«هيكل» وهدى عبدالناصر وسمير غانم أهم زبائنى.. وشهرتى وصلت سفارات الدقى «ساعة اليد» مازالت رمز الأناقة والشياكة وأغلى ساعة صلحتها ثمنها 132 ألف جنيه يوم فرحى انشغلت بالعمل فى المحل حتى المغرب وأخذونى للكوافير قبل الحفل بساعة! بدأت مشوار العمل وعمرى 8 سنوات، ولأننى كنت طفلة مشاغبة أرادت والدتى أن تبعدنى عن البيت وطلبت من والدى أن يأخذنى معه للمحل حتى تستريح من شقاوتى، وتدريجياً بدأت احب مهنة «الساعاتى» وأتعلمها.. هكذا بدأت دعاء تروى ل«الوفد» رحلة كفاحها التى امتدت أكثر من 30 عاماً فى صيانة الساعات لتصبح واحدة من أشهر «الأسطوات» بل والسيدة الوحيدة تقريباً التى احترفت هذه المهنة الدقيقة ليس فى حى الدقى فقط وإنما فى مصر كلها. «دعاء» أكدت ان المسألة لم تكن سهلة، رغم أن والدها صاحب المحل واضطرت فى البداية لتنظيف المحل وعمل شاى وقهوة للصنايعية اللى كانوا بيعاملوها على أنها «طفلة» ومستحيل أن تتعلم المهنة، لأنها من وجهة نظرهم المفروض «صنعة» الرجال، وتدريجياً بدأت تتعلمها بالنظر، الى أن تفوقت وأصبحت من افضل الساعاتية بشهادة زبائنها. وعن أشهر زبائنها قالت، الكاتب الكبير الراحل حسنين هيكل وهدى عبدالناصر ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والفنان سمير غانم وأسرته ووالده اللواء «غانم» رحمه الله كان من زبائنى، والفنانة نبيلة عبيد ومن أساتذة القانون الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب الأسبق، والدكتورة فوزية عبدالستار وزوجها الدكتور نجيب حسنى، وهم الذين زرعوا داخلى حب القانون ولذلك التحقت فيما بعد بكلية الحقوق. وعن الثقة التى اكتسبتها، خاصة مع المشاهير قالت طبعاً محل والدى كانت له سمعة طيبة، وانتقلت هذه الثقة تدريجياً إلى أن زبائن المحل يعرفوننى منذ الطفولة ولأن ساعاتهم غالية جداً وذات ماركات شهيرة أغلبها سويسرية وإيطالية وفرنسية لا يذهبون بها إلا لمن يثقون فى أمانته وبراعته، وهناك بعض الأعطال تحتاج الى صبر شديد لإصلاحها سواء كانت ساعة يد أو ساعة حائط أو حتى منبه، وهم يعرفون طبعى ويحتملون فترة الانتظار التى قد تطول لمدة 6 أشهر «لما مزاجى يروق للشغل القديم» ويعلمون جيداً انهم لن يجدوا من يصلحها لهم غيرى وهذا ليس غرورا ولكن عندى زبائن بالفعل تأتى الى بساعات قديمة جداً وقيمة بعدما فقدوا الأمل فى اصلاحها عند ورش ومحلات و«أسطوات» آخرين ويتركونها لى على أمل إعادة الحياة إليها والحمد لله بالصبر ودقة الصنعة والمهارة والضمير أنجح فى اصلاحها. هل معنى ذلك انك متميزة عن رجال كثيرين متخصصين فى هذه المهنة؟ بالتأكيد.. فالمسألة بالنسبة لى مش مجرد «أكل عيش»، أنا أعشق هذه المهنة وللعلم هى مهنة دقيقة جداً وصعب جداً إن الانسان يتعلمها حتى إخواتى الرجال الذين يعملون فى هذه المهنة لم يعلمونى المهنة باستثناء والدى كان يأخذنى معه من الساعة 7 صباحاً وبعد أن أنظف المحل يتركنى أجلس بجواره أتعلم بعينى، أما باقى الأسطوات بمن فيهم اخوتى كانوا يستهترون بىّ ويرفضون حتى مجرد وقوفى بجوارهم لأتعلم بعينى. كان فى داخلهم اعتقاد راسخ انى لن أتعلم وبالفعل استمر بى الحال 10 سنوات أنظف المحل حتى أمسكت بأول ساعة لكى أغير لها الجلدة أو «الاستيك» وفرحت جداً ولولا حبى للمهنة لما انتظرت وصبرت كل هذه المدة والحمد لله تعلمتها واحترفتها وتفوقت فيها على كثير من الرجال. هل مهنة «الساعاتى» فى طريقها للانقراض؟ - بالنسبة للفنيين أو «الصنايعية» بالفعل اعدادهم تناقصت وانقرضت الى حد كبير، ولذلك علمت أولادى «يوسف» و«عبدالرحمن» المهنة للحفاظ عليها، وللأسف أحد أهم أسباب انقراض المهنة انتشار الساعات الصينى الرخيصة وندرة قطع الغيار بالنسبة للموديلات القديمة، ولكننا مستمرون بسبب طبقة معينة من المجتمع مازالت تقدر قيمة الساعة القيمة والماركة الاصلية الشهيرة وتعتبرها شياكة وأناقة، نحن أيضاً نعانى من ارتفاع أسعار الساعات القيمة ذات الماركات العالمية، لأن الزبائن أصبحوا عاجزين عن شرائها بعد أن أصبحت المبالغ تتراوح بين 5و10 آلاف جنيه وبعضها يزيد على 100 ألف جنيه. هل تحددين قيمة الاصلاح بحسب سعر الساعة وماركتها؟ - اطلاقاً أنا أحدد السعر حسب قطعة الغيار اللى أشتريها والعطل الموجود فيها والوقت اللى تستغرقه فى الاصلاح. ما أغلى ساعة قمتِ بإصلاحها؟ - ساعة «روليكس» كان ثمنها 132 ألف جنيه وحصلت على مبلغ 1500 جنيه مقابل اصلاحها وصاحبها فرح جداً، لأنها رجعت تشتغل تانى. الساعات القديمة الموجودة على حوائط المحل هل هى أنتيكات أم موجودة للصيانة؟ - كل الساعات الموجودة بالمحل والتى يصل عمر بعضها الى ما يزيد على خمسين سنة خاصة بالزبائن وكلها فى انتظار الإصلاح والمشكلة إن قطع الغيار ليست متوفرة ولذلك قد تظل فى المحل من 6 أشهر الى سنة حتى أجد قطع الغيار الخاصة بها. ألم تعطلك هذه المهنة عن ممارسة دورك الطبيعى كزوجة وأم؟ - اطلاقاً، أنا منظمة جداً وأعطى كل شىء حقه، ولكن من المواقف الطريفة فى حياتى اننى ظللت أعمل فى المحل يوم خطوبتى حتى المغرب وجاء اخوتى ليأخذونى من المحل الى الكوافير قبل الحفل بساعة تقريباً حتى أتهيأ لكى أكون «عروس» وعندما تزوجت حصلت على إجازة 3 أيام فقط وبعدها ذهبت الى المحل لاستئناف العمل. لماذا لم تعملى بمؤهلك الجامعى وانت خريجة كلية الحقوق؟ - التحاقى بكلية الحقوق لم يكن بهدف ممارسة المحاماة ولكن لأننى كنت اشعر ببعض القصور فى شخصيتى فأردت أن أقويها بدراسة القانون ووالدى كان يعارض ذلك بشدة ويريد أن أدخل كلية التجارة ولكنى تمسكت بالحقوق.