من عرف كثيراً فهم نفسه، ومن تحكم فى الآخرين امتلك زمام الأمور، وإيمانك بأنك شىء فريد لن يكون إلا بالصدق.. والسعادة والسلام لا يتحققان إلا بالتصالح مع النفس، هكذا تقول الحكمة، وهذا الحال لمن لا يملك صفحات سوداء. اجعل كلمتك طيبة وليكن وجهك مبتسماً، تكن قادراً على اكتساب الآخرين فلسفة وفن تعلمه فى سنوات عمره الأولى، الطيب فى منهجه ليس ضعفاً، وإنما قدرة على الاتزان، وتقييم الآخرين، تمنى لنفسه مساراً، ولكن حدد القدر له طريقاً مغايراً. أسامة شومان، العضو المنتدب لشركة بريمير لتداول الأوراق المالية، الاعتماد والثقة بالنفس يعتبرهم أصدقاؤه سمات أصقلت ذاته، صراحته سلاح قد يضيف أو يسحب قدرته على المثابرة والتعلم فتحت أمامه عديداً من الأبواب، رغبته فى التعلم زادت من طموحه.. فى نهاية ممر ضيق بالطابق الخامس، وبغرفة بعيدة عن ضوضاء العمل، يجلس الرجل وبدأ عليه التركيز فى العمل، سريعاً رد التحية، وعاد منشغلاً.... 8 دقائق لم يكسر صمت الغرفة سوى أقدام عامل البوفيه...بدأ الرجل متسائلاً «ألم يكن الاهتمام بالمشروعات قصيرة الأجل، والإنتاجية أفضل حالا لمواجهة التكلفة الاجتماعية لعملية الإصلاح الاقتصادى»؟ لحظات ثم تبدى متفائلا بقوله «نعم المشروعات الإنتاجية، قصيرة الأجل لديها مفعول السحر، للحد من الاستيراد لمنتجات لها بدائل محلية، والمشروعات الصغيرة والمكملة، كثيفة العمالة، قادرة على تغطية قطاع عريض وتوفير فرص للعمل». أقاطعه قائلا إذن ليس من أنصار مدرسة المشروعات القومية. يرد قائلا: المشروعات القومية، قادرة على تغيير خريطة الاقتصاد الوطنى، ليكون فى ترتيب الاقتصاديات العالمية الكبرى، لكن الاهتمام بالمشروعات الصغيرة سوف يحقق معادلة توازن تصب فى مصلحة المواطن، وقادرة على تخفيف التكلفة الاجتماعية». الثقة والمثابرة من المكتسبات التى تعلمها من والده مهندس البترول.. عندما يتحدث عن انطلاقة ثمار الإصلاح الاقتصادى، يرتفع صوته قائلا: إن «مطلع العام القادم هو موعد جنى الثمار، مع بدء الإنتاج فى العديد من حقول البترول والغاز، بالإضافة إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد، وتقارير المؤسسات الدولية عن التى تحمل التفاؤل. الأرقام لها سحرها الخاص فى منهج الرجل، لصدقها ودقتها فى تحليل الواقع، وعشقه لها ليس من فراغ، حينما يحلل السياسة النقدية، يبدى عليها ملاحظات بالجملة، حيث إن مسارها الإصلاحى يعانى بطئا شديدا، خاصة فى الإصرار على بقاء سعر الفائدة عند هذه الارتفاعات التى لا تبنى اقتصادا، ولا تشجع استثمارا، لذلك لابد من تخفيض سعر الفائدة، من أجل مصلحة الاقتصاد. دائم اللوم على السياسة المالية فى تصرفاتها، وله رؤية خاصة تقوم على أن تنفيذ الضريبة التصاعدية بات أمرا حتميا، فأصحاب الدخل العالى، لابد أن يتم بصورة تتناسب مع الدخول، وكذلك مع ادخال القطاع غير الرسمى، المنظومة الرسمية، وهو ما يغير الأمر كثيرا، من خلال تحديد ضوابط تشريعية، قادرة على خلق فرص عمل، والمساهمة فى التنمية». أسأله إذا كنت من أصحاب مدرسة فرض الضرائب، فلماذا كل الاعتراضات على ضريبة الدمغة فى سوق المال؟ يرد قائلا: إن «الأمر يختلف تماما فى سوق المال، لأن صناعة سوق المال هامة، وقادرة عن استقطاب استثمارات خارجية، وتدفقات نقدية، ولا حرج طالما أن المستثمر يحقق مكاسب، عليه دفع الفاتورة، من خلال ضريبة الارباح الرأسمالية، والعمل على تطبيقها بصورة تدريجية». قد تكون قادرا على مشاهدة الجمال، لكن لا تستطيع شرحه، مبدأ يؤمن به الرجل فى لغة الارقام، التى تقدم الحقيقة والدقة، وهو دائما يبدى تحفظات على استثمارات المحفظة من الاذون، والسندات، باعتبارها تقوم على الاستثمارات قصيرة الأجل، بخلاف الاستثمارات المباشرة، الطويلة القادرة على تقليص معدلات البطالة، وخلق فرص عمل، والعمل على تحقيق تكامل بين السياستين المالية والنقدية، بما يخدم الاستثمار والاقتصاد بصورة عامة. لحظات صمت تخيم على المكان، كسرها عودة الرجل إلى الحديث مرة أخرى لملف الاستثمارات، وما يتردد حول القانون، واللائحة التنفيذية، يقول: إن حجم الاستثمارات الخارجية فقط هو القادر على تحديد نجاح قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية من عدمه، ليس ذلك فحسب بل أيضاً تحديد خريطة استثمارية محددة ودقيقة، عرضها على المستثمرين فى كافة المناطق، لاختيار المشروع الذى يناسب تخصصاته. أقاطعه قائلا: أذن كيف يتحقق ذلك ومازال الصراع والجدل قائما بين الأفضلية لقانون الاستثمار أم البيئة الأكثر أهمية؟ يجيبنى أن «البيئة الاستثمارية، تعمل على جذب المستثمرين، ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل على تطوير الكوادر البشرية التى تعمل بصورة روتينية تعطل عجلة الاستثمار، وإدخال عنصر التكنولوجيا فى مثل هذه الأمور، يتمكن من خلالها إنهاء كافة الإجراءات بعيدا عن البيروقراطية والروتين الحكومى». القدرة على التواصل واقتحام كافة المجالات العملية منحت الرجل أفضلية فى تحديد المفيد للاقتصاد والقادر على قيادته، فهو لايزال شغله الشاغل بضرورة الاهتمام بقطاع الصناعة، بكافة مجالاته، باعتبارها الأساس فى التنمية، والقادرة على استيعاب الكثافة الكبيرة من العمالة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالسياحة والعمل على تنوع مصادرها، خاصة السياحة العربية، وكذلك الاسراع فى استغلال تنمية محور قناة السويس، والاستفادة منه باعتباره مستقبل الاستثمار للوطن، إلا أنه حتى الآن لم يعلن عن الشركات التى بدأت بالفعل فى الاستثمارات سواء اللوجستية أو غيرها من الصناعات الأخرى. القدرة على العطاء والصبر ومحبة الاخرين سمات جعلته يحظى بقدر كبير بين أبناء جيله، وهو ما دفعه إلى الترشح لمجلس إدارة صندوق حماية المستثمر، بمجموعة من المحاور التى يسعها إلى تحقيقها خلال وجوده بالصندوق والتى تتصدرها اتجاهه إلى تحويل الصندوق إلى هادف للربح، من خلال تشكيل لجنة استثمار قوية هدفها تعظيم أرباح الصندوق، بأدوات استثمارية مختلفة، وكذلك توجهه بالحصول على قطعة أرض بالعاصمة الإدارية الجديدة، بإنشاء مقر للصندوق، كوجه من أوجه الاستثمار وفقا لسياسة الدولة، بالإضافة أيضاً إلى تخصيص محفظة أوراق مالية للصندوق، يتم إدارتها من خلال شركات المحافظ، بحيث يتم تنفيذ الاوامر من جميع شركات السمسرة، وعدم الاقتصار على شركات بعينها، وكذلك توقيع اتفاق مع البورصة والمقاصة والرقابة المالية، بإرسال الصندوق رسائل نصية، فور تنفيذ أى عملية، وهى ما تعد رقابة استباقية، لحماية أموال المستثمرين، والعمل أيضاً على وضع آليات لتعويض العملاء المتضررين التعويض المناسب، بإعادة شراء أسهم بدلا من التعويضات، وبالتالى دعم شركات السمسرة، وأيضاً الحرص على دعم السماسرة فى المصروفات الثابتة وخطوط الربط. «شومان» يحمل المتناقضات، هو مغامر ولكن متحفظ، يتوسع فى التفاصيل حتى يتخذ القرار بعناية، نجح مع مجلس إدارة الشركة عندما تولى المسئولية عام 2012 فى أن يحدد بمشاركة المجلس استراتيجية من 5 محاور متكاملة تقوم على تطوير العنصر البشرى بصورة مستمرة، وتدريب الكوادر، والعمل على التوسع فى قاعدة العملاء سواء الأفراد أو المؤسسات، والعمل على زيادة فروع الشركة فى محافظات الصعيد والدلتا مستهدفا بذلك 5 فروع جديدة، بما يساهم فى دعم الكيان، وطرح الشركة القابضة بالبورصة خلال العام القادم، وكذلك الاهتمام ببورصة النيل والعمل على تقديم شركات ناجحة للقيد. تمنى الرجل دراسة الطب أو الصيدلة باعتباره مجال إنسانى، لكن شاءت لها الاقدار غير ذلك، لينجح فى صناعته، ويسعى مع مجلس الإدارة إلى رفع رأس مال الشركة من 20 مليون جنيه إلى 50 مليون جنيه خلال الفترة القادمة، فى ظل تحسن السوق. الرجل مغرم بالقراءة المتنوعة فى كافة المجالات، متعته بممارسة رياضته فى كرة السلة، لما تمنحه من تركيز، عاشق للألوان الزرقاء التى توحى إلى النقاء، لكن يظل شغله الشاغل الوصول بالشركة إلى المقدمة واقتناص مقعد إدارة حماية المستثمر؟ فهل ينجح فى ذلك؟