العدل فضيلة، والمبادئ تاج الحياة.. الصبر والمواصلة هى التي تصنع النجاح..وبدون الإرادة والإيجابية لن تستطيع البناء، ولن تعبر المستحيل.. من يرغب فى معرفة الرجل، عليه أن يفتش فى سطور الحكمة والحكماء. البحث عن الحقيقة ظل سنوات شغله الشاغل، ربما لعمله فى السلك القضائى، للرجل منهج خاص يؤسس على الرغبة الدائمة فى التعلم، وعدم استعجال النتائج، حينما كان واحداً من المسئولين عن ملف توظيف الأموال فى ثمانينيات القرن الماضى، لم يدرك انها ستكون نقطة تحول فى حياته العملية، لم يهتز للرجل طرف فى واقعة استجواب النائب كمال أحمد عام 2001 حول اتهاماته بمرتبات البورصة، لكونه على حق ولم يتركب شيئاً مخالفاً. الدكتور سامح الترجمان رئيس شركة بلتون المالية محطات حياته متشابكة، سماحة الروح والتصالح مع النفس سمات تتسم بها شخصيته، البحث عن الجديد، والمغامرة سر سعادته.. درس القانون رغبة فى التعلم، وكان لخاله دور كبير فى ذلك. فى مكتبه بالطابق الأخير، وعلى بعد أمتار من النيل، يحاط بالهدوء، تبدو السكينة والرضاء فى وجهه، يتعامل مع الجميع بمنطق الإنسانية، وليس الرئيس..جلسنا وبدا متفائلاً، بادرنى قائلاً: «علينا ان نتعلم ماذا يحدث، ويؤثر، فكل دورة اقتصادية لديها عنصر يساهم فى تشكيلها، الزراعة كانت مكوناً أساسياً فى مرحلة البداية، ثم الآلات فى عصر النهضة الصناعية، والخدمات فى حقبة سابقة إلى أن جاء الدور على التكنولوجيا وسيطرتها على مقاليد الأمور» ومن هنا بدأ الحوار. «التكنولوجيا، هى الأساس والانطلاقة الحقيقية إلى المستقبل، فلا اقتصاد ولا نمو دون الاهتمام بمهارات الشباب والعمل على تنميتهم، فى ظل استحواذ كامل لتكنولوجيا الآلات» هكذا يحلل المشهد. الإصرار على التعلم خير أداة لمواجهة المطبات، سمات اكتسبها الرجل من والده، وهنا تكمن لديه أهمية التعليم بالعمل على زيادة المهارات والقدرات العملية، وتشجيع الصناعات التى تعمل على اكتشاف المهارات، فى ظل المستجدات وتطورات التكنولوجيا. لحظات صمت مرت إلى أن انكسر سكون الغرفة بقوله «الاقتصاد مر بمرحلة حرجة منذ الثورة حتى الآن، لم تكن سهلة بسبب عدم الاستقرار السياسى خلال 3 سنوات إلى كان الرئيس المنتخب، لكن العمليات الإرهابية، تسببت فى مشهد مرتبك، وكان لها تأثيرها السلبى اقتصادياً. للبيئة دور كبير فى حياة الرجل، نشأته فى أسرة يعمل أفرادها فى مجال الطب ساهمت فى تشكيل حياته بصورة أكثر عقلانية، لذا حينما يتحدث عن مرحلة الاقتصاد بعد تحرير سعر الصرف تتكشف موضوعيته فى التحليل.. يقول «نعم المشهد اختلف، رؤية المستثمرين الأجانب إلى الاقتصاد الوطنى اختلفت، وأصبح الكثير من المستثمرين الأجانب لديهم شهية الاستثمار فى السوق المحلى، وتبين ذلك من الطرح الذى أدارته الشركة مؤخراً، وهو يعكس الثقة للمستثمرين الأجانب، باعتبار أن الاقتصاد يحظى بفرص نمو هائلة فى جميع القطاعات». أقاطعه قائلاً: وكيف يمكن الاستفادة من الثقة فى الاقتصاد؟ يرد قائلاً: «الرغبة فى تشجيع الاستثمار قائمة بالتصريحات، وهذا لا يكفى، ولكن على أرض الواقع يتطلب المشهد جهداً كبيراً من خلال الإجراءات المتخذة لصالح المستثمرين، بالعمل على تحسين المناخ، والتعامل من قبل الجهات التنفيذية مع المستثمرين بإفصاح وشفافية، ومع توافر القاعدة التى تؤمن بالاستثمار وتسهيل القواعد والإجراءات سوف يتحقق المطلوب من الاستثمار والمستثمرين ليس على المستوى الاستثمار الأجنبى فقط وإنما محلياً أفضل، لأن المهم ليس فى الترويج، وإنما آليات التنفيذ». للرجل رؤية خاصة فى هذا الصدد تقوم على 4 عوامل تدعم شهية المستثمر للاستثمار فى السوق المحلى، يتصدرها الإغراءات الكبيرة فى العائد على الاستثمار، الموقع الجغرافى باعتبار السوق المحلى البوابة الملكية لأفريقيا، ولكونه الأكبر فى مختلف القطاعات، وقبل ذلك حالة الاكتفاء والتشبع للمستثمرين من الأسواق الأوروبية والأمريكية، والبحث عن أسواق سريعة النمو. السياسة النقدية تظل مثار جدل بين مؤيد ومعارض، فيما اتخذ من إجراءات تحرير سعر الصرف، لكن للرجل رؤية جريئة، إذ يعتبر أن السياسة النقدية بعد التعويم اتخذت اتجاهاً صحيحاً، ولكن الأخطر فى المشهد هو مواجهة عجز الموازنة التى يجب أن تواجه بأفكار خارج الصندوق، وغير