تحقيق: حسام أبوالمكارم عالم خاص يعكس المعنى الحقيقى لحالة الفوضى والعشوائية داخل شوارع وحوارى وممرات المقابر بمنطقة السيدة عائشة وتحديداً ب«سوق الجمعة»، إذا كنت من هواة تربية الطيور والحيوانات والزواحف تجد طيوراً بأشكال مبهجة وزواحف قاتلة يأتى الكثيرون من كافة المناطق للحصول عليها.. باعة يحترمون النظام ويطبقونه على أنفسهم أثناء ترويج بضائعهم داخل الباكيات المخصصة لهم، وآخرون لا يمتلكون أماكن داخل السوق ويتخذون الأرصفة والشوارع الرئيسية والمناطق السكانية مأوى لعرض حيواناتهم، وحالة من الفوضى تسيطر على المنطقة بأكملها ما جعله أكبر الأسواق العشوائية داخل محافظة القاهرة، الأمر الذى دفع المسئولين إلى تخصيص قطعة أرض على بعد 500 متر من السوق القديم لإنشاء سوق حضارى مجهز بكافة وسائل الحماية للحد من الحرائق والحوادث وإنهاء حالة العشوائية التى يقام عليها السوق. لكن بات مصير العديد من بائعى الحيوانات بالسوق مجهولاً، بسبب عدم معرفة إذا كانت المحافظة سوف توفر للجميع أماكن للبيع بداخل السوق، أم ستخصص للبعض فقط، مؤكدين أن نقل السوق سوف يحد من عمليات البيع نظراً لتعود المواطنين على لقاء الباعة فى تلك المنطقة. قال شعبان خميس، أحد بائعى الطيور: إن نقل السوق سيؤدى إلى قطع مصادر رزقهم الوحيد من خلال عدم معرفة الزبائن للبائع الذى يتعاملون معه فى الشراء، لافتاً إلى أنه تخصص فى بيع كل أنواع الطيور ومنها الكوكتيل، والكنارى، وباركادلو، وفيشر، ويتفاوت سعر الطائر الواحد بين 5 و20 جنيهاً، مطالباً محافظ القاهرة بضرورة تنظيم السوق فقط دون نقلة، قائلاً: «السوق لا يقام سوى يومى الجمعة والأحد ولا داعى لنقله وعلى الدولة عملية التنظيم لتفادى المشكلات والحوادث». وتابع: «حبى للطيور دفعنى لاتخاذ هذه المهنة مورداً للرزق بعد حصولى على دبلوم التجارة، ولا أريد خسارة كل ما أملك فى التأجير من قبل المحافظة فى السوق الجديد»، مؤكداً أن نقل السوق يقضى على حياة الباعة، ويمنعهم من مصدر رزقهم الوحيد. ولفت حمادة نجيب، أحد بائعى الثعابين، من منطقة أبورواش أشهر مناطق العاصمة فى صيد الثعابين وتربيتها، أن نقل السوق يؤثر بشكل مباشر على عمليات بيع الحيوانات والطيور بسبب عدم توفير أماكن لأعداد كبيرة لا تملك أماكن داخل السوق وتعتمد على البيع فى أى مكان داخل منطقة السوق. وأوضح أنه يربى كل أنواعها الثعابين، ومنها الخضيرى، والأزرود، والأرقيم، وأبوسيور، والكوبرا. وقال محمد جمال، أحد بائعى طيور الزينة: إن نقل سوق الجمعة يقضى على العشوائية التى يتسبب فيها الباعة الذين لا يمتلكون باكيات للبيع، مشيراً إلى أن السوق الجديد ينهى حالة الفوضى والحوادث التى كانت تحدث لعدم وجود وسائل حماية فضلاً عن عدم تمكن الأجهزة من القيام بدورها بسبب التكدس والزحام. وأكد أن جميع الباعة الذين يمتلكون أماكن داخل الأسواق ليس لديهم اعتراض على السوق