إذا أردت النجاح فاجعل المثابرة صديقك، والتجربة مستشارك، والحذر أخاك.. إن النجاح لا يحتاج إلى أقدام بل إلى إقدام.. هكذا تقول الحكمة، وكذلك فلسفته. جاهد لآخر نفس، وكان حريصًا على استثمار الوقت، صناعة الهدف والعمل على تحقيقه ليست من المستحيلات، بهذا المنطق يؤسس حياته.. لا نتحدث عن شخصية نمطية، وإنما متناقضة، مغامر، ولكن ليس فى كل المواقف، يحظى بحب واكتساب الاحترام، أكثر ما يسعده خدمة الآخرين، ربما لأصوله الريفية، ووالدته التى غرست بداخله ذلك. أحمد أبوحسين العضو المنتدب ل«كايرو كابيتال» للأوراق المالية فى مشوار حياته شخصيات ساهمت فى صناعته، مدت له يد العون إلى أن كان، لديه إيمان أن الوصول الى القمة والحفاظ عليها، لا تكون إلا بالعمل الجماعى وروح الفريق، لا يهوى التفاصيل حتى لا يغرق، الخطأ فى شريعته ليس عيبًا، والاعتراف به قمة الثقة فى النفس، ومن هنا يكون دائم المراجعة للنفس. على بعد أمتار من أحد الشوارع التى تحمل اسم وزير مالية محمد على باشا وأول وزير فى القوات المسلحة أيامه «لاظوغلى باشا»، فى الطابق الثامن يسود الهدوء المكان، الحركة فى طرقات المبنى، وخارجه تكاد تكون معدومة، لقربها من السفارة الأمريكية.. جلس الشاب الأربعينى يحلل المشهد، شعور بالحماس يسيطر على الرجل.. شغله الشاغل استقطاب الاستثمارات الأجنبية، فالأدوات متعددة، وبرامج التحفيز والقوانين تتمكن من تحقيق المستهدف من الاستثمار. نيجيريا تفتقد الأمن وهذا لا يشغل بال المستثمرين وإنما القوانين والتشريعات وهو متوافر فالأهم معرفة الحقوق والواجبات، من هذا المنطلق يتكشف عدم رضاه عن ملف الاستثمار، لأنه يتطلب المزيد من تيسيرات وتسهيلات للمستثمر المحلى قبل الأجنبي، وتسوية المنازعات، بما يحقق المصلحة العامة، فلا داعى لفزاعة سحب الأراضى من الوقت إلى الآخر. أقاطعه متسائلا: وهل تحقق ذلك فى قانون الاستثمار الموافق عليه من البرلمان؟ يجيب «القانون جيد ويتضمن ما طالبنا به مرارا وتكرارا، حيث أعاد المناطق الحرة إلى الحياة مرة أخرى، ومنحها حوافز، ومزايا ضريبية، إذ تم تقسيم للمناطق كل منطقة لها حوافز بما يتلاءم معها، وكذلك إيجاد آلية لحل المنازعات، ومنح الإقامة والأراضى وفق شروط، وكل ذلك يجعل المستثمرين فى حالة اطمئنان، وعلى دراية كاملة بحقوقه وواجباته. 120 دقيقة كانت كافية للتعرف على ما فى جعبة الشاب الأربعينى صاحب الأصول الريفية البسيطة، يقول: إن «التفاؤل والأمل سلاح للوصول إلى القمة بثقة وثبات، لكن غير مقبول أن تظل غير محدد الاتجاه يسارى أم رأسمالى، والوقوف على أولي درجات الانطلاقة، ولا داعى «لنغمة» لدينا إرهاب ونواجهه، وهذا يعد ضد الاستثمار، ولا داعى من كل هذه الاضطرابات، ويكفى عبارات مكافحة الإرهاب، فالتمسك بذلك يعمل و يكفى لتطفيش المستثمرين والاستثمارات». الرجل له وجهة نظر مختلفة، إذ يعتبر أن التنسيق بين المجموعة الاقتصادية، غير متوافر بالمرة، والكل يحيا فى جزر منعزلة، والفاتورة يتحملها الاقتصاد. لايزال برنامج الخصخصة مثارا للجدل بين مؤيد ومعارض، لكن للرجل رؤية خاصة تبدأ بالاهتمام بالموارد البشرية والحفاظ عليها باعتبارها ثروة قومية يجب حسن استخدامها، وكذلك العمل على خصخصة الإدارة، وليست الشركات, بما يحقق المصلحة العامة، لكن لاتزال فقدان الرؤية سمة الوزراء نتيجة لسياسة الأيادى المرتعشة فى اتخاذ القرارات التى تسيطر عليهم. يمتلك شجاعة الاعتراف بالأخطاء، والعودة عن القرار الخاطئ، له وجهة نظر فى عملية تحرير سعر الصرف، يعتبرها تأخرت كثيرًا، ولو اتخذت خلال فترة الثورة لتغير الحال الآن، وكان الأجدى التخلى عن مساندة سعر العملة فى الظروف الاستثنائية، فمحافظ البنك المركزى كان يمتلك القرار، ولكن لم يحدث, وتم سداد الفاتورة باستنزاف موارد النقد الأجنبى. دار بداخلى سؤال حول المسئول عن الخلل