حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار خطة ضرب إيران
نشر في أكتوبر يوم 02 - 09 - 2012

يحبس العالم أنفاسه انتظارا لضربة عسكرية محتملة من أمريكا وإسرائيل ضد إيران، بعد أن تهاوت حصون طهران بسبب الحرب الدائرة فى دمشق بين الجيش السورى الحر وقوات الأسد، وضعف شوكة حزب الله، بالإضافة الى رفض إيران رسائل عديدة من الولايات المتحده مفادها: تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم حتى مستوى 20%، وإغلاق منشأة «فوردو»، ونقل مخزون إيران من اليورانيوم مرتفع التخصيب إلى الخارج.
«من لم يستمع الى أصوات طبول الحرب فى الشرق الأوسط فهو مصاب بالصمم» تحمل تلك المقولة الشهيرة التى ذكرها هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، إشارة قوية باستدعاء آلات الدمار والحرب الى المنطقة وأن إيران هى نقطة البداية، لكونها العدو الأبرز للولايات المتحدة فى المنطقة وصاحبة القوة القادرة على تهديد أمن إسرائيل وتكوين تحالفات ضد مصالح أمريكا.
«أكتوبر» رصدت من خلال هذا الملف الاستعدادات العسكرية الاسرائيلية والأمريكية لضرب إيران، وتوقعات الخبراء العسكريين حول ساعة الصفر وكيفية التعامل مع حزب الله.
**ضربة إسرائيلية لإيران.. متى وكيف؟
أصبحت مسألة توجيه ضربة إسرائيلية لإيران بهدف وقف برنامجها النووى محل خلاف كبير داخل إسرائيل. صحيح أن هناك اتفاقا واسعا على ضرورة تعبئة الرأى العام الدولى للوقوف فى وجه طهران، لكن هناك أيضا وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بضرورة قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية مباشرة إلى إيران، وجدوى مثل هذه الضربة الذين يعارضون القيام بعملية عسكرية إسرائيلية، مثل رئيس الموساد السابق، مائير داجان، يعتقدون أن مثل هذه العملية سوف تؤدى إلى حرب دامية يدفع ثمنها المواطن الإسرائيلى.
كما أن هناك تقديرات أخرى لخبراء عسكريين تتحدث عن أن مثل هذه العملية يمكنها فقط أن تعرقل المشروع النووى الإيرانى لسنوات معدودة لكنها لن توقفه. فالإيرانيون خلال فترة قصيرة سوف يمكنهم إعادة بناء البنية الأساسية المطلوبة لإنتاج سلاحهم النووى، لأنهم يملكون المعرفة والمواد اللازمة لذلك.
وموضوع الخطر الإيرانى ليس بجديد على إسرائيل، فقد تحدث قادتها عنه فى السابق. ففى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال أريئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك (إن محاولات تسلح هذه الدولة بالسلاح النووى يجب أن تطير النوم من أعين كل متطلع للسلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وفى العالم أجمع. وإذا ما أضفنا التشدد الدينى ودعم المنظمات الإرهابية فإن الأمر يزداد خطورة، وعلى الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة التصدى له).
كما تناول رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى، بنيامين نتنياهو، فى أحاديثه الخطر الإيرانى عدة مرات وقال إن الخطر المحدق بالغرب من إيران النووية يشبه الخطر الذى كان يحدق به من قبل ألمانيا النازية.
وهناك محللون إسرائيليون يشيرون فى تحليلاتهم إلى أن مثل هذه الضربة ستكون سيفا مرتدا على الدولة ومواطنيها، وأنها سوف تعنى فشل الصهيونية التى كانت تهدف بالأساس لإنقاذ اليهود من التدمير والإبادة، لأنها سوف تعرضهم لإبادة أخرى بعد مرور جيلين فقط على الكارثة النازية.
المعروف أن نتنياهو يعتمد فى علاقاته مع زعماء العالم على شخصيتين إسرائيليتين تعملان على تبييض وجهه هما شمعون بيريز، رئيس الدولة، وإيهود باراك، وزير الدفاع لكن الفترة الأخيرة شهدت ما يشبه الحرب الباردة بين رئيس الوزراء ورئيس الدولة. وذلك بسبب مقابلات بيريز الصحفية والتليفزيونية والتى عبر فيها أخيرا وبوضوح عن موقفه المعارض لتوجيه ضربة إسرائيلية منفردة لإيران.
ثم تطور الأمر إلى قطيعة بين الاثنين.. مكتب هذا يتحدث إلى مكتب ذاك لكن الزعيمين الإسرائيليين لا يتحدثان معا. طلب مكتب بيريز التهدئة، لكن المقربين من نتنياهو استمروا فى تسخينه وأخذوا يذكرون ما أسموه ب (الأخطار التاريخية) التى وقع قيها بيريز مثل تأييده للانفصال عن غزة ولاتفاق أوسلو الذى تسبب - على حد قولهم - فى وقوع ألف قتيل - ومعارضته لقصف المفاعل العراقى عام 1981.. إلخ.
أخذوا يكررون على مسامعه أن بيريز فى عملية (السور الواقى) التى استمرت ستة أسابيع للقضاء على ما أسموه ب (الإرهاب)فى الضفة الغربية، اقترح إنهاءها بعد أسبوع واحد. وعن تدخل قادة الأجهزة الأمنية قالوا إن أوسلو التى قادها رابين وبيريز لم يكن للجيش كلمته فيها ولم يعلم أى شىء إلى أن تم توقيع الاتفاق. أما المسألة الإيرانية التى يقودها نتنياهو وباراك فإن الجيش جزء لا يتجزأ من العملية.