بشرط أن يضمن لهم الحماية والحفاظ على زبائنهم. وحول أسعار الثعابين يقول: إن كل الثعابين المعروضة للبيع تكون منزوعة الأسنان والسم حتى لا تؤذى من يشتريها، وإن زبائنها من طلاب كليات الطب، والصيدلة، والعلوم، ويتفاوت ثمن الثعبان الواحد بين 20 و150 جنيهاً حسب نوعه وحجمه. أما عبدالرحمن مصطفى، بائع الحمام الزاجل فيقول: «إن الحكومة تريد نقل السوق لبيعه للمستثمرين»، مشيراً إلى أنه لا يريد مغادرة السوق لأنه يعمل داخله منذ 10 سنوات فى بيع الحمام. وتابع: «أنا هنا معروف لدى جميع زبائنى لأن السوق يقع فى منطقة حيوية وميدان يمر به الملايين وهذا ما يجعل الإقبال على السوق كبيراً»، موضحاً أن سعر الحمام فى هذا السوق أرخص من الأسواق الأخرى حيث يتفاوت سعر الواحدة بين 200 و400 جنيه. وأضاف قائلاً: «نقل السوق سيؤدى إلى مشكلات كبيرة مع الباعة لأنهم يعلمون مدى أهمية إقامة السوق فى السيدة عائشة»، مطالباً بضرورة الاهتمام بتأسيس البنية التحتية للسوق القديم بدلاً من نقله لصالح رجال الأعمال والمستثمرين. وقال سمير عبدالله، موظف: «إنه جاء من محافظة القليوبية لشراء عدد من الثعابين لابنته، والزواحف له»، مشيراً إلى أن نقل السوق لا يؤثر على عمليات البيع والشراء، قائلاً: «من يريد الشراء مش هيفرق معاه نقل السوق». عمل حضارى المهندس خالد صديق، رئيس صندوق تطوير العشوائيات، يقول: إن الصندوق أبرم اتفاقية مع محافظة القاهرة ب180 مليون جنيه لنقل سوقى التونسى والجمعة من أماكنهما للحد من العشوائية التى تتسبب فيها تلك الأسواق، مشيراً إلى أن الصندوق أورد 50 مليون جنيه الدفعة الأولى للبدء فى تخصيص وإنشاء البنية التحتية للأسواق الجديدة. وأكد «صديق» أن نقل سوق الجمعة بالسيدة عائشة يعد عملاً حضارياً ونقلة نوعية فى تلك المنطقة للحد من الحوادث والحرائق والحفاظ على المظهر العام للمنطقة، مضيفاً أن الدولة تعمل على توفير كافة وسائل الحماية للباعة داخل الأسواق والحفاظ على حقوق المواطنين من خلال التسوق والبيع فى أماكن تليق بالمواطن. وأضاف رئيس صندوق العشوائيات، أن هناك لجاناً تعمل على حصر وتسجيل الباعة الذين يستحقون الحصول على أماكن فى الأسواق الجديدة للحد من امتداد العشوائية داخل الأماكن الحضارية. وأردف قائلاً: «نقل سوق الجمعة يخفف من معاناة المواطنين وسكان منطقة السيدة عائشة، كما يسهم فى القضاء على الأزمات المرورية التى يتسبب فيها السوق مما يؤدى إلى ازدحام وتكدس فى المنطقة بأكملها ويعيق الحركة فى كافة المناطق المجاورة للسوق». وأكد «صديق» أنه تم تنفيذ 20٪ من أعمال السوق الجديد الذى يقام عليه سوق الجمعة للحيوانات والطيور، قائلاً: «السوق الجديد يبعد عن سوق الجمعة 500 متر فقط ما يسهل على الباعة الاحتفاظ بزبائنهم وعدم الابتعاد عن الأماكن التى تعود على البيع بها». وأشار صديق إلى أن الصندوق يقوم بالتطوير والدفع دون مقابل وأنه