انتهيت أمس واجمعت ومعي معظم الآراء إلي أن اسرائيل هي المتسبب الوحيد في احداث السفارات الامريكية في مصر والدول العربية والاسلامية، ووهي المستفيد الوحيد من كل هذه الاحداث التي تتعمد تفعيلها، للوقيعة بين الولاياتالمتحدة والعالم الاسلامي وحددت قبل ذلك نقاط الوقيعة وأوجه الاستفادة.. وهذا يدفعني إلي القول بدون مبالغة إلي أن اسرائيل تصر علي توريط امريكا في حروب جديدة في منطقة الشرق الأوسط تعود منفعتها بالدرجة الاولي علي الصهيونية، بل إن الخطة الجديدة للصهيونية هي القضاء علي ما تبقي من قوة لامريكا وإلقاء هيمنتها علي العالم، لتحل محلها القوة الصهيونية التي تسعي إلي أن تكون المهيمنة الاولي.. الازمة الحقيقية هي بين الولاياتالمتحدة واسرائيل، وكل من يتصور غير ذلك فهو واهم والشجار الذي تم بين بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي والسفير الامريكي في تل أبيب في نهاية اغسطس الماضي وبعد قمة دول عدم الانحياز في طهران ليس من فراغ ومحاولة اسرائيل الهجوم الشديد علي الرئيس الامريكي أوباما، ليس من فراغ أيضاً انما هو صراع دفين بدأ يطفو علي الساحة ويأخذ اشكالاً مختلفة آخرها هو انتاج الفيلم المسيء إلي الرسول الكريم «صلي الله عليه وسلم».. ولذلك انا ضد كل مظاهر استخدام القوة والعنف في اقتحام السفارات الامريكية، وكان هناك من وسائل التعبير والاحتجاج الكثير، بدلاً من بلع «الطعم» في الفخ الذي نصبته اسرائيل للعرب وامريكا علي حد سواء. ثم ان عدداً كبيراً من الدول العربية يدرك هذه الحقيقة تماماً وراحت تحسن علاقتها الدبلوماسية مع اسرائيل وتتخلي تدريجياً عن العلاقة الحميمة مع امريكا علي اعتبار ان الصهيونية القادمة هي التي ستسيطر علي العالم.. وهذا ما يدفعني إلي القول إن مصر بعد الثورة تدرك هذه الحقيقة المؤلمة وراحت تشارك القوي الجديدة الصاعدة التي ستواجه الصهيونية فيما بعد.. هذه القوة الجديدة تتمثل في ايران واوروبا الشرقية وبعض دول امريكا الجنوبية، نواجه الصهيونية التي تخطط لانهاء هيمنة الولاياتالمتحدة ودول اوروبا الغربية الحليف الرئيسي لامريكا. الذي يشجع اسرائيل الآن علي ان يعلو صوتها وتكيد المكائد لامريكا هو ان الولاياتالمتحدة منهكة اقتصادياً ولا اكون مبالغاً إذا قلت ان الاقتصاد الامريكي دخل غرفة الانعاش بالعناية المركزة، والخطط الصهيونية توصلت إلي أن الدولار الامريكي سيفقد عرشه ومكانته العالمية وارتفاع نسبة البطالة سيدخل امريكا في نفق مظلم وهذا ليس اختراعاً مني او شذوذاً في فكري وانما هو حقيقة واقعة يدركها كل لبيب، وهي ذاتها القناعة المترسخة في الوجدان الاسرائيلي، ولو أن اسرائيل رفعت يدها عن الاقتصاد الامريكي الذي بدأ مرضه المزمن لسقطت الولاياتالمتحدة علي الفور، لكن اسرائيل تسعي إلي توريط امريكا مع العرب في حروب جديدة تنهكها تماماً قبل ان ترفع يدها عن اقتصادها حتي لا تقوم لها قائمة بعد ذلك.. بالاضافة إلي مزيد من تمزيق الامة العربية والاسلامية والتي ستكون فيما بعد هي القوة الوحيدة التي تخشاها الصهيونية بعد تحالفها مع القوي الصاعدة الجديدة أو التي ستكون ايران علي قمتها بعد تحالفها مع اوروبا الشرقية، والتي وصفها القرآن الكريم بأنها دولة الروم.. والقرآن هو كلام الله الذي نزله علي الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوي إن هو الا وحي يوحي. وقد يرد قائل بأن هذا كلام عديم الصحة وللرد علي ذلك اسوق واقعتين فقط الاولي بشأن سوريا التي تحاول اسرائيل ان تدفع امريكا دفعاً إلي التدخل فيها وازاحة النظام السوري الظالم المستبد، والولاياتالمتحدة ترفض ذلك تماماً وتصر علي التعامل مع الازمة السورية بالطرق السلمية، وهذه هي القناعة المترسخة في وجدان النظام السوري الذي يعرف ان امريكا لن تتورط في حرب ضد سوريا.. وهو ما حدث مع ليبيا فلم تتورط امريكا في حرب ضد ليبيا وتركت المهمة لفرنسا.. والمسألة الثانية هي محاولة اسرائيل جر امريكا لحرب ضد ايران وتقرع طبول الحرب بين الحين والآخر والولاياتالمتحدة تقف متفرجة، رغم الاتهامات الاسرائيلية الكثيرة ضد الولاياتالمتحدة.. امريكا لا تريد حرباً حتي لا تفقد المزيد من الخسائر أمام اقتصاد دخل غرفة الانعاش.. واسرائيل تضغط علي هذا الجرح وتحاول ان توقع امريكا مع العرب او تورطها في حرب لاضعاف الاثنين.. والثورة المصرية العظيمة التي بدأت تخط للمصريين بداية الدولة الديمقراطية الحديثة، أحبطت خططاً كثيرة لاسرائيل واربكت حساباتها، فكان لابد ان توجه ضربة سريعة بإنتاج فيلم حقير يثير مشاعر المسلمين ويستفزهم، وكان يجب الا ينساق الشباب الثائر وراء مشاعره دون اعمال الفكر والعقل ومحاولة ضبط النفس، لان الامر اكبر بكثير من ذلك.. انه صراع هيمنة عالمية ويجب علينا نحن العرب ان نحدد موقعنا من هذا كله. وللحديث بقية