تحقيق: إسلام أبوخطوة / تصوير: محمد طلعت ساعات ونستقبل أجمل وأقدم أعياد المصريين.. شم النسيم الذى منحه المصرى طمعاً فى ماء النيل وهواء الوادى.. وصفاء الروح المحملة بعبق التاريخ.. فأصبح عيداً أسطورياً مفعماً بالبهجة.. المتماشية مع ألوان زهور الربيع. وتمر آلاف السنين ليتحدى المصريون «وجبة الفسيخ» الأشهر بين الأطباق الفرعونية التى ورثتها الأجيال وأبدعت فى صفوفها.. ليفرح المصريون البسطاء.. حتى مع غلاء الأسعار.. ويخرجون لل«فسحة» وان عزت الرحلات. دائماً ما يبتكر المصريون طريقاً خاصاً الى البهجة بأقل القليل للاستمتاع فى شم النسيم ب«الفسيخ.. والفسح» و«الجو الحسن». وشم النسيم عيد فرعوني يعود تاريخه إلى ما يقرب من 4700 عام، يحتفل به المصريون في شهر أبريل من كل عام، ويحرص الملايين من الأسر فيه على اتباع طقوس معينة منها تلوين البيض أو شراء أنواع مختلفة من الأسماك خاصة «الفسيخ والرنجة»،.. الحديث هنا عن «شم النسيم»، وهو أحد أهم أعياد مصر الفرعونية. وعن سبب تسمية العيد بهذا الاسم ترجع إلى الكلمة الفرعونية «شمو»، وهي كلمة هيروغليفية ، ويرمز بها عند قدماء المصريين إلي بعث الحياة. وظهر بيض شم النسيم لأول مرة مصبوغاً «باللون الأحمر»، ثم تعددت ألوانه وحافظ المصريون على تلك العادة فى شيم النسيم إضافة إلى ما توارثوه من الرموز والطلاسم والنقوش الفرعونية. ولا يكون شم النسيم عيداً إلا بوجبة الفسيخ «العتيقة» ومع قدوم العيد تشهد محلات الأسماك المملحة إقبالاً كبيرًا من قبل المواطنين، إلا أن هذا العام أشار عدد من باعة الأسماك إلى أن حركة البيع والشراء محدودة مقارنة بالأعوام الماضية، ولكن من المنتظر أن تزيد خلال الساعات القليلة القادمة. أصحاب محال الأسماك: الأسعار في المتناول وأجمد فسيخ ب160 جنيهاَ «الوفد» أجرت جولة ميدانية على سوق الفسيخ والرنجة، لترصد أجواء استعداد المواطنين وباعة الأسماك لموسم «شم النسيم» عن قرب. وكالعادة شهدت أسعار الفسيخ والرنجة الوجبة الرئيسية فى شم النسيم تفاوتاً فى الأسواق لتبدأ الرنجة من «32» وتصل الى «40» جنيهاً للأنواع الفاخرة وفى المحلات الشهيرة الكبرى فيا تراوحت أسعار الفسيخ بين «120» و«160» جنيها لأجود الأنواع بينما عرضت المجمعات الاستهلاكية فسيخا ب100» جنيه للكيلو وحاز على إعجاب الزبائن. وأشار عدد من أصحاب محال الأسماك إلى أن الأسعار في المتناول والإقبال محدود مقارنة بالأعوام الماضية كان الإقبال كثيفًا والأسعار مرتفعة، ولكن من المتوقع أن تزيد حركة البيع مع اقتراب شم النسيم. جرجس عياد، بائع سمك، قال إن متوسط دخل المحل الآن ما بين 2000 و3000 جنيه، بينما كان في العام الماضي متوسط الدخل لا يقل عن 5 آلاف جنيه، مشيرا إلى أن سعر السمك البوري شهد انخفاضاً فى السعر يتراوح ما بين 50 و60 جنيها للمستهلك ويتم تمليحها لعمل الفسيخ، أما الرنجة فيتراوح سعرها ما بين 15 و30 جنيها. وعن أسباب انخفاض أسعار السمك قال «عياد» إنه يرجع