كشف تقرير صادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان رصد فيه سلبيات المرحلة الانتقالية بعد انتخاب الرئيس الدكتور محمد مرسي عن عدم امتلاك الرئيس تصورا واضحا بشأن قضايا حقوق الإنسان. حيث إنه لم يتطرق لهذا الملف الحيوي في خطته المعلنة لمائة يوم الأولي لحكمه ولم يحاول الاستفادة من المبادرات المطروحة في هذا الصدد لمواجهة تلك المشاكل والتعامل معها، ومن بينها خطة المائة يوم التي قدمها له ملتقي منظمات حقوق الإنسان المستقلة في أول يوم له في منصبه وأن الخطوات الايجابية المحدودة جاءت إما استجابة لضغوط شعبية واسعة، أو لتجنب إحراجات بالغة ولم تنم عن خطة مدروسة وشاملة لتحسين حالة حقوق الإنسان. وأشار التقرير الي أن الرئيس مرسي أصدر قرارات متناقضة في التنفيذ وذلك من خلال تشكيل لجنة لمراجعة وضع من صدر ضدهم أحكام من محاكم عسكرية أو مدنية والمعتقلين من قبل وزارة الداخلية، وقد أدي ذلك للإفراج عن عدة مئات منهم كما شكل لجنة أخري لجمع المعلومات والأدلة لتقصي الحقائق بشأن قتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين السلميين. ومن جهة أخري قرر الرئيس العفو الشامل عن مرتكبي بعض الجرائم التي ارتكبت أثناء ثورة 25 يناير، ويستفيد من ذلك عدد أكبر، ورابع هذه الخطوات هو قرار رئيس الجمهورية بتعديل قانون الصحافة والذي بموجبه ألغي تدبير الحبس الاحتياطي في جريمة سب رئيس الجمهورية وهو القرار الذي صدر في مساء اليوم الذي قررت فيه إحدي المحاكم حبس رئيس تحرير جريدة الدستور احتياطيا علي ذمة القضية وبذلك تجنب رئيس الجمهورية في اللحظة الأخيرة أن يسجل التاريخ حبس رئيس تحرير خلال الأيام الأولي لحكم أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير. انتقد التقرير محاولات وزارة الداخلية إعادة إنتاج حالة الطوارئ سواء بالدعوة الصريحة للعودة الي قانون الطوارئ أو باقتراح قوانين مقيدة للحقوق والحريات تتوسع في السلطات الممنوحة للشرطة لقمع المواطنين، كما أبدي التقرير أيضا تخوفا بشأن زيادة معدل قضايا التعدي علي حرية المعتقد وحرية التعبير تحت دعوي ازدراء الأديان أو التعدي علي دين معين، مستعرضا مجموعة من القضايا وثيقة الصلة بهذا الشأن، بالإضافة الي ما تعرض له أقباط دهشور ورفح من تعديات وتهجير قسري. اعتبر التقرير أن ما تعرضت له وسائل الإعلام من ضغوط وتحقيقات ومحاكمات وأحكام في المائة يوم الأولي للرئيس محمد مرسي وكذلك محاولة استحداث آليات جديدة للسيطرة والهيمنة لإحلال حزب حاكم جديد محل القديم، مع الإبقاء علي ذات قيود عهد مبارك علي الإعلام ربما يؤدي الي تدهور أكبر مما كان عليه في ذلك العهد. تناول التقرير أيضا أوضاع المنظمات الأهلية والنقابات العمالية وانتقد مواصلة حكومة الرئيس مرسي تقاليد سياسات وممارسات نظام مبارك في معاداة النقابات المستقلة والمنظمات الأهلية، والسعي لإحلال الحزب الحاكم الجديد محل القديم في السيطرة علي الاتحاد العام للعمال، ولاستصدار قانون أكثر تقييدا للمجتمع المدني من قانون مبارك للجمعيات الأهلية واستئناف الحملات الإعلامية ذات الطابع الأمني علي المجتمع المدني. أوضح التقرير أن المائة يوم الأولي شهدت ثلاث أزمات كبري وثيقة الصلة باحترام حقوق الإنسان أولاها يتصل باحترام استقلال السلطة القضائية وأحكام المحاكم، وذلك حين قرر رئيس الجمهورية صرف النظر عن حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، ثم إقالة النائب العام بالمخالفة لقانون السلطة القضائية، ثاني الأزمات مع الصحفيين والإعلاميين وثالثها مع حركات الاحتجاج السلمي، خاصة مع تكرار قيام أنصار وأعضاء حزب «الحرية والعدالة» بالتحرش والاعتداء العنيف علي المتظاهرين المعارضين وعلي الإعلاميين الناقدين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي وعلي رافعي قضايا في المحاكم ضد ممارسات محددة تناصرها جماعة الإخوان المسلمين، ومشيرا الي أنها أزمات مازالت مفتوحة ومن المحتمل أن تتفاقم بصورة أكبر ما لم يبادر رئيس الجمهورية ببلورة معالجة شجاعة وشاملة انطلاقا من مبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون والتزامات مصر الدولية وثيقة الصلة. ويقول التقرير إنه من خلال قراءة متفحصة لممارسات حقوق الإنسان خلال المائة يوم أعرب عن مخاوفه أن يتعرض عدد من الحقوق الأساسية لاعتداءات أكثر جسامة في الفترة القادمة أهمها الحق في التجمع السلمي، والممارسة الجماعية للاحتجاج السياسي والاجتماعي مع احتمال تزايد مشاركة أنصار الحزب الحاكم في أعمال القمع، علي النحو الذي حدث خلال المائة يوم وبعدها، والحق في تكوين الجمعيات الأهلية وممارسة نشاطها بحرية وفقا للمعايير الدولية، مع استهداف خاص لمنظمات حقوق الإنسان والحق في شكيل النقابات العمالية المستقلة والتعددية النقابية والحق في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين السنة، وحقوق الأقليات الدينية وغير الدينية كذلك الحق في حرية الصحافة والإعلام وتدفق المعلومات حقوق المرأة والحق في محاكمة عادلة. اختتم التقرير بمجموعة من التوصيات بينها تعهدات ينبغي أن يقطعها الرئيس علي نفسه لحماية حقوق الإنسان علي رأسها التعهد باحترام مبدأ سيادة القانون وأحكام القضاء، واستقلال السلطة القضائية وكذلك إلزام الأجهزة الأمنية بحماية كافة أشكال الاحتجاج السلمي، بما في ذلك من اعتداءات أنصار وأعضاء الإخوان المسلمين.