والمقربون من نتنياهو يهددون الآن ويقولون إنه إذا ما تجرأ بيريز على فتح فمه وتكرار ما سبق أن قاله، فسوف يواجه العديد من الضربات تحت الحزام، وأن لديهم ملفا عنه. ورئيس الوزراء الإسرائيلى على ما يبدو لا ينوى أن ينسى أو يسامح، فشمعون بيريز- فى رأيه - تخطى كل المتعارف عليه وتجاوز الحدود.
ورد الفعل العنيف من مكتب نتنياهو صعق بيريز ورجاله. والذى آلم الرئيس الإسرائيلى بصفة خاصة هو ما ذكره عن (الألف قتيل). فلقد اعتقد أن فى هذا الرد تجاوزا للخط الأحمر وخرقا لا يحتمل لأمور متعارف عليها بين الرئيس ورئيس الوزراء. فهو (الجنتلمان) لم يقل يوما على سبيل المثال أن يدى نتنياهو ملطختان بدماء ال 17 جنديا إسرائيليا الذين قتلوا فى أحداث نفق البراق أو ما يسميه الإسرائيليون بنفق الحشمونائيم عام 1996، بعدما أمر نتنياهو، رئيس الوزراء آنذاك، بافتتاح مخرج للنفق. ولم يدر بخاطره
أن يقول يوما إن نتنياهو مسئول عن ال 44 الذين ماتوا حرقا فى حريق غابات جبل الكرمل.
وبيريز يتعجب بينه وبين نفسه- وفقا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية- ويقول إذا كانت اتفاقية أوسلو سيئة لهذا الحد، فلماذا لم يلغها نتنياهو الذى ينهى الآن ست سنوات ونصف من حكمه. وإذا كان الانفصال عن غزة غلطة رهيبة، فلماذا أيد نتنياهو العملية وصَّوت فى صالحها فى الحكومة فى الحكومة والكنيست إلى أن بدل رأيه فى الدقيقة 90 وقبل أسبوع واحد من عملية الإخلاء، والانسحاب واستقال من حكومة شارون؟
وحقيقة الأمر- وفقا لنفس الصحيفة - أن بيريز لا يهدف من وراء معارضته لتوجيه ضربة إسرائيلية إلى إيران، إلى توريط نتنياهو. فهو على غير ما يعتقدون فى مكتب نتنياهو، لا ينوى المنافسة على رئاسة الوزراء وهو فى سن التسعين،وتضيف الصحيفة أن بيريز لم يجد نفسه قادرا على السكوت إزاء ما يراه من انتحار قومى. وهو لأول مرة فى حياته، هذا المتفائل باستمرار ،يشعر بالتشاؤم تجاه مصير الشعب اليهودى.
ومن ناحية أخرى، يسير الاثنان - نتنياهو وباراك، فى طريقهما. ولا يجتمع رئيس الوزراء تقريبا مع مجموعة الوزراء الثمانية لبحث الموقف. لا يجتمع بأعضاء المجلس الوزراى المصغر إلا فرادى ليشرح لهم أهمية ووجوبية توجيه ضربة لإيران حتى بدون الأمريكان.
نتنياهو وباراك يعملان من أجل الحصول على أغلبية داخل مجلس الوزراء. وفى الأسبوع الماضى نُشر أن رئيس مجلس الأمن القومى، يعقوب عميدرور، ثم إرساله من قب نتنياهو للحصول على مباركة الحاخام عوفاديا يوسف. فوزراء شاس - إيلى يشاى وأريئيل أتياس - يعتبران من معارضى الهجوم على إيران. وفى حال الحصول على موافقة ومباركة حاخامهما الأكبر، عوفاديا يوسف، فسوف تحصل على اثنين بسعر واحد.
الانقسام بين المؤيدين والمعارضين داخل مجلس الوزراء يتسم بالميوعة. فهناك 14 وزيرا لهم حق التصويت. ثمانية منهم هم أعضاء مجموعة الثمانية أى المجلس الوزارى المصغر. وحتى الآن، هناك اثنان منهم يؤيدون بشدة هما نتنياهو وباراك. واثنان يعتبران من المؤيدين: ليبرمان وشتاينتس. وأربعة يعتبرون من المعارضين: يشاى وميدور وبيجن ويعلون. والمرجو هنا التركيز على كلمتين (يعتبرون) و(حتى الآن). فقد كانت معارضة يعلون فى العام الماضى واضحة، لكنه فى الاسابيع الأخيرة بدأ كما لو كان قد انتقل إلى معسكر المؤيدين.
وفى داخل الحكومة الإسرائيلية هناك من يقولون إن تغيير موقفه جاء نتاج حسابات سياسية: فهو يأمل فى أن يخلف باراك فى منصب وزير الدفاع فى الحكومة القادمة، إذا ما قام نتنياهو بتشكيلها. ويعلم أن تأييده لتوجيه الضربة لإيران شرط لتعيينه فى هذا المنصب.
إذن يمكن القول بأنه حتى هذه اللحظة هناك أربعة يؤيدون وأربعة يعارضون، حتى اللحظة ووفقا للتقديرات داخل أوساط الحكومة الإسرائيلية، فإن الوزير يعقوب نئمان سوف يصوت كما يحدث دوما مع نتنياهو. وعوزى لنداو بالتأكيد سوف يؤيد، فهو مع مثل هذه الأمور. إذا ما نظرنا للمحصلة فسوف نجد أن هناك ستة وزراء مع وخمسة ضد (أربعة أعضاء فى مجلس الثمانية بالإضافة إلى الوزير أتياس). أما الوزير سيلفان شالوم فقد صرح فى الأسبوع الماضى بأنه ضد القيام بعملية عسكرية منفردة بعيدا عن الولايات المتحدة. وهم فى مكتب نتنياهو يعتبرونه من المعارضين بدوافع سياسية فهو ضد نتنياهو على طول الخط. إذن هناك ستة مع وستة ضد.
يتبقى اثنان من أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلى: جدعون ساعر من الليكود وهو لم يتحدث أبدا فى هذا الموضوع وإسحق أهرونوفيتش من حزب إسرائيل بيتنا. والاثنان موقفهما غير معروف. وسوف يصوتان وفقا لما يمليه عليهما ضميرهما وذلك بعد سماع كل وجهات النظر.
وكافة السيناريوهات مطروحة الآن فى الغرف المغلقة التى يجرى فيها الحديث عن توجيه الضربة لإيران، بما فى ذلك سيناريو الفشل وعدم إتيان الضربة بثمار حقيقية، وعرقلة المشروع النووى ليس لأكثر من عام أو عام ونصف العام. وغضب الولايات المتحدة وإدانة أوروبا للعملية، وارتفاع أسعار البترول. وسقوط آلاف الصواريخ على تل أبيب وحيفا وديمونا وباقى المدن الإسرائيلية. وانهيار الاقتصاد الإسرائيلى وسقوط مئات القتلى وآلاف المصابين وهروب الإسرائيليين الجماعى إلى الخارج. وبمثل هذا السيناريو- كما يقول أحد الكبار فى الحزب الحاكم- لا شك أن نتنياهو سوف يخسر الانتخابات .فحتى أعضاء الليكود لن يصوتوا له بعد وقوع كارثة قومية بمثل هذا الحجم، وبالمناسبة فقد سئل نتنياهو فى اجتماع مغلق قبل عدة أسابيع عما إذا كان يضع فى حساباته احتمال فشل الضربة وآثار ذلك المأساوية بما فى ذلك فقده للسلطة، فرد بقوله (لا، أنتم تهينوننى)!.
** خبراء عسكريون : أمريكا تنتظر سقوط الأسد ل «افتراس طهران»
وسط أنباء عن اقتراب سقوط نظام الأسد، بدأت إسرائيل والولايات المتحدة ترفع من وتيرة تهديدهما بضرب إيران من خلال ضربة عسكرية خاطفة تقوم بها الدولتان ولكن بعد سقوط نظام الاسد، وانهيار الحليف القوى «حزب الله» الذى يهدد إسرائيل بقوة ويقف حجر عثرة قوياً أمام قدرتها على تنفيذ تهديدها بضرب البرنامج النووى الإيرانى.
حاولنا التعرف على امكانية تنفيذ هذا السيناريو، وهل من الممكن أن يتحول الى واقع، أم أنه مجرد محاولة من جانب إسرائيل للحصول على مزيد من المكاسب من الولايات المتحدة خاصة وأن الأخيرة تستعد للانتخابات الرئاسية.
إن إسرائيل لا تستطيع مهاجمة إيران بدون دعم أمريكى بهذه الكلمات بدأ اللواء محمود خلف الخبير الاستراتيجى تعليقه على إمكانية قيام إسرائيل والولايات المتحدة بتوجيه ضربه لإيران، مشيرا إلى أن تل أبيب تحاول ابتزاز واشنطن خاصة أن حزب الله هو هدف إسرائيل الأول قبل إيران لخوفها من صواريخه القادرة على الوصول إلى عمقها، مؤكدا أن الهجوم على إيران يهدد 1,5 مليون إسرائيلى بالتهجير و100 ألف قتيل، مؤكدا أن إسرائيل تأخذ فى حساباتها ليس فقط ضرب إيران، بل ربما تخطط لضرب حزب الله فى البداية، حيث تدعى وجود 70 ألف صاروخ من كافة الأنواع قادرة على الوصول الى جميع الأنحاء فى اسرائيل، فضربها لحزب الله يهدف الى التخلص من اشتباك مزدوج مع حزب الله وايران معا فى آن واحد، وربما تأخذ فى عين الاعتبار سوريا أيضا، فمن البديهى أن المسافة بين سوريا ولبنان مع إسرائيل هى أقرب بكثير من المسافة بينها وبين إيران، وهى تخشى حزب الله أكثر من خشيتها من إيران.
وأضاف خلف أن اسرائيل حاليا تعانى أزمة اقتصادية وهى تحاول تقليص موازنتها وزيادة الضرائب لتوفير مبلغ 12 مليار شيكل، وكأنها تريد هذه المبالغ لتعويض خسائر حربها على إيران، ولذلك نجد المظاهرات مستمرة وأمام منزل إيهود باراك تطالب بعدم شن الحرب على إيران، وهناك تذمر حياتى بين الإسرائيليين وخاصة الطبقة الوسطى، بسبب تزايد مساحة الفقر، جحم البطالة وغلاء المعيشة الذي طال الخبز والمواد الغذائية ونرى أن الأجواء الحربية تسيطر على الداخل الاسرائيلى، وقد وقّع 428 إسرائيليا على عرائض طالبوا فيها طيارى سلاح الجو الإسرائيلى برفض تنفيذ الأوامر لقصف إيران فى حال صدورها، لأنهم يعتقدون أن تبعات هذه الحرب ستكون كارثية.
كما أن الأدباء والمثقفين بقيادة الأديب اليسارى «معوز» تقدموا بعرائض أخرى ضد اشعال هذه الحرب التى ستؤدى حسب المصادر الإسرائيلية إلى تهجير أكثر من 1,5 مليون إسرائيلى من بيوتهم إلى ملاجئ آمنة فى مكان آخر أو الى الهجرة خارج البلاد كما أن التقديرات تفيد أنها ستكبد إسرائيل 100 ألف قتيل. وأكثر ما تخشاه اسرائيل من هذه الحرب هو سقوط الصواريخ الإيرانية على خليج حيفا، وسينجم عن ذلك كارثة كبرى لأن هذه المنطقة تعج بالمصانع الكيماوية والبيولوجية، ما جعلها قنبلة موقوتة قابلة للانفجار فى أى وقت بسبب وجود الأمونيا.
وأوضح اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجى أنه لا بد من التأكيد أنه لا يتوافر لدى إسرائيل طائرات كافية لتزويد الطائرات الحربية الإسرائيلية بالوقود جوا، وأن أمريكا وعدت إسرائيل بتزويدها بهذه الطائرات ولكن ذلك يحتاج الى وقت طويل، فالطائرات المتوافرة لدى إسرائيل لا تستطيع ضرب إيران دون تزويدها بالوقود جوا، وقد قامت إسرائيل بتحويل طائرة بوينج لمهمة التزويد، ولكن ذلك ليس كافيا لوصول الطائرات الإسرائيلية إلى إيران.
إن إسرائيل تحاول ابتزاز أمريكا ولذلك وضعت شروطا عرضتها على واشنطن لعدم مهاجمة إيران تجاوبا مع المطلب الأمريكى وهذه الشروط هى: أن يعلم الرئيس أوباما كتابيا مجلس الكونجرس الأمريكى أنه على وشك استخدام القوة العسكرية ضد ايران لمنعها من الحصول على أسلحة نووية وأن يصادق الكونجرس على هذا البيان، وذلك لإقناع الايرانيين بجدية أوباما فىتدمير منشآتهم النووية - أن يزور الرئيس أوباما اسرائيل قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة، ويلقى كلمة أمام الكنيست يلتزم فيها باللجوء للحل العسكرى مع إيران اذا لم توقف برنامجها النووى، على أن يكرر أوباما هذه التهديدات فى كل الفعاليات التى ستنظمها له اسرائيل - تقوم أمريكا بتحسين القدرات العسكرية والتقنية والاستخباراتية الاسرائيلية خلال الأشهر الثمانية المقبلة، بحيث تتوافر كافة الامكانات اللازمة للجيش الاسرائيلى فى حال عدم التزام الرئيس الأمريكى المقبل بالمشاركة فى الحرب على إيران.
إذا وفى الرئيس أوباما بجميع هذه الالتزامات فإن اسرائيل لن تهاجم المنشآت النووية الايرانية خلال خريف 2012 وذلك بناء على التفاهم بين الدولتين بأن يقوم الأمريكيون بمهاجمة تلك المنشآت فى خريف 2013 أى بعد ثمانية أشهر من الرئاسة الأمريكية الجديدة.
** وسط مخاوف إسرائيلية : واشنطن تحدد ثلاثة شروط لمنع الضربة العسكرية
حرصت الولايات المتحدة على توجيه رسائل عديدة إلى إيران مفادها أن الوصول إلى تسوية معها حول الملف النووى مرتبط بموافقتها على ثلاثة شروط أساسية هى: تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم حتى مستوى 20%، وإغلاق منشأة «فوردو»، ونقل مخزون إيران من اليورانيوم مرتفع التخصيب إلى الخارج.
وإلى جانب ذلك، أقر مجلس الشيوخ الأمريكى مشروع قانون يمنح إسرائيل أحد أضخم مساعدات عسكرية فى تاريخها، وهو قانون «التعاون الأمنى المعزز بين إسرائيل والولايات المتحدة لعام 2012»، والذى سيمنح إسرائيل طائرات تزويد وقود وذخائر خاصة، وسيوفر لها صورا من أقمار تجسس أمريكية، وسيفتح الأجواء الأمريكية أمام سلاح الجو الإسرائيلي، إلى جانب تمديد الضمانات الأمريكية للقروض الإسرائيلية إلى عام 2015.
لكن هذه التطمينات الأمريكية لم تنجح فى تقليص مخاوف إسرائيل التى سعت للضغط على الإدارة الأمريكية لوضع جدول زمنى للمفاوضات مع إيران، قبل التطرق للحل العسكرى كخيار أخير لتسوية الأزمة. ومن هنا رفض رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو طلب الرئيس الأمريكى باراك أوباما، خلال لقائهما فى مارس الماضي، بألا تقوم إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر القادم، مكتفيا بالتعهد بتأجيل الضربة المحتملة حتى الخريف المقبل، مبررا ذلك بأن إيران تبذل جهودا حثيثة لتحصين منشآتها النووية، وأنه بحلول نوفمبر المقبل سوف تنجح فى تحقيق ذلك بشكل يقلص إلى حد كبير من قدرة إسرائيل على القيام بهذه الضربة.
من جانبها تحاول إسرائيل الضغط على الولايات المتحدة وليس على إيران، بهدف تقليص هامش المناورة المتاح أمام الأولى للتعامل مع الملف النووى الإيرانى، ودفعها إلى وضع مخاوف إسرائيل فى الاعتبار خلال الاجتماعات التى تعقدها مجموعة «5 + 1» مع إيران. لكن الأهم من ذلك هو أن إسرائيل تحاول الاستفادة من التباين فى وجهات النظر مع الإدارة الأمريكية إزاء التعامل مع الملف النووى الإيرانى لخدمة ملفات أخري، وأهمها التخلص من الضغوط المستمرة التى فرضتها تلك الإدارة فى الفترة الماضية، لإجراء مفاوضات جديدة مع السلطة الفلسطينية على الأقل فى المدى المنظور، فضلا عن دفع واشنطن إلى تبنى الخيار العسكرى كأحد الخيارات التى يمكن الارتكان إليها فى حالة فشل الأداة الدبلوماسية فى التوصل إلى تسوية سلمية لأزمة الملف النووى الإيراني، بعد أن كانت الإدارة الأمريكية الحالية تعطى الأولوية فقط ل «سياسة الاحتواء»، وبدا ذلك جليا فى الدعوات المتكررة التى أطلقها الرئيس الأمريكى باراك أوباما لإيران بالدخول فى مفاوضات مشتركة لتسوية الخلافات العالقة بين الطرفين، وهى السياسة التى انتقدتها تل أبيب وأكدت أنها ستوجه رسالة خاطئة إلى إيران بأنها فى موقع قوة وستدفعها إلى إبداء مزيد من التشدد فى ملفها النووى، وبات واضحا أن مصالح متشابكة ومواقف متباعدة كلها تشير إلى أن أزمة الملف النووى الإيرانى صارت مقبلة على مرحلة صعبة مفتوحة على كل السيناريوهات. وتراقب إسرائيل باهتمام التداعيات المحتملة للاجتماعات المتواصلة بين إيران ومجموعة «5 + 1» بهدف التوصل إلى تسوية سلمية لأزمة الملف النووى الإيراني.وفى الواقع، فإن إسرائيل لم تخف قلقها إزاء احتمال أن تكون هذه التسوية على حساب أمنها ومصالحها فى منطقة الشرق الأوسط، وذلك لاعتبارين:
أولهما، أن هذه التسوية المحتملة يمكن أن ألا تبدد أسباب القلق الإسرائيلى من الطموحات النووية الإيرانية، على أساس أنها فى الغالب سوف تسمح لإيران بمواصلة برنامجها النووى وربما عمليات تخصيب اليورانيوم، مع إعفاء إيران فى الوقت نفسه من العقوبات الدولية المفروضة عليها، وهو ما يتناقض مع رؤية إسرائيل التى ترى أن مسارعة الغرب لتلبية شروط إيران بعقد اجتماعات متعددة وتلميحه بإمكانية تجميد العقوبات المفروضة عليها يعطى رسالة خاطئة لإيران، تدفعها إلى إبداء مزيد من التشدد فى ملفها النووي.
وثانيهما، أن ثمة تباينا واضحا فى الموقفين الأمريكى والإسرائيلى تجاه هذا الملف تحديدا، يتركز حول المدى الذى وصل إليه البرنامج النووى الإيراني، وعلى إمكانية استمراره فى حالة الوصول إلى تسوية سلمية. فالولايات المتحدة ترى أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن اقتراب إيران من صنع القنبلة النووية، بما يضفى مزيدا من الأهمية والزخم على المساعى الدبلوماسية الجارية بهدف الوصول إلى تسوية، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر 2012، وحرص إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما على عدم التورط فى مغامرة جديدة فى الشرق الأوسط يمكن أن تربك حساباتها وأوراقها فى الداخل والخارج.
كما ترى واشنطن أن ثمة إمكانية فى أن تواصل إيران برنامجها النووى وربما عمليات تخصيب اليورانيوم عند مستويات دنيا (3.5%)، فى حالة الوصول إلى اتفاق معها يتيح تجميد عمليات التخصيب لمستويات أعلى (20%)، والتعاون بشكل أكثر شفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشكل يتيح لمفتشى الوكالة القيام بزيارات مفاجئة للمواقع المختلفة التى تتبع البرنامج النووى.
أما إسرائيل، فترى أن إيران اقتربت بالفعل من امتلاك القنبلة، وأنها نجحت من خلال الدخول فى مفاوضات «ماراثونية» وشاقة مع الغرب فى كسب مزيد من الوقت لتحقيق أكبر قدر من التقدم فى برنامجها النووي، بما يفرض ضرورة وقفها الآن بأى شكل، حتى لا تتفاقم الأزمة أكثر من ذلك وتدخل إيران مرحلة «اللا عودة» فى برنامجها النووى، وهو ما يفسر تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بعد انتهاء اجتماع اسطنبول بين إيران ومجموعة «5 + 1» فى 14 أبريل الماضى، التى قال فيها إن «إيران حصلت على هدية، ولديها خمسة أسابيع بإمكانها خلالها مواصلة تخصيب اليورانيوم من دون حدود».
كما أن المسألة فى رؤية إسرائيل سوف تزداد صعوبة وتعقيدا فى حالة نقل إيران عمليات التخصيب إلى موقع «فوردو» وهو مبنى تحت الأرض قرب مدينة قم بشكل سوف يضعف من التأثيرات المباشرة لأية ضربة عسكرية إسرائيلية محتملة للمنشآت النووية الإيرانية، وسيفقد إسرائيل عنصر الاستقلالية فى اتخاذ قرار الضربة العسكرية على أساس أنها سوف تحتاج فى هذه الحالة، إلى مساعدة الولايات المتحدة التى تمتلك وحدها القدرة على مهاجمة مثل هذه النوعية من المنشآت المحصنة.
فضلا عن ذلك، فإن مواصلة إيران عمليات التخصيب عند مستويات دنيا يبدو خيارا خطرا بالنسبة لإسرائيل، التى ترى أنه لا يمكن الوثوق بإيران للدرجة التى يمكن من خلالها الاعتراف بحقها فى التخصيب، وأنها يمكن أن تستغل ذلك فى تدشين برنامج خفى بعيد عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة الاستخبارات الغربية. إلى جانب أن إسرائيل تبدو متشككة فى صحة المعلومات التى حصلت عليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والتى تشير إلى أن ثمة وقتا ليس قصيرا أمام إيران لكى تصل إلى حد امتلاك القنبلة، ودليلها على ذلك أن الولايات المتحدة لم تعلم أن إيران أوقفت العناصر الرئيسية فى برنامجها النووى عام 2003، إلا فى عام 2007، أى بعد أربعة أعوام، وهو ما يفرض، فى رؤيتها، صعوبات على الارتكان إلى المعلومات الاستخباراتية، فى اتخاذ قرار استراتيجى للتعامل مع الملف النووى الإيرانى.
** وزير الخارجية العمانى :
دول الخليج مطمئنة لتوجهات مصر تجاه إيران
يظل الموقف العربى من أى تهديدات إسرائيلية لإيران واضحا ومباشرا وهو الرفض القاطع للحروب فى هذه المنطقة الحساسة وفى نفس الوقت تدعم الدول العربية سياسة الحوار واستراتيجية السلام حتى فى ظل الانتقادات والملاحظات التى تعلنها اجتماعات دول الخليج العربى ضد إيران بتدخلاتها فى شئونهم. إلا أن العلاقة تبقى فى إطار قدر من التفاهم وعدم التصعيد.
ومؤخرا دخلت مصر على الخط لترسيخ ما يسمى بمبدأ سياسة الجوار العربى القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. ومن ثم فإن للتهديد الإسرائيلى لإيران مخاطرة كبيرة تمس الأمنين الإقليمى والعربى ولهذا يبقى التهديد لأعوام فى إطار الرغبة – لكن – التنفيذ محفوف بالمخاطر التى تكلف كل دول العالم الكثير وربما الانفجار الأخطر.
ترفض الدول العربية أى تهديد أو توجيه ضربة عسكرية لإيران رغم الخلافات التى تشوب العلاقات. وقد أكدت أكثر من قمة عربية هذا الموقف وهو الحوار وتبنت القمة العربية التى انعقدت مؤخرا فى بغداد مسألة منطقة الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل باعتبار أن إسرائيل هى الدولة الوحيدة التى لم توقع على الاتفاقية وفى إطار تنفيذ قرارات القمة استضاف العراق ولأول مرة فى اجتماع للحوار بين إيران والدول الغربية يتم الاتفاق على إنهاء موضوع الخلاف حول برنامج إيران النووى ويقوم العراق وبعض دول الخليج بتلطيف الأجواء التى قد تتصاعد خلفها لهب التدخل بين إيران وبعض الدول العربية مثل – إيران والإمارات- على خلفية احتلال الجزر الإماراتية الثلاث – والبحرين وإشعال الفتن – وأى خلاف آخر بين السعودية وإيران ومن ثم فأى تهديد من إسرائيل ضد الجار (إيران) يعد بمثابة حرب عميقة فى المنطقة العربية ومن ثم كانت الإشارات واضحة فى خطاب الرئيس محمد مرسى والذى ألقاه أمام وزراء الخارجية العرب فقد أشار لاتجاهين هما أمن الدول العربية والخليج والوقوف إلى جوارهم من أى تهديد وفى إطار الإخوة وليس إعلان حرب واقتراح سياسة الجوار العربى وهو طرح ظل يراوح مكانه منذ القمة العربية التى انعقدت فى سرت بليبيا وكان الطرح من الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى. حيث رأى الحضور وقتها أن الموضوع يحتاج لدراسة وبحث ومحاور واضحة، ويبدو أن مصر تحاول السير فى هذا المنحى بعد زيارة الرئيس محمد مرسى لإيران والتى سبقتها مخاوف من التطبيع المسبق قبل التوافق حول حل الخلافات العالقة بين إيران والدول العربية – لكن مصر استطاعت لحظتها تبديد المخاوف والتأكيد على الإخوة والصداقة مع إيران فى إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية وكان أول رد فعل على هذه السياسة المصرية ما عبر عنه وزير خارجية عمان يوسف بن علوى عن اطمئنان دول الخليج لتوجهات مصر الجديدة تجاه إيران، نافيا أن يكون هناك توجسات خليجية خاصة بعد زيارة الرئيس محمد مرسى لطهران مؤخرا وحضور قمة عدم الانحياز.
وقال بن علوى : «نحن على اطمئنان والسلطنة مطمئنة إلى علاقاتها المتميزة مع مصر فى كافة المجالات، فمصر هى البلد العربى الشقيق الذى يسعى إلى تحقيق مصالح الدول العربية أينما كانت، ولا نشك أبدا ولو للحظة فى حرص مصر على مصلحة العرب».
ولفت الوزير العمانى إلى أن إيران دولة جوار للخليج تتحسن حينا ويصيبها الخلل أحيانا، لكنه أكد فى الوقت نفسه على حرص بلاده على استمرار التحسن فى علاقة إيران بالدول العربية.
** الهجوم المتوقع «مسرحية» للتلاعب بعقول العالم
أوضحت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيران جعلت إسرائيل تعيش فى توترات ومخاوف داخلية بل وخارجية أيضاً بسبب الملف النووى الإيرانى وسعى إسرائيل نحو فرض المزيد من العقوبات على إيران ، فقد نشب خلاف كبير بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بينامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز بسبب التصريحات التى صرح بها بيريز مؤخراًعلى التلفزيون الإسرائيلى بأن إسرائيل لا تستطيع شن أى هجوم على إيران بمفردها ، وعليها الرجوع إلى أمريكا أولاً وأخيراً قبل كل شئ ، وقد أثارت هذه التصريحات غضب مستشارى نتنياهو ووجهوا هجوماً شديد اللهجة لبيريز قائلين «لقد نسى بيريز دوره كرئيس لإسرائيل».
ويرى دكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الموقف الإسرائيلى تجاه الملف النووى الإيرانى ينقسم إلى جانبين أحدهما يدعو إلى الحرب والآخر يدعوا إلى اتباع إسلوب الحوار، وأن الشاغل الأول والأخير الذى تعمل عليه إسرائيل الآن هو التعجيل من الآن بتوجيه الضربة إلى إيران لغلق أوراق الملف الإيرانى تحديداً قبل البدء فى الانتخابات الأمريكية القادمة التى ستجرى خلال 60 يوماً من الآن وخاصةً أن إيران أصبحت تمثل خطراً أكثر من أى وقت مضى لدى إسرائيل بعد أن أصبحت رئيسة لدول عدم الانحياز، محاولة وسط كل العقوبات التى لاتزال تفرض عليها من الآن تبييض وجهها بهذه الحركة الجديدة أمام العالم عن طريق رئاستها لدول عدم الانحياز وكسب الكثير من الدول فى صفها وظاهرها هو الظهير الإسلامى العربى فقمة عدم الانحياز بالنسبة لهم فرصة لا تعوض، فهناك الآن موجة كبيرة من المفاوضات الإيرانية بالملفات العربية التى أقحمت نفسها بداخلها فالدبلوماسية الإيرانية دبلوماسية نفعية.
وحسب ما جاء بصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية يؤكد محللون سياسيون أن جميع التهديدات التى تشيعها إسرائيل الآن ضد إيران مجرد وهم تضحك به على عقول العالم ومسرحية أبطالها كل من أوباما ونتنياهو يهدفان بها إلى كسب المزيد من الوقت وترى أن هذا يحقق لها مكاسب داخلية وخارجية كبيرة ، فإسرائيل لا تملك ما يجعلها صالحة للهجوم الفعلى على إيران بشكل منفرد وتحتاج إلى مساعدات أمريكية، كما قال: الرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز، ولكن جميع الصلاحيات الآن تقع فى يد كل من نتنياهو وباراك للهجوم على إيران فى أى وقت يريدون أبت أو شاءت أمريكا بعد فشل أسلوب الحوار الذى يتبعه الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى حل القضية الإيرانية ووضع الخطوط الحمراء التى تريدها إسرائيل من الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن هناك ميولاً إسرائيلية تفضل وقف المشروع النووى الإيرانى بالحوار والابتعاد عن الحرب وأن أمريكا تفضل هذا النوع من الحلول فإن هناك مجموعة من المراقبين الدوليين كما تقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية يرون أن هناك إشارات تثير القلق وتخلق جواً عاماً من التوتر بسبب الزيارات المتتالية لمسئولين عسكريين وأمنيين أمريكيين رفيعى المستوى إلى إسرائيل بشكل غير مسبوق، ليست من أجل استيضاح الموقف الإسرائيلى ضد إيران بل لعمل طبخة سياسية بين إسرائيل وأمريكا تحمل النزعة الصهيونية نحو الحرب، فأمريكا فى نفس الوقت مجبرة على مشاركة إسرائيل فى كل شىء ومهاجمة إيران لاعتبارات داخلية أمريكية تتعلق بمستقبل أوباما السياسى وتبادل المصالح بين البلدين.
وأشارت تسريبات إلى استخبارية عسكرية إسرائيلية الأسبوع الماضى أن الزيارات المتتالية للنواب الأمريكيين العسكريين لإسرائيل تتم من أجل هذه الاستعدادات وفهم مدى الخطورة التى يمكن أن تصل إليها وتضمنت هذه التسربات أن أمريكا على استعداد فى أى وقت لمهاجمة إيران وأن هناك بالفعل قوات أمريكية تقف بالقرب من إيران الآن ، وتلك الاستعدادات الأمريكية التى تجريها أمريكا مع إسرائيل الآن يقال أنها ستتضمن ثلاث حاملات للطائرات مرفقة بقوات أمريكية للقيام بهجوم جوى ضد إيران ، وبالإضافة إلى ذلك، وسينضم إليهم جميع الأساطيل الحربية الفرنسية والبريطانية بالتركيز على الجزيرتين الأقرب للخليج الفارسى أحدهما بسقطرة اليمنية والأخرى بمصيرة العمانية والقوات المشاركة فيها لا تقل عن خمسين ألف جندى، مكررين بهذا ما حدث فى حرب العراق.
** ثورات الربيع العربى تجهض هجوم تل أبيب على طهران
التهديدات الإسرائيلية لإيران ليست وليدة اللحظة، فهى تطلق بين الحين والآخر منذ قيام الثورة الإسلامية فى إيران وحتى يومنا هذا.
وان كانت أمريكا أو إسرائيل مضطرة سابقا للدخول فى حرب من أجل تحجيم الخطر الإيرانى إلا أن كلتيهما حاليا ليست مضطرة للقيام بذلك بنفسها، إذ أن تهديداتهما الآن تخلو من أية جدية مهما تعالت وتيرتها. فالمعروف أن كل ما يهم واشنطن وتل أبيب هو تحجيم النشاط النووى الإيرانى ليس إلا، أما ما يخص التفوق العسكرى الإيرانى على دول المنطقة فلا يحظى بتلك الأهمية عندها. بل يمكن إنها تدفع باتجاهها فى بعض الأحيان.
وجاءت الثورات العربية الحالية لتضيف بعدا آخر للوضع الإيرانى الإقليمي، فعلى الرغم من أن هذه الثورات قد أتت بأنظمة إسلامية لا تستسيغ كثيرا فكرة التعامل مع أمريكا وإسرائيل فإن مجيئها قد فتح الباب واسعا لما يمكن أن نسميه التقاط الأنفاس عند إسرائيل وأمريكا والتعامل مع التطورات الراهنة فى المنطقة برؤية جديدة وهى إشغال القوتين الإسلاميتين (الشيعية المتمثلة فى إيران والسنة المتمثلة فى أنظمة الدول العربية الحالية) بصراع يمهد له بان يكون طويلا لإضعاف كليهما ولتأخير التصادم الإسلامى (السنى أو الشيعى) مع إسرائيل.
وعلى هذا الأساس فإن أى حديث عن توجه أمريكى حقيقى لإضعاف القوة العسكرية لإيران هو من قبيل الهراء لان الضغوط الأمريكية والغربية عليها لا تتعدى عرقلة مساعى نظام الملالى لامتلاك القوة النووية ولكن فى نفس الوقت فإن هذه الدول حريصة على الإبقاء على إيران كقوة إقليمية لإيجاد توازن للقوى بينها وبين الدول السنية فى المنطقة.
ومن المؤكد أن الحفاظ على توازن القوى ليس سهلا حتى على أمريكا والغرب إلا فى حالة واحدة هى إثارة حرب استنزاف طويلة الأمد بين الطرفين، لأن أى حرب حقيقية بينهما تعنى رجحان كفة إحداهما وبالتالى التفرغ بعد ذلك للصراع مع إسرائيل وهذا ما لا تريده لا أمريكا ولا إسرائيل. وهذا ما يظهر فى كيفية ونوعية التدخل الغربى فى الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، فحيثيات الثورة السورية وتطوراتها تعطى مؤشرات واضحة على انه بالإمكان استغلال الحس الطائفى السنى الذى بدأ يتبلور فيها بفعل تأييد إيران وحزب الله لنظام بشار الأسد، وهكذا فإن الأمور تتجه إلى أن تكون سوريا هى بؤرة للاستنزاف الشيعى والسنى، وان إطالة عمر الثورة دون الوصول إلى نتائج حاسمة فيها تؤجج النزعة الطائفية فيها أكثر فأكثر، وهذا ما تحاول واشنطن عمله مبررة تقصيرها هذا بالفيتو الروسى والصينى لاتخاذ أى قرار حاسم بشأن سوريا فى مجلس الأمن. وما يزيد من ترشيح سوريا لأن تكون بؤرة الصراع الشيعى السنى هو موقعها الجغرافى بين عراق المالكى ولبنان حزب الله.
أما فى الملف العراقى الذى يعتبر الجبهة الأمامية لإيران فإن تعامل الولايات المتحدة مع حكومة المالكى يظهر وبشكل واضح الاهتمام الأمريكى بإبقاء الدور الإيرانى قويا فيه، فعلى الرغم من موقف المالكى القريب للموقف الإيرانى حيال الثورة السورية والدور العراقى فى مساعدة نظام الأسد (بمشاركة إيرانية) وكذلك محاولات المالكى مساعدة إيران للإفلات من العقوبات الدولية إزاءها على حساب الاقتصاد العراقى (وكل هذه التهم أقرتها تقارير دولية)، إلا أن أمريكا لا تزال تعتبر المالكى حليفا قويا لها فى الكثير من قضايا المنطقة وعلى رأسها الملف السورى ناهيك عن مضى أمريكا قدما فى تنفيذ صفقات الأسلحة بين الجانبين مع أن أطرافا عراقية وعربية كثيرة أبدت معارضتها لإتمام هذه الصفقات، وعلى الرغم من أن تسليح جيش المالكى فى هذه الظروف يعتبر وكأنه تسليح للجيش الإيرانى، إلا أن إصرار أمريكا على هذا النهج هو بمثابة إعطاء المعسكر الشيعى بعدا عربيا فى المنطقة يزيد من الاحتقان الموجود أصلا.
وهكذا فلو تمت قراءة سيناريو الهرج والمرج بإسرائيل بعد تصريحات بعض مسئوليها بقرب موعد توجيه ضربة لإيران وما تلته من خروج تقارير تفيد بأن أية ضربة إسرائيلية لإيران قد تكلفها أكثر من 42 مليار دولار بغض النظر عن نتائجها، وبوجود جهات خارجية غير إسرائيلية مستعدة لخوض هذه الحرب عن طيب خاطر كونها حربا مقدسة لها، سيتم الاستنتاج بأنه لا توجد ضربة إسرائيلية لإيران على المدى القريب وحتى البعيد.
** السفير الإيرانى فى القاهرة مجتبى أمانى: تل أبيب لا تملك قدرة الهجوم علينا
أكد السفير الإيرانى مجتبى أمانى القائم بأعمال السفارة الإيرانية فى مصر أن التهديدات الإسرائيلية لبلاده ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة وأن مسلسل التهديد الإسرائيلى مستمر ولكن المهم أن إسرائيل ليس لديها القدرة للهجوم على إيران لأنها تعرف مدى رد الفعل الإيرانى تجاهها وأضاف أن تل أبيب دائمة التهديد لجيرانها ولكل دول المنطقة ووجودها مصدر خطر وتهديد لانها تتنطلق من استراتيجية توسعية قائمة على العدوان وقال إن تهديد إسرائيل لطهران بدأ منذ الثورة الإيرانية وتلوح كل يوم بضرب إيران، واعتبر السفير الايرانى هذه التهديدات مجرد كلام وأن إسرائيل ليس لديها إمكانية أو حتى قدرة على تنفيذ التهديد واستبعد اقدام تل ابيب على هذه الخطوة مؤكدا بأن سياستها عدوانية ضد كل دول العالم.
وكان وزير الخارجية الإيرانى على أكبر صالحى قد انتقد تهديدات إسرائيل، مشيرا بأن مسئولى تل أبيب اطلقوا تهديدات متتالية ضد طهران لكن دولة إيران واعية ويقظة.
وأضاف: علينا أخذ أى تهديد على محمل الجد ولدينا الجاهزية اللازمة للرد عليه، ولكن هذا لا يعنى بالضرورة أن تكون هذه التهديدات جادة، فمسئوليتنا أن نأخذ هذه التهديدات بشكل جاد، ولكن إسرائيل ليست فى وضع يمكنها من تنفيذ تهديداتها، وإذا كانت تريد فعلا ذلك لما أثارت كل هذه الضجة، ومن الواضح فى معظمها أنها تنطوى على جوانب نفسية ودعائية، فإسرائيل التى فقدت سمعتها أثناء حربى 22 يوما و33 يوما، تريد أن تهدد دولة عظمى وكبيرة وتقوم بدور مؤثر على الصعيد الدولى، فمن الواضح أن هذه التهديدات خاوية تماما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.