«أنت من تصنع النجاح أو الفشل.. فلا داعى لإلقاء اللوم على الظروف، من لم يمتلك القدرة على التغير لن يملك الاستمرار» مفردات شكلت شخصيته منذ أعوام دراسته الأولى... فى مسيرته الإخفاقات إعادة ترتيب للأوراق وبداية جديدة للانطلاق.. اكتشف والده قدراته العلمية مبكراً، فحرص على صقلها... نسج روايته بدقة فوصل إلى منصة التتويج. محمد رضا، الرئيس التنفيذى لبنك الاستثمار سوليد كابيتال فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا.. الرؤية والتخطيط والتنفيذ مثلث الهندسة المالية فى حياته، بدونهم يكون المشهد ارتجالياً، فالانحراف عن الهدف سلباً أو إيجاباً إشارة إلى الخلل، وهو ما لا يتمناه.. أفكاره الشابة وضعته فى الصفوف الأمامية، عندما فاز بجائزة صندوق النقد الدولى، حول رؤيته عن الإصلاح الاقتصادى للمنطقة العربية... «عندما تعرضنا إلى أزمة الدولار فى الماضى، نجحت حكومة الدكتور عاطف صدقى فى تجاوز الأزمة بسلام، والتعامل بصيغة المحترفين من خلال نظام إدارة المعروض باحترافية، والحفاظ على استقرار سعر الدولار، وضم شركات الصرافة فى منظومة البنك المركزى، ومن هنا كان الفرق بين حكومة لا تزال تتعامل مع الملف بارتجالية، همها الأول والأخير تحجيم الطلب، وليس إدارة المعروض» هكذا بدأ الحوار.. «نعم الرغبة فى الإصلاح تتصدر المشهد وبقوة،.. ولدينا الفكرة وهذا جيد ولكن الأزمة فى كيفة تنفيذها، «.. الشاب الثلاثينى له رؤية خاصة تبنى على أساس أن محاور الإصلاح الرئيسية لا تقوم على وضع السوق تحت الضغوط، وإنما الإصلاح بحركة الإجراءات مع التعويم، فالهدف إعادة تقييم الأصول، لاستقطاب الاستثمارات المالية الأجنبية، لكن ما تم انتهاجه سياسة عكسية برفع سعر الفائدة بصورة مقلقة مسجلة 550 نقطة تمثل ارتفاعاً 5.5% لم يشهدها السوق منذ 22 عاماً. إذن، هل فشلنا فى عملية التنفيذ؟ يجيب: «الحكومة أساءت التنفيذ فى الإصلاح الاقتصادى، وأخطاء التعويم كارثية، فغير مقبول أن نخطط إلى استهداف نمو بين 5% إلى 7%، وهذا لا يتحقق إلا بالاستثمار مقابل السياسة النقدية التى لا تهتم، بالتنسيق، والعمل على رفع أسعار الفائدة بمستويات بدأت من 8% إلى 14.5% حتى 20% وهذه سياسات لا تصنع نمواً اقتصادياً، فقد تم التعامل مع الموضوع بصورة أكاديمية، ساهمت فى طرد الاستثمار، ورفع تكلفة التمويل، ما ينعكس على السلع الاستهلاكية بصورتها النهائية». الإبداع وتحقيق غير المألوف وغير المتوقع أسلوب حياة لديه، ومن هذا المنطلق، فإن نظرية رفع الفائدة لمواجهة التضخم ليست مطلوبة فى كل الأوضاع.. والمشهد يتطلب أوضاعاً استثنائية تحتاج حلولاً غير عادية، من خلال استخدام الأدوات غير عادية فى ملف استثنائى، وبالتالى من أهم أسباب تعثر الاقتصاد سياسة البنك المركزى، حينما قام بتعويم الجنيه، كان تعويماً جزئياً وكان التعويم على القطاع المصرفى دون شركات الصرافة، مع أنها جزء رئيسى لمنظومة الدولار. أقاطعه قائلاً إن «المعتاد للسياسة المالية والنقدية الانفصال، أما فى الظروف الاستثنائية كان يجب التناسق بين السياستين.. وهو ما لم يحدث. يرد: «تداعيات السياسة النقدية أكثر تأثيراً ويتكشف بصورة سريعة عن السياسة المالية، لذلك فإن حالة السخط والضغوط على السواد الأعظم من المواطنين هى السائدة، فأى قرار يتطلب حشداً من المواطنين، هو ما لم يتحقق، ووصول الأسعار الفائدة