فى سعر الصرف وتداوله بالشارع باعتباره سلعة، وقبل طرح السؤال، بادرنى قائلا: إن «حكومة الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق فى أزمة الدولار نجح فى إدخال شركات الصرافة ضمن القطاع المصرفى، وتحرك وقتها السعر بنسب تقترب من النسب الحالية، ولكن فى النهاية نجحت أدوات السياسة النقدية فى عودة التوازن للسوق». أقاطعه: لكن لايزال الاحتدام والتعارض بين السياسة المالية والنقدية قائمًا. السياسة المالية ضد النقدية كثير من الفترات، المالية تحاول تقليل العجز بأدواتها، والمركزى يسعى للسيطرة على التضخم برفع أسعار الفائدة، وهذا يضر بالاستثمار، إلا أن الانكماش يظل الحالة الوحيدة، التى يلتقى فيها الطرفان، رغم أن التعارض بينهما ليس فى مصلحة الاقتصاد. تظل الضرائب الشغل الشاغل للجميع وبعبع الاستثمار، إلا أن الشاب الأربعينى له فلسفته فى الملف باعتبار أن السياسة المالية تتواكب مع ظروف الاستثمار، فلا حاجة للضرائب التصاعدية، فمثل هذه الضرائب لا تساعد على استقطاب الاستثمارات، خاصة فى المناطق الأكثر حرمانا. الشاب الأربعينى راحته الحقيقية تكمن فى رسم السعادة على وجوه الآخرين، لذلك يعمل على دعم القطاع غير الرسمى الذى تحمل مسئولية النمو الاقتصادى وحافظ عليها منذ الثورة، وعلى الحكومة أن تمنح حوافز للقطاع كى تتمكن من الاستفادة منه. للصدفة دور كبير فى حياة الشاب الأربعينى فى تحديد مسار البيزنس منذ دراسته، قرر دراسة الطب، لكن انحرف بطريقه شغفا بالتجارة، ليبدأ مشواره الشاق فى البورصة، ليتحول بعد ذلك للقطاع الخاص، بما جعله مؤهلا فى تحديد القطاعات القادرة على انتشال الاقتصاد، تتصدرها استقطاب الاستثمارات الأجنبية، والخدمات الطبية والتعليم، والسياحة المحتاجة إلى عمليات ترويج مكثفة من خلال شركات كبرى عالمية قادرة على التسويق، ودعم أصحاب المنشآت السياحية، والعمل على تنمية الصعيد، وقناة السويس مستقبل الاقتصاد. الشاب الأربعينى يرجع الفضل لأصحابه، ومن قدم له يد العون إلى أن حقق ذاته بالعمل بالبورصة، ليكتسب طوال رحلته الخبرة، ساهمت فى تأسيسه بصورة أكثر احترافية، ليبدأ بعدها محطة جديدة بدأت منذ عام 2008 مع فريق كايرو كابيتال، لتأسيس كيان مالي وبنك استثمارى كبير. الالتزام أهم ما يحظى به «أبوحسين» وروح فريق العمل لها مفعول السحر فى حياته العملية، لذا نجح مع إدارة الشركة فى تحديد استراتيجية اعتمدت على قطاع السمسرة وإدارة الأصول، باعتبارهما العمود الفقرى للشركة، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، نتيجة الضربات المتتالية بعد زلزال الأزمة المالية العالمية وثورة يناير، ليلتزم مع فريق الشركة بالسياسة المتحفظة إلى أن بدأ الاعتماد على قطاع بنك الاستثمار والاستثمار المباشر حيث نجح فى امتصاص تداعيات الأزمة المالية العالمية. المورد البشرى أساس الشركة، ومن هنا رسم النجاح واستمرار النشاط، إلى أن كانت الرؤية المستقبلية من خلال استراتيجية بدأت منذ 2015 بعد مؤشرات تعويم الجنيه، وتنتهى فى نهاية 2018، لتتحول الشركة إلى الأرباح، والوصول بإجمالى الأصول المدارة من 3.5 مليار جنيه إلى 10 مليارات جنيه، من خلال استقطاب صناديق ومؤسسات عربية وأجنبية. شغفه بالوصول إلى أبعد مكانة للشركة مع الإدارة هدف يسعى إليه ليل نهار، لدعم استراتيجية قطاع السمسرة بالتوسع فى المحافظات الجنوبية والشمالية واستهدف 5 فروع مع نهاية العام القادم، والترويج للتداول الإلكترونى من خلال الشباب والأندية والجامعات. متعته فى قراءة التاريخ والشخصيات، يحاول دائما تقديم الجديد، والتفكير خارج الصندوق، يهوى الرياضة، وللاسكواش سعادة خاصة لديه، متحفظ الى أبعد الحدود، يهوى الألوان التى تمنحه وقارًا لكن يظل هدفه الوصول بشركته إلى قائمة الأوائل، فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