إلى ثبات سعر الدولار الجمركى فى الفترة الأخيرة، حيث إنه يتم استيرادها من الخارج من اليابان وتايلاند، كما تراجعت أسعار البلطى لتتراوح بين 18 و23 جنيها مقارنة بالعام الماضى الذى تراوح فيه بين 25 و35 جنيها. «سوق السمك في الجيزة من أشهر الأسواق وبرغم ذلك الإقبال علية متوسط».. بهذه الكلمات استهل ثروت عبدالجليل، بائع سمك، حديثه وقال إن في الأعوام الماضية كان المواطنون يقبلون على السوق لشراء أنواع الأسماك استعدادًا لعيد شم النسيم، أما الآن فلا يتبقى سوى يوم ولن نجد الإقبال المرضي لنا كأصحاب محلات اعتادوا على بيع كميات كبيرة من الأسماك بدخل لا يقل عن 9 آلاف جنيه. وأشار «عبدالجليل» الى أن هذا الموسم هو الذى ينتظره الباعة كل عام لتحقيق أرباح تغطى. فما توقع رؤوف سالم، بائع سمك، ارتفاع سعر كيلو الفسيخ والرنجة خلال يوم عيد شم النسيم بنسبة لا تقل عن 10 %، وقال إن أصحاب المحلات يستغلون الموسم لرفع سعر السمك بعض الشيء لتعويض ما لاحقهم من خسائر مالية خلال الفترة الماضية. فكيلو البلطي الكبير بين 19 و20 جنيهًا، وكيلو البلطي المتوسط بين 17.50 جنيه و18.50 جنيه. وقال عماد صومائيل، بائع سمك، إن سعر كيلو البلطي الأسواني 27 جنيهًا، وكيلو سمك الثعابين بين 90 جنيهًا و140 جنيهًا للكيلو، والكابوريا بين 70 جنيهًا و120 جنيهًا للكيلو، فما بلغ سعر كيلو السمك البياض البلدي بين 30 جنيهًا و35 جنيهًا للكيلو، وسعر البياض الخليجي 20 جنيهًا للكيلو. كما سجل قشر البياض سعراً يتراوح بين 29 جنيهًا و35 جنيهًا للكيلو، والبوري الكبير تراوح سعره بين 39 جنيهًا و45 جنيهًا للكيلو، والبوري الوسط بين 29 جنيهًا و35 جنيهًا للكيلو، فيما سجل الجمبري نمرة 1 نحو 300 جنيه للكيلو، والجمبري نمرة 2 مجمد نحو 90 جنيهًا للكيلو، والجمبري نمرة 3 نحو 110 جنيهات للكيلو. ووصل سعر البربونيا المجمد إلى 27 جنيهًا للكيلو، وسجل سعر سمك الماكريل المجمد 35 جنيهًا للكيلو، والسردين المجمد 25 جنيهًا للكيلو، والمرجان المجمد بين 23 جنيها و27 جنيهًا للكيلو، والمكرونة المجمدة 30 جنيهًا للكيلو، والجمبري المجمد بين 50 جنيهًا و80 جنيهًا للكيلو. وأكد عبده عثمان، رئيس شعبة الأسماك بغرفة تجارة القاهرة، أن الأسواق المحلية ستشهد خلال الفترة المقبلة وفرة في أنواع الأسماك المختلفة، مشيرًا إلى أن مشروع «غليون للأسماك» تعد المزرعة الأكبر فى الاستزراع السمكى بالشرق الأوسط وستحل العديد من الأزمات في سوق الأسماك خلال الفترة المقبلة. وعن أسعار الأسماك في موسم شم النسيم، توقع رئيس شعبة الأسماك ارتفاع الأسعار بنسبة لا تقل عن 10 %، مشيرًا إلى أن سمك البورى يتراوح سعره ما بين 50 و60 جنيها، والرنجة ما بين 15 و30 جنيها، والبلطى يتراوح بين 18 و23 جنيهاً. مع ارتفاع أسعار الرحلات.. فسحة شم النسيم «على قد الإيد» في يوم شم النسيم يحرص العديد من المصريين على الخروج إلى المنتزهات والحدائق، فيما يخرج آخرون إلى الرحلات المختلفة التي تنظمها عدد من الشركات. «الوفد» أجرت جولة على بعض الشركات الخاصة لتنظيم رحلات شم النسيم، ورصدت حالة من الغضب بين المواطنين احتجاجًا منهم على أسعار الرحلات التي ارتفعت بشكل ملحوظ، واصفين ذلك ب«الاستغلال». 