلى التطلعات المصرية، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال إيلاء الاهتمام بقطاعات بعينها ذات أولوية، خاصة تلك ذات الصلة بالبنية التحتية، والطاقة المتجددة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والنفاذ إلى الأسواق، والبحث العلمى والابتكار، وتوطين التكنولوجيا، وإعداد برنامج متكامل للارتقاء بالمواد البشرية من خلال التدريب والتأهيل، وتعزيز بناء القدرات المؤسسية بما يتفق وأولوياتنا الوطنية. وأود هنا أن أؤكد على ما يتمتع به القطاع الخاص في كل من مصر والاتحاد الأوروبى من مقومات وإمكانيات متميزة تؤهله للقيام بطفرة حقيقية يمكن أن تسهم في إنعاش الاقتصاد المصرى، وإعادة تدفق الاستثمارات الأوروبية المباشرة إلى مصر. هذا ولا يفوتنى أن أتوجه هنا بالشكر والتقدير لكافة الشركات الاستثمارية والسياحية من الطرفين الأوروبى والمصرى الذين عقدوا اجتماعات على مدار يوم أمس لمناقشة سبل تنشيط الاستثمارات الأوروبية في مصر، وتعزيز مناخ الأعمال، وفتح الأسواق الأوروبية أمام المنتجات المصرية، ودفع التدفقات السياحية إلى مصر. وأوضح أن بناء الديمقراطية وتحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية يرتبط فى جانب كبير منه بتحقيق الاستقرار فى منطقة المتوسط التى تجمعنا، الأمر الذي يتطلب سرعة معالجة القضية الفلسطينية على أساس مبادئ الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومرجعيات مؤتمر مدريد للسلام وعلى رأسها مبدأ الأرض مقابل السلام، وشروط الرباعية الدولية، خاصة فيما يتعلق بالوقف الفوري للنشاط الإستيطانى الإسرائيلي فى الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، باعتبار أنه غير شرعي ويجعل تنفيذ حل الدولتين مستحيلاً، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة عاصمتها القدسالشرقية. واكد وزير الخارجية ان مصر تؤمن بأن حصول الاتحاد الأوروبى على جائزة نوبل للسلام للعام 2012 يفرض عليه مسئوليات جسام فيما يتعلق بتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، وعليه فإننا نتطلع إلى دعم أوروبي للمسعى الفلسطيني بالحصول على وضعية "دولة غير عضو" فى الأممالمتحدة، بما يسمح بعد ذلك باستئناف المفاوضات من حيث انتهت ووفقاً للمحددات المتفق عليها ويتم الانتقال مباشرة لقضايا الحل النهائي الست وفى مقدمتها قضايا اللاجئين والقدس والمستوطنات. كما نتوقع من الاتحاد الأوروبى تعزيز دوره فى مجال تشجيع التعايش المشترك والتسامح وقبول الآخر واحترام الأديان والرموز المقدسة، والعمل على التعاون المشترك لمحاربة الظواهر السلبية التى نرصد تصاعدها كالإسلاموفوبيا وازدراء الأديان وكراهية الآخر، الأمر الذي أدى إلى تعرض عدد من أبناء الجالية المصرية المقيمين فى بعض الدول الأوروبية للاعتداء. وأضاف ان مصر على ثقة من وجود إرادة سياسية ورغبة صادقة مشتركة لدفع العلاقات بين مصر والإتحاد الأوروبى إلى آفاق أكثر رحابة تلبى طموحات شعوبنا وآمالها فى الرفاهية والاستقرار والتعايش المشترك القائم على الاحترام المتبادل، متمنياً لاجتماعنا هذا النجاح، داعياً الحضور للمشاركة بفعالية فى المناقشات والعمل على الخروج بنتائج ملموسة يشعر بها المواطن العادى.