تقليدية من خلال إعادة التعامل مع الأصول التى تمتلكها الحكومة، وإتاحة المزيد من الفرص للقطاع الخاص والمشاركة بالاستثمار والعمل فى كافة القطاعات خاصة التعليم والصحة التى تستحوذ على الجزء الأكبر من عجز الموازنة. إذن الوقت كان مناسباً لتحرير سعر الصرف. يرد: «أنا من مؤيدى مدرسة حينما لا تتعامل مع السوق بآليات السوق دائماً تحدث مشاكل، بمعنى محاولة إدارة الاقتصاد بآليات تنظيمية دون النظر إلى آليات السوق وعملها لن تؤدى إلى نتائج طيبة بل عقبات، فلا داعى لحديث غير مجدٍ حول التأخير، الآن يتعامل مع واقع، وتحرير سعر الصرف ليس هدفاً فى حد ذاته، وإنما الاستفادة بزيادة الصادرات، وفتح فرص عمل للشباب، بهدف تخفيض البطالة، وإتاحة المجال أمام القطاع الخاص». الاقتصاد غير الرسمى تتحمل انتشاره بصورة الكبيرة الحكومة، بسبب عدم قدرتها على حل مشاكل الاقتصاد الرسمى، الذى يعانى من عوائق تبنى على آليات السوق وجودة المنتج، والرقابة، والالتزام بالمعايير الدولية، وبالتالى صار المشهد السائد هو الهروب للقطاع غير الرسمى. دار بداخلى علامات استفهام حول عدم تقبل السواد الأعظم فى الشارع بالتغير، ويبدو أنه قرأ ما فى ذهنى فبادرنى قائلاً: «أى إصلاح يؤدى إلى خوف، وقيادة التغيير هو المهم فى فهم المخاوف والتعامل معها بطريقة علمية وصبر طويل، تبدأ بتدريب الناس على التغيير وتقلل من مخاوفهم، على مراحل متعددة كل ما تنجح فى مرحلة تتطلع إلى مرحلة أخرى. كثير من الخبراء لديهم رؤية أن سياسة الحكومة تقوم على الجباية، وفرض ضرائب بصورة مستثمر، إلا أن «الترجمان» يعتبر أن الضرائب سوف تظل قائمة باعتبارها أهم السبل فى تمويل عجز الموازنة، بل لا بد من توسيع الوعاء الضريبى، ليشمل كافة القطاعات، ولكن على الدولة أن تقدم خدمة تناسب ما يسدده رجل الشارع من ضرائب لتحقيق الرضاء لديه. للملف الاستثمارى مكانة فى أولويات الرجل، فهو يشغله ضرورة التحرك مع الرؤية والأفكار خطوة خطوة حتى تتحقق، وتكون القدرة على تنفيذ ذلك، بما يساهم بالعمل على خلق مناخ من الثقة للمستثمرين، لأنه غير مقبول طول 15 عاماً الماضية لم تحدد هوية الاقتصاد رأسمالى أم اشتراكى، وهو ما يتسبب فى خوف وارتباك المستثمرين. لا تزال القطاعات القادرة على القيادة الاقتصادية، تشغل الجميع ومن ضمنهم الرجل، لذا يراهن على التعليم، والصحة والمشروعات المتوسطة والصغيرة، باعتبارها مثلث التنمية والتقدم للاقتصاد. قرر الرجل دراسة القانون منحرفاً عن مسار أسرته التى تعمل بالطب، ليحقق نجاحات فى سلك القضاء، ثم تتحول حياته العملية رأساً على عقب بعد قضايا توظيف الأموال، ليتخصص فى دراسة هذه الملفات، وحقق نجاحات كبيرة، وحينما تولى الكيان المالى الكبير مع مجلس الإدارة، كان حريصاً على تنفيذ استراتيجية تقوم علي 4 محاور داخلية تقوم على عمليات استحواذ فى المجالات المالية غير المصرفية، وتحقق ذلك بشراء 70% من أسهم شركة خدمات المشاريع متناهية الصغر «ريفى»، والمحور الآخر خارجى يتمثل فى التوسع بالأسواق الخارجية، والتى بدأت بالفعل بشراء أورباح الأمريكية التى تعمل فى 120 سوقاً، وكونها المركز الرئيسى للإشراف على الأسواق الناشئة، وكذلك التوسع المباشر فى العديد من الأسواق فى أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية والآسيوية. الرجل الذى يرجع الفضل لأصحابه ودور أساتذته فى الجامعة بدعمه حتى يصل إلى مكانة تناسب تعليمه وخبرته، لا يزال يأمل فى المزيد مع مجلس الإدارة بمضاعفة الأصول المدارة التى تقدر حالياً بنحو 30 مليار جنيه إلى المزيد. رضا الرجل لن يتحقق إلا باقتحام مجالات جديدة فى الأدوات المالية غير المصرفية، سواء فى نشاط التأجير التمويلى، واستهداف نحو 5 طروحات فى قطاعات متعددة خلال العام. الرجل الذى واجه المطبات وتلقى ضربات لم تزده إلا إصراراً وكسب الاحترام، يعمل فى صمت لتحقيق ما تبقى من استراتيجية الشركة بتحقيق 40% بعدما حقق 60%، ليبقى العمل على دعم إدارة الأصول. متعة الرجل فى قراءة الفلسفة وعلم النفس، وعشقه الأكبر للحكم العطائية لابن عطاء الله السكندرى، يهوى الرياضة والأسكواش، ليس لديه ألوان مفضلة، يعشق الجميع، وهو سر حبه المتبادل مع الجميع، لكن يظل هدفه الحفاظ على القمة..فهل يحقق ذلك؟