إلى 20% ليست من مصلحة الاستثمار». من يعمل فى الاقتصاد، عليه توثيق الأحداث، و«رضا» لديه إيمان بذلك، لذا فقد حدد 3 ضغوط ساهمت فى تعجيل قرار التعويم، منها تأثر قناة السويس بحركة بطء التجارة العالمية، والضربات التى تعرضت لها السياحة، واختلاف نوعى لدول الخليج فى عملية الدعم. العديد من الخبراء لديهم مبرراتهم فى عدم خفض سعر الفائدة للسيطرة على التضخم، لكن فى جعبة «رضا» الكثير من آرائه الصريحة بأن الإجراءات للحد من السيطرة على التضخم بسعر الفائدة فشلت رغم وصوله إلى أعلى مستويات منذ 22 عاماً بنسبة 20%، وواصل الجنيه انهياره، وهو ما يؤكد أن السياسة النقدية الأساس فى الفشل، ولم يتم الاتجاه الصحيح بخفض نسب الفائدة، ودعم الإقراض حتى يتحقق المستهدف من الاستثمار، وبالتالى لا بد أن يكون تنسيق بين السياسية المالية والنقدية. «رضا» تمنى دراسة العمارة بالفنون الجميلة فهو عاشق للهندسة، إلا أن والده قرر أن يدرس التجارة وعلومها لذا هو راض عن السياسة المالية، لكن غير راض عن تغافلها لوضع السياسة النقدية عند توقعات النمو لنسب نمو وعجز موازنة، ما يؤكد أن الملف الاقتصادى يدار بصورة ارتجالية فى ظل وغياب التنسيق بين السياسة المالية تسببت خللاً فى نسبة النمو. لا يزال الاستثمار يمثل لغزاً عند «رضا»، فتحفيز الاستثمار لن يكون بالقوانين وإنما بمناخ الاستثمار، وحزمة التعديلات على القانون لن تضيف شيئاً، وإنما لا بد من العمل على بيئة استثمار مناسبة تضمن استقرار الملف الضريبى والسياسية النقدية لسنوات. فى ملامحه عزيمة وإصرار على تحقيق الهدف، وقته ليس ملكه، وإنما ملك كل ما هو قادر على أن يقدم له الجديد فى حياته العملية، ومن هنا كان اختياره من قبل مجموعة سوليد كابيتال العالمية بتولى المسئولية فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا. الشاب الثلاثينى نشأته فى بيت تربوى اكتسبه منه كافة مؤهلات القيادية، بذلك كان حريصاً على تحديد استراتيجية متنوعة للشركة منذ عام 2015، وبدأت بالفعل يناير الحالى مؤسسة على بنوك الاستثمار والمباشر وغير المباشر، وقطاع السمسرة، وصندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يسمح للمجموعة تقديم الدعم المالى والفنى والهيكلى، وتجهيز الشركة للطرح بالبورصة سواء من خلال السوق الرئيسية أو نايلكس، الذى يستهدف بالفعل طرح شركة صناعات غذائية خلال الفترة القادمة. لا يتوقف طموح الشاب الثلاثينى عند ذلك فقط وإنما للتوسع فى أفريقيا من خلال 6 دول تضم موزمبيق والسودان والإمارات والكويت والسعودية والبحرين، وقبل ذلك إصراره على فتح مكتب بالإسكندرية، وكذلك التوسع نحو الصعيد «رضا» يهوى المغامرة، ولكن لا يغامر بقرار الجماعة، ويعمل له ألف حساب، نجح بالوصول إلى حجم الصفقات المدارة حاليًا إلى 5.2 مليار جنيه، وكذلك حجم الصفقات الاستثمارية فى مصر وأفريقيا خلال عام 2017، بقيمة 6 مليارات دولار متنوعة بين طروحات واندماجات واستحواذات وشراء وتأسيس كيانات.. لا يزال غير راض عن نفسه، فهو لا يحقق 10% من أحلامه، فهو يسعى دائماً للعمل.. عاشق لقراءة التاريخ، يجد ما يحقق له الارتياح والسعادة فى الألوان الزرقاء التى تدل على الصفاء، واللون الذهبى الذى يجسد الحداثة، لكن يظل منهجه قائماً على الوصول بشركته إلى ريادة السوق.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