بورسعيد- عبدالرحمن بصلة: منذ عام «تقريباً» فاجأتنا الحكومة ووزارة الصحة بالبدء الفورى فى تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل على كل أفراد الشعب المصرى والبداية ستكون من محافظة بورسعيد ثم تطبق تدريجياً على باقى المحافظات على مراحل، وعمت الفرحة أجواء الشارع المصرى وخاصة بورسعيد المستفيد الأول من هذا النظام لتعويض حالة التدهور فى المستشفيات والمراكز الطبية والوحدات الصحية على كافة أنحاء الجمهورية، وكان محدداً لها لبداية التطبيق أوائل العام الجارى من بورسعيد ثم أعلنت الحكومة أن التأجيل للتنفيذ فى يونيو الماضى ثم حددت موعداً ثالثاً فى أكتوبر القادم، ثم تنتقل تدريجياً لمحافظات إقليم القناة حتى تعمم على مستوى الجمهورية فى كافة المحافظات مع نهاية عام 2032، ولكن المؤشرات تؤكد عدم الإنتهاء من التجهيزات بنسبة كبيرة ربما لم تصل إلا ل70 % فقط بسبب استمرار أعمال البناء والإنشاءات وتجهيز المستشفيات والوحدات والمراكز الطبية والوحدات الصحية ومعظمها غير مكتمل بشكل نهائى وهو ما يؤكد عدم قدرة الوزارة على التطبيق فى الموعد الجديد وربما تؤجل مرة رابعة لأوائل العام القادم. فى البداية حاولنا التحدث مع الدكتور عادل تعيلب وكيل وزارة الصحة ببورسعيد لمعرفة مراحل التنفيذ الحالية ومدى استعداد بورسعيد لاستقبال المنظومة الجديدة فأكد لنا عدم وجود صلاحيات لديه للإدلاء بأية تصريحات صحفية أو إعلامية ولمعرفة أية معلومات تتعلق بالمنظومة وعلينا الاتصال بالدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمى لوزارة الصحة. بدأت ملامح التطوير من بورسعيد- نقطة الانطلاق- منحصرة فى تجهيز المستشفيات والوحدات والمراكز الطبية فى خطة محكمة لعلاج القصور والنقص فى التجهيزات وشملت أيضا الاحتياجات اللازمة لتطبيق المنظومة بشكل جيد والبدء الفعلى فى إعداد شبكة الحاسبات والمعلومات الموجودة فى 10 مستشفيات و46 مركزا ووحدة صحية تابعة لوزارة الصحة، وانضمام مستشفى الجامعة والمستشفيات الخاصة التى تنطبق عليها القواعد والمعايير، وأعلنت الوزارة من خلال الدكتور أحمد عمادالدين وزير الصحة السابق على اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية بالمشروع التأمينى الشامل والذى يتابع خطواته التنفيذية بنفسه من خلال لقاءات دورية مع رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان ووزير المالية، وقام الوزير بمتابعة الموقف أولاً بأول من خلال زيارت مكوكية لبورسعيد ومن خلال متابعته التليفونية ولجان الوزارة لتطبيق المنظومة بالشكل الأفضل فى بورسعيد باعتبارها المحافظة الأولى التى تطبق فيها المنظومة، وتستهدف المنظومة أيضا تغيير منظومة التأمين الصحى بكل ما فيها من مساوئ وأخطاء والتى كانت تعتمد على شراء الخدمة ولا تقدمها على أن تتحمل الدولة تكاليف علاج الفئة غير القادرة والأكثر احتياجاً بالكامل وتم تشكيل لجان وزارية من وزارتى المالية والتضامن الاجتماعى لتحديد العناصر غير القادرة ممن سيتم استثناؤهم من رسوم المنظومة على أن يتحمل القطاع