20% نسبة الارتفاع في أسعار الرحلات في شم النسيم بحسب ما أفاد به المواطنون أمام المكتب، وقال رامي عبدالستار، طالب جامعي، إن أسعار الرحلات تراوحت ما بين 600 إلى 1500 للفرد الواحد. وعن سبب ارتفاع السعر، قال «عبدالستار» إن أصحاب المكاتب برروا ذلك لسببين، الأول التعويم، والثانى الخدمات فى الفنادق، سعرها زاد، فضلاً عن أجرة السائقين التي تبلغ 900 جنيه في الرحلة الواحدة . تامر عواد، موظف، قال إنه كان حريصا كل عام على الخروح برحلة في يوم شم النسيم مع أسرته المكونة من 4 أفراد، وكانت قيمة الرحلة للفرد الواحد لا تتجاوز 300 جنيه، أما العام الحالي قيمة الرحلة للفرد 1000 جنيه. لذا فالأفضل «تمشية» على الكورنيش والاستمتاع بالمشروبات الباردة.. وأكل الترمس وستتحقق الفرحة بأقل الإمكانيات. وتابع: «وبذلك احتاج 4 آلاف جنيه غير 2000 جنيه تاني لمستلزماتنا الشخصية من أكل وشرب»، مشيرا إلى أنه مثل غيره من المواطنين قرر الاكتفاء بالخروج إلى الحدائق العامة هذا العام احتجاجًا على أسعار الرحلات المرتفعة. الأمر نفسه قالته إسراء كامل، موظفة، إنها كانت تحرص دومًا على الخروج مع أسرتها للرحلات ولكن بعدما زادت أسعار هذا العام، قررت الاكتفاء بالخروج إلى المنتزهات مع تناول وجبة الفسيخ والرنجة مع الأولاد. وفضل كثير من المواطنين من الأسر البسيطة التنزه فى الحدائق والاستمتاع بالجو والخضرة والورود، بينما أكد البعض ضرورة قضاء اليوم على شواطئ البحار القريبة مثل العين السخنة، وقالت ربة بيت: ليس من الضرورى أن نحجز فى قرية يكفى أن نجلس أمام البحر وتستمتع بالهواء النقى. شطارة الستات غلبت الأسعار.. فاطمة: اتعلمت الوصفة من برامج الطبخ وعملت فسيخ «زى العسل»، في الوقت الذي يحرص فيه العديد من الأسر على الخروج للحدائق والمنتزهات والرحلات يوم شم النسيم، هناك آخرون يكتفون بالاحتفال به داخل منازلهم، وبأبسط المأكولات يقضون يومهم، لسان حالهم شاكر المولى على نعمته عليهم، هكذا هو حال أهالي منطقة سن العجوز في الهرم. «ما باليد حيلة.. لازم أفرح العيال بأي حاجة».. بهذه الكلمات استهلت كوثر عبدالعال، ربة منزل، حديثها، وقالت إن سيدات منطقة سن العجوز، تحاولن ابتكار أفكار جديدة للتغلب على ارتفاع الأسعار بالأسواق، وتوفير الوجبات الغذائية لأزواجهن وأبنائهن بأقل التكاليف. تصمت صاحبة الأربعين عامًا للحظات وتعود قائلة: إن موسم شم النسيم العام الماضي أحضرت البيض ووضعته في المياه، واستخدمت قشر البصل الأحمر ليعطي للبيض لونًا مختلفًا، كما أحضرت البصل والعيش، وهكذا تعيش الأسرة عيد شم النسيم في المناطق الفقيرة. وعن الأماكن التي يلجئون لها حال رغبتهم في الخروج للتنزه، قالت «كوثر» إن كل عام