كتبت- سناء حشيش: أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن من يسلك مسالك الفرقة والشقاق ، والتكفير والتفجير ، والخوض في الدماء ، والولوج فيها بغير حق فسادًا أو إفسادًا، متبعٌ لخطوات الشيطان الذي هو لنا جميعًا عدوٌّ مبين. واشار الوزير فى مقال له على موقع الوزارة اليوم الى ان الإسلام دين السلام ، ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام ، وتحيتنا في الإسلام السلام ، والجنة دار السلام ، وتحية أهلها السلام. ولفت الى ان فلسفة السلم هي القضية الراسخة في الفكر الإسلامي ، حيث يقول الحق سبحانه :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ". وأضاف ان من يسير في طريق السلم الإنساني متبعٌ لما أمر الله به عباده المؤمنين ، موضحا ان من منهج نبينا (صلى الله عليه وسلم) أنه يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويحسن إلى من أساء إليه ، أما معاملته (صلى الله عليه وسلم) لغير المسلمين فترسخها وتتوجها "وثيقة المدينة" التي رسخت لأسس التعايش السلمي بين البشر في أسمى معانيه الإنسانية . وأشار إلى أن هذه الوثيقة من أفضل النماذج في تاريخ البشرية للعيش الإنساني السلمي المشترك، وإننا في هذا المناخ الثقافي والسياسي الذي يعيشه عالم اليوم , المشحون بالصراعات ومحاولات الاستقطاب ، لفي أمس الحاجة إلى العودة إلى هذا التراث العظيم وهذا التطبيق الراقي لحق الإنسان في الحياة والمواطنة المتكافئة , واستلهام روح التسامح التي يفيض بها تاريخنا الحضاري الذي يؤصل للتعايش المشترك على أسس وطنية وإنسانية راقية، على أننا نؤكد مع ذلك كله أن السلام لا يُستجدى، إنما ينتزع أو يُعمل له. وأوضح أن السلام لا بد له من قوة تحميه، قوة سياسية ، وقوة اقتصادية ، وقوة علمية وفكرية وثقافية ومعرفية ، في ظل عالم تحكمه تكتلات سياسية واقتصادية ومعرفية ، مما يتطلب منا العمل الجاد الدءوب لبناء دولنا وأوطاننا ، كما يتطلب تعاونا وتكاتفا عربيا قويا يحسب له ألف حساب في المحافل والمؤسسات الدولية التي لا تعرف للأسف الشديد إلا لغة القوة والاعتداد بالنفس ولا مكان فيها للضعفاء أو المستسلمين ، في ظل عالم تحكمه تكتلات سياسية واقتصادية ومعرفية ولا مكان فيه لغير الأقوياء . وبغير ذلك لا يكون السلام سلامًا إنما يكون استسلامًا لا يتسق وعز أمتنا وشرفها ، فنحن مع السلام وستظل أيدينا ممدودة بالسلام لمن يسعى للسلام ، أما الاستسلام فلن يروه أبدا من أمة دينها دين العزة ، غير أن هذه العزة لا تتأتى بالكلام وإنما بالعمل على أن ننتج غذاءنا وكساءنا ودواءنا وسلاحنا وأن نوحد صفوفنا وكلمتنا ، وألا نكون عالة على غيرنا لا من أعدائنا ولا حتى من أصدقائنا ، فخير الناس من يأكل من عمل يده ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، كما علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . فلنعمل لتحقيق سلام حقيقي ينطلق من قوله تعالى : " وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ". واشار الى اننا قادرون على تقديم رؤية ونظرية متكاملة للسلم العالمي تقوم على أسس إنسانية خالصة تؤمن بحق الإنسان في حرية المعتقد وفي الحفاظ على دمه وعرضه وماله وفى الحياة الكريمة دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق ، فكل الدماء حرام وكل الأعرض مصانة وكل الأموال محفوظة ، " لا إكراه في الدين" ولا على الدين ، مع إيمان كامل بأن التنوع والاختلاف سنة من سنن الله الكونية الراسخة "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" ، فيجب أن نتعاون في ضوء المشترك الإنساني ، وأن يحل الحوار والتواصل محل الصراع والتصادم .