سيتم نقل الباعة من السوق دون خسارة أى من أموالهم سوى ما يقرب من 300 جنيه صيانة ونظافة شهرية للسوق الجديد. واستكمل رئيس الصندوق حديثه قائلاً: «ما يشاع أن نقل سوق الجمعة بغرض بيع أراضى السوق للمستثمرين الأجانب لا أساس له من الصحة»، مضيفاً أن سوق الجمعة الحالى يقام فى الشوارع والطرق الرئيسية ووسط المساكن وليس على أرض مخصصة له. وأوضح أن الحكومة تسعى لمنع أى كوارث أو حوادث داخل الأسواق العشوائية كما حدث فى سوق الجمعة لافتقاده وسائل الدفاع المدنى. يؤكد صادق عبدالمقصود، رئيس حى الخليفة: أنه لا توجد آلية فى الوقت الراهن لنقل سوق الجمعة، لافتاً إلى أن الدولة تعمل على إنشاء أسواق حضارية للقضاء على باعة الأرصفة وتوفير أماكن مناسبة للبيع والشراء بعيداً عن العشوائية داخل الكتل السكانية والشوارع والميادين الرئيسية. وأكد عبدالمقصود أن الهدف من نقل سوق الجمعة هو الحد من المشكلات البيئية وانتشار العدوى بين المواطنين نتيجة بيع الحيوانات والطيور بطريقة عشوائية، فضلاً عن الانتهاء من التكدس والزحام الذى يتسبب فيه السوق بمنطقة السيدة عائشة. وتابع رئيس حى الخلفية قائلاً: «سيتم نقل سوق الجمعة فى سوق حضارى تحت إشراف الطب البيطرى للحد من انتشار العدوى بين المواطنين، وما زال هناك 6 أشهر حتى يتم الحديث عن نقل سوق الجمعة لجعله سوق اليوم الواحد». وتقول نجوى عباس، عضو سابق بلجنة تطوير العشوائيات: إن الهدف من نقل سوق الجمعة هو إبعاد المواطنين الفقراء عن أى أماكن تسعى الحكومة لطرحها للمستثمرين وليس توفير سوق حضاري يضم بنية تحتية تحمى المواطنين والباعة. وقالت: «إن ما تفعله الحكومة هو تهجير قصرى للفقراء والمحتاجين بحجج وهمية تعطى انطباعاً بأن الحكومة تعمل لصالح المواطنين»، مضيفة ضرورة التفكير فى تطوير السوق القديم بدلاً من نقله حتى يتمكن الباعة من توفير احتياجاتهم وتلبية متطلبات أسرهم. تاريخ سوق الجمعة أنشئ سوق الجمعة فى عصر المماليك، وكان من أشهر أسواق القاهرة، وكان فى ذلك الوقت يباع فيه الرقيق، وحين انتهت هذه التجارة، تحول إلى سوق لبيع الحيوانات، ولا سيما الخيول والحمير. ومع بداية القرن العشرين أصبح أشهر سوق فى مصر، وتخصص فى بيع الطيور بأنواعها المختلفة، خصوصاً الحمام، وأسماك الزينة، والثعابين، والقرود، والكلاب، والتماسيح، والسلاحف، وسواها. أشهر الحيوانات والطيور فى السوق ينقسم سوق الجمعة أو سوق التونسى إلى عدة أقسام لسلالات الحمام وأسماك الزينة وطيور الزينة وكلاب الحراسة وسلالات خاصة من البط والدجاج والأرانب، ويتم بيع الحيوانات الخاضعة لاتفاقية سايتس بصورة غير قانونية مثل الثعابين والسلاحف البرية والحرباء والإيجوانا والخفافيش وتمساح النيل والقرود والببغاء الرمادى وأمازون أصفر الجبهة ومينا التلال وكوكاتو، بالإضافة لبعض أنواع الحيوانات البرية المصرية، ويعقد فى يومى الجمعة والأحد من كل أسبوع.