تخرج هى وأسرتها للحدائق العامة المتواجدة في الشوارع، وتحضر البيض الملون والجبن والبصل، وتابعت: «مش كل الناس الغلابة كمان يقدروا يعملوا ده فيه ناس بتقضى وقتها في اليوم ده شغل». فكرة أخرى عرضتها هناء فتح الله، ربة منزل، لقضاء شم النسيم وتحضير الطعام وقالت إنها تحضر أكلة بسيطة للبيض الملون لإسعاد الأطفال، بإحضار الكركديه الأحمر ووضعه في المياه مع البيض، ثم يتم تركهم بعض الوقت وبعدها تحضر الجبن والبصل. وتشير إلى أن زوجها قال إن الرنجة أو الفسيخ مرتفع السعر، وقالت إن الأسرة مكونة من 5 أفراد وحال شرائهم الفسيخ سيصرفون في الوجبة قيمة ما يصرفونه خلال الشهر بالكامل، بينما أكدت إحدى ربات البيوت أنها اكتفت بنصف كيلو فسيخ وكيلو رنجة وأضافت إليهم الخل والليمون مع البصل لتستمتع بشم النسيم مع أولادها. وقالت فاطمة «ربة بيت» انها قامت بعمل الفسيخ فى البيت واتبعت إحدى الوصفات التى جاءت ببرامج الطبخ ونجحت وطلعت الفسيخ «زى العسل» على حد تعبيرها. وأهدت منه جيرانها. .. والداخلية.. «خطة لتأمين الاحتفالات» مع قدوم عيد «شم النسيم» أعلنت وزارة الداخلية استعداداتها لاستقباله ووضعت الخطة المحكمة التي تتركز على تعزيز التواجد الأمني والخدمات الأمنية على كافة المواقع الحيوية والمنشآت المهمة وخاصة الكنائس. كما يتم تعيين خدمات أمنية بحثية ونظامية أمام الفنادق الكبرى والمحال العامة والملاهي والمسارح ودور السينما والحدائق العامة والمتنزهات والمراسي النيلية لحفظ الأمن وضبط كل ما قد يخل بالأمن العام. كما جاء في الخطة تكليف ضابطات أقسام مكافحة العنف ضد المرأة ومباحث الآداب بالتواجد بالمناطق والساحات الرئيسية للحدائق والمتنزهات والسينمات للتصدى لأى محاولة للتحرش، وتكثيف الخدمات المرورية في الشوارع وفي مختلف الميادين والطرق وعلى المحاور الرئيسية بمداخل ومخارج المحافظات وذلك لتنظيم وتسهيل حركة المرور ومنع الاختناقات المرورية أو الحوادث أثناء الاحتفالات. كما تضمنت الخطة قيام ضباط مباحث التموين بمديريات الأمن تنسيقا مع الإدارة العامة للمباحث التموين بشن حملات مكثفة على المحال بيع المأكولات التي تلقى رواجها خلال شم النسيم. وكلف وزير الداخلية، بتواجد المستويات من القيادات للإشراف ومداومة المرور على تلك الأماكن والقوات لمتابعة تنفيذ خطة العمل ومتابعة تنفيذ المهام الموكلة إليهم في جميع الكنائس التي تبلغ نحو 2626 كنيسة من بينها 1326 كنيسة أرثوذكسية و1100 بروتستانتية و200 كاثوليكية. كما سيتم نشر خبراء المفرقعات والكلاب البوليسية لتمشيط كافة المناطق والكنائس والمنشآت المهمة والحيوية، ونشر قوات التدخل السريع بالمناطق الحيوية والميادين وسرعة التحرك لأماكن البلاغات، كما توجد غرفة عمليات رئيسية لمتابعة الحالة الأمنية على مستوى الجمهورية وتلقي البلاغات لسرعة التعامل معها، وتم وضع بوابات إلكترونية على الكنائس وسط تواجد أمني مكثف من قبل قوات الأمن وعناصر الشرطة السرية.