أقول لمرسي الرئيس ربما ما لم يقله له أحد - انك كنت بالامس القريب راعياً ومسئولاً عن عشرة أو دون عشرة - رعيتك من أهلك - واليوم أنت راعٍ ومسئول عن رعية قوامها ثمانون مليوناً من هذا الشعب - فهل أدركت أنك في مغرم وليس مغنماً؟!. وعساي أذكرك بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه في آواخر أيام خلافته وهو الذي ملأ ربوع الدنيا عدلاً ورخاء «والله لو استقبلت ما استدبرت من أمري لاخذت من فضول الاغنياء أموالهم وأعطيتها للفقراء» وهو يظن انه لم يبلغ من العدل مبلغاً يرضاه. لست من دعاة التشاؤم ولكني أرقب نذر الفتنة والاستبداد تتعاظم في أولي لياليها بعد أن سقط اخوان مرسي وجماعته في أول اختبار حقيقي للممارسة الديمقراطية المنشودة عقب اعلان نتيجة اعتلاء عرش مصر الملبد بالغيوم وقد رأيت أحد نواب الاخوان في مشهد يثير حفيظة الاصم وهو يدعو بمنتهي السفور والتشفي ضد المجلس العسكري ويحث الثائرين بالميدان علي عدم المغادرة ليس قبل أن تتحقق المطالب وكان أبرزها إبطال الاحكام القضائية التي صدرت بحل البرلمان وحازت الحجية بقوة القانون وأن الرئيس المنتخب لن يؤدي اليمين الدستورية إلا أمام البرلمان فزادت صدمتي بعدما تأكدت أن الرئيس المنتخب يصادق علي هذا الرأي وهو في الاصل الراعي الاول للشرعية واحترام مبدأ سيادة القانون ولا أعرف طريقاً للنعي علي الاحكام أو الطعن عليها إلا من خلال القنوات الشرعية التي رسمها القانون وليس بالاحتجاج أو الاعتصام. وقلت في نفسي همساً أليس هذا هو القضاء الذي أتي بكم وبالرئيس المنتخب الي سدة الحكم؟!. أخشي ما أخشاه أن تكون خلفية ترشيح الرئيس المنتخب بكل تداعياتها من كونه ابتداء لم يكن مهيأ لخوض هذه التجربة وانما كان بديلاً للشاطر خيرت فوق تحمل جماعة الاخوان بفاتورة الدعاية الانتخابية برمتها علي كافة الاصعدة البشرية والمادية والمعنوية أن تلقي بظلالها علي ولائه المطلق للمرشد وجماعته وهنا استدعي مذكراً إياه بما قاله عمر بن الخطاب حينما ولي خلافة المسلمين مخاطباً بني الخطاب «إني نهيت المسلمين عن كذا وكذا وقلت ان العقوبة كذا وان الناس ينظرون اليكم لمكانكم مني فاذا فعلتم ما نهيت عنه المسلمين فاني مضاعف لكم العقوبة» وهذا الامر في وجهة نظري عظيم الخطورة تظهر مثالبه في توزيع الحقائب الحكومية - وهي تنطوي علي رد الجميل - بدءاً من رئاسة الحكومة ومروراً بوزرائها وانتهاء بحكام الاقاليم والامصار. وهو ما أحسبه أولي درجات الصدع في هدم الديمقراطية قبل بنائها. كان أكبر الظن عندي ان جماعة الاخوان من الذكاء والحصافة بمكان وأن يعتنقوا مبدأ التهدئة والمصالحة ويتفرغوا للمسئوليات الجسام وينتهوا عن سياسة الهدم والتخوين للمجلس العسكري الذي التزم أقصي درجات ضبط النفس وتحلي بميثاق وشرف الفرسان وحقن دماء المصريين دون مرة حتي عبر بنا الي بر الامان ولعل ما يحدث في الشعب السوري الشقيق من الفرقة والتمزيق للامة العربية خير دليل.. وللحديث بقية. عاطف الجلالي - المحامي