المؤمن عليه بالقطاعات الحكومية والخاصة سداد مقابل الخدمة لمن ينتمون إليهم، بينما الفئة التي لم ينطبق عليها القطاعان الأول والثاني لمن ليس له تأمين وقادر على تحملها سيسدد اشتراكًا إجباريًا ملزمًا للجميع بحيث أصبح من الضرورى تقديم ما يفيد اشتراك كل مواطن فى الخدمة عند استخراج أية أوراق رسمية أو التعامل مع الجهات الحكومية، والتأمين الصحي الجديد سوف يتعامل مع الأسرة وليس الفرد وسيكون التأمين على جميع أفراد الأسرة لتوسيع القاعدة لتغطية جميع المواطنين بدلاً من القانون الحالي الذى يستفيد منه 54 مليون مواطن بنسبة 58% فقط، وتعتبر المنظومة الجديدة نقلة نوعية غير مسبوقة وأول خطوة إصلاح حقيقية لمنظومة الصحة فى مصر. فى فبراير الماضى أطلق الدكتور أحمد عمادالدين وزير الصحة السابق وسفير فرنسا بمصر ستيفان روماتيه بحضور المحافظ حملة لتدشين مشروع التعاون المشترك بين الوزارة والوكالة الفرنسية للتنمية بقرض يبلغ 630 مليون جنيه «30 مليون يورو» إلى جانب مليون يورو كمنحه فرنسية لتجهيز بورسعيد لإطلاق المنظومة الجديدة بوجود 8 مليارات جنيه خُصصت سابقا من الدولة و980 مليون جنيه من وزارة التخطيط و31 مليون يورو من الوكالة الفرنسية و53 مليون دولار من البنك الدولي بالتنسيق مع وزارة الصحة ليصل إجمالي الميزانية إلى 10 مليارات جنيه إلى جانب المليار جنيه الإضافى الذى اعتمدها مجلس الوزراء للمشروع القومى لتطوير المستشفيات والوحدات الصحية الجديدة لدفع عجلة العمل فى تجهيز 10 مستشفيات منها بورسعيد العام وبورفؤاد العام والحميات والرمد والصدر و28 وحدة صحية وبناء 18 وحدة صحية جديدة خلال ثلاثة أشهر فقط ينتهى العمل فيها فى مايو الماضى ومازال العمل جارياً بهم وتبلغ تكاليف الوحدة الواحدة 13 مليون جنيه مع تجهيز وتأسيس قاعدة بيانات لبدء الخدمة فى بورسعيد والتى سترتكز على الوحدات الصحية كمراكز خدمة أولى قبل الإحالة للمستشفيات إذا لزم الأمر وأن الوحدة الواحدة لتخدم 20 ألف مواطن من أبناء بورسعيد، وتطبق المنظومة فى مصر بعدما أخذت التجربة الصحية فى ثلاث دول كبرى هى فرنسا وألمانيا وإنجلترا، وبالنسبة لبورسعيد فقد بدأت مرحلة التطوير والتحديث فى المنشآت الطبية باستكمال الإحتياجات المطلوبة من الأجهزة والمعدات وأيضا الاهتمام بالعنصر البشرى من أطباء وتمريض وفنيين وإداريين وعمال الذين يعتبرون الركيزة الأساسية لنجاح المنظومة بالكامل، ويسير العمل فى التطوير والتحديث ورفع الكفاءة، وقد اختيرت بورسعيد لما لها من مقومات مهمة لتطبيق المنظومة بالشكل المناسب وهى أفضل حالا من محافظات أخرى بإعتبارها محافظة ذات مدينة واحدة وتمتلك مقومات النجاح والتطبيق وتم الانتهاء فعليا من 60% من التجهيزات المطلوبة لتطبيق منظومة التأمين الصحي ببورسعيد وتجهيز بعض المستشفيات لاعتماد الجودة وأيضا تقديم الخدمة الثلاثية. يتم حاليا الميكنة الإلكترونية فى الوحدات والمراكز والمستشفيات فى بورسعيد وإعادة توزيع القوى البشرية بما يتناسب مع احتياجات كل مكان ودراسة كيفية التعامل مع المقيمين فى بورسعيد من غير أبنائها وأيضا أبناء بورسعيد المقيمين خارجها وهذا محل دراسة حاليا من الجهات المعنية، وأيضا كيفية التعامل مع الأطباء من الناحية المالية وسيكون الاشتراك فى المنظومة الجديدة هو الأفضل للجميع، وقد قسمت المنظومة الطبية ل3 كيانات منفصلة أولها هيئة التمويل وهى جهة منفصلة متمثلة فى وزارة المالية ورئاسة مجلس الوزراء، والثانية هى الرعاية الصحية وتتولاها وزارة الصحة وستكون معنية بتقديم الخدمة والثالثة هيئة الاعتماد والمراقبة وهى التى تمنح المستشفيات الاعتماد وفقاً لمعايير الجودة المعمول بها وهذه الجهة ليست لها علاقة بالوزارات السابقة ودورها هو المراقبة لتطبيق المنظومة بالشكل السليم، وعلى المستوى القومى فقد تم تشكيل لجان لتقييم ومراجعة النظام الجديد قبل تطبيق مرحلته الأولى ووضع التوصيات اللازمة لاستمرار التطوير وتلافى الأخطاء وضمان كفاءتها واستعراض الدارسات الاقتصادية والاكتوارية التى أعدتها وزارة المالية وشملت آليات التمويل والأعباء المالية التى ستتحملها الخزانة العامة للدولة من خلال استعراض السيناريوهات والبدائل المختلفة لتحقيق الاستمرارية المالية للنظام الجديد ومصادر التمويل المقترحة لهيئة التأمين الصحى ودراسة التكلفة المالية المتوقعة وتحديد اشتراكات المستفيدين والخدمات التى يقوم المشروع بتغطيتها. من جانبه أعلن محافظ بورسعيد على مساهمة المحافظة بمبلغ 10 ملايين جنيه من صندوق المنطقة الحرة لإنشاء مستشفى أورام الأطفال مكان مستشفى النصر الذى تم هدمه وستسهم الوزارة بباقى أعمال الإنشاءات والتأثيث والتشغيل، وأن المدينة اختيار بورسعيد لبدء تطبيق المنظومة الجديدة نتج عنها طفرة طبية ملموسة خلال الفترة الماضية بهدف تقديم أفضل خدمة صحية للمواطنين وجاري حصر الأسر بالمحافظة وتوزيعهم على الوحدات الصحية وإنشاء الوحدات الجديدة، وأن بورسعيد ستشهد خلال الفترة المقبلة توافد كبار الأطباء بمختلف التخصصات لتقديم أفضل خدمة طبية للمشتركين بالمنظومة، وأن النظام الجديد سيغير شكل الصحة في مصر كلها وسيتغير الفكر بالكامل وستختلف نوعية الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين إلى الأفضل لتتفوق المستشفيات الحكومية على المستشفيات الخاصة عقب إكتمال تطبيق المنظومة. وقد أكد الدكتور محمد أبوعوف نائب رئيس لجنة الوفد ببورسعيد أن النظام الجديد إذا طبق بالشكل السليم المعد له سينقل الخدمة الطبية للأفضل وستغير فكر المواطن عن المستشفيات الحكومية والنظام التأمينى الفاشل بما فيه من عيوب وسلبيات عديدة، ولكنى أرى أن العمل مازال سارياً ببورسعيد فى الوحدات الصحية والمراكز الطبية والمستشفيات بصورة تدعو للقلق وعدم تطبيق المنظومة إلا بعد عدة أشهر، حيث تستغرق عمليات الإنشاءات الحالية وقتاً كبيراً بينما تحتاج هذه الأماكن لتأثيث طبى متميز وإدخال النظام الإلكترونى حتى تطبق المنظومة بالشكل الكامل وعلى الوزارة أن تتأنى فى خطوات التنفيذ لحين اكتمال خطة الإنشاءات بالكامل حتى تكون البداية صحيحة وبالشكل الكامل بدون أخطاء أو سلبيات.