مع قرب انصرام عام 2018 بكل ما فيه من صفحات واستقبال عام جديد 2019 هناك بارقة أمل وتوقعات بتحسن مؤشرات الأداء الاقتصادى وأعباء برنامج الإصلاح الاقتصادى الدواء المر الذى يتجرعه المصريون يومياً فى ارتفاع الأسعار واستمرار ضعف مستويات الدخول وتحمل الفئات الفقيرة والمتوسطة فاتورة الإصلاح أملاً فى مستقبل أفضل. فرغم تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية عام 2018 عن سابقتها، إلا أن مستويات المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وارتفاع الديون الداخلية والخارجية ما زالت تحديات تواجه الاقتصاد المصرى. فقد ارتفع معدل النمو الاقتصادى من 4.3% إلى 5.3% مع توقعت بارتفاعه، غير أن المواطن لم يشعر بعد بهذا النمو وهناك تحسن فى حجم احتياطى النقد الأجنبى الذى ارتفع ليتجاوز 45.5 مليار دولار تغطى تسعة أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطى ثلاثة أشهر فقط فى 2014. وتحسن مستوى الخدمات الحكومية من خلال تطوير قواعد البيانات وربط قواعد بيانات الحكومة الإلكترونية. وحقق ميزان المدفوعات فائضاً كلياً بلغ نحو 12.8 مليار دولار، وتراجع العجز فى حساب المعاملات الجارية بمعدل 58.6% خلال السنة المالية 2017 / 2018 انعكاساً لقرار تحرير سعر الصرف، وتراجع العجز فى حساب المعاملات الجارية بنحو 8.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2017 / 2018 ليقتصر على نحو 6 مليارات دولار. مقابل نحو 14.4 مليار دولار خلال السنة المالية السابقة كنتيجة أساسية لارتفاع الفائض فى الميزان الخدمى بمعدل 98.1%، وارتفاع صافى التحويلات الجارية بمعدل 21.2%، واستقر العجز فى الميزان التجارى عند نحو 37.3 مليار دولار. كما حققت المعاملات الرأسمالية والمالية صافى تدفق للداخل بلغ نحو 22 مليار دولار مقابل نحو 31.0 مليار دولار. وتحسنت أوضاع السياحة، حيث ارتفعت الإيرادات السياحية عن سابقتها وارتفع الفائض فى ميزان السفر ليصل إلى نحو 7.4 مليار دولار مقابل نحو 1.6 مليار دولار العام السابق. كما ارتفعت متحصلات رسوم المرور بقناة السويس بمعدل 15.4% لتسجل نحو 5.7 مليا ر دولار مقابل 4.9 مليار دولار وبالتالى فإن هناك موارد وتدفقات مالية بدأت تدخل البلاد لتضخ فى شرايين التنمية. وتشير المؤشرات إلى حدوث زيادة كبيرة فى تحويلات المصريين بالخارج والتى ارتفعت إلى 26.5 مليار دولار مقابل نحو 21.8 مليار دولار بزيادة نحو 4.6 مليار دولار. خلال عام كما واصلت الزيادة فى الشهور الأخيرة نتيجة قفل وإحكام نزيف الدولار بعد تحرير أسعاره ودخوله مرة أخرى للصرف فى القنوات الشرعية له عن طريق البنوك. وارتفعت حصيلة الصادرات البترولية بمعدل 33.1 % لتسجل نحو 8.8 مليار دولار) مقابل نحو 6.6 مليار دولار. وارتفعت حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية بمعدل 12.7% لتسجل نحو 17.1 مليار دولار فى نهاية يونيو الماضى مقارنة بنحو 15.1 مليار دولار فى نفس الفترة من العام المالى السابق، ويرجع ذلك بصفة أساسية لارتفاع حصيلة الصادرات من مجموعة السلع تامة الصنع بنحو 1.3 مليار دولار. لكن هناك زيادة فى فاتورة الواردات والتى ارتفعت إلى 63.1 مليار دولار مقابل 59 مليار دولار، أما الاستثمار الأجنبى المباشر مليار دولار، فى حين سجل إجمالى التدفق للخارج نحو 5.4 مليار دولار، وبالتالى فإن صافى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر بلغ نحو 7.7 مليار دولار كنتيجة أساسية لما تحقق من صافى استثمار فى قطاع البترول بنحو 4.5 مليار دولار وفقاً لبيانات البنك المركزى. وفى إطار الأولوية التى تعطيها الحكومة للارتقاء بجودة الحياة وتحسين مستوى المعيشة، كشفت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى أن الربع الأول فقط من العام المالى الجارى (18/2019) شهد الانتهاء من تنفيذ 490 مشروعاً بتكلفة استثمارية قيمتها 27.2 مليار فى 13 قطاعاً موزعة على مختلف محافظات الجمهورية، تضمنت تنفيذ 238 فى قطاعى الصحة والتعليم بقيمة 1.6 مليار جنيه، و164 مشروعاً تم تنفيذها فى محافظات الصعيد بقيمة 12 مليار جنيه، مشيرة إلى المشروعات التى تم الانتهاء منها وتشمل 62 مشروعاً فى قطاع الكهرباء بتكلفة 15,02 مليار جنيه، 65 مشروعاً فى قطاع الإسكان بتكلفة 5.45 مليار جنيه، مشروعين فى قطاع البترول بقيمة 3.92 مليار جنيه، 213 مشروعاً فى قطاع التعليم بقيمة 1.3 مليار جنيه، 62 مشروعاً فى قطاع الرى بقيمة 472 مليون جنيه، 25 مشروعاً فى قطاع الصحة بقيمة 314.6 مليون جنيه، 3 مشروعات فى قطاع التجارة الداخلية بقيمة 241.1 مليون جنيه، 38 مشروعاً فى قطاع التنمية المحلية بقيمة 217.5 مليون جنيه، 5 مشروعات لقطاع الشباب بقيمة 101 مليون جنيه، 5 مشروعات لقطاع الآثار بقيمة 69 مليون جنيه، مشروعين فى مجال التعليم العالى بقيمة 29.7 مليون جنيه، 7 مشروعات لقطاع الأوقاف بقيمة 12.25 مليون جنيه، ومشروعاً لقطاع الثقافة بقيمة 9.9 مليون جنيه. كما أوضحت وزيرة التخطيط أن تلك الجهود أثمرت عن تحسن نسبى فى وضع مصر فى المؤشر الدولى للسعادة خلال الأعوام الأخيرة. ومع الجهود الكبيرة للحكومة والتى وصفها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء قائلاً أنا والوزراء لا ننام من أجل اللحاق بإنجاز الكثير لتحقيق آمال المواطنين وهو ما أسفر عن إتمام العديد من المشروعات خلال فترة زمنية قصيرة وهناك العديد من المشروعات الجارى تنفيذها. ولكن تبقى هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد المصرى تتمثل فى استمرار زيادة الأسعار وضغوط الديون المحلية على مستويات المعيشة، وقد بلغت قيمة الديون المحلية 3.7 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2018 بزيادة 434.4 مليار جنيه عن العام السابق. وبلغ حجم الديون الخارجية 92.7 مليار دولار مقابل 79 مليار دولار الفترة المماثلة وبالتالى فإن خطر الديون الداخلية والخارجية المتزايد هو أهم وأكبر التحديات التى تواجه الحكومة وأى حكومة فى مصر إلى أن يتم حل وتسوية هذه المديونية، كما أن هناك شيئاً مهماً وهو ارتفاع أعباء السكن نتيجة لزيادة أسعار الوحدات السكنية وزيادة تكلفتها على كثير من الفئات رغم قيام الدولة بجهد كبير فى توفيرها على أقساط، ولكن هناك فئات لا يناسبها التعامل مع البنوك وحسب شروط المشروع لأسباب منها يكون الفقر أو تجاوز السن وكذلك القيمة الكبيرة التى قفزت إليها الوحدات. ويبقى تحدٍ آخر وهو استمرار انخفاض مستوى الأجور وعدم ملاءمتها مع الأسعار المتزايدة. ويقول الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب الخبير الاقتصادى إنه ينتظر قطف ثمار ما أطلق عليه الإصلاح الاقتصادى خلال عام 2019 خاصة بعد تراجع أسعار النفط ارتفعت درجة التفاؤل إلى أن يقفز الاقتصاد المصرى قفزات كبيرة فى مسار التنمية الشاملة. وأشار إلى أنه تقدم بأكثر من اقتراح بأن تستورد مصر النفط الخام لتكريره وإعادة تصديره، والحصول على قيمة مضافة نتيجة هذا التكرير. ويشير إلى أنه كان عنده أمل أن تتحقق وعود تحويل مصر إلى أكبر مركز لتصدير الغاز المصرى إلى كافة دول العالم. وكان من الأفضل لوزارة المالية أن تعلن انتهاء العمل بالدولار الجمركى لكافة الواردات، واعتماد سعر البنك المركزى عند حساب الجمارك على كافة السلع المستوردة دون تمييز. ففى هذه الحالة ربما توقع البعض انخفاض قيمة الدولار. وهذا التوقع كان سيدفع عدد كبير من حائزى الدولار إلى تحويله إلى جنيهات حتى لا يتعرض للخسارة. وقال إنه من المؤكد استمرار انخفاض قيمة الجنيه المصرى سيجعل مصر مصنفة ضمن الدول الفقيرة. وتصنيف مصر كبلد فقير يؤدى إلى عزوف الاستثمار الأجنبى المباشر للقدوم إليها، أو التمركز فيها.