قال اللواء نور درويش، نائب رئيس شعبة السيارات، إن سوق السيارات عانى بشكل كبير خلال الفترة الماضية، متوقعًا حدوث تحسن نسبى فى مبيعات السيارات. وأكد «درويش» فى حواره ل«الوفد» أنه ليس ضد تصنيع سيارة محلية، بشرط دراسة السوق جيدًا قبل الشروع فى هذا، مع عدم تقديم دعم مادى حكومى لها. وأوصى بضرورة قيام الحكومة بإعادة النظر فى استراتيجية صناعة السيارات المطروحة حاليًا لتعارض بعض بنودها مع الاتفاقيات الدولية لمصر سواء اتفاقية الجات أو اتفاقية الشراكة الأوروبية.. وإلى نص الحوار: ما أسباب الارتفاع الجنونى الذى حدث فى أسعار السيارات؟ - بداية، ارتفاع أسعار السيارات كان فى شهر فبراير 2015 نتيجة اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية التى أثرت بشكل كبير على عملية الاستيراد، ثم أعقبها «تعويم الجنيه»، وارتفاع سعر الدولار، ولقد عرضنا على الحكومة تقليل الاستيراد بنسبة 50% أثناء أزمة الدولار حتى لا نلجأ للتعامل مع السوق السوداء لتدبير احتياجاتنا من العملة، ونتيجة لهذه العوامل قلت الكميات المعروضة من السيارات، ومن ثم حدثت ظاهرة ال«أوفر برايس». لكن الأهم من ارتفاع الأسعار، ما فوجئنا به فى بداية 2017، بعدما دخل عدد كبير جدًا من السيارات إلى مصر، عن طريق بعض الأسماء غير المعروفة، وهو الأمر الذى أضر بالعديد من الوكلاء.. وهنا يأتى السؤال الذى يطرح نفسه: أين ذهبت هذه الكميات الضخمة فى ظل ثبات معدلات البيع، وقلة الطلب، وثبات الأسعار؟.. أعتقد أن هناك سرًا كبيرًا وراء هذا الأمر يجعلنا نجذم بأن هناك شبهة غسيل أموال فى الأمر. وهل أسهم ارتفاع الأسعار فى حدوث حالة من الركود؟ - الزيادة التى حدثت فى سعر أى سيارة حاليًا، تمثل نفس النسبة التى زاد بها الدولار، وأغلب وكلاء السيارات اضطروا لتقليل هامش أرباحهم بنسب كبيرة، لتنشيط المبيعات، ومواجهة حالة الركود، ونتمنى أن يعود الانضباط قريبًا لسوق السيارات. لكن هناك اتهامات دائمًا لتجار السيارات بأنهم تسببوا بشكل كبير فى هذه الزيادات.. ما تعليقك على هذا؟ - السيارة الجديدة من الصعب التلاعب فى سعرها لأنه معروف، فبدايةً من خروج السيارة من المصنع حتى وصولها للوكيل ثم الموزع ثم العميل، جميع هذه المراحل مثبتة بأوراق رسمية، وما حدث أنه عقب تعويم الجنيه قلت الكمية المعروضة من السيارات كما سبق أن أشرت، وهو ما استغله قلة من التجار غير الأسوياء خلال هذه الفترة، لكن الآن وبعد زيادة الكميات المعروضة من السيارات وتراجع الطلب، يتسابق الجميع فى تقليل هامش الربح لجذب العملاء. كيف ترى غزو السيارات الصينية للسوق المصرى؟ السيارات الصينية تغزو العالم وليس مصر فقط، وخلال 10 سنوات ستصبح السيارات الصينية الأولى فى العالم، لأنهم يتقدمون بشكل كبير، ويتعاونون مع شركات عالمية ضخمة، ولديهم قوة شرائية هائلة، وعمالة رخيصة، ولعل تعدد مصنعى السيارات بالصين، سمح بوجود طفرة بمراكز الأبحاث، والتطوير بالطرازات المنتجة، ما انعكس بشكل كبير على جودة السيارات، وهناك أكثر من 25 علامة تجارية صينية تتنافس فى سوق السيارات المصرى، لتحقيق المعادلة الصعبة التى يسعى لها العملاء، وهى الرفاهية العالية مع السعر المناسب. لكن ما يحدث أن هناك من يحصل على وكالة سيارة صينية ويقوم ببيع كمية معينة ثم يتوقف بعد ذلك وهو ما يضر بكثير من العملاء.. لماذا لا يوجد ضوابط لهذا الأمر؟ - ما تتحدث عنه حدث بالفعل، ويجب قبل السماح بالوكالة، التأكد من قدرة الوكيل المحلى، على تكوين شبكة موزعين قوية، وضخ استثمارات طويلة الأجل فى مجالات خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار والصيانة، وعلى العميل نفسه التأكد من وجود هذه الأشياء قبل عملية الشراء. لماذا لم تنتج مصر سيارة محلية على الرغم من توقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية منذ عدة سنوات؟ - للأسف بعد توقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية مع مصر، كنا نستطيع أن نكون دولة مصنعة للسيارات ولكننا أضعنا الفرصة، فبموجب هذه الاتفاقية كانت مصر تستطيع أن تُفتح أسواقها لشركات السيارات العالمية لإقامة مصانع سيارات، وأن تحمل السيارة المنتجة «صنع فى مصر» وذلك مقابل حصول الشركة المصنعة على حق تصدير تلك السيارات عن طريق مصر بدون جمارك إلى دول أخرى، لكن بسبب المصالح الشخصية فشل تطبيق هذه الشراكة الأوروبية التى كانت ستمكن مصر من إنشاء مصانع لصناعة السيارات وحل أزمة البطالة. هل ستسهم استراتيجية صناعة السيارات فى تحقيق هذا حال صدورها؟ - أعتقد أن معدل قانون استراتيجية صناعة السيارات لم يطلع على أو يتصفح اتفاقيات «الجات- الشراكة الأوروبية»، وهى بالقطع ذات صلة مباشرة بهذا القانون، وعلى مصر أن تعيد تقييم استراتيجية صناعة السيارات المقترحة وعمل التعديلات اللازمة عليها بما يضمن التلبية الكاملة لالتزاماتها الدولية. - معنى هذا أن هناك بعض البنود التى تخالف اتفاقيات مصر الدولية؟ بالطبع، وعلى سبيل المثال توضح المادة الثالثة من الاستراتيجية أنه سيتم تعديل فئة الضريبة الجمركية على كافة أنواع السيارات وفئاتها سواء المستوردة من دول اتفاقية الشراكة الأوروبية أو غيرها، لتصبح 10% من القيمة المتخذة أساساً لحساب الضريبة الجمركية، كذلك فإن المادة الرابعة تفرض ضريبة جديدة تحت مسمى «ضريبة تنمية الصناعة على المركبات» بنسب تتراوح ما بين 30%: 35%، طبقًا لسعة المحرك من وعاء ضريبى يشمل الآتى (البند أ: كامل القيمة المتخذة لحساب الضريبة الجمركية أى قيمة فاتورة الاستيراد من بلد المنشأ، البند ب: الضريبة الجمركية وهى تمثل 10% من سعر السيارة «البند أ»، البند ج: ضريبة القيمة المضافة، البند د: رسم تنمية موارد الدولة)، أى أن القانون فرض ضريبة جديدة على مجموعة ضرائب أخرى مخالفًا المبدأ القانونى بعدم فرض ضريبة على ضريبة أخرى، وهذا أيضًا ما نصت عنه اتفاقية الشراكة الأوروبية فى مادتها رقم 18 من الفصل الثالث «أحكام عامة» الفقرة الثانية. كذلك لم تضع الاستراتيجية فى الاعتبار أنه طبقًا لاتفاقية الشراكة الأوروبية وملاحقها المرفقة انه اعتباراً من بداية عام 2017، فإن السيارات المستوردة من دول الاتحاد الأوروبى المشاركة فى الاتفاقية حصلت على نسبة 70% تخفيضًا فى الجمارك، بل عمل مشروع القانون على تخفيض قيمة إجمالى المدفوع بالجمارك قبل الإفراج للسيارات غير المنشأ الأوروبى بنسب مختلفة تصل إلى 10%، وتسبب فى زيادة إجمالى المدفوع على السيارات ذات المنشأ الأوروبى بنسب تصل إلى 118%.