فاز الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين برئاسة مصر، حتي وإن كان فوز مرسي بأكثر من نصف الأصوات بقليل، إلا أنه بحكم الديمقراطية فهو الرئيس الشرعي المنتخب في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية - حتي وإن شكك البعض في النتيجة - وأن أموراً كثيرة جرت في الساعات الأخيرة لقلب النتيجة، وهو ما لا يوجد دليل عليه، واحترام قرار اللجنة الرئاسية بفوز مرسي وأن يجب أن يكون محل احترام، إلا أنه في نفس الوقت علي الدكتور مرسي أن يدرك أن نصف الناخبين إلا قليلاً، لم يمنحوه أصواتهم، ولذلك فهو مطالب بطمأنة من لم ينتخبوه قبل أن يطمئن من انتخبوه، فقد صار رئيساً لكل المصريين دون استثناء. والمطلوب من رئيس مصر الجديد أن يبدأ عهد رئاسته بمصالحة وطنية لكل أطياف المجتمع المصري.. بعد انقسامات دامت عاماً ونصف العام منذ قيام الثورة وعليه أن يعتذر عملياً عما قاله في مؤتمراته الانتخابية بأنه سيدوس بالحذاء علي كل من يقف في المعسكر الآخر، فقد كان هذا قول مرشح رئاسي.. أما وقد صار رئيساً، لزم تغيير الخطاب حتماً. ولذلك أرجو ألا يقع مرسي فريسة لشهوة الانتقام ممن عارضوه أو خالفوه، فهو كما أسلفت صار رئيساً لكل المصريين، وجميع المواطنين صاروا رعاياه، ينتظرون منه الحق والعدل والمساواة، وتغليب القانون لا تصفية الحسابات. وقد أظهر الخطاب الرئاسي لمرسي، كونه عفوياً، ورجلاً طيباً، لديه أحلام حقيقية لصالح هذا الوطن، وأتمني أن يظل مرسي هكذا، لا تغيره شلة المنتفعين والمنافقين الكفيلة بإفساد حتي الملائكة. وقد ذكر مرسي في خطابه كثيرين من أصحاب المهن البسيطة في تأكيد أنه لن ينساهم، وأنه واحد من هؤلاء البسطاء، ولم ينس طمأنة الأقباط في أنهم سيكون لهم نفس الحقوق والواجبات، وإن كان ذلك بديهياً بحكم أنهم مواطنون مصريون، ولكنه نسي أن يرسل للبعض الآخر رسائل طمأنينة كما حدث بالنسبة للمبدعين والفنانين والعاملين بالسياحة وغيرهم، وأرجو أن يكون ذلك نسياناً غير مقصود، يستدركه الرئيس المنتخب من خلال خطابه القادم. وقد التزم مرسي بوعود كثيرة قبل انتخابه، سواء في اختياره نواباً من الأقباط والمرأة والشباب، وكذلك أن يكون رئيس الوزراء غير إخواني أو من حزب الحرية والعدالة وأن يكون غالبية الوزراء بعيداً عن حزب الحري والعدالة، وما أرجوه أن يكون حرباً شعواء علي الفساد والشللية وعدم تزاوج المال بالسياسة حتي لا ينتج عهداً مباركياً جديداً.. فإذا كانت الثورة هي من أتت بمرسي، فعليه ألا ينجرف بالوطن بعيداً عن مبادئ الثورة، وأن يكون مبدأ مدنية الدولة هو مبدأ أساسي وفاعل لا يجوز الاقتراب منه بأي حال من الأحوال. غير أنه وبعد أيام قليلة من انتخاب مرسي، صدمني ما تواتر من أخبار بأن حزب الحرية والعدالة، ينوي الحصول علي ما يقرب من نصف مقاعد التشكيل الوزاري الجديد.. وأتساءل: هل نسي مرسي وعوده؟.. وإن كان لا يزال مصراً عليها.. فمن أعطي الحق لبعض القياديين في الحرية والعدالة في إصدار تلك التصريحات، وهل تحولوا إلي متحدثين باسم الرئيس؟.. أم هم البطانة الجديدة للحزب الحاكم، في ظل ما رأيناه وعشناه من بطانة أضاعت مصر في العهد السابق.. أنني أرجو أن يتمسك مرسي بصلاحياته كرئيس جمهورية وألا يسمح لأحد بالتحدث باسمه أو الاجتراء علي منصبه.. فهو المسئول أمام الشعب، وهو من سيحاسبه الشعب إن أصاب أو أخطأ.. وإذا ما استمرت تصريحات قيادات الحرية والعدالة واستلابها لحقوق الرئيس.. فنحن مقبلون علي أزمة كبيرة.. تفقد الرئيس المنتخب الكثير من مصداقيته، رغم أنني أؤمن بصدقه في كل عهوده ووعوده. وتدخل قيادي الحرية والعدالة وأيضاً مكتب الإرشاد يلقي بظلال من التخوفات في أن من سيحكم مصر هم الإخوان باعتبار الجماعة هي الأب الروحي لكل الإخوان ورغم استقالة مرسي من حزب الحرية والعدالة، فالخشية أن تكون الاستقالة شكلية، وأن مرسي حتي وإن استقال وكان صادقاً في استقالته من الحزب، إلا أن الحزب لم يستقل عن مرسي ويري أن من حقه التدخل في قرارات الرئيس واستباقها، وهنا الخطر الأكبر في أن يكون من يحكم مصر هو حزب الحرية والعدالة، ومكتب الإرشاد لا مرسي.. ولذلك علي الرئيس الجديد أن يحسم ذلك الأمر وبشكل عملي في أسرع وقت لثبت أنه رئيس كل المصريين، لا رئيس الإخوان وحدهم! بقلم: